|
ملامح خارطة طريق مقترحة للوضع السياسي العراقي..!
سنان أحمد حقّي
الحوار المتمدن-العدد: 4078 - 2013 / 4 / 30 - 16:16
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ملامح خارطة طريق مقترحة للوضع السياسي العراقي..! لست أحاول أن أُبيّن وجهة نظر في المشاكل والأزمات السياسيّة في بلادنا ولكنني أحاول أن أطرح المنهج والمستلزمات السياسيّة والدبلومسيّة التي يفضّل أن تُعتمد في حلّ هذه الأزمات . إن الفرقاء المختلفين ولا شك يرغبون في الوصول إلى حلول تكون مناسبة بالنسبة لكل طرف في إنهاء الأزمات الحاليّة دون إعتماد وسائل تعتمد العنف أو الصراع التناحري المكشوف وهذا ولا شك يقع في دائرة الأفضليات بالنسبة لجميع أبناء الشعب العراقي ولهذا تُنادي كثير من الأوساط السياسيّة بالحوار وهو فعلا خير سبيل إلى إنهاء الأزمات التي من شأن الإنتهاء منها أن يفسح المجال ويوفّر الفرص الواسعة للبدء في تقديم خدمات أفضل للشعب والمباشرة في بناء الإقتصاد وإصلاح الأوضاع المختلفة وعلى رأسها إصلاح الحياة السياسيّة وتدعيم الإستقلال وتوفير وإقرار الحريّات الأساسيّة التي طال أمد غيابها لعقود وعقود . ولكن كما يبدو لنا أن الفرقاء المختلفين لا يتوفّر للكثير منهم محاورون محترفون أو دبلوماسيون وسياسيون من ذوي الخبرة والمران إذ أن أغلب الإجتماعات واللقاءات التي أجراها مختلف الفرقاء وبضمنهم الحكوميون وجميع الإجتماعات لم يُفلح المشتركون فيها أن يصلوا إلى نتائج مقبولة بل أن أغلبها إنتهى إلى تأزيم الأوضاع بشكل أوسع وأعقد ، ومردّ هذا برأينا المتواضع إلى أن جميع الإجتماعات يكون الحديث فيها والحوار ذا طابع غير مهني أو تاريخي أو قائم على الخطاب الحماسي أو الإستفزازي وكأي حديث بين العراقيين ينتهي ربما إلى مشادة وهذه المشادات تحرف مسار الحوار واللقاء إلى نوع من الرغبة في العودة إلى التواصل ونسيان هدف الإجتماع واللقاء وتتعقّد مسارات الأحداث أكثر من ذي قبل إن الحوار البناء يحتاج إلى سياسيين لديهم خبرة في الديبلوماسيّة ، كيف هذا ؟ عندما يتم إقرار الأهداف العليا لأي مفاوض أو طرف يشترك في الحوار فإنه لا يكون من المفيد طرح الأهداف النهائيّة أو العليا في البدء بل يجب أن تفرّق على شكل أهداف جزئيّة ومرحليّة حسب توقيت الحوار والمحادثات وأن يتم طرح الأهداف الجزئيّة كما تُرصف لبنات البناء دون الخوض الطويل في الأسباب التاريخيّة أو القانونيّة بل يتم التركيز على السياسي منها أوّلا فإذا قبل الطرف الآخر فبها وإن لم يقبل يمكن أن يتم تحليل الهدف الجزئي هذا والعمل بنفس الطريقة على التعامل معه ومن المفيد أن تُستخدم جميع أدوات الحوار والتفاوض إبتداء من المساومات المشروعة إلى طرح المبادرات الصغيرة المتلاحقة كبدائل لإثبات حسن النوايا وإثبات إمكانيّة الوصول إلى نتائج وأن يتم تحاشي الإستفزاز الشخصي أو إستخدام العبارات الخشنة وغير المرغوبة وإذا لزم الأمر إستخدام ما دعاه السياسي الأمريكي : خطوة خطوة ! إن الحوار يستلزم أيضا قطع الطريق على التدخلات غير المرغوب بها والتي من شأنها إفراغ الحوار وفشله كل هذا وكثير مما يحتاجه جميع الفرقاء السياسيون مازال بعيدا جدا في ظل الخطاب السياسي المتشنّج لمختلف المكونات ولا يبدو أن الفرقاء المعنيين قادرين لوحدهم على الوصول إلى حوار منتج وأن الأسباب التي تُعيق هذا كما يبدو لنا ترجع إلى عدة أسباب أهمها قلّة الخبرة السياسيّة والدبلومسيّة بل واعتماد معظم الأطراف على تلقّي النصيحة والمشورة من أطراف ربما يكون عدد منها من خارج الحدود . إن الحوار يحتاج إلى شخصيات قادرة على إتخاذ القرار السياسي ولديها الشجاعة والتصميم على الحصول على نتائج لا تتناقض مع أهداف جماهيرها ولا مع عقيدتها السياسيّة ولو سألت نفسها كل كتلة ، هل هذا ممكن؟ وأجابت بنعم فالطريق سيكون أسهل ولو وجدت أن الإجابة سلبيّة فإن أي حوار لن يكون منتجا وبالتالي لا ضرورة ولا حاجة لأي حوار وهذا ما لا يقع في دائرة الدبلوماسيين بل ضمن دائرة حسم الصراع بالقوّة او كما يُقال على الأرض وهو أمر يُخالف على الأقل مضمون أي خطاب سياسي لأي من المكونات الحاليّة . هناك دوّامة تتشكّل في الأزمة لا يستطيع الفرقاء أن يخرجوا منها لوحدهم للأسباب التي ذكرنا بعضها وأسباب أخرى نتركها بسبب الرغبة في تجريد العمليّة والوصول إلى أهم الوسائل. ولمّا كان الأمر كذلك أي أن الفرقاء المعنيين لا يستطيعون خوض حوار منتج لوحدهم وهذا هو أغلب الظن فإنه يتبقى لدينا أن نفكّر بالوسطاء ، ورغم أنها فكرة جيّدة ولكن جميع الوسطاء لم يستطيعوا أن يتوصّلوا لأي حلول أو غايات مرجوّة ولا داعي هنا للإطالة في سرد تفاصيل الوساطات المختلفة التي جرت طيلة العشر سنوات الماضية. فما هو الحلّ الآن ؟ إن إعتماد مبدأ الحوار لا بديل له ولكن خوض أي حوار لم يعد منتجا لغايته يتبقّى لدينا أن نعتمد التنسيق لأن التنسيق هو أهم الحلقات المفقودة في عمليات الحوار والتي يؤسس فقدانها إلى إفراغ الحوار وفشله. يمكن كما فعلت الولايات المتحدة الأمريكيّة في محاولاتها في تقريب وجهات النظر بين الفلسطينيين والعرب من جهة وبين إسرائيل من جهة أخرى أن يُصار إلى إختيار منسّق أو جهة تنسيقيّة وليس وسطاء لترعى الحوار وتضبط وتراقب وتنظّم قيامه على الأسس السليمة وطرح المبادرات المختلفة والتي تنشأ بعد تحليل أفكار الأطراف المتعدّدة التي تشترك في الحوار. إذا نحن نرى أن خارطة الطريق الخاصّة بإيجاد الحلول المتوخاة في ظل الظروف الحاليّة تبدأ باختيار منسّق وقد يكون شخصا واحدا أو لجنة أو مجموعة تقوم بمراقبة الحوار وتنظيمه وتنسيقه وفق مبدأ الحوار المنتج وبعد ذلك سنرى هل سنحتاج إلى وسطاء أم أن المتحاورين سيكونون مؤهلين للوصول إلى بدائل ممكنة يجري الخوض في تفاصيلها لا حقا أم يمكن أن نتوصّل إلى نتائج مباشرة ومقبولة عن مثل هذا التنسيق المباشر. ويتبقّى أن نُحسن إختيار مثل هذا المنسّق إذ يجب أن لا يكون قد تورّط بأية ضغائن أو أعمال عنف وأن يكون مستقلاّ فعلا وأن يكون أيضا ذا خبرة سياسيّة ودبلوماسيّة واسعة أي بمعنى مهني في عمله يمكن الإستعانة بخبراء مهنيين عالميين من بلدان محايدة كسويسرا أو النمسا أو الدول السكندنافيّة أو من أطراف مقبولة أخرى مثل بعض الشخصيات المستقلّة أو التي لم يكن لها مساهمات في النزاعات الطائفيّة سابقا لهذه المهمة على أن يُعاونهم عراقيون مستقلون ويُفضّل إختيار عناصر مختلطة المذهب لهذه المهمة ، أي من أصول شيعيّة سنيّة مختلطة فقط ومع كل الإعتبارات تظل موافقة كافة المكونات على مثل هذا المنسّق مطلوبة طبعا لمن يرغب في التوجّه إلى حلول مناسبة لا تفضي إلى مضاعفة الأزمات أطرح هذه الرؤيا وأتمنى أن يُنظر لها بإيجابيّة وروح بنّاءة وللحديث صلة والسلام عليكم
#سنان_أحمد_حقّي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مقام المخالف ..لماذا هو مخالف ؟
-
هوامش على الحوار مع الشاعر والمفكّر أدونيس أحد مشايخ الحداثة
...
-
نقد بعض الطروحات حول الماهيّة الإلهية .
-
في اليوبيل الذهبي لجامعة الموصل وكليات الهندسة والعلوم..!
-
صراخ..!
-
المساومة في العمل السياسي..!
-
الأخلاق ، في ضوء الماديّة الجدليّة..!
-
القبانجي ..! نقد وتعقيب!
-
على هامش التحرّش..!
-
إنقراض الإسلام ..! أهو من وضع الكاتب أم نص ٌمقدّس؟
-
قولٌ في الطرب..وفي الروح المبدع..!
-
(كتاب الفاشوش ) من عرض وتقديم شوقي ضيف..!
-
ردٌّ مقابل في قصيدة النثر العربيّة ..!
-
أسود وأبيض بيكاسو.. !
-
هل كان العسكريون خيارا صائبا لتولي الحكم والسياسة؟!
-
الفلسفة..! لماذا..؟
-
تأملات كونيّة..في الوجود والعدم!
-
الإحتجاج والشجب والإستنكار إحدى أهم وسائل التعبئة الجماهيريّ
...
-
المنطق العام ومنطق الأشياء..!
-
إلى النّمريّ الكبير..!
المزيد.....
-
مجلس الوزراء السعودي يوافق على -سلم رواتب الوظائف الهندسية-.
...
-
إقلاع أول رحلة من مطار دمشق الدولي بعد سقوط نظام الأسد
-
صيادون أمريكيون يصطادون دبا من أعلى شجرة ليسقط على أحدهم ويق
...
-
الخارجية الروسية تؤكد طرح قضية الهجوم الإرهابي على كيريلوف ف
...
-
سفير تركيا في مصر يرد على مشاركة بلاده في إسقاط بشار الأسد
-
ماذا نعرف عن جزيرة مايوت التي رفضت الانضمام إلى الدول العربي
...
-
مجلس الأمن يطالب بعملية سياسية -جامعة- في سوريا وروسيا أول ا
...
-
أصول بمليارات الدولارات .. أين اختفت أموال عائلة الأسد؟
-
كيف تحافظ على صحة دماغك وتقي نفسك من الخرف؟
-
الجيش الإسرائيلي: إصابة سائق حافلة إسرائيلي برصاص فلسطينيين
...
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|