|
إيقاع الحياة بين رجل وامرأة وشيطنات طفلة
ضحى عبدالرؤوف المل
الحوار المتمدن-العدد: 4083 - 2013 / 5 / 5 - 10:47
المحور:
الادب والفن
شيطنات الطفلة الخبيثة للروائي"ماريو باراغاس يوسا"التي حملت كل الخلاصة الجينية للرواية، وكأنه في مختبر يبحث في علم الوراثة عن عينة يصنع منها خلقاً واقعياً إنسانياً. الموسيقى تخلق فضاءات للأصوات التي نسمعها، فيترجمها الإنفعال السمعي في حركات راقصة، لنشعر أننا في كرنفال حقيقي عاشه ماريو ليكون وفياً لفن روائي أراد له البقاء، مؤرخا حقبة سياسية مهمة، وكأن البيرو قرية نموذجية كونية في عرض اجتماعي جعله ينمو ويتطور فنياً في تدوين تاريخي، لكن جعل العين الساردة على الطفلة، فلم نشعر بثقل المعلومات التاريخية التي أراد لها البقاء، وكأننا سننطلق نحو هوليود مع سارد زائر وبيروية ذات طموح هوليودي، كأنها أميركا التي تتنوع مع كل سياسة مغايرة في العالم. الحرية لا تحتاج لقيود، وأميركا حرة رغم الفساد الذي يعشش فيها، فهي طموح الجميع للوصول إليها لكنها ملئية بالشيطنات الدرامية والمأوساوية في حكايا متعددة، فالنزوات مباحة، والأحلام مقيدة، والحقيقة حب متين، والأهواء تتقلب والحياة جنة وجحيم، وكأنها في ممارسات خبيثة لإرضاء هوس نفسي يشبه تعاقب الحكومات في العالم، فهل ينقصنا الطموح في العالم العربي لنصبح مجتمع هوليودي كي نعيش فيه بأمان؟. تشكيل زمني يساعد على كشف أحداث سياسية مهمة تعلقت بشاب بيروي يفتقد الطموح كما تقول عنه الطفلة، بينما هو شاب وطني بامتياز، فالمرأة وطن والتمسك بها يشبه التمسك بالوطن ولو امتلأ بالفساد الذي يستدعي علاجه بكل قوة، فالرسائل مع خاله كانت الرابط الأساسي مع الوطن الذي يحبه جدا. ليلى التشيلية، الرفيقة آرليت، مدام روبير آرنو،مسز ريتشاردسون، كوريكو، اوتيلا السابحة في الفضاء التاريخي والأحداث الثورية في رموز أحلام هوليدية بين وجوه بارزة متل فيدل كاسترو وتشي غيفارا، فهي دائما تسعى خلف المادة والنزوات حتى الهلاك، لتستحوذ على تفكير أميركا نفسها وكانها أوتيلا لكن الروائي وطني قومي بيروي مع أحلام ثورية لا تخلو من جرأة واثارة أقدمت عليها ليلى في انتمائها لحركة المير،فالغاية تبرر الوسيلة لتمارس مع ريكاردو شيطناتها، وتتركه في باريس مصدوماً ليحيا في عالم الترجمة ومن ثم يلتقي مجدداً بها، ويقتنع بما هي عليه ويرضى"سأقتنع بأن أكون كلبك، مثلما أنت كلبة الوغد" ليصدم مجددا بأنه تستعمله كآلة مثيرة لفوكودا، فيشعر بالأشمئزاز ويهجرها بقوة. فعل وحركة وتحليل استبطاني، ولغة أدبية جعلت من الطفلة الوطن الذي نتعرض فيه لشتى العذابات أحياناً، ومع ذلك نحبه ونحافظ عليه في فلسفة قومية تنقلت بين باريس طوكيو لندن كوبا، وسارد متنقل كما تتنقل الطفلة من رجل لرجل، وكما تنتقل النفس من ثورة لهدوء وموت، فهل تموت الأوطان أم أنها تجعلنا نحيا في امان واستقرار حين تعشش حباً بنا؟. مسار تاريخي كلاسيكي راديكالي وتلاعب في الأحداث! جعلني أنصت بهدوء لكلماته التي تصف عبثية المرأة وشقاوتها. في وصف لم يشعرني بالملل أو الضجر رغم الأحداث التاريخية التي كانت تشبه خلفية زمنية تمر خلف الطفلة التي رافقته من أحياء البيرو الفقيرة إلى فرنسا، وهو يغوص في أعماق النقاء والخبث، وكأن المجتمعات السياسية في كل مكان لا تخلو من فساد، فالحياة قائمة على التضاد خير وشر، نقاء وتلوث، معقول ولا معقول، فضيلة ورذيلة، وتصارع رغبات ايروتيكية تمثل البشر في كل حالاتهم من الوفاء وحتى الخيانة، فهو الطفل الطيب وهي الطفلة الخبيثة، فهل يحاول هنا أن يجعل الخبث من المرأة دائماً كما فعلت الفتاة التي تصغره اعواماً؟. يقول ماريوس فارغاس يوسا"وظيفة الأدب تذكير البشرية بأنه مهما بدت لهم الأرض التي يعيشون عليها صلبة، ومهما بدت لهم المدينة التي يعيشون عليها عامرة، فإن هناك شياطين مختبئة في كل مكان يمكنها أن تسبب في طوفان في أية لحظة". نسيج روائي ذو تفاعل سردي بناء ودلالةً، فالرواية لم تعيق القارىء في فهم الشخصيات وخصوصا ً الطفل الصامت حين جعلته يتكلم في حين هو عجز عن البوح بداية وهاجمها بحقيقة مشاعره وقرفه من لحظات عاشها معها، وهي الشخصية الديناميكية القادرة على التغيير في كل فصل من فصولها، وكأنه في دار تصاميم أزياء كل ثوب ترتديه الطفلة له لون أسلوبي ومضمون خاص متحرك يبهرنا به واستبطان داخلي أظهره في اسمها الأخير أوتيلا حين عرف حقيقة انتمائها العائلي، فتصوراتنا عن الطفلة تلازمت مع كلمة خبيثة والخبث لا يمكن إصلاحه حتى بمرض السرطان الخبيث الذي أصابها وحملها نحو الموت في إشارة إلى إن الخبث في العالم لا نهاية له إلا بالموت. بقلم ضحى عبدالرؤوف المل
#ضحى_عبدالرؤوف_المل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القدرة على تصنيع المشهد الحي.
-
من أين لي بفاطمة؟
-
لا أدري كيف بدأ بكَ زماني؟..
-
الهلال الأسود...
-
والماء حين يغضب....
-
هي في قبضة الريح...
-
أبعد من الحواس...
-
ذوبان الأجساد...
-
ستعرف ما بيننا
-
صمت الفراشات وبريق قلم اهتز...
-
هذا الذي بيني وبيني... رسائل من قلبي إليك...
-
في قلبي ألَق من لمسة حب...
-
شُعلة حُبّ لا تُنسى...
-
سافر بي كي ينطق الياسمين
-
تيّمني هواه وشجاني...
-
عروش القرنفل...
-
غاوية...
-
رحيل الى الصبا... رسائل من قلبي إليك..
-
ماذا بعد الرحيل؟!..
-
ثق أنني في كل صمت أتأملك....
المزيد.....
-
هل أجبرها على التعري كما ولدتها أمها أمام الكاميرات؟.. أوامر
...
-
شباب كوبا يحتشدون في هافانا للاحتفال بثقافة الغرب المتوحش
-
لندن تحتفي برأس السنة القمرية بعروض راقصة وموسيقية حاشدة
-
وفاة بطلة مسلسل -لعبة الحبار- Squid Game بعد معاناة مع المرض
...
-
الفلسفة في خدمة الدراما.. استلهام أسطورة سيزيف بين كامو والس
...
-
رابطة المؤلفين الأميركية تطلق مبادرة لحماية الأصالة الأدبية
...
-
توجه حكومي لإطلاق مشروع المدينة الثقافية في عكركوف التاريخية
...
-
السينما والأدب.. فضاءات العلاقة والتأثير والتلقي
-
ملك بريطانيا يتعاون مع -أمازون- لإنتاج فيلم وثائقي
-
مسقط.. برنامج المواسم الثقافية الروسية
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|