|
-إنجاز- كيري!
جواد البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 4082 - 2013 / 5 / 4 - 21:55
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
وإنَّه لـ "إنجاز"، يَرْجع الفضل فيه لوزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري، الذي يَعْمَل بـ "تأنٍّ"، و"بلا تَسَرُّع"، و"بعيداً عن الأضواء"، لإعادة الفلسطينيين والإسرائيليين إلى "مفاوضات السلام" المتوقِّفة منذ سنة 2010. ويُتَوقَّع أنْ ينجح كيري في حَمْل الطَّرفين (الفلسطيني والإسرائيلي) على استئناف المفاوضات عمَّا قريب. وهذا "الإنجاز" إنَّما هو "إقناع" كيري لأعضاء لجنة مبادرة السلام العربية بقبول حلٍّ نهائي لمشكلة الحدود بين الدولتين (إسرائيل وفلسطين) يقوم على إدخال تعديلات على خطِّ الرابع من حزيران 1967، بما يسمح بـ "تبادُلٍ طفيفٍ، متساوٍ، متَّفَق عليه، للأراضي بينهما"؛ ولقد "اقتنعوا"، فزاروا واشنطن ليُبْلِغوا إلى كيري (وغيره من مسؤولي إدارة الرئيس أوباما) قبولهم هذا "الاقتراح"، أو "الطَّلب"، لعلَّه ينجح في "إقناع" نتنياهو بأنْ يُبادِل هذه "الحسنة (العربية)" بمثلها، وبما يسمح باستئناف "مفاوضات السلام" بين الإسرائيليين والفلسطينيين؛ وثمَّة زيارة أخرى لواشنطن يقوم بها وفد عربي، في التاسع والعشرين من أيار الجاري، للقاء الرئيس باراك أوباما ووزير الخارجية كيري. و"المُنْتَظَر" الآن عربياً هو أنْ يُوفِّق هذا "الإنجاز" كيري إلى إنْطاق لسان نتنياهو بـ "الكلمة السِّحرية"، وهي إعلانه قبول "حل الدولتين على أساس حدود 1967"؛ فإذا قَبِلَ ذلك أصبح ممكناً التفاوض على "تعديل هذه الحدود"، وعلى "تبادُل الأراضي (الطفيف، المتساوي، المُتَّفَق عليه)"؛ فرئيس الوزراء الإسرائيلي، وفي طريقته الخاصة، قَبِلَ، من قَبْل، مبدأ "حل الدولتين"؛ لكنَّه لم يُعْلِن بَعْد (وربَّما لن يُعْلِن أبداً) قبول هذا الحل "على أساس حدود 1967". الفلسطينيون، وفي أثناء مفاوضاتهم مع إسرائيل، والتي انهارت سنة 2010، قَبِلوا، من حيث المبدأ، حلَّ "مشكلة الحدود"، وحلَّ "مشكلة المستوطنات"، من ثمَّ، من طريق "التبادل الطفيف والمتساوي والمٌتَّفَق عليه للأراضي"؛ لكنَّهم أوضحوا أنَّ على إسرائيل في المقابل أنْ تَقْبَل مبدأ "حل الدولتين على أساس حدود 1967"، وأنْ تتمتَّع دولتهم بـ "السيادة"؛ فأين هو، من ثمَّ، معنى "الإنجاز (الجديد)" الذي أحرزه كيري؟ كيري يَعْلَم أنَّ من الصعوبة بمكان أنْ ينطق نتنياهو بتلك "الكلمة السِّحْرية"، وأنْ يُبْلِغ إلى الفلسطينيين أنفسهم قبوله "حلَّ الدولتين على أساس حدود 1967"؛ فيَمَّم وجهه شطر الدول العربية الأعضاء في لجنة مبادرة السلام العربية، مُفْتَرِضاً، أو متوقِّعاً، أنْ يُسَهِّل قبول "اللجنة" مبدأ "تبادل الأراضي" على نتنياهو قبول "مبادرة السلام العربية"، وقبوله، من ثمَّ، وضِمْناً، "حل الدولتين على أساس حدود 1967". لكنَّ رئيس الوزراء الإسرائيلي لن يرى في هذا "القبول العربي" "إنجازاً (لكيري يُعْتَدُّ به)" إذا لم تُعَدَّل "مبادرة السلام العربية" نفسها بما يجعلها متّضَمِّنة، في صلبها، عبارة "قبول الدول العربية مبدأ تبادل الأراضي". نتنياهو، وفي عبارة مُلْتَبَسة المعنى، وقابلة لتفسيرين متناقضين، قال، أو نُسِبَ إليه القول، بعد إعلان "اللجنة العربية" قبولها (باسم االدول العربية جميعاً) مبدأ "تبادل الأراضي"، إنَّ "أصل النزاع" مع الفلسطينيين ليس "الأرض"، وإنَّما "رفضهم الاعتراف بإسرائيل على أنَّها دولة يهودية"، مُعْتَبِراً هذا الرَّفْض رَفْضاً لمبدأ وجود إسرائيل نفسه. وهذا القول لنتنياهو قابِلٌ لإعادة صوغه على النحو الآتي: لن تكون بيننا وبين الفلسطينيين مشكلة أراضي، أو مشكلة حدود، إذا ما أعلنوا اعترافهم بإسرائيل على أنَّها دولة يهودية. لكنَّ نتنياهو يَعْلَم أنَّ الفلسطينيين لا يستطيعون شراء "مرونته الإقليمية"، أيْ مرونته في حل مشكلة الأراضي والحدود، بهذا "الثَّمن الباهظ"، أيْ بثَمَن اعترافهم بإسرائيل على أنَّها دولة يهودية. رئيس الوزراء الإسرائيلي، وفي "مرونته التفاوضية القصوى"، يمكن أنْ يقول الآن إنَّ مطلبه أنْ يعترف الفلسطينيون بإسرائيل على أنَّها دولة يهودية ليس اشتراطاً يشترطه لاستئناف "مفاوضات السلام"؛ لكنَّ هذا المطلب سيَغْدو اشتراطاً تشترطه إسرائيل لتوقيعها اتفاقية للحل النهائي مع الفلسطينيين. الفلسطينيون، ومُذْ توقَّفت آخر مفاوضات لهم مع إسرائيل، يُصرُّون على أنَّهم لن يعودوا إلى طاولة المفاوضات إذا لم يتوقَّف (في أثناء التفاوض) كل نشاط استيطاني إسرائيلي في الضفة الغربية، وفي القدس الشرقية على وجه الخصوص. والآن، يمكنهم أنْ يُقلِّلوا من إصرارهم على ذلك إذا ما قَبِل نتنياهو، قبل استئناف المفاوضات، وتوصُّلاً إلى استئنافها، قيام دولة فلسطينية على حدود 1967؛ فإذا قَبِلَ، قَبِلوا هُمْ، عندئذٍ، تعديلاً لهذه الحدود من طريق "تبادل طفيف متساوٍ ومتَّفَق عليه للأراضي". لكنَّ نتنياهو ليس من السذاجة، ولا من الضَّعْف، حتى يَقْبَل ذلك؛ فقبوله إنَّما يعني اعتراف إسرائيل (وقبل معرفتها كيف يكون الشكل النهائي للحدود) بأنَّ للفسطينيين حقَّاً (قومياً) في أنْ يشمل إقليم دولتهم كلَّ "الأراضي الفلسطينية" التي احتلتها في حرب حزيران 1967. ويكفي أنْ تعترف لهم إسرائيل بهذا الحق حتى تصبح لهم "اليد التفاوضية الطولى" في شأن "التبادل الطفيف المتساوي والمُتَّفَق عليه للأراضي". وتحسُّباً لذلك، سيُصرُّ نتنياهو على مفاوضات مع الفلسطينيين يُتَّفَقَ فيها أوَّلاً على "تبادل الأراضي"؛ فهو يَفْهَم "التبادل الطفيف (إذا ما قَبِلَ أنْ يكون "طفيفاً")" على أنَّه التبادل الذي يسمح لإسرائيل بأنْ تنتزع من الفلسطينيين موافقتهم على أنْ تَضُمَّ إليها، أيضاً، كل، أو معظم، القدس الشرقية؛ ويَفْهَم "التبادل المتساوي" على أنَّه المتساوي بـ "الأمتار"؛ فإسرائيل تأخذ كل ما تريد هي أخذه من أراضي الفلسطينيين، وتعطيهم، في المقابل، من أراضيها ما ليس بذي أهمية لها، أو للفلسطينيين. حتى "الممر" بين الضفة الغربية وقطاع غزة يمكن أنْ تُدْرِجه في عملية التبادل هذه. "إنجاز كيري" هذا قد يسمح باستئناف المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين؛ لكنَّ توصُّل الطرفين إلى اتفاقية للحلِّ النهائي قد يتعقَّد؛ فهل تُبْلِغ "اللجنة العربية" إلى الولايات المتحدة، عندئذٍ، "شروطها" لقبول أنْ يعترف الفلسطينيون (وربَّما العرب أيضاً) بإسرائيل على أنَّها دولة يهودية؟! لقد أعلنت "اللجنة" قبولها مبدأ "التبادل الطفيف المتساوي والمُتَّفَق عليه للأراضي"؛ وقد تُعدَّل "مبادرة السلام العربية" بما يوافِق هذا الإعلان؛ لكن هل يأتي "بعض التوضيح" من أصحاب هذا الإعلان؟ هل يقولون، في توضيحهم الأوَّل، أنَّ "القدس الشرقية"، كلها، أو معظمها في الأقل، غير مشمولة بهذا التبادل؟ وهل يقولون، في توضيحهم الثاني، والمُكمِّل للأوَّل، أنَّ هذا التبادل مشروط بإعلان إسرائيل قبولها "حل الدولتين على أساس حدود 1967"؟ وأحسب أنَّهم يكفي أنْ يوضِّحوا هذا الأمر، وذاك، حتى يتَّضِح أنَّ "إنجاز كيري" قد تحوَّل من "الصلابة" إلى "الغازية" من دون المرور بمرحلة "السيولة"!
#جواد_البشيتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
طريقتنا البائسة في التفكير والفَهْم!
-
عيد -المحرومين في وطنهم-!
-
مهاتير يُحذِّرنا وينصحنا!
-
العراق على شفير الهاوية!
-
أُمَّة تحتضر!
-
عندما يتسَّلح العرب!
-
في -الحقيقة-.. مرَّة أخرى
-
كيري في جهوده -الحقيقية-!
-
حتى لا يصبح هذا -الرَّقَم- حقيقة واقعة
-
مصر التي تحتاج إلى استئناف ثورتها!
-
مواطِنة أردنية تصرخ وتستغيث.. و-الدولة- صَمَّاء!
-
أهو النسور أم فوكوياما؟!
-
أوهام جماعات -الإسلام هو الحل-!
-
-جلالة الإعلان- و-صاحبة الجلالة-!
-
كيري الذي يبني -الثقة- ب -التنمية-!
-
تجربة آينشتاين مع -الحقيقة-
-
اللاجئون السوريون.. مأساة -مهاجرين بلا أنصار-!
-
جوابي عن سؤال -مَنْ هو اليهودي؟-
-
-جريدة- لم تَرَ النور بَعْد!
-
ما معنى تلك الاتفاقية التاريخية؟
المزيد.....
-
منها النفط والغاز.. الصين تفرض رسوما جمركية على واردات أمريك
...
-
القناة -14-: ارتفاع عدد إصابات عملية تياسيير إلى 8 بينها حا
...
-
بينها -طعام لداعش- في سوريا.. البيت الأبيض ينشر قائمة بنفقا
...
-
لافروف: شعار -الولايات المتحدة أولا- يتناغم مع شعارات هتلر
-
كيف تعمل النقطة الزرقاء الصغيرة في دماغك على تنظيم نومك؟
-
أ ب: الصين تعلن فرض رسوم إضافية على العديد من المنتجات الأمر
...
-
روسيا تطلب اجتماع مجلس الأمن لبحث أزمة أوكرانيا
-
-كان- عن مسؤولين إسرائيليين: مستعدون للقبول ببقاء -حماس- لكن
...
-
وسائل إعلام أوكرانية تبلغ عن انفجارات في كييف
-
حرب الغواصات.. كانوا ذئابا في البحر وسكارى في البر!
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|