أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سها السباعي - خريطة














المزيد.....

خريطة


سها السباعي

الحوار المتمدن-العدد: 4088 - 2013 / 5 / 10 - 11:21
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة


أصبح الصندوق ممتلئًا، لا بد أن تحضر صندوقًا آخر. ولا بد أن تبدأ في عمل ملف شامل لمحتويات الصندوق قبل أن تحكم إغلاق غطائه بشريط لاصق استعدادًا لتخزينه تحت السرير. الصندوق الجديد سيمتلئ أيضًا عما قريب.

لا تشعر بأية مرارة تجاه بُعْدِه الذي سيدوم أبدًا. الألم الذي تخلفه خيبة الأمل وطول الانتظار غير موجودٍ أيضًا. لم يخدعها؛ أخبرها منذ البداية أنه لن يعود. أدى ما عليه حين طلب منها أن ترافقه، أن تلحق به ولكنها رفضت. اللعنة على دوار البحر، أو دوار النهر، أو دوار أي قارب يتهادى على الماء. منذ أصبحت مزحة الزملاء والزميلات بعد الذي أصابها في رحلة القناطر خاصمت البحار والأنهار. حجة سخيفة لعدم التنقل والاكتفاء بالحركة في المكان. عندما حاول إبطال الحجة واصطحبها إلى مكتب استخراج جوازات السفر، رفضت بإصرار. ما أدراها كيف سيكون دوار الجو. يئس منها. ولكن حين ودعته في الميناء وعدها أنه لن ينساها. ووفى بوعده. ووعدته أنها ستحافظ على ذاكرته، ووفت بوعدها. اتفقا على فراق آمنٍ، خالٍ من المرارات. فراقٌ برضا الطرفين.

من كل ميناءٍ رست فيه سفينته، من كل بلدةٍ نزلها، أو معلمٍ زاره، أرسل لها بطاقة بريدية، تحتوي كلمات مختصرة وأمنيات بالخير، وصورة له. لم يتغير نحوله بمرور السنوات، ولم يشب شعره. فقط ملابسه تتغير بحسب الجو.

كلما تلقت المظروف الذي يحتوي الصورة والبطاقة فعلت أمرين؛ بحثت في الخريطة الكبيرة التي تعلقها فوق سريرها عن المكان الذي قدمت منه البطاقة، أو في الأطلس الذي تشتري نسخته الأحدث باستمرار كلما أخبرتها نشرة الأخبار عن ظهور دولة أو اختفاء دولة، أو في خرائط أخرى صغيرة بالإنجليزية، الخرائط العربية ليس دقيقة تمامًا. وعلى سبيل التميمة تعلق في مرآة سيارتها نموذجًا للكرة الأرضية، تظهر عليها أسماء الدول بخط منمنم. على المكتب تستقر تلك المبراة في نموذج أكبر قليلاً، لكن الخط لا يزال منمنمًا. الأمر الثاني أنها تقف أمام المرآة الطويلة في غرفتها وقد رفعت الصورة إلى مستوى كتفها في يد، وفي اليد الأخرى صورة لهما معًا التقطها لهما ضابط بحري شاب يوم سافر، بعد وهلة من التأمل في المرآة تعود إلى سريرها لمقارنة التفاصيل المتغيرة. هو لا يتغير أبدًا. لكنها تتغير. الشعيرات البيضاء تواصل التكاثر منذ أعوام ، وزنها زاد بنسبة 50% عن وزنها في ذلك الصيف الذي ودعها فيه. كما تعتقد أن قامتها بدأت تقصر.

أصبحت عليمة بعواصم البلدان، وعواصم الأقاليم، وعواصم الولايات، وعواصم المحافظات. أجابت مرتين على سؤال يخص الدول في مسابقة الإذاعة المدرسية، لم تعرف طالبة واحدة من بين ثلاثة آلاف طالبة الإجابة الصحيحة. بالطبع فليس لإحداهن حبيب مسافر. لم تستطع تمالك نفسها، وتركت مكانها أمام الطابور الخاص بالصف الذي ستلقي عليه درس الحصة الأولى، واختطفت مكبر الصوت لتلقي في وجوههن الإجابة بزهو واحتقار. أحد الأسئلة كان عن الدول الإسكندنافية – ثلاثة دول - ، والأخرى عن جمهوريات البلطيق المستقلة –وهذه ثلاثة أيضًا! من يومها أطلقوا عليها اسم "الأستاذة أطلس".

تعرف أن هؤلاء البحارة لهم في كل ميناء حبيبة، بسهولة يحصلون على ما يشاءون من الهوى. لا يزعجها ذلك على الإطلاق، فهي تصل إلى الذروة في كل مرة تمرر أصابعها على الخريطة.



#سها_السباعي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في ذات
- موستانغ
- آخر الشارع
- سألتُ مُعلمي
- عنكبوتٌ صبورٌ هادئ
- نجمةٌ ميتةٌ
- سأم القاهرة
- نقطة ومن أول السطر
- البجعة السوداء - من دار الأيتام إلى خشبة المسرح
- الضباب ومقر البرلمان
- في انتظار الحُكم
- وماذا بعد يا مصر؟
- قسَم الملعب وقسَم الميدان
- نهضة مصر - مسيرة تمثال
- كاتمة الأسرار – مصر والمرأة المصرية في أعمال محمود مختار
- إنها ليست كراهية، إنه حب امتلاك


المزيد.....




- -جن keys-.. فيلم لبناني عن جنّي يواجه مفارقات غير متوقعة
- -بطل خارق-.. كريستيانو رونالدو يقتحم عالم السينما (صورة)
- ختام الجولة الثانية من مسابقة -مثايل- 2025 بتأهل الشاعر حمد ...
- الطاهر بن جلون يعرض رسوماته في متحف محمد السادس بالرباط
- مهرجان كان السينمائي: الإعلان عن برنامج الدورة الـ 78
- شاهد.. مواجهة مع الشرطة وضح النهار في لوس أنجلوس أدت إلى إصا ...
- فتح باب الترشح لجائزة الملك عبد الله الثاني للإبداع في دورته ...
- أحمد داود وأحمد داش بفيلم -إذما-.. إليكم ما نعرفه عن الرواية ...
- رحيل الممثل والمخرج الأمريكي الشهير ميل نوفاك
- -كانت واحة خضراء-.. كشف أثري عن واقع السعودية قبل 8 ملايين س ...


المزيد.....

- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سها السباعي - خريطة