|
مصابيح مظلمة / قصة قصيرة
صباح نيسان
الحوار المتمدن-العدد: 4091 - 2013 / 5 / 13 - 14:09
المحور:
الادب والفن
تمهيد : في عام 1995 من تقويم الشعب العراقي المحاصر ، وعلى احد ضفاف مستنقعات نهر دجلة ، وجد بعض الصيادة كنز السفينة الغارقة . النص : ككل يوم يتوقع مناداة زوجته قبل أن تفعل ، فيبدأ مجبراً على أبعاد خيوط عزلته ، تساعده اشعة الشمس المتسربة من حواشي الباب الوحيد في الغرفة .. متمنياً أن لا يولد صباح ، وأن تمتد سلسلة النوم وألاحلام الى ما لا نهاية حتى يتخلص من عالم المتطلبات الغير منتهية (في عمق الظلام .. هنالك عالم أخر ). _ لايوجد شيء للأفطار . نهض كعادته دون تأخر ، لم يكن مستعداً أعطاء زوجته حججاً أخرى للكلام ، ولم يتحسس جيبه لعلمه بما فيه وأن أسماءً لمواد اخرى ستضاف تحت اسمه المدون في سجل الديون . _ أجلب بعض الخضار لأن اليوم لن يخرج احد بعد الظهر فالشمس ستكسف ومن ينظر اليها سيفقد البصر . دارت كلماتها في رأسه قبل استيعابها فشعر بسعادة مفاجئة دفعته للخروج مسرعاً وكأنه يتعجل مرور الوقت . مر عبر شارع ضيق يؤدي الى السوق حيث تتعالى اصوات الباعه وصراخ ألاطفال وقرقعة العجلات وأزيز المركبات .. توقف امام دكان جاره وألقى عليه الطلبات مسرعاً . _ يبدو أنك ستخرج للصيد هذا اليوم ؟ _ ليس مؤكداً .. يقولون أن تأثير الشمس يكون مبكراً .
قال للبائع ما أراد قوله لزوجته التي التزمت الصمت حيال ذلك ، لكنها ظلت تردد على مسامعه ماقالته جارتها من ان السمك سيخرج من مخابئه بعد الكسوف ، فأفقده ذلك لهفة مجيء الساعات القادمة ، وظهرت على ملامحه أمارات الغم اليومي . _ وكأن الشمس قد غابت .. يا له من كسوف أسبل عينيه تحت الغطاء متجاهلاً وجود زوجته وطفليه . وعلى خلفية الظلمة أخذت تتكون صوراً في فضاء عتمته الطارئة ... صوراً لعالم فيه الغروب أكتمل .. أناسه يعيشون على أراض منبسطة ، والمصابيح البيضاء الخافتة تنيــــــر البيوت العالية ، وأمواج السواحل أخذت تتداعى بين اليقظة والحلم واليقظة والنوم .. والعتمة الخارجية تفككت وكانها تتحدى عتمته الداخلية ومناداتها تجتره بألم وقـــسوة من نهاية عزلته .. ونقاط أتصاله . _ أنتهى الكسوف قبل ساعة ولـــــن يخرج أحداً للصيد هذه الليلة .. والسمك ألان يملأ البركة . أيقن بعد العشاء بأنه سيذهب ، لذلك أعـــد صنارته وخرج بأتجاه البركة التي كونتها تصدعات السد . على المنحدر رأى البركة واسعة بقصبها الكثيــــــــف المستدير حولها وجانبها الغربي يبدوا هالةً من ســــــواد وسط الظلام . جلس على كتلة كونكريتية كبيرة تركها ألالمان يوم أقاموا السد .. رمى رميته ألاولى فعلقت بشيء ما .. شد عليها فلم تستجب ، لذلك تركها وظل جالساً لفترة ثلاث سكائر ثم قرر النزول اليها .. خلع ملابسه وراح يسبح بهدوء والخيط في يده حتى توقف فوق المكان الذي علقت فيه الصنارة .. غطس سابحاً نحو العمق وهناك تحسس الطعم فوجده عالقاً بحافة مطاطية . استدارت يده مزيلةً الترسبات الطينية الاسنة فعرفه فوراً .. كـــان اطاراً كبيــــرأ .. تذكر فوراً أنه سمع حديثاً يقول أن اسعارها مرثفعة .. رجع الى اليابسة وأخذ احد الحبال التي يتركها الصيادون على الشاطئ وعاد الى العمق وربط به الاطار وبجهد كبيـــر اخرجه الى اليابسة ..كان جديداً فــعلاً .. أعاد الكرة وبريق من الفرح يلتمع في عينـــيه .. سيكتفي لأشهر قادمة ولن يكون مجبراً على البقاء تحت الشمس . عند بزوغ الفجر كانت ثلاث اطارات كبيرة تسد الممشى الضيق للبيت وعلامات الاستغراب ترتسم على وجه زوجته . _ هل تعتقد أنها تساوي شيئاًمن المال ؟؟ اعطاه التاجر رقمأً لم يتوقعه فباعه على الفور ، وسرعان ما انتشر خبر حصوله على ثمن أطارات لم يعرف أحد مصدرها . وفعل كما أشارت عليه زوجته : أن لايخبر أي شخص مطلقاً . _ أذهب ليلاً ، فلا بد ان هناك الكثـــير .. فقد سمعت أنها كانت تفرض مع السلع من قبل الشركات ألاجنبية . في الليلة الثالثة أيقضته يد زوجته هذه المرة .. سحبته من عالمه البعيد .. حيث لا حياة تجري بسرعة لاهثة نحو المصــــير .. اللحظات تمـــتد ما تشاء بأريجها فوق سهول صامتة . أمتد الظلام ثقيلاً فوق الماء الراكد ، وظلال كالنعاس تجثم على عينيه . أندفع نحو الماء متلمساً القاع الطيني بيـــديه .. أمسك بحافة أطار وحاول رفعه لأحداث فجوة .. وفجأة أحس وكأن قضيباً حديدياً يخترق ساقه .. فتح عينيه على سعتهما فلم يبصر سوى الظلام والعتمة .. وفي لحظة خوف شديد ، حاول دفع قدمه فلم تستجب والثانية صارت وكأنها بعيدة عنه .. أغمض عينيه ثم فتحهما فكان الظلام أشــــد حلـــكة .. سكن للحظة قبل أستنشاق الماء والظلام ويداه تضربان الرواسب الطينية بحركتهما المتشنجة .. لحظات ثم سكن هناك في عمق الظلمة ، على امتدادات العتمة .. وحيداً فوق ألاطار .
صباح نيسان
#صباح_نيسان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الصيف يأتي زائراً / قصة قصيرة
-
الدراما العراقية : قراءة في مسلسل ( فاتنة بغداد )
المزيد.....
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|