ميساء البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 4080 - 2013 / 5 / 2 - 19:33
المحور:
الادب والفن
إلى نيسان .
ماذا أهديك يا نيسان في عيدك ؟
أأهديك باقة من الورد .. أم إكليلاً من الزهر .. أم أهديك عنقوداً من الياسمين .. أم ماذا أهديك يا نيسان وأنتَ الربيع كله .. ماذا أهديك وأنتَ كل الربيع ؟
كلُّ هذا الربيع لي ؟!
كلُّ هذا الربيع بحدائقه الغناء التي ظهرت على شرفات الكون فجأة .. كأنها خلعت عن رأسها عباءة الشتاء الثقيلة وألقت بها وبكل ما تحمله من دموع تحجرت على وسائد المقل .. دموع لم تجد لديها وقتاً للانهمار بعدما احتبس المطر والدمع في شرايين السماء .. ونحن نغرق في بحور من الهم تسري لتصبَّ في محيطات من القهر والضياع والقلق ..
كلُّ هذا الربيع لي ؟!
جئت يا نيسان .. أضأت لنا شموع الربيع على رؤوس الأصابع .. نثرت الورود على شرفات القلوب .. وفاح من كفيك عطر الربيع فملأ أنف الكون عبيره .. وعبقت بشذى رائحته رئة الكون وأنفاسه ..
ومع ذلك بقيت هناك دمعة عالقة بين الأهداب ..
كل هذا الربيع يا نيسان وقلب الحبيب لا يزال يتقلب كتقلب " شباط الخباط " .. لا تعرف متى يكون شتاؤه .. متى يكون خريفه .. متى تنطفىء نيرانه ؟
يهطل بغزارة .. ثم يجف فجأة .. تشتعل حرائقه .. تتصاعد أبخرته وأدخنته .. تعلو سحب الدخان الأسود فتغطي أفقه وسمائه !
يا عمري ..
يا عمري فصل الشتاء قد ولىَّ ..
فصل الشتاء ولىَّ بأعاصيره وزوابعه .. فلمن توقد كل هذه النيران ؟
لا تستفزَّ جنوني في نيسان ..
فأنا لا أجنُّ كلَّ هذا الجنون إلا في أيلول .
غيرة نيسان أنا لا أعرفها .. لا أعترف بها .. لا تهزني .. لا تثيرني .. فكف عن العبث بجدائل الربيع .. كف عن إضرام النار في حقول الورد ومشاتل الحب .. أخشى على نيسان أن يشتعل بين يديك .. أخشى من اشتعال حرائقه دون شتاء يطفئها ..
كف عن التقلب في نيسان ..
نيسان للربيع ..
نيسان لمداعبة بتلات الحب في رياضه .. لقطف أوراق الورد بأنامل عشاقه .. لتجفيف باقات الزهر قبل أن تستلقي على وسائد المساء ..
نيسان ليس للحرائق ..
كفَّ عن الاختباء في أردان النساء .. كفَّ عن العبث بجدائلهن .. كفَّ عن تمزيق ورودهن .. كفَّ أيها الحبيب .. وكفاك عبثاً ..
سأهديك أيها الحبيب العابث إلى نيسان قبل أن تشتعل حرائقك .. سأهديك إلى هذا الربيع قبل أن تتقلب فصولك وتهب رياحك وتنهمر أمطارك ونحترق بنيرانك .. سأهديك إلى ملك الربيع .. سأهديك إلى نيسان ..
سأهديك أنتَ أيها الحبيب العابث إلى نيسان .
#ميساء_البشيتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟