|
الدفاع عن الإقليم الطائفي على طريقة أفلام الكارتون!
علاء اللامي
الحوار المتمدن-العدد: 4087 - 2013 / 5 / 9 - 13:43
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يتشابه الطائفيون من السنة مع زملائهم الألداء الطائفيين من الشيعة في تبريرهم وتأثيلهم الفكري والسياسي للدعوة إلى الإقليم الطائفي. كلاهما يقيم دعوته على المخاوف المصعدة إلى درجة كابوسية و على الرهاب من الآخر المختلف طائفيا! وإذا كان أحد مرشحي دولة القانون في ذي قار قد برر دعوته قبل أيام قليلة لإقامة إقليم شيعي في الجنوب والوسط بـ ( الخوف من المحافظات السنية التي تكن العداء للشيعة والانعزال عنها) فإن زملائه من الجهة الطائفية المقابلة يبررون دعوتهم المشابهة بالخوف ( من استيلاء الآخر أي الشيعي والكردي على أغلب أراضي المحافظات السنية ويقومون بتغييرات ديموغرافية والقضاء الوجود السني )! سنخصص وقفتنا اليوم لمقالة ظهرت قبل أيام لكاتب من النوع الأخير الطائفي السني على أمل أن تظهر مقالة أو دراسة مشابهة لزميل له من النوع الثاني "الطائفي الشيعي" لنقوم معها باللازم، ونقدم لها "المقسوم" من دحض وتفنيد من المنظار الوطني العلماني: المقالة موضوع وقفتنا اليوم، لا تشجع على المناقشة الفكرية الهادئة والعميقة لأنها مثخنة بالقرارات الباتة والجازمة في قضايا مصيرية تهم شعبا بأكمل و بلدا مهما كالعراق من أقصاه إلى أدناه من ناحية وبالأفكار المتناقضة والمضطربة من ناحية أخرى، ومع ذلك سنحاول أن نناقش المفاهيم الأكثر وضوحا وتنظيما ضمن هذا النص غاضين النظر عن الكثير من العبارات السجالية المألوفة في الردح السياسي الطائفي الراهن لدى جميع الأطراف ونعتذر سلفا لصاحب النص عن أي سوء تعبير أو فهم قد تسبب به لغته الكتابية وطريقته الخاصة في التعبير عن أفكاره مسجلا هنا بأن كاتب هذه السطور ليس ضد صيغة "الدولة الاتحادية الديموقراطية" وحرية وحق العراقيين في إقامة أقاليم من محافظة فأكثر بشرط لا محيد عنه هو ألا تكون تلك الأقاليم قائمة على الأساس الطائفي المذهبي الديني. يبدأ كاتب النص بداية تثير التفاؤل، واعداً بأنه سيتكلم ( عن الأقاليم كمعطيات سياسية؛ لا أن نغش جمهورنا بالترغيب إليها على إنها ستصبح كالإمارات وكندا ، وإنها ربح اقتصادي و و و ...) مؤكدا أن هذا الطرح الترغيبي "خاطئ" وهو يحاول بدلا عن ذلك أن ( نقدمه من وجهة نظر سياسية، لأن الموضوع خطير ومصيري يجب أن يقدم ببعده السياسي، وباقي المكاسب من اقتصادية، وثقافية، تأتي تبعاً لذلك، بل حتى الشرعية منها التي هي أساس اتخاذ القرار، لا يفسرها له إلا الطرح السياسي، ومن خلالها له أن يحكم ) وهذا كلام ساذج وغنشائي وغامض يضع تعارضات لا أساس لها بين طرح موضوع الأقاليم كوجهة نظر سياسية وليس كما يحاول الآخرون طرحها بالترغيب ...) ولا ندري أين هو التعارض أو الاختلاف بين الفكرتين إن كان ثمة فكرتان فعلا. ثم، يوجه الكاتب طعنته النجلاء الأولى الى الأساس الجغرافي لفكرة العراق الواحد الموحد، والتي سبق أن سخر منها اللبراليون من أمثال فالح عبد الجبار وكنعان مكية .. الخ من السلسلة غير الذهبية، حين كرروا أن العراق " ليس إلا نتيجة لنوبة جنون خفيفة أصابت رئيس الوزراء البريطاني تشرتشل فقرر جمع ثلاثة ولايات هي بغداد والموصل والبصرة في بلد يسمى العراق" فيكتب صاحب النص ( يقول البعض : أن العراق الواحد الموحد وعلى مر العصور، مر بألف اعتداء واحتلال، فلماذا لم يتأقلم سوى الآن؟) ويجيب الكاتب على سؤاله هذا بسؤال ينفي فيه فكرة العراق الواحد من أساسها فيقول ( من قال أن جغرافية العراق الحالية هي نفسها التي كانت على مر العصور. عراق بابل و أشور والدولة العباسية وحتى العثماني؟) ويضيف كاتبنا بلهجة الواثق أن ( الجغرافية المعاصرة عمرها يبدأ من 1916، ليقترن العراق المعاصر باسم العراق التاريخي، ليتوهم البعض أن الخارطة المعاصرة عمرها 4000 سنة، لا، فلو رجعنا للتاريخ سنجد إن العراق يكبر أحيانا ليشمل نصف الجزيرة العربية وبعض بلاد الشام ، ويختزل أحيانا أخر بالكوفة أو البصرة فقط) وبعد أن يطمئن الكاتب إلى أنه بجح في دفن فكرة العراق الواحد الموحد يتذكر شيئاً فيقول ( وهذا ليس موضوعنا)! في الحقيقة أن الفقرة التي كتبها صاحب النص تحتوي كالعادة على الشيء ونقيضه، فهي تريد نفي فكرة العراق الواحد الموحد ( وثمة فرق كبير في المعنى قد يبلغ درجة التناقض بين الواحد والموحد حيث الأولى تفيد وجوب وقِدَم الوحدة الطبيعية أما الموحد فتفيد جِدتها ومفعوليتها أي كونها جاءت بفعل فاعل ) ولكن الكاتب يعترف ضمنا بأن العراق كان يتقلص أحيانا "جغراسياسيا" فيتحول الى إقليم صغير ويكبر أحيانا أخرى فيشمل نصف الجزيرة وبعض بلاد الشام. إن هذه الفكرة صحيحة تاريخيا ولكن الكاتب يسلخها من سياقها التاريخي ويبترها بترا محولا إليها إلى خليط عجيب من الشظايا! فالواقع هو أن العراق كان يمتد في فترات صعوده وازدهاره الحضاري ضمن الدورة التاريخية الكونية الواحدة فيتخذ شكلا إمبراطوريا غطى في العهد الآشوري المنطقة الممتدة بين نهر النيل غربا إلى الهضبة الإيرانية شرقا، أو بين المحيط الأطلسي غربا وأسوار الصين شرقا في الإبان العباسي، أما في فترات نكوصه الحضاري و استهدافه من الكيانات الجغراسياسية الجبلية المتاخمة فيتقلص الى ما يسميه الجغرافيون العرب المسلمون "بلاد السواد"، والتي تشكل بلاد سومر القديمة قلبها، والممتدة من بغداد إلى الأهواز وعبادان جنوبا قبل الاستقلال أو إلى البصرة حاليا. إن الكاتب يجهل ديالكتيك العلاقات بين الكيان الجغراسياسي وسياقه التاريخي الحضاري، وبين كل هذا والأساس المادي للحياة المجتمعية في الفترة المعينة لذلك فهو يكتب خبط عشواء ظاناً بأنه يحلل ويكتشف ويؤسس لموضوعه سياسيا وفكريا. يطرح كاتب النص فكرة أخرى لا تقل سذاجة حول موضوعة العراق الواحد الموحد خلاصتها أن وحدة العراق شعبا وجغرافية كانت تقوم لصد عدوان خارجي فقط لنقرأ ما يقوله هنا تحديدا ( إن حجة عدم التأقلم مع كثرة الاعتداءات السابقة مدحوضة من حيث: أن كل تلك الخلافات والصراعات – إذا أسلمنا بحقيقة توحد الشعب والجغرافية – ضدها فهي كانت ضد عدو خارجي...أي الصراع بين طرفين العراق – والعدو "..." المهم، أن طبيعة تلك الصراعات التاريخية كونها بين (العراق – والآخر) فهي لا تحتاج إلى أقلمة، أما الآن فالصراع والمواجهة والخلاف والتشنج ( عراقي – عراقي )..وهي حقيقة من المعيب إنكارها أو عدم الاعتراف بها؛ بل في تضليلها تعقيد لها ولحلها...وبما إن الحاجة أم الاختراع...جاء طرح الأقاليم كحاجة آنية تحاكي الصراع الآني، وليس بالضرورة أن يكون له سند تاريخي ) ماذا يريد الكاتب أن يقول؟ هل يريد تقسيم العراق إلى أقاليم طائفية بسبب وجود استقطاب وتشنج طائفي هو من باب أولى نتاج لشكل الحكم العراقي اللاديموقراطي وذي والنزوع الطائفي على مستوى رئاسة الدولة على الأقل ومنذ تأسيس الدولة العراقية في العشرينات من القرن الماضي حتى سقوط نظام صدام وهزيمته أمام الغزاة الأجانب ؟ ومَن فاقم هذا الصراع والاستقطاب الطائفي أليس هو الاحتلال الأجنبي ونظامه السياسي الذي شارك فيه السياسيون من جميع الطوائف والقوميات العراقية؟ هل كان يمكن أن يحدث ما حدث لو أن النظام الذي حل محلّ نظام الحزب الواحد الدموي نظاما ديموقراطيا قائما على مبادئ المواطنة الحديثة والمساواة التامة وتحريم وتجريم الطائفية السياسية؟
#علاء_اللامي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الوهراني والسخرية الفنطازية من مثقفي زمانه
-
الحكيم الديموقراطي عادل زوية !
-
التشيع العراقي نقيض التشيع الصفوي وهازمه
-
كُرد، كورد أم أكراد ولماذا؟
-
المالكي وشركاؤه..دكتاتورية أم فوضى؟
-
شيعة العراق من المعارضة إلى السلطة !
-
تأسيس المحاصصة : دور الساسة الأكراد والعرب السنة
-
ديباجة الدستور العراقي مقارنة بأربع ديباجات أجنبية!
-
معركة مطار بغداد:مجزرة أم مأثرة؟
-
صدام وضباطه : مَن خان مَن ؟
-
أحمد القبنجي: مفكر مستنير أم هرطوقي صغير!
-
أربعة مسلحين احتلوا وزارة، كم مسلحا لاحتلال بغداد!
-
ويسألونك عن التمويل!
-
حول مؤتمر القوى المدنية اللاطائفية الأخير في بغداد
-
تجربة لاهوت التحرير بنكهة الربيع العربي!
-
عناصر خطة شاملة دفاعاً عن وجود دجلة والفرات
-
معنى الدكتاتورية والفاشية بين العلم والسجلات الحزبية!
-
كتاب جديد لعلاء اللامي : -القيامة العراقية الآن .. كي لا تكو
...
-
العراق: التيار الصدري بين مآلَين!
-
-شيعة- جيمس جيفري المدجّنون!
المزيد.....
-
بعد وصفه بـ-عابر للقارات-.. أمريكا تكشف نوع الصاروخ الذي أُط
...
-
بوتين يُعلن نوع الصاروخ الذي أطلقته روسيا على دنيبرو الأوكرا
...
-
مستشار رئيس غينيا بيساو أم محتال.. هل تعرضت حكومة شرق ليبيا
...
-
كارثة في فلاديفوستوك: حافلة تسقط من من ارتفاع 12 متراً وتخلف
...
-
ماذا تعرف عن الصاروخ الباليستي العابر للقارات؟ كييف تقول إن
...
-
معظمها ليست عربية.. ما الدول الـ 124 التي تضع نتنياهو وغالان
...
-
المؤتمر الأربعون لجمعية الصيارفة الآسيويين يلتئم في تايوان..
...
-
إطلاق نبيذ -بوجوليه نوفو- وسط احتفالات كبيرة في فرنسا وخارجه
...
-
في ظل تزايد العنف في هاييتي.. روسيا والصين تعارضان تحويل جنو
...
-
السعودية.. سقوط سيارة من أعلى جسر في الرياض و-المرور- يصدر ب
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|