أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - إفلاسُ الليبرالية: فلسفياً














المزيد.....

إفلاسُ الليبرالية: فلسفياً


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 4081 - 2013 / 5 / 3 - 08:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


اعتمدت الليبراليةُ فكرياً وهي تتشكلُ في عالم الانتقال من العصر الوسيط إلى العصر الحديث على أسسٍ فكرية غدت هي الركائز التي تتعمقُ كلما توغلت حاملتُها الاجتماعية: البرجوازية في تشكيل مجتمعها وإزالة المجتمع الإقطاعي.
أهم هذه الأسس الانتقال من مبدأ التفويض الإلهي إلى تأسيس المجتمع المدني حيث لا تفويض إلهياً للسلطات الجديدة، فهي سلطاتٌ دنيوية تستندُ إلى نصوص بشرية محضة، وعلى فلسفةِ الاجتماع البشري، وعلى مبدأ فصل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وعلى بشريةِ السياسة وعمليتها.
لم تستطع الليبراليةُ العربية أن تخرجَ من عباءة الدين، وعدم الخروج يكمن، في الظروف الاجتماعية الاقتصادية لإصلاحيي العرب في القرن التاسع عشر، حيث كان الإقطاعُ السياسي والإقطاع الديني ملتحمين في كيانٍ واحد، في شكلِ الامبراطورية العثمانية والدولة الفارسية وفي الدول المنفصلة بعد ذلك.
يرتكزُ كل من الإقطاعين على الآخر، فالسياسي هو ديني، والديني هو سياسي، وملاكُ السلطة والأرض الزراعية الكبرى ومُلكية البشر، متداخلون، ويرفعون النصَّ الديني لرتبة التقديس الكاملة، وعلى تفسيرهم الخاص، باستغلال وملكية الناس التي أُعطيت لهم دينياً.
المُلكياتُ لم تنشأ من التجارة والصناعة والزراعة بل من الغزو والقوة، وشراء الأتباع السياسيين ورجال الدين والمثقفين وغيرهم.
لهذا حين ظهر المصلحون الأوائل كانوا من هذه الفئات المحمية في ظل الأنظمة، وكانت الفئاتُ التجاريةُ الجديدة التي طلعتْ من شقوق هذه الأنظمة تتنفس بفضل هذه الحماية، ومن هنا فإن المظلة الإقطاعية الدينية صارت مظلتهم كذلك.
لهذا فإن تأثرهم بالليبرالية الغربية ومبادئها سوف يخضعُ لحراكهم الاجتماعي المحاصر داخل الهيمنة التقليدية. ومن هنا فإن تنحية مبادئ وتصعيد مبادئ منها يعتمدُ على مواقعِهم الطبقية في داخل كلِ مجتمع ونظام.
لهذا كانت العلمانية هي أكثر الأسس الفكرية التحديثية مرفوضةً لديهم، فمبدأ التفويض الإلهي للحكم لم يقتربوا من نقده، وهذه مسألةٌ شائكة، فوعيهم الإسلامي هو الوعي الذي كرسته قوى الإقطاع التي سيطرت على السلطات منذ الخلافة الأموية، أي نتجت من خدمة القوى الكبرى المالكة للسلطات المستغلِّة لعامة المسلمين، وهذه هي البنية الأساسية المركزية لهذه المجتمعات ووعيها الفكري السياسي.
وفيما كانت الطبقاتُ الوسطى الأوروبية تنسلخُ عن المُلكية الزراعية الكبيرة وتنشىءُ ملكياتها الصناعية والتجارية وبالتالي تنفصل عن الكنيسة، لم تكن توجد ملكيةٌ اقتصادية كبرى أخرى في العالم الإسلامي تعين هذه الفئات التجارية على الاستقلال وتغدو مظلةً حامية لها.
ومن هنا نجد هذه المراوحةَ بين الإقطاع والرأسمالية لديهم، وطرحهم مبادئ تعددية السلطات واستقلالها وحرية الفكر، وغيرها، دون القدرة على مناقشة الحق الإلهي لدى السلطات العربية و(الإسلامية) وكيف يمكن لهؤلاء الاستغلاليين الكبار مضيعي ثروات الأمة أن يكونوا متمتعين بالحق الإلهي؟!
وهذا كان يجري في وقت أصبحت فيه الامبراطورية العثمانية وأمثالها عقبة للتطور التاريخي، وحين جاءت التقسيماتُ السياسية والهيمنة الغربية، تم الحفاظ على ذلك الأساس الفكري الاجتماعي، لأن الحكامَ والطبقات السائدة صوروا أنفسهم باعتبارهم حماة الدين، ولكنهم كانوا يقصدون الحفاظ على شبكة اجتماعية اقتصادية تتيح لهم استغلال المواطنين بشكل شمولي.
ولم تستطع الفئاتُ الوسطى أن توسع المظلة الاقتصادية الزراعية والصناعية والتجارية لكي تكون قادرةً على الاستقلال وإنتاجِ سلطاتٍ رأسمالية حرة، لأن الكثير من الإقطاعيين الزراعيين، والسياسيين: أي المنتمين للأسر والجماعات الحاكمة، غدوا هم كذلك أصحاب مشروعات رأسمالية، ولهذا كانت أحزابُ الفئات الوسطى ملأى بالملاك الكبار، وغدت أفكارُ إصلاحيي القرن التاسع عشر ومن تلاهم هي أساس ما سُمي بالنهضة العربية.
كان من شأن ذلك عدم تجذر المشروع الرأسمالي الحر وعدم اتخاذه فضاء سياسياً قوياً مستقلاً، وعلى صعيد تطور الفكر واستقلال الفلسفة، واجه هنا كذلك ضعفاً شديداً، فالمفكرون الذين طوروا أفكارَ مصلحي القرن التاسع عشر طوروها على صعيد الأدب والثقافة، لا على صعيد الفلسفة بدرجة أساسية. فلم يعالجوا مسألة التفويض الإلهي ويقطعوا العلاقة بها، ويؤسسوا مرجعيةً بشرية صرفة. أي لم يطرحوا مسألة فهم الإسلام السائد خلال إنتاج ألف سنة من قبل الطبقات الإقطاعية والمكرّس في الدساتير والقانون، وبضرورة القطع معه.
أن تعبيرهم كان واهياً عن الطبقات الشعبية: البرجوازية والعمال والفلاحين والنساء، وتذبذبهم بين الماضي والحاضر، بين الفهم التقليدي والفهم الجديد، بين الإقطاع والرأسمالية، كان مربكاً للحركة التاريخية الاجتماعية السياسية.
إن عدم فهمهم للتطور العربي الإسلامي ساهم في تلك المراوحة، فلم يكن ما شُرع وهيمن سوى وعي القوى العليا الاستغلالية وقد صار سائداً، وبهذا فإن عامة المسلمين حين يُطبق عليهم ذلك يطبقُ ضد مصالحهم الاجتماعية، وقد آن أن يميزوا هذه المصالح، وبهذا فإن العلمانية تغدو لحظةَ الانفصال الضرورية في عالم الحكم والسياسة، دون إزالةٍ للثقافة الإسلامية التي هي جذور الناس، والتي سوف تتخذ تعبيراً ليس عن الطبقات العليا فقط بل عن الطبقات الدنيا ومصالحها المستقلة أيضاً



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إفلاسُ الليبراليةِ: توطئةٌ
- بروليتاريا رثةٌ: برجوازيةٌ ضعيفة
- العلمانيةُ منعٌ للصراعاتِ الدينية
- العمال وواجب النضال والتوحيد
- حوارٌ تاريخي وليس حواراً وقتياً
- دوستويفسكي: الروايةُ والاضطهادُ (3)
- النظرُ إلى جهةٍ واحدة
- متسلقو السياسة!
- الشارقة ترفعُ ثقافةَ الأطفالِ إلى الذروة
- يمينانِ في صدام
- سهولةُ الهجومِ على اليسار!
- دوستويفسكي روايةُ الاضطهادِ (2-2)
- دوستويفسكي: روايةُ الاضطهادِ (1 -2)
- لجنةُ العريضةِ والتحولاتُ السياسيةُ (6)
- لجنةُ العريضةِ والتحولاتُ السياسية (5)
- لجنةُ العريضةِ والتحولاتُ السياسية (4)
- وجهانِ لعملةٍ واحدة
- عودةٌ للعصورِ الوسطى سياسياً
- لجنة العريضة والتحولات السياسية (3- 3)
- لجنةُ العريضةِ والتحولاتُ السياسية(2)


المزيد.....




- الولايات المتحدة: إطلاق نار في حرم جامعة فلوريدا يسفر عن مقت ...
- بوشكوف: ترامب غير معجب بأوروبا ولا يريد تحمل مسؤولية الغرب ب ...
- مقتل طفل بهجمات مسيرة أوكرانية على جمهورية دونيتسك الشعبية
- موقع كويتي ينشر تقريرا -مثيرا- عن سوري اكتسب الجنسية وأمه أص ...
- قائد بريطاني: الضمانات الأمنية التي ستقدمها أوروبا لأوكرانيا ...
- الخطوط الجوية السورية تعلن رسميا عودة رحلاتها إلى الإمارات
- مقتل شخصين وإصابة 5 في حادث إطلاق النار بجامعة فلوريدا والسل ...
- اليمن: الولايات المتحدة تقصف ميناء نفطيا في الحديدة وتجمد أص ...
- حماس تستنكر -الانتقام الوحشي- من سكان غزة وتحذر بشأن الأقصى ...
- الجيش الفرنسي يعلن تدمير مسيرة في البحر الأحمر


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - إفلاسُ الليبرالية: فلسفياً