مختار سعد شحاته
الحوار المتمدن-العدد: 4079 - 2013 / 5 / 1 - 09:00
المحور:
الادب والفن
يا سيدي النيل:
كنت رائعا حقا وانت تعكس الصورة على صفحة الماء، فيهتز كيانك كبعض اهتزازي حين أرى الصور المتخيلة، وحدك يا صاح من يختلي بها، من يباركها في أنقى الأمكنة في الجنوب هناك، حيث القلوب التي أحبت منذ الأزل، فمنحت كل أرض طيبة عبقها المميز، أنت أنت يا صديقها المبرأ من خيالات السوء وحدك، تعرف عنها منذ فجر الخليقة، تدور الأيام من حولها، فتهادن بينها وبين أحلامها بعض الحين، وبعضا تسمح بالعناد؛ كي تعلم القلوب كيف يكون الصبر، فتقوى ويقوى بك كل العارفين بقدرك مثلها للأبد.
يا سيدي الجليل:
كيف لا تستثنيني من العشق، كيف لا تمنحني خياراتي في المقارنات، كيف تُلزمني مجراك المقدس، وأنا الضعيف؟! بالله خبرني يا من تقدس بالخطاب العجيب، يا من برأ الأرض من الموات، يا من تنثال على راحتيك النهود الصفراء حيث تبدأ، فتطوعها حباتِ للمشمش تؤشر بها أثداء المراهقات قبل أن ينفش عهنهن هؤلاء الرجال الحالمون، يا صائغ القدّ بمقدار دقيق لا فرط ولا تفريط، فقط انبهار الأنامل حين تلامس جيد الأمالي التى تلوت حين تشكلت مجراك في نحت قدّ الكاعبات بعدما ارتوت أثداءهن غرين محبتك اللذيذ، فراودهن كل المطر، لحظة ارتعاش السحابات الثقيلات بالغيم والخير، أرجوك أن اختبرني في محبة المنابع مثلما تختبرني عند المصبات!
يا أيها الرجل:
من أسماك يا "نيل"؟، من أعطاك سحر الابتسام، فتحيل العبوس بشاشة من صنعك، تسر الناظرين إلى مجراك، والواجمين عن الناس حين يغسلون أحاديث حبهم في مجراك الطهور، أو حين يجفلون لحظة اللقاء في صدف متعمدة عديدة، ويخجلون بالاعتراف كونها متعمدة، ويصرون على النفي، وخلو صدف لُقياهم الأناملي من كل سابق عمد وترصد؛ فيفرحون بسذاجة الارتباك، وخجل المحبين الأوائل، ويطمحون يمنون النفس باكتشاف مجراك المُخبأ في لمى المَلاحة، أو حين تُسدل أستار ليلك على بُرهم الناضج في نفرات أثدائهن المرتبكة إثر هصرها الأول اشتعالا، فيطن النحل يمتص رحيق شاماتهن الذهبية في طول أجسادهن الطازجة، فلا يبالي اليعاسيب، ويستسلم لحظة خروج ملكة النحل من بين طرح كمثرى الاستدارة، وتنتشي الروح حين تعرف طعم مجراك في كل البُرّ وف كل الثمار.
يا أيها الأزلي المحب:
من حبب الصبايا في ضفتيك؟ من أسلمك مفتاحًا يليق بكل القلوب، حيث يغفو مجراك ويستريح من تعب السنيين، من علمك كل العطاء؟ من سواك كل البهاء يا نهري الحبيب؟ من علمك الطريق نحو مقلتيها وراحتيها وحلمها البسيط الرائع؟
يا نيل كم أحبها فيك وطنًا لا يغادر.
مختار سعد شحاته.
"Bo Mima"
روائي.
مصر -الإسكندرية.
كورنيش الجيزة/ غرة مايو 2013
#مختار_سعد_شحاته (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟