|
قراءة في -بيان الحزب الشيوعي- لكارل ماركس وفريدريك انجلس
انجي وحيد فخري
الحوار المتمدن-العدد: 4093 - 2013 / 5 / 15 - 13:07
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مقدمة: ولد كارل ماركس في الخامس من مايو سنة 1818 في مدينة ترير بروسيا الرينانية. وكان أبوه محاميا و كان يهوديا ثم اعتنق البروتستانتية في سنة 1824. ولم تكن عائلة ماركس الميسورة و المثقفة عائلة ثورية. و بعد أن أتم دراسته الثانوية في مدينة ترير دخل جامعة بون ثم جامعة برلين فدرس الحقوق وبنوع خاص التاريخ و الفلسفة. وفي سنة 1841 أنجز دراسته بتقديم أطروحته الجامعية حول فلسفة ابيقور. أما مفاهيمه فكانت حتى ذلك الوقت ما تزال مفاهيم هيغلية –نسبة إلى هيغل-مثالية. و في برلين انضم إلى حلقة "الهيغليين اليساريين" (برونو باور وغيره) الذين كانوا يحاولون ان يستخلصوا من فلسفة هيغل استنتاجات الحادية و ثورية. وعندما تخرج ماركس من الجامعة أقام في مدينة بون حيث كان يامل بالحصول على منصب استاذ في الجامعة. ولكن السياسة الرجعية التي كانت تسلكها الحكومة كانت قد أقصت, عام 1832, لودفيغ فيورباخ عن منصبه كأستاذ, و عادت في سنة 1837, فرفضت من جديد السماح له بدخول الجامعة و منعت في سنة 1841 الأستاذ الشاب برونو باور من إلقاء محاضرات في بون. هذه السياسة الرجعية اضطرت ماركس إلى العدول عن الحياة الجامعية. وفي أكتوبر سنة 1842 أصبح ماركس رئيس تحرير الجريدة الرينانية فانتقل من مدينة بون الى كولونيا. وتحت إدارة ماركس اخذ اتجاه الجريدة الديمقراطي الثوري يزداد وضوحا. فعمدت الحكومة في أول الأمر إلى إخضاع الجريدة لرقابة ثنائية بل ثلاثية ثم امرت بتعطيلها تماما. وفي خريف 1843 انتقل ماركس الى باريس ليصدر في الخارج مجلة راديكالية مع ارنولد روغه، في سبتمبر سنة 1844 جاء فريدريك انجلس الى باريس لقضاء بضعة ايام فيها فاصبح منذ ذلك الحين الصديق الحميم لماركس. وقد اسهم كلاهما باشد الحماسة في الحياة المحمومة للجماعات الثورية التي كانت انذاك في باريس و في سنة 1845 طرد ماركس من باريس لكونه ثوريا خطرا بناء على طلب الحكومة البروسية. فجاء الى بروكسال و اقام فيها. و في ربيع 1847 انتمى ماركس و انجلس الى جمعية سرية للدعاية هي "عصبة الشيوعيين" وقاما بقسط بارز في المؤتمر الثاني لهذه العصبة المنعقد في لندن. وفي نوفمبر 1847 و بناء على تكليف المؤتمر وضع ماركس وانجلس "بيان الحزب الشيوعي" المشهور الذي نشر في فبراير 1848. وفيما يلي عرض لأهم ما ورد في البيان الشيوعي من أفكار ومفاهيم: فسر ماركس وأنجلس "المجتمع" بأنه تاريخ صراعات طبقية "حر وعبد، نبيل وعامي، معلم وصانع، ظالمون ومظلومون" ومن ثم فالتعارض دائم والحرب متواصلة، وأما أن تنتهي بتحول ثوري للمجتمع كله، أما بهلاك كلتا الطبقتين المتصارعتين . وأوضح ماركس بأن حركة تطور المجتمعات عند ماركس هي الانتقال من الشيوعية البدائية إلى الإقطاعية إلى البرجوازية إلى الاشتراكية إلى الشيوعية. ثم يفسر المجتمع البرجوازي مجتمع مقسم إلى معسكرين كبيرين متعاديين إلى مكوناً طبقتين البرجوازية والبروليتاريا. والثورة عند ماركس تعنى التغير في البيئة المحيطة الذي يؤدي إلى الضغط على الطبقات الأدنى فتثور، فالبيئة المحيطة تؤدي إلى حراك اجتماعي يؤدي إلى الثورة والتغير في الأدوار. ومن ثم فالبرجوازية جاءت كثورة على الإقطاع حيث أن الوضع الاقتصادي واكتشاف أمريكا وغيرها والتبادل التجاري وتطور وسائل النقل والتجارة وفرت عناصر الثورة على الإقطاع وحلت الصناعات الكبيرة الحديثة محل المانيفاتورة وحل البرجوازيين العصريون محل الصناعيين المتوسطين، وتكونت قاعدة أساسية مفادها انه كلما توسعت الصناعة والتجارة والملاحة والسكك الحديدية تطورت البرجوازية وتنمي رساميلها. وقاعدة ماركس وأنجلس أن من يمتلك أدوات الإنتاج والرساميل لابد وأن يحكم سياسيًا ومن ثم حكمت البرجوازية سياسيا. وأشار البيان إلى أن التغير الثوري يؤدي إلى التغير في مهام الدولة، فالإقطاع كان نظام الدولة به نظام ملكي دولة مسيطرة متحكمة في كل شيء، ولكن تغيرت سلطة الدولة وأصبحت هيئة تدير المصالح المشتركة للطبقة البرجوازية بأسرها. ومن شرور البرجوازية تطورها إلى حد أنها لم تبق على أية رابطة من الإنسان والإنسان سوي رابطة المصلحة البحتة والإغراق في المادة وتحولت كافة العلاقات حتى العائلية إلى "علاقات مالية بحته". ومع التطور في وسائل النقل والمواصلات انتقلت البرجوازية من مكان إلى مكان لتبادل الصناعات والتجارة وتحول المجتمع من الانغلاق الذاتي إلى الانفتاح العالمي، ومن القومية إلى العالمية. كما تغير شكل الدولة من الداخل (كثافة عدد السكان، وأتساع المدن، سيطرة المدن على الريف)، ونشأت المركزية السياسية وركزت الملكية في يد القلة. ولكن تحولت البرجوازية إلى مشاكل داخلية وفيها فائض الإنتاج وصنعت البرجوازية الأسلحة التي تودي بحياتها وأنجبت الرجال الذين سيستعملون هذه الأسلحة "العمال العصريين أو البروليتاريين" وأوضح البيان انه بقدر ما تنمو البرجوازية أي رأس المال تنمو أيضًا البروليتاريا وهؤلاء العمال المكرهون على بيع أنفسهم قطعة قطعه هم سلعة كأي صنف تجاري آخر، ولذا هم معرضون لكل أنواع المزاحمة ولكل تقلبات السوق. فالعامل (سواء رجل أو أنثى) أصبح مجرد ملحق بالآلة وأصبح للعامل ثمن شأن ثمن كل سلعة يساوي كلفة إنتاجه ومن ثم فالاستبداد عن ماركس وأنجلس هو "خضوع العامل لصاحب العمل" وهدف الاستبداد هنا هو "الكسب"، عبيد البرجوازية. ويعرض البيان لمراحل ثورة البروليتاريا والتي تبدأ بمناضلة العمال فرادي ضد البرجوازي الفرد الذي يستغلهم مباشرة، ثم تأتي مرحلة يشكل العمال جموعا مبعثرة في البلاد كلها تشتتها المزاحمة وفى تلك المرحلة يحارب البروليتاريا بقايا الحكم الملكي بتوجيه من البرجوازية، ثم تأتي المرحلة الثالثة مع تقدم الصناعة تحشد البروليتاريا فيها حشود أكثر ضخامة وتنمو قوتها وتحول المصادمات بين الفرد والفرد إلى مصادمات بين طبقتين وعندئذ يبدأ العمال في تأليف اتحادات نقابية ضد البرجوازية وتعززه نمو وسائل المواصلات لاتحاد العمل المتعاظم المستمر، ثم تنتظم والبروليتاريا في طبقة ثم حزب سياسي وتنزع حقوقًا باستمرار. ويرجع البيان أسباب ظهور الشيوعيين إلى وضع البروليتاريا المتدني، والشيوعيين هم الفريق الأكثر حزمًا من الأحزاب العمالية في جميع البلدان وغايتهم هي تشكيل البروليتاريا في طبقة وإسقاط هيمنة البرجوازية واستيلاء البروليتاريا عن السلطة السياسية، والشيوعية تسعي لإلغاء الملكية البرجوازية وبدقة أكثر هي في المرحلة الأولي السعي نحو إلغاء الملكية الخاصة المستغلة وليست الملكية المكتسبة شخصياً بجهد فردي. والسعي نحو تحول رأسي المال إلى ملكية مشتركة تخص جميع أعضاء المجتمع، وهو التحول الذي يؤدي إلى الملكية التي تفقد طابعها الطبقي. فالشيوعية كما يقول ماركس وأنجلس لا تجرد أحدًا من القدرة على تملك منتجات مجتمعية بل تنتزع فقط القدرة على استعباد عمل الغير بواسطة هذا التملك. وتسعي الشيوعية لإحلال التربية المجتمعية ممل التربية البدنية، كما تسعى البرجوازية إلى إلغاء وضع النساء كمجرد أدوات إنتاج. بالإضافة إلى سعيها للقضاء على استغلال الفرد للفرد واستغلال الأمة للأمة وزوال التناحر بين الطبقات داخل الأمة يؤدي إلى زوال موقف العداء بين الأمم . وعن الديمقراطية أشار البيان إلى أن سيطرة البروليتاريا على السلطة هي الديمقراطية، فالبروليتاريا ستستخدم سلطتها السياسية لتنتزع من البرجوازية تدريجيا رأس المال كله لتمركز أدوات الإنتاج كلها في أيدي الدولة، أي في أيدي البروليتاريا المنظمة في طبقة سائدة ولتزيد حجم القوي المنتجة بأقصى سرعة ممكنة. والتدابير التي وضحها البيان للتحول للبروليتاريا هي: 1. نزع الملكية العقارية وتخفيض الريع العقاري لتغطية نفقات الدولة. 2. فرض ضريبة تصاعدية مرتفعة. 3. إلغاء قانون الوراثة. 4. مصادرة ملكية جميع المهاجرين والعصاه. 5. مركز التسليف في أيدي الدولة بواسطة مصرف وطني رأسماله للدولة والاحتكار له وحده. 6. مركزه وسائل النقل في أيدي الدولة. 7. تكثيف الفبارك الوطنية وأدوات الإنتاج واستصلاح الأراضي الموات وتحسين الأراضي المزرعة وفق تخطيط عام. 8. عمل إلزامي متكافئ للجميع، وتنظيم جيوش صناعية، لاسيما للزراعة. 9. التوفيق بين العمل الزراعي والصناعي والعمل تدريجيًا على إزالة الفارق بين المدنية والريف. 10. تربية عامة ومجانية لجميع الأطفال وإلغاء عمل الأولاد في الفبارك بشكله الراهن والتوفيق بين التربية والإنتاج المادي .... الخ. وقد انتمي ماركس في تعريف محدد للسلطة السياسية بأنها العنف المنظم لطبقة في سبيل قمع طبقة أخرى. ومن رؤية البيان لرفض الظلم الواقع على الطبقة الأدنى "البروليتاريا" من الطبقة العليا "البرجوازية" فقد ارتبط مفهوم المساواة لديهم بالمجتمع الشيوعي الذي يسعون لإقامته حيث تختفي الفوارق الطبقية ويتشارك الأفراد جميعا في امتلاك وسائل الإنتاج ويكون في ذلك المجتمع التبسط الحر لكل فرد شرطا للتبسط الحر للجميع. ثم يعرض ماركس وأنجلس في الفصل الثالث من البيان الأدب الاشتراكي والشيوعي، وأهم الأفكار في هذا الجزء تتمثل هي تعريف الاشتراكية البرجوازية أو الاشتراكية المحافظة والتي تعني "رغبة قسم من البرجوازية في معالجة الأوضاع المجتمعية السيئة لضمان بقاء المجتمع البرجوازي. وهذه الاشتراكية لا تفهم إطلاقا أن تغيير أوضاع الحياة المادية يقتضي إلغاء علاقات الإنتاج البرجوازية الذي لا يتم إلا بالطريق الثوري بل تعني إصلاحات إدارية تستند على أساس علاقات الإنتاج هذه. وأوضح البيان أن الشيوعيون في كل مكان يساندوا كل حركة ثورية ضد الأوضاع المجتمعية والسياسية القائمة وأخيرًا يعمل الشيوعيون في كل مكان على إقامة العلاقات وعلى تحقيق التفاهم بين الأحزاب الديمقراطية في جميع البلدان. وبذلك فقد تمحورت الفكرة الرئيسي للبيان حول مفهوم "الصراع الطبقي" وما سيتتبعه من مفهوم "الثورة" و"الشيوعية" و"المساواة" والديمقراطية" و"الحرية" والقوة".
#انجي_وحيد_فخري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قراءة نقدية في كتاب: التبر المسبوك في نصيحة الملوك للإمام أب
...
-
قراءة نقدية في كتاب -الأمير- لمكيافيللي
-
العلاقة بين جماعة الاخوان المسلمين والولايات المتحدة الامريك
...
-
احتمالات توجيه ضربة عسكرية اسرائيلية لايران
-
تحليل مقولة -الاسلام دين ودولة-
-
قراءة نقدية في كتاب -عن الحرية- للمفكر جون ستيوارت ميل
-
العلاقة بين الدين والدولة في فكر جماعة الاخوان المسلمين
-
السياسة الخارجية في الخطاب السياسي لرئيس الجمهورية محمد مرسي
المزيد.....
-
مكتب نتنياهو يعلن فقدان إسرائيلي في الإمارات
-
نتنياهو يتهم الكابينيت بالتسريبات الأمنية ويؤكد أنها -خطر شد
...
-
زاخاروفا: فرنسا تقضي على أوكرانيا عبر السماح لها بضرب العمق
...
-
2,700 يورو لكل شخص.. إقليم سويسري يوزع فائض الميزانية على ال
...
-
تواصل الغارات في لبنان وأوستن يشدد على الالتزام بحل دبلوماسي
...
-
زيلينسكي: 321 منشأة من مرافق البنية التحتية للموانئ تضررت من
...
-
حرب غزة تجر نتنياهو وغالانت للمحاكمة
-
رئيس كولومبيا: سنعتقل نتنياهو وغالانت إذا زارا البلاد
-
كيف مزجت رومانيا بين الشرق والغرب في قصورها الملكية؟
-
أكسيوس: ترامب فوجئ بوجود أسرى إسرائيليين أحياء
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|