|
تبادل الأراضي يعني شرعنةممارسات إسرائيل
سعيد مضيه
الحوار المتمدن-العدد: 4091 - 2013 / 5 / 13 - 23:24
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تبادل الأرض يعني شرعنة ممارسات إسرائيل منذ الاحتلال منذ بداية موسم التفاوض مع إسرائيل تم التواطؤ على سيناريو لم يتغير عبر مراحل التفاوض الممتدة طوال ازيد من ثلاثة عقود منذ كامب ديفيد. اتخذ سيناريو التفاوض صيغة لم تتغير : يتعنت المفاوض الإسرائيلي خلف موقف متشدد ليتحول الوسيط الأميركي إلى الطرف العربي يضغط عليه ويبتزه لتقديم تنازلات ترضي بصورة مؤقتة المفاوض الإسرائيلي وتخرج التسوية إلى فضاء الإعلام. كان ذاك في كامب ديفيد بوساطة الرئيس الأميركي كارتر، حيث أبقيت سيناء تحت القبضة الإسرائيلية؛ ثم بقية المحطات بين طرف فلسطيني وطرف إسرائيلي. واليوم ينبري وزير الخارجية الأميركي بمبادرة مفاوضات لا تشذ عن السيناريو التقليدي؛ استهلها بابتزاز تنازل فلسطيني مجاني ، وانتزع منه الموافقة على "تبادلات طفيفة"في الأرض. فقد اعترفت اللجنة المركزية لحركة فتح انها وافقت على ما طرحه وفد الجامعة العربية من تبادل أراضي. إن مجرد قبول مركزية فتح التعامل مع وساطة الوزير الأميركي ينطوي على أكثر من سخرية سوداء. فالخطوة تشير إلى تغاض مهين عن انحياز الإدارات الأميركية المتعاقب لنهج إسرائيل الذي بموجبه تقترف جرائم حرب وتنتهك الحقوق الدولية الإنسانية، وتواصل التوسع والتهويد. يكفي أن نتنياهو تحت رعاية المبادرة الجديدة أقدم على ما أحجمت عنه الحكومات المتعاقبة في إسرائيل ؛ فكسر تقليد إبقاء الأحياء المتلاصقة في شطري القدس متجاورة لكن غير متشابكة. مؤخرا ، كما ذكرت صحيفة هآرتس، امعنت حكومة نتنياهو في تغيير المعالم الجغرافية للقدس الشرقية بعد أن تمكنت من عزلها عن محيطها الجغرافي الفلسطيني. فقد دشن رئيس الوزراء ورئيس بلدية القدس شارعا يحمل رقم 20 ، يربط مباشرة بين تل أبيب ومستوطنة معاليه ادوميم عبر القدس الشرقية، وشارعا آخر يدمج الكتل الاستيطانية بالشوارع الإسرائيلية القطرية. وطالما قبلت مركزية فتح ورئاسة السلطة مبدأ تبادل الأراضي فإنها تنطلق في قبولها بإقرار مجاني بشرعية عمليات اغتصاب الأرض. قبول تبادل الأراضي يعني شرعنة عمليات الاستيطان واغتصاب الأرض الدائرة على قدم وساق، وإعفاء دولة إسرائيل والمستوطنين من الجرائم التي لا تتوقف، حيث ترتفع أصوات الإدانة وفرض العقوبات ضد إسرائيل بسبب تلك الجرائم . الطرف الفلسطيني يعفي إسرائيل من جرائمها بينما تنطلق الصيحات في جنبات الكرة الأرضية ضد إسرائيل تدين تلك الجرائم . وفي الأيام الأخيرة وجه عالم الفيزياء البريطاني المشهور ، ستيفن هوكينغ رسالة إلى رئيس دولة إسرائيل أعلن فيها أنه احتجاجا على ممارسات إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، يسحب موافقته على حضور مؤتمر سنوي يعقد بمناسبة عيد ميلاده( بيريز) والانضمام إلى الحركة التي اطلق عليها الاسم المختصر (بي دي إس) مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها . وتشجع العديدون من العلماء البريطانيين على اتباع خطوة هوكينغ ، نظرا لدخول العلم في إسرائيل في غنتاج وسائل قتل الشعب الفلسطيني وتعذيبه والتجسس عليه. وأعلن الروائي البريطاني ايان بانكس ، مؤلف رواية "مصنع الصراصير"، التي قيمتها صحيفة التايمز البريطانية من بين افضل خمسين رواية صدرت منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.. أعلن انضمامه إلى حركة المقاطعة. وكان هذا الروائي قد قاطع جنوب إفريقيا بسبب نظام الأبارتهايد الذي انتهجته مؤكدا ان نهج الأبارتهايد في إسرائيل أشد سطوة. كما تنوي مؤسسة يونيفرستي كوليج البريطانية إصدار قرار في مؤتمرها الذي سيعقد أواخر الشهر الحالي تحث فيه العاملين فيها وعددهم مائة وعشرون ألفا على الانضمام إلى المقاطعة . فكيف تجيب مركزية فتح على تساؤلات هؤلاء؟ أكدت اللجنة المركزية لحركة فتح أن الحديث عن تبادل الأراضي "يعني بالنسبة لنا تعديلات طفيفة ومتبادلة على الحدود". لم تشرح مركزية فتح متى كانت اعتباراتها موضع احترام من جانب إسرائيل والديبلوماسية الأميركية. ولم تفسر مركزية فتح أي المساحات المغتصبة ستشملها "التبادلات الطفيفة"؛إذ تبلغ مساحات المجمعات المقامة على أراضي الضفة عُشر مساحة الضفة الغربية، باستثناء ما ضمه الجدار وكذلكمدينة القدس الشرقية والمنطقة المحيطة بها. ولم تفصّل مركزية فتح أي الأراضي تتناولها المبادلة "الطفيفة". فالكتل الاستيطانية الشمالية والوسطى والجنوبية تبدأ من ام الريحان شمالا مرورا بمجمع ارائيل الاستيطاني على اراضي دير استيا من محافظة سلفيت بالوسط، الذي يخترق مسافة 25 كيلو مترا في عمق الأراضي الفلسطينية وبعرض 10 كم ويمنع التواصل ما بين شمال ووسط الضفة ثم مستوطنة معاليه ادوميم التي تفصل وسط وشمال الضفة عن جنوبها (بيت لحم والخليل) وانتهاء بمجمع غوش عتصيون الاستيطاني جنوبا. لا تقتصر مبادرة كيري على ابتزاز الأرض؛ فهو يستدرج الجانب الفلسطيني للتنازل أمام مطلب نتنياهو بيهودية دولة إسرائيل، وبذريعة "إسقاط ذرائع " نتنياهو . طبيعي أن يضع نتنياهو التنازلات الفلسطينية في جيبه ويصعد الابتزاز مطالبا بيهودية دولة إسرائيل. يبقي نتنياهو سرا ما يترتب على الإقرار بيهودية الدولة . فهي تنطوي على إلحاق الهزيمة بالفلسطينين بالضربة القاضية: حينئذ دولة إسرائيل لا تعنى إلا باليهود، اما غير اليهود فبقاؤهم مؤقت ولا يتمتعون بحقوق المواطنة؛ وعمليا يعني هذا منع عودة اللاجئين و تهجير مليون ونصف المليون فلسطيني من عرب الأراضي المحتلة عام 1948، ومطالبة إسرائيل العرب دفع تعويضات عن خسائر إسرائيل في مغامراتها الحربية المتعاقبة، وعن ما يزعم "احتلال" العرب ل " أرض إسرائيل"طوال الفي عام . كل هذا بينما يزعم كيري وزير خارجية الولايات المتحدة أن إسرائيل نتنياهو دولة محبة للسلام، ويغري الطرف الفلسطيني بوعد توسيع حيز إشراف السلطة الفلسطينية وتقديم دعم مالي يخفف بصورة مؤقتة الأزمة المالية للسلطة مع الإبقاء على نظام الأبارتهايد والتستر عليه. بتأثير الدعم الأميركي المتواصل تظهر إسرائيل في نظر المراقبين في العالم اجمع مركز التأثير الوحيد بالمنطقة وصاحبة الكلمة الأخيرة في تقرير مصيرها . فمنذ عقود وإسرائيل تغتصب الأرض وتغير المعالم الجغرافية والديمغرافية منتهكة القوانين الدولية الإنسانية بلا رادع ، بل بدعم مباشر من قبل الإدارات المتعاقبة في الولايات المتحدة الأميركية، حيث تتفوق الإدارة اللاحقة على سابقتها في حجوم وقوة الدعم المادي والمعنوي المقدم لإسرائيل. كانت السياسات الأميركية تراعي الراي العام العربي حينما ارتفعت الدعوات لضرب المصالح الأميركية في المنطقة . اما وقد اختفت الدعوات امتلكت السياسة الأميركية الجسارة كي تقف بلا مواربة بجانب إسرائيل، وتنفذ في نفس الوقت رحلات مكوكية لترويج ما تدعوها مشاريع وساطة من اجل السلام. مبادرة وزير الخارجية الأمريكي للسلام مسمومة وخبيثة، ترمي لأكثر من هدف كلها تخدم نهج إسرائيل. وهذا ما تبين بجلاء خلال العقود الماضية. فالشعب الفلسطيني عجز لوحده عن رد التطاولات الإسرائيلية المدعومة من قبل الامبريالية الأميركية وصمت الموافقة من قبل الأنظمة العربية. إن هذا النهج المحموم مقرونا بتظاهرات الديبلوماسية الأميركية بالسعي نحو السلام يحيل الوضع العربي موضع السخرية والرثاء. ويضاعف الاستغراب أن مركزية فتح وفصائل المقاومة الفلسطينية كافة والجامعة العربية لا يردون على مزاعم نتنياهو بصدد سند التمليك التوراتي الذي بموجبه يطالب بيهودية الدولة، ويحجمون عن تفنيد الرواية الإسرائيلية بمعطيات الأبحاث التنقيبية العانية والموضوعية ، التي طعنت في قيمة سند التمليك ومصداقيته؛ إذ لم تكن فلسطين في العصور القديمة وطنا قوميا يهوديا، وليس نتنياهو وليبرمان وبيغن من نسل بني إسرائيل ممن عبروا أرض فلسطين برهة لا تذكر من التاريخ القديم. فهم من سلالة أعراق لم تعرف الشرق الأوسط. ينطوي على أهمية استثنائية في الوضع الفلسطيني حكمة ماركس بضرورة الانتقال من تفسير العالم إلى تغييره. المنابر الإعلامية الدولية، بوعي ومكيدة، تروج لمشاريع إسرائيل التهويدية والاستيطانية مقرونة بصمت الأنظمة العربية؛ وكثير من وسائل الإعلام العربية تشترك في الجوقة ، وبدون وعي تهيئ الرأي العام المهدد بالجريمة او المراقب عن بعد، لتقبل ما يجري كقدر لا راد له. عمليا استحوذت إسرائيل بدينامية سياساتها على اهتمام الإعلام الإقليمي والدولي. ونتنياهو خبير في الدعاية الإعلامية ؛ وليس من شأن تفسير الوقائع المتدافعة في المنطقة بقوة الريح الغلابة المتولدة عن الدوران السريع لعجلة السياسات الإسرائيلية .. توجيه ضربة لسوريا ، تهديد لبنان، وتهديد إيران ، تدبير هجمات مستوطنين متتالية على الأقصى، وكذلك تدشين شوارع عبر القدس الشرقية لربطها بالقدس الغربية وجعل عملية الضم بلا رجعة، ثم الإعلان كل يوم تقريبا عن مشاريع استيطان وتهويد مناطق بأكملها ...ليس من شأنه سوى أن يشكل مخدة تخفف صدمة الإجراءات الإسرائيلية .التفسير السلبي ـ بالشجب والإدانة ـ يستدعي تلقائيا نشاط التغيير؛ وضمن ظروف الحالة الفلسطينية يتحقق من خلال حركة شعبية ديمقراطية تنهض بعبء المقاومة الشعبية للاحتلال الإسرائيلي وممارساته، وتستنفر حركات شعبية في الأقطار المجاورة. فقد أثار فزع إسرائيل أكثر من كل مسرحيات الأنظمة والجامعة العربية مظاهرات الشعب الأردني الشقيق وقرار مجلس الأمة الأردني بطرد السفير الأميركي وتجميد المعاهدة مع إسرائيل. ملابسات الحالة الفلسطينية تستحث تطوير التضامن الكفاحي مع الشعب الفلسطيني.
#سعيد_مضيه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جدار من حقول ألغام
-
مصائد مغفلين في ميادين النضال الفلسطيني
-
لا انتفاضة ولا عسكرة بل حركة شعبية مستمرة ومتنامية
-
رفض قاطع لأجندة تمكين الاحتلال والمحاور لمتسقة معها
-
لن تكون لإسرائيل كلمة الفصل
-
في يوم الثقافة الفلسطينية
-
التخلف يضاعف أعباء المرأة ويفاقم همومها
-
التمزق الفلسطيني لمنفعة إسرئيل
-
حركة متعددة القوميات من أجل دولة غير صهيونية بفلسطين
-
برنامج التطهير العرقي لم يرفع من جدول الأعمال
-
فرض علينا اعباء اكثر مما منحنا امتيازات
-
شهوة الدم الفلسطيني .. أهداف ودلالات
-
ذراع إسرائيل تطال المنطقة وتنذر بفواجع شاملة
-
خواطر في ذكرى وعد بلفور
-
انتخابات في الولايات المتحدة
-
حاتم الجوهري و-الصهيونية الماركسية
-
محكمة راسل في جلستها الرابعة بنيويورك
-
كعب اخيل السياسات الإسرائيلية
-
برز أوباما في ثياب الواعظين
-
مهما حملت الصناديق فالمحافظون الجدد هم الحكام
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|