أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - صراع القدر والإرادة بين السماء والإنسان














المزيد.....

صراع القدر والإرادة بين السماء والإنسان


صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 1172 - 2005 / 4 / 19 - 13:21
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


حينما يعجز الإنسان عن تحقيق رغباته وطموحاته، وتنغلق أمامه سُبل الحياة. ولايجد حلاً لمشاكله الحياتية، يصاب بنوع من الخيبة واليأس تجعله يعتقد أن قوة ما (خفية) هي المسؤولة عن فشله وانكساراته وإحباطه. ويصل به الأمر في نهاية المطاف للتسليم بأن هناك قدراً مكتوباً له ولاسبيل لتغيره، لأن هذا القدر هو مشيئة السماء ولابد من التسليم به والإقرار بعدم جدوى القيام بمحاولات لتغييره.
وهكذا تسير حياته وفقاً لما تقرره الأقدار، ويبقى أسيراً لتلك التوجهات المنافية للحقيقة. ويستسلم لهواجسه ويأسه، وتضعف إرادته على التغيير أو البحث عن مسببات فشله وخيبته وإحباطه المستمر. إن طاقة الإنسان لتحمل العُسف والظلم والاستبداد محدودة، وحينما تستنفذ بالكامل يشعر بالعجز أمام تغيير الواقع والخروج من أزمات المحيط. ويغرق في بحار من اليأس والخيبة، ويعمل على تبرير حالة العجز والإحباط وما تنخر ذاته ليسقطها على ذات أخرى خفية لتكون الشماعة ذات المشاجب العديدة ليعلق عليها ما يشاء من مسببات عجزه وإحباطه.
وكلما كانت هذه الشماعة خارقة القوى وغير قابلة للقهر، كلما شعر بحالة من التوازن النفسي الكاذب وسعى أكثر على ترحيل فشله إليها وتبرئة ذاته المهزومة منها. وقد تكون السماء البعيدة المنال وكواكبها المتعددة (ذي المشاجب غير المتناهية) الشماعة والقوى الخارقة والمسؤولة عن كل مشاكله واحباطاته وفشله.
فهي المسؤولة عن أقدار البشر وتوزيع أرزاقهم ومديات طموحهم وفشلهم، وبالتالي فأن الإنسان الفاشل المستسلم لأقداره ينصاع إلى مشيئة السماء ويحملها المسؤولية عن ضمور قوى الخير وتنامي قوى الشر في الأرض وليس الإنسان سوى مسيراً وغير مخير في مسيرة حياته!.
يعارض ((دانتي)) تلك الرؤية القدرية للإنسان الساعي لتحميل السماء مسؤولية تفشي الشر في الأرض قائلاً:" أن السماء ليست هي السبب في كل شيء، لأن هذا يعني إلغاء الإرادة الحرة لدى الإنسان. ففي السماء بدأت أول مظاهر الحياة، ومن ثم منحت الإنسان الإرادة الحرة لاختيار طريق الخير أو الشر، فالبشر أنفسهم مسؤولون عن فساد العالم".
وهناك العديد ممن لايؤمنون بإرادة الإنسان ومنظومته العقلية وقدرتها على التحكم في السلوك نحو الخير أو الشر أو نحو النجاح أو الفشل، لأن الحظ وما تمنحه السماء ومكوناتها إلى الإنسان منذ ولادته هو المسؤول عن نجاحه أو فشله.
ولاتجدي محاولاته نفعاً لتغيير قدره المكتوب، وإن الاستسلام لمشيئة السماء وقدرها المفروض على الإنسان لا سبيل لتغييره. لذا يتوجب على الإنسان (السوي) أن يكون قنوعاً بقدره وفشله وما يحصل عليه من الخير وما ينتابه من الشر، ولا يعارض مشيئة السماء.
يرى ((شكسبير))" أنه من حذلقة الناس المتناهية عندما يكونون ذوي حظ سيء، فإنهم يحملون الشمس والقمر والنجوم مسؤولية ويلاتهم ومصائبهم. كما لو كانوا أوغاداً بحكم الضرورة أو حمقى بمشيئة السماء أو خبثاء ولصوصاً وخونة بإرادة الأفلاك. وإن كل ما يرتكبونه من شرور مرده ناموس قدسي مفروض عليهم".
يستسلم الإنسان الفاشل لقدره المفترض وتضعف إرادته وقدرته على إحداث تغيير في عالمه الخاص، ويذعن لمجريات الأحداث. ولايبدي إياً رغبة في تغيير واقعه لأنه يعتقد أنها تتعارض ومشيئة السماء، وهذه الحالة من اليأس والإحباط تعمل السلطات المستبدة على غرسها في ذات الإنسان لتشل قدرته على أي عمل مضاد لتوجهاتها.
وتنسق سلطات الاستبداد عملها لشل قدرة الإنسان مع وعاظ السلاطين ممن نصبوا أنفسهم وكلاء الله في الأرض، لترسيخ الاعتقاد الزائف لدى العامة من الناس بأن مصير وقدر الإنسان محتوم ويجب عليه أن لايعارض المشيئة الربانية.
وما الظلم والاستبداد وحالات الفشل والإحباط إلا نتيجة لعدم انصياع الإنسان لمشيئة السماء، لأن السماء تنزل عقابها بالعذاب والظلم في الدنيا قبل الآخرة وتسلط على الرافضين الاعتراف بقدرها ممنًّ لايرحمهم من أجل أن ينصاعوا ويقروا بأقدارها ومشيئتها!.
هذا الأمر، يرسخ الاعتقاد لدى العامة من الناس والمصابين بالخيبة والانكسار من أن السماء هي المسؤولة عن خيبتهم وهي المعطلة لفعل الخير وتفشي أعمال الشر. وإن إرادة الإنسان ومنظومته العقلية غير قادرة على تغيير قدر السماء، ومشيئتها.
يرى ((أبن سينا))" إذا كان في العالم شر، فليس راجعاً إلى إرادة الله وأنما يأتي من وجود المادة. إن الله هو الخير المحض، فلا يصدر عنه الشر. ومن الوجودات ما هو خير مبرأ من الشر، كالأمور السماوية والعقلية. وهناك نوع من الوجود، هو الوجود الأرضي والخير فيه غالب على الشر. والشر فيه لأجل الخير، وينبغي أن لايترك خير كثير لتفادي شر قليل".
إن الخير والشر، والنجاح والفشل، والحظ وسوء الحظ.........من صنع الإنسان ذاته. لأن إرادة الإنسان ومنظومته العقلية هي التي تنظم سلوكه وترشده إلى طريق الخير وتدفعه نحو تحقيق طموحاته ورغباته. ولاتفرض السماء إرادتها وقدرها على الإنسان وإلا لماذا منحته العقل؟ فمنظومة العقل هي التي تميز بين فعل الخير والشر، وبين الظلم والعدل وبين النجاح والفشل.
يتوجب على الساعين لجعل السماء شماعة يعلقون عليها فشلهم وإحباطهم وضعفهم، البحث عن مكامن الخلل وما ينخر ذاتهم المهزومة وعدم تحميل السماء مسببات عجزهم وفشلهم في تغيير واقعهم المزري. إن من يقرون بمسؤولية السماء ومشيئتها عن فعل الشر والظلم والفشل.....أنما يقرون بقصد أو بدون قصد بشرعية سلطات الاستبداد وفتاوى وعاظ السلاطين ممن نصبوا أنفسهم وكلاء الله في الأرض ليتحكموا في العباد.



#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نشوء الدول القديمة والحديثة
- صلاحية الحاكم والمحكوم
- صراع العاطفة والجمال بين المرأة والطبيعة
- التأثيرات السلبية للفقر والجهل على المجتمع
- استحقاقات الرئاسة القادمة
- مَلكة الإبداع بين العبقرية والالهام والفطرة
- قيم الراعي والقطيع السائدة في الكيانات الحزبية
- الحكمة والحقيقة في الفلسفة
- مراتب المعرفة عند الفلاسفة
- ماهية الإحساس والمعرفة في الفلسفة
- صراع القيم والمبادئ بين الفلاسفة والملوك
- تأثير الاستبداد والعنف على اختلال أنماط السلوك الاجتماعي
- دور علماء الاجتماع في تقويم المجتمع
- موقف الفلاسفة من الحاكم والحكومة
- العلم والجهل في المجتمع
- تحرير الثقافة من الهيمنة والتسلط
- الحكومة والشعب
- التصورات اللاعلمية في الفكر الماركسي
- مجالس الفلاسفة والعلماء مع السلاطين
- الملوك والفلاسفة وتهمة الإلحاد


المزيد.....




- الأكثر ازدحاما..ماذا يعرقل حركة الطيران خلال عطلة عيد الشكر ...
- لن تصدق ما حدث للسائق.. شاهد شجرة عملاقة تسقط على سيارة وتسح ...
- مسؤول إسرائيلي يكشف عن آخر تطورات محادثات وقف إطلاق النار مع ...
- -حامل- منذ 15 شهراً، ما هي تفاصيل عمليات احتيال -معجزة- للحم ...
- خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
- الجيش الإسرائيلي يعلن تصفية مسؤولين في -حماس- شاركا في هجوم ...
- هل سمحت مصر لشركة مراهنات كبرى بالعمل في البلاد؟
- فيضانات تضرب جزيرة سومطرة الإندونيسية ورجال الإنقاذ ينتشلون ...
- ليتوانيا تبحث في فرضية -العمل الإرهابي- بعد تحطم طائرة الشحن ...
- محللة استخبارات عسكرية أمريكية: نحن على سلم التصعيد نحو حرب ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - صراع القدر والإرادة بين السماء والإنسان