أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حاتم بن رجيبة - الزعيم الدكتور المنصف المرزوقي















المزيد.....

الزعيم الدكتور المنصف المرزوقي


حاتم بن رجيبة

الحوار المتمدن-العدد: 4086 - 2013 / 5 / 8 - 20:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



لا شك أن كل تونسي يقرأ هذا العنوان لا يتمالك نفسه عن إطلاق ابتسامة ساخرة جازماً أن النص ولا شك متهكم ساخر. فكيف يمكن أن يكون من أجمع رواد الفايسبوك على تسميته بالطرطور ومن قدم فيه مجموعة من النواب في المجلس التأسيسي لائحة سحب الثقة زعيماً ؟

أنا أأسف على عدم تلبية تطلعاتكم فأنا مقتنع بأهلية الدكتور المنصف المرزوقي رئيس الجمهورية التونسية بالزعامة .

فالزعيم هو القائد الناجح والموجه لمجموعة بشرية .

المرزوقي نجح بامتياز في قيادة المجموعة الملتفة حوله من منخرطين في حزب المؤتمر من أجل الجمهورية ومن المحبين . نجح في أول استحقاق انتخابي خاضه فقفز بحزبه من الصفر إلى مايقارب ال-17 % ليصبح حزبه ثان أكبر قوة سياسية في البلاد في زمن قياسي وسرعة مكوكية حينما انهار الحزب الديمقراطي التقدمي مثلاً من ال 30 % إلى الصفر فاصل .

كيف استطاع هذا الزعيم أن يحقق هذا النجاح الباهر في هذا الزمن المحدود؟

أهم خصلة يتمتع بها المرزوقي والتي بدونها تنتفي صفة الزعيم عن أي قائد هي امتلاكه لرؤية مستقبلية وأهداف واضحة : Vision . هو قدم منذ البداية رؤية دقيقة واضحة للمجتمع المستقبلي الذي ينشده : تونس دولة لائكية ديمقراطية تقدس فيها حقوق الإنسان ، ذات نظام حكم مختلط رئاسي برلماني وفيدرالي لامركزي تتمتع فيه الولايات بحكم ذاتي تمارس فيه الديمقراطية المحلية أرقى أصناف الديمقراطية .تونس التي يتحالف فيها العلماني مع الإسلامي لقيادة البلاد وتسيير شؤونها . تونس الرافضة للإقصاء والتغول . تونس كعضو في المغرب العربي الحدود فيه مفتوحة و التبادل التجاري كما تحرك الأشخاص حر ودون قيود ، مغرب عربي شبيه إلى حد كبير بالإتحاد الأوروبي . تونس كعضو في الولايات العربية المتحدة في المستقبل البعيد.

هذه الرؤية جميلة وواضحة ومشرقة تجعل كل حداثي يحلم وينشرح . المرزوقي يهدي كل مستمع ومتقبل لمشروعه الحلم والأمل . يهديه أهدافاً واضحةً تزيل عنه الضبابية واللخبطة والخوف . فكيف لا تصوت له الآلاف ولا يؤمن به الحداثيون وكل المعتدلين من إسلاميين ويساريين وقومين وليبراليين ومحافظين ؟

هو لا ينقطع عن ترديد هذه الرؤية والتذكير بها حتى ترسخت لدى جمهوره فأصبحت برنامجاً ثابتاً وبوصلة موجهةً .

شرع هذا الزعيم حال وصوله إلى السلطة في تنفيذ الحلم المشترك بينه وبين ناخبيه بكل ثبات وإصرار وعناد و مهارة . تمكن من فرض نظام الحكم المختلط في الدستور الجديد رغم انفراده بهذا المطلب أمام تحبيذ النهضة ولليسار وثوار القصبة للنظام البرلماني واليمين اليبرالي للنظام الرئاسي . تمكن أيضاً من إقرار النظام الفيدرالي اللامركزي الذي انفرد به أيضاً من بين كل الأطياف السياسية في البلاد . لم يتعطل إلا في مشروع المغرب العربي رغم البداية القوية والجهود الكبيرة التي بذلها لتشجيع التقارب بين دول المنطقة .

نجح في تكوين تحالف ديني علماني الأول من نوعه في العالم العربي الإسلامي . هذا التحالف صمد ضد كل العواصف والضغط الجبار من الإعلام وجيوش الفايس بوك والساحة السياسية . نجح في وضع برنامج يساري وسطي وبناء البنية التحتية لحزبه بالإنتشار الواسع للمقرات الحزبية في الداخل والخارج ، دائماً في زمن قياسي .هذا الزعيم يحقق النجاح تلو الآخر والهدف تلو الهدف مظهراً نجاعة دون نظير بين ساسة ما بعد الثورة .

لكن كيف تمكن من ذلك حينما فشل كل خصومة ؟ فالنهضة مثلاً أكبر قوة سياسية حالياً فشلت في توسيع قاعدتها الإنتخابية وفي أسلمة المجتمع كما يطالب بذلك جل منتخبيها وتمرير النظام البرلماني ولم الفصائل الدينية تحت رايتها وكسب ود الإعلام أكبر سلطة معارضة .

المرزوقي يؤمن بما يدعو إليه ولا ينافق في ذلك ، فالجلي أنه يوظف السلطة لأجل تحقيق مشروعه النبيل و ليس لأجل للتمعش منها لإشباع حاجيات دنيئة . هذا الإيمان الراسخ يجعله يدخل ساحة الوغى السياسي بكل ثقة وثبات مما يساعده على التأثير على المنافس والمتقبل وإقناعه بوجاهة رأيه .إيمانه يتجلى في استماتته في تنفيذ البرنامج الذي سطره و عدم التنازل و التخلي عنه رغم العوائق العديدة.

هو يحمل أيضا فكرة إيجابية ومتفائلة تجاه الآخر ، فهو يتعشم الخير والصدق في مناظره و مخاصمه فهو لم يشك قط في صدق نوايا الإسلاميين ووثق فيما قدموه عن أنفسهم من قبولهم للديمقراطية والدولة المدنية ومنظومة حقوق الإنسان الكونية رغم الدواعي العديدة للشك في ذلك خاصة بعد التصريحات الواضحة والمتتالية من طرف قيادات في النهضة وفي التيارات السلفية المناهضة للديمقراطية الليبرالية كتصريح راشد الغنوشي مثلاً في اجتماع الحمامات خلال الحملة الإنتخابية برفضه القاطع للعلمانية و بالتالي للدولة المدنية الركيزة الأساسية للديمقراطية الليبرالية . نظرته الإيجابية للآخر تجلت أيضاً في العفو الرئاسي الذي شمل الآلاف من المساجين من بينهم إرهابيون من تنظيم القاعدة المورطين في حوادث سليمان و محاورته لتيارات السلفية و لممثلين عن لجان حماية الثورة المورطين في حوادث عنف عديدة . هذه النظرة الإيجابية و منح الثقة الغير مشروطة في الغير تفتح مجالات واسعة للتفاهم و بالتالي للتوافق كما إقناع المقابل بوجهة نظره على عكس المداهن المرتاب الذي يخون الآخر مما يؤزم العلاقات ويخلق الصراع والشجار و يدفع الطرف المقابل إلى التعنت و الرفض .

المرزوقي يبرع في جمع الفرقاء وتهدئة الخواطر ، فلقد بدت هذه الملكة منذ الإجتماعات الأولى للمجلس التأسيسي حيث سر الجميع بمجهوداته وتدخلاته الناجعة لإنهاء الخصامات وإيجاد الحلول للخروج منها . كما ساهم من خلال العديد من المشاورات مع أهم الفاعلين في الساحة في قصر قرطاج في تقريب وجهات النظر المتباعدة و التخفيف من حدة التفارق بفتحه لقنوات الحوار بعيداً عن المنابر التلفزية التي يغلب عليها التشنج نظراً لاستغلالها من الفاعلين السياسيين لأغراض انتخابية تعبوية .

هو كذلك صبور وله قدرة كبيرة على تحمل الضيم والظلم ، فهو لا يجنح إلى ردة الفعل المتسرعة المرتجلة مما يشير إلى توازن في الشخصية و ثقة في النفس . فيغلب المصلحة العامة على الإنتقام لكبريائه المهان كما حصل في قضية المحمودي مثلاً عندما سلمته النهضة إلى السلطات الليبية متجاهلة اعتراضه رامية به على عرض الحائط متسببة في أكبر أزمة صلب الإئتلاف الحاكم .

المرزوقي استطاع أن يحافظ على حصانته الاخلاقية فقد سعى إلى البقاء وفياً إلى مبادئه الإنسانية والحقوقية ليصمد أمام المقايضات السياسية القذرة أحياناً فهو لم يتردد في التهجم على نظام بشار الأسد الدموي ليرفع راية المعاداة لمجرمي الإنسانية أمثاله مبكراً بالمقاطعة السياسية والديبلوماسية غير مبال بالعواقب السلبية الممكنة كتخلي حلفاء عضوين عنه كالجزائر مثلاً ؛ أو كذلك إدانته الشديدة للسلفي الذي أنزل علم الجمهورية التونسية من سطح كلية الآداب بمنوبة ليبدله براية الخلافة مسطراً تشبثه بمدنية الدولة وتكريمه المشهود للفتاة التي منعت ذلك السلفي من إتمام جريمته .

ذلك هو الزعيم : القائد الذي يسخر كل طاقاته ويوظف كل ملكاته بنجاعة لتحقيق الأهداف التي توافقت عليها المجموعة طبقاً للمقولة ،، خادم القوم سيدهم ،،.

الزعيم المرزوقي نجح في زرع الأمل في أتباعه وتقديم حلم جميل لحث الهمم نحو تحقيق مستقبل مشرق .

الكثير يتمنونه قوة مضادة للإسلاميين وكمشاكس عنيد يدحرهم والسلفيين ليمحقهم ويزيلهم من الوجود.

الكثير ينتظرون منه امتدادا للبورقيبية والبنعلية : نخبوية و بهرج ودكتاتورية و تعفف عن العامة .

أنا مدين للزعيم المنصف المرزوقي بعمله الجبار من أجل الوطن ، كل الوطن : للمتدينين والعلمانيين والملحدين . لقد ضحى بحزبه لأجل تونس في أصعب وأحلك فترات حياتها ولعله قد ضحى بمستقبله السياسي كلياً ، لكن هذا هو أيضاً من صفات الزعيم الذي يضحي بكل ما لديه لأجل المجموعة .

كل هذا الإطراء لا يحجب بعض العورات التي بإمكانه تجاوزها فالكمال لله. فقد أخطأ خطأً فادحاً عندما اختار مستشاريه من المقربين والموالين والذين تفانوا أثناء الحملة الإنتخابية في خدمة الحزب . كان عليه جعل الكفاءة المقياس الوحيد في التعيين فهذه أموال المجموعة وليست أمواله الخاصة يفعل بها ما يشاء ثم إصراره على المحافظة على الميزانية الضخمة لمؤسسة الرئاسة رغم الصلاحيات المحدودة التي يتمتع بها ورغم الأزمة المالية الحادة التي تمر بها البلاد، بالإظافة إلى مرتبه المشط ليخلق شعوراً بالحنق والغيض لدى الرعية التي تتلقى مرتبات مضحكة ومزرية .كذلك مشاركته في ذبح والدوس على الشرعية القانونية بالتغاضي عن انتهاء شرعيته والحكومة والمجلس التأسيسي في أكتوبر 2012 أي بعد مرور سنة على بدء عملهم كما نص على ذلك الأمر الرئاسي الصادر بالرائد الرسمي والذي بموجبه نظمت الإنتخابات التشريعية لإنشاء المجلس التأسيسي .



#حاتم_بن_رجيبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آليات حماية الديمقراطية من خلال المثال الألماني
- ماهية الفن
- تعريب المواد العلمية ؟ ضرورة ؟
- الإنسان عاش جل حياته حيواناً
- أسباب تشبث الإنسان المعاصر بالدين
- اليسار التونسي وعقدة التدخل الأجنبي
- الإنقلاب على الشرعية ونتائجه


المزيد.....




- لثاني مرة خلال 4 سنوات.. مصر تغلظ العقوبات على سرقة الكهرباء ...
- خلافات تعصف بمحادثات -كوب 29-.. مسودة غامضة وفجوات تمويلية ت ...
- # اسأل - اطرحوا أسئلتكم على -المستقبل الان-
- بيستوريوس يمهد الطريق أمام شولتس للترشح لفترة ثانية
- لندن.. صمت إزاء صواريخ ستورم شادو
- واشنطن تعرب عن قلقها إزاء إطلاق روسيا صاروخا فرط صوتي ضد أوك ...
- البنتاغون: واشنطن لم تغير نهجها إزاء نشر الأسلحة النووية بعد ...
- ماذا نعرف عن الصاروخ الروسي الجديد -أوريشنيك-؟
- الجزائر: توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال
- المغرب: الحكومة تعلن تفعيل قانون العقوبات البديلة في غضون 5 ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حاتم بن رجيبة - الزعيم الدكتور المنصف المرزوقي