أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد الصلعي - روسيا تنتصر














المزيد.....

روسيا تنتصر


خالد الصلعي

الحوار المتمدن-العدد: 4090 - 2013 / 5 / 12 - 13:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هي الرؤيا السياسية التي تنتصر وليس الفعل ، فالفعل الذي يأتي كرد فعل ، أو كحالة عاطفية تبغي تسجيل موقف الحضور دون فاعلية في اللعبة السياسية المعقدة بطبيعتها تكون انعكاساتها خطيرة على المدى المنظور بالنسبة لبعض الدول التي تمتلك آليات مراجعة المواقف وتحسين القراءات وتغيير المعادلات . وتكون انعكاساتها أخطر وتمتد على مستوى المدى البعيد بالنسبة لبعض الدول التي تفتقد للمرونة التحليلية والاستقرائية ووضع رزنامة معادلات وبدائل تخدم أجندتها المستقبلية . فالسياسة علم المستقبل ولا تعترف بالماضي الا بما يخدم المستقبل .
وحين كتبت مقالي حول "سوريا وخروج اللعبة من يد النظام "،قبل ستة أشهر ، فان قراءتي كانت تتكئ على مجموعة من المعطيات ، وقد تأكد حدسي ،وهاهي اليوم روسيا تحقق أكبر اختراق سياسي لها بعد انهيار الاتحاد السوفياتي منذ ما يقرب ربع قرن .
لماذا انتصرت روسيا في ملف سوريا ، بينما كانت قبل ذلك مجرد تابع طيع لمختلف أجندات الولايات المتحدة الأمريكية ؟ .
للاجابة على هذا السؤال يجب الوقوف على مجموعة من المعطيات ، أهمها شعور روسيا بتهديد مباشر يمس مصالحها وحدودها بشكل أخطر من نصب صواريخ في أوروبا الشرقية ، وتحول كثير من دول هذه المنطقة الى الجانب الرأسمالي كحصار سياسي يسيج روسيا ويضيق عليها الخناق في حدودها المباشرة . كما أنها أخطر من اقدام أوكرانيا على اغلاق خطوط أنابيب الغاز الذي يشكل أحد أهم شريانات الاقتصاد الروسي . هذا بالاضافة الى تجفيف برك المد الاشتراكي التقليدي القديم منذ انهيار الاتحاد السوفياتي ، وغزو العراق والقضاء على النظام الليبي السابق .
في كل هذه الأحداث لم تقم روسيا برد فعل قوي ، بل سايرت منطق العصر وقوة التحولات الكونية ، وغيرت من استراتيجية المواجهات المباشرة ، الى استراتيجية المواجهات غير المباشرة بتمتين العلاقات مع الدول الناهضة كالصين والهند والبرازيل ، وهو ما تم تتويجه بانشاء مجموعة بريكس كاجابة نوعية عن التكتلات الرأسمالية التقليدية .
وفي كل هذا كانت روسيا تعتمد ديبلوماسية اليد الممدودة والأذن السامعة . لكنها فجأة ستبرز كقوة دولية تشكل أكبر حجرة عثرة في وجه مخططات الولايات المتحدة الأمريكية ، بعد أن سايرت استراتيجية الغرب في القضاء على النظام الليبي الحليف الأساسي لها في شمال افريقيا ، وستبرز كمفاوض وحيد للولايات المتحدة الأمريكية في الشأن السوري ، ناطقة ليس باسم النظام الأسدي ، لكن باسم دول المصالح المشتركة وخاصة الصين وايران ، فالنظام الأسدي كما عبر ثلاثة أقطاب رئيسيين في السياسة الروسية ؛الرئيس الحالي بوتين و وزير الخارجية لافرورف والرئيس السابق ميدفيديف ، ان الأمر لا يتعلق بشخص بعينه بقدر ما يتعلق بالشعب ، والمراد في الحقيقة بالشعب هو المصالح الاستراتيجة الكبرى ، اذ الشعب السوري تعرض لأبشع عقاب قد يتعرض له شعب ما بسبب موقع بلاده الجيوستراتيجي ، وليس بسبب أخطاء نظامه الواضحة .
وقد أبدت روسيا عنادا كبيرا في الملف السوري تراوح بين التقيد الحرفي باتفاق جنيف الذي ينص على تشكيل حكومة انتقالية دون التطرق الى تفصيلات بقاء الأسد على رأس الدولة من عدمه ، وهو المبرر الأساس الذي يفصل بين طرفي النزاع غير المباشر ،روسيا والولايات المتحدة الأمريكية . غير أنه وبعد ما يقرب من سنة من اتفاق جنيف ، يبدو أن الكفة رجحت للخيار الروسي ، لتسجل الولايات المتحدة المريكية اخفاقا آخر ، وان كانت تتشبث للآن بابقاء بشار خارج أي معادلة تفاهمية حول مستقبل سوريا . فرهان الولايات المتحدة الخفي هو تدمير سوريا الحضارة العربية العريقة ومحو كل رموزها التاريخية داخل رؤية أعمق مما يتداوله الاعلاميون والمحللون ، بينما يبقى خيار روسيا الاستراتيجي هو الحفاظ على مصالحها الحيوية والاستراتيجية في المنطقة . فمعلوم أن أي تحول في توجهات سوريا المستقبل خارج محور -ايران -روسيا - هو خسارة جيواستراتيجية ضخمة بالنسبة لروسيا ، اذ لن يبقى لها من مجالات التحرك الحيوي والتأثير الدولي الا مجالات الشرق الأقصى ، التي تدخل في أجندة الولايات المتحدة الأمريكية وتشتغل عليها ببطء شديد بعد التعنت والتشدد الكبيرين اللذين أبدتهما الصين في هذا الشأن .
عادت روسيا اذن الى الواجهة الدولية بقوة تحسب لها ، من بوابة سوريا . وما يمكن ملاحظته في الاونة الأخيرة أن روسيا تخلت عن ديبلوماسية الايديولوجيا وانخرطت بذكاء وقوة في ديبلوماسية المصالح الاستراتيجية ، وهذا ما غير من درجات ترتيباتها الدولية ومن رؤيتها للمعادلات السياسية ، وفتح لها هامشا كبيرا للمناورة السياسية العقلانية التي تحفظ لها أو تعيد لها مركزها الذي كادت تفتقده باندحار منظومة الاتحاد السوفياتي قبل ربع قرن .
يبدو أن روسيا انتصرت في الصراع الدولي حول منطقة حيوية تمثل سوريا قلبها النابض اليوم ، لكن يبدو أن الخاسر الأكبر كان هما الشعب السوري الأبي والحضارة العربية العظيمة .



#خالد_الصلعي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البحث عن الغائب الحاضر -8- رواية
- أنت الصباح
- فنجان قهوة مر
- فلسفة حق تقرير المصير-1-
- رحيل آخر جماليات النقد العربي : يوسف سامي اليوسف
- القطيعة الابستمولوجية :نحو فهم جديد -3-
- البحث عن الغائب الحاضر-7-رواية
- لن يحترموننا
- التهافت الاعلامي والاسترزاق الثقافي
- البحث عن الغائب الحاضر-6-رواية
- مملكة المعنى الغامضة
- حاولت مرارا أن أصيح
- القطيعة الابستمولوجية :نحو فهم جديد -2-
- تأويل الأولين
- للغياب رائحة الموت
- القطيعة الابستمولوجية : نحو فهم جديد-1
- البحث عن الغائب الحاضر -4-رواية
- لعنة البترول
- ساكسونيا المغرب **
- النظام البرلماني بالمغرب


المزيد.....




- بعد غضب ترامب من بوتين.. أول مسؤول روسي يزور أمريكا منذ بدء ...
- حقيقة الفيديو المتداول لمقاتلات أمريكية تحلق على ارتفاع منخف ...
- مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون: نستعد لضربة كبيرة على إيران قر ...
- الحرس الثوري: تداعيات الرد الإيراني ستفتح فصلا جديدا في معاد ...
- ترند -لا أريد أن أكون فرنسيا- يغزو التيك توك.. فكيف رد الفرن ...
- فرنسا: المواجهة العسكرية تبدو حتمية إذا لم يتم التوصل لاتفاق ...
- من أوكرانيا لإيران.. سياسة ترامب المربكة
- طلاب جامعة موسكو يختتمون تدريبهم في العراق
- -بوليتكو-: ترامب أبلغ دائرة المقربين منه بأن ماسك سيغادر قري ...
- مصر.. مقتل شرطي في اشتباكات مع عناصر إجرامية شديدة الخطورة


المزيد.....

- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد الصلعي - روسيا تنتصر