|
تحيا الخبيزة
جواد بولس
الحوار المتمدن-العدد: 4087 - 2013 / 5 / 9 - 17:39
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قاطعت الحركة الإسلامية الشمالية مسيرة العودة لقرية "خبيزة" التي دعت اليها لجنة المهجّرين ولجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في البلاد. مقاطعة الحركة الإسلامية أتاحت، بخلاف ما جرى في مرّات سابقة، إحياء المناسبة بفضاء سياسي واجتماعي مغاير وبدمج المهرجان الخطابي وما تلاه من فقرات فنّية متعددة شاركت فيها الفتيات جنبًا إلى جنب مع الفتيان، كما يليق بحدث ينشد الحرّية ويصرخ في وجه الظلمة والظلم. للحدث أبعاد عدّة وهو، بنظري، يشكّل فاصلًا في تداعيات قد تقيم أساسًا لمشروع سياسي يعتمد رؤى جديدة ووسائل نضال أكثر فعّالية وإيجابية. أقول ذلك من باب التمنّي والرجاء، وبعد أن تراجعت مكاسب الجماهير العربية السياسية الاجتماعية ووصلت إلى "مهاوي الردى". في الماضي كتبت عاتبًا ومنتقدًا ما توصّلت إليه قياداتنا المحلية من حلول توفيقية أتاحت إنجاز نشاطات ومهرجانات بمشاركة "الجميع"، بيد أن التنازل الجوهري كان دائمًا من حصة القوى العلمانية لصالح مطالب الحركة الإسلامية. هيمنة الفكر السياسي الديني وما أسقطته هذه الهيمنة من سلوكيات وقيم فرضت نفسها على مواقعنا، وأحيانًا بشكل قمعي سافر، أدّت إلى إفقار مخزون آمال من ما زال يؤمن بحرية الفكر وسيادة العقل ومن ما زال يعرّف نفسه بعلماني يؤمن بالحريات الأساسية وبضمنها حرية العبادة ويحترم الديانات والمتدينين. لسنا في معرض دراسة ما أدّى إلى نمو الحركات السياسية الإسلامية في مجتمعاتنا العربية، ولكن ما أوجعني وآلم أمثالي هو ما أبدته الأحزاب والحركات السياسية غير المتديّنة من تواطؤ وتفريط بالمواقف والمواقع مما سبّب إلى ما أسميته: خسارة القلاع والحاميات الوطنية. إطلالة سريعة على تجارب الشعوب، لا سيمّا على التجربة اللبنانية، تعلّمنا أن تسييس الدين وتوظيفه في صالح فئة كان دائمًا على حساب المصلحة الوطنية العامة. مقاطعة الحركة لمسيرة العودة، يوم السابع عشر من نيسان، هي من علامات شعورها بقوتها. مبادرتها ودعوتها، قبل أيام، لما أسمته مهرجان العودة إلى قرية "إجزم" تحمل الرسالة وتبرق بما هو آت. اقتصار هذه العودة على النساء المسلمات، كما جاء بالنداء، يؤكّد إمعان الحركة ومضيّها على طريق مبادئها التي آمنت بها وتمشّيًا مع مواقفها إزاء ذلك "الآخر" الذي كان وما زال مرفوضًا، إخضاعه لما قالت به طائفة من الشيوخ عاشوا قبل قرون وأملوا قواعد "التشدّد" فريضة وواجب. الحركة الإسلامية الشمالية، شأنها شأن كلّ حركة دينية سيّست الدين واستخدمته في خدمة أهداف ومصالح دنيوية مادية فئوية، يسجّل لصالحها أنّها كتبت شعاراتها على حيطاننا ولم يكن حبرها حبرًا سرّيًا. أهدافها كأهداف مثيلاتها في العالم الإسلامي وتحالفاتها كتحالفات أخواتها. تركيا، مثلًا، حليفة وخيمة. سيّان ذلك، إن كان "الطيّب" يناور على إسرائيل أو يناور معها. مفاهيمها ومواقفها إزاء مفهوم الدولة الوطنية، شرعية النظام، أسس السيادة والحكم، سيادة القانون والنظرة إلى المختلف والآخر، تختلف بشكل جوهري ومبدئي عمّا تؤمن به وتسعى من أجله الأحزاب والحركات السياسية الفاعلة بين صفوف الجماهير العربية في البلاد. للحركة حق في أن تسعى لتحقيق ما تؤمن به، وهي ستسعى وحيدة، عندما تقرّر ذلك، ومع الآخرين عندما سيزيدها ذلك مكاسب وقوة. تبقى القضية كيف سيقرأ قادة أحزاب ومؤسسات غير دينية ما يستجد من متغيّرات على الساحة السياسية وكيف سيتفاعل هؤلاء في الأيام القادمة في الانتخابات للمجالس المحلية مثلًا. لقد وصلت حالنا السياسية لوضع تقوم به الجبهة الديمقراطية بتلخيص معركة الانتخابات للكنيست التاسعة عشرة في فرع ام الفحم "بأجواء حماسية دافئة"، بينما يكون الخطباء الخمسة من الذكور الميامين في قاعة تخلو من حضور النساء (ربما كانت واحدة أو اثنتين لم تلتقطهما عدسات المصورين!). كوادر جبهوية تجتمع وتتعاهد على نهضة وشيكة وثورة وقد غابت النساء عن المشهد بعد أن كنّ زينة حياة الجبهة ونكهتها الخاصة. عن أي نهضة وكيف ومن أين سيجيء الحلم؟ في الناصرة، على جبهة مناقضة تمامًا، يتوالى الدعاة والمخطّطون. بيانات تتلى، يؤكد مطلقوها على ضرورة دكّ حصن البلدية. ساعة الصفر أزفت، إسقاط الجبهة "واجب الوطن" وأمر السماء. كل حلف يضمن تلك النتيجة مبرّرٌ ومبارك. الناس قد تنسى أمّا التاريخ سيّد الحفّاظ. في الناصرة مشهد مكرَّر لمسرحية العبث التي انطلقت عروضها قبل عقدين ونصف، حين أعلن المنادي سقوط قلعة أم الفحم ودحر جيوش الجبهة التي قادها في ذلك الحين هاشم محاميد. صفّق من صفّق. كان الأبرز بينهم قيادات إسرائيل. زغردوا مهنئين العرب بنصرهم: أولى القلاع الحمر سقطت! والبقية تأتي! من هناك بدأت مسيرة "العودة". نامت نواطير البلاد فصار "الأحمر" حكاية وصدى. أصبحت عودتنا عودات. بعضنا يسعى من أجل "خبيزة" وبعضنا يعرف كيف تؤكل الكتف، يصرُّ و"يجزم". من يوقف الهزيمة؟ أكثير علينا رصيف يأوي أحلامنا. نلتم عليه من أجل عودة ونهضة.
#جواد_بولس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-هنيئًا لك يا إسرائيل-
-
سامر الفلسطيني
-
يوم الأسيرة
-
عهدك بسّام
-
أتركها أقفالًا على ضمائرهم
-
أكذبُ من جيش الإنقاذ
-
سلامٌ على منسف يوحّد بيننا
-
في انتظار عنترة
-
انت عربي، انت خطير!!
-
ليس للدهر صاحب
-
إليكَ أيّها الأشرف
-
درس في الديماغوغية
-
والدنيا لمن غلبا
-
دَبّة صوت
-
إنتخابات في اسرائيل
-
تحطِّمُنا الأيامُ حتّى كأنّنا....
-
عندما يكون العدل ورطة
-
أما في الأرض من لبيب
-
صوت صارخ في الصندوق
-
تقاسيم على صبا تشرين
المزيد.....
-
إليسا تشيد بحملة هيفاء وهبي ونور عريضة في مواجهة التحرش الإل
...
-
ماذا قال أحمد الشرع في أول خطاب له كرئيس لسوريا؟
-
حماس تؤكد مقتل القائد العسكري محمد الضيف، فماذا نعرف عنه؟
-
عاصفة قوية تضرب البرتغال وسيول من رغوة بيضاء حملتها الفيضانا
...
-
ما دور الهلال الأحمر المصري في دعم غزة؟
-
أمير دولة قطر في دمشق للقاء الشرع وبحث التعاون بين البلدين
-
تدريبات قوات الحرس الوطني الخاصة
-
مصر.. وزارة الطيران المدني توضح سبب تصاعد الدخان في صالة الس
...
-
العراق يؤكد دعم مصر ويرفض مخطط تهجير الفلسطينيين
-
ترمب: نتواصل مع موسكو حول كارثة الطائرة
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|