|
الماركسية وأنثروبولوجيا المدارات الحزينة - تأليف سايمون كلارك - مراجعة ابراهيم فتحى - الفصل السابع
سعيد العليمى
الحوار المتمدن-العدد: 4077 - 2013 / 4 / 29 - 22:37
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
ترجمة سعيد العليمى الفـصـل السـابـع ليفـي شتـراوس والتماثل اللغـوي 1 – المواجهة مع اللسانيات . صادف ليفي شتراوس اللسانيات البنيوية حين قابل رومان ياكوبسون في نيويورك عام 1942 ، حيث كان الإثنان مرتبطين بالمدرسة الحرة للدراسات العليا . حضر ليفي شتراوس محاضرات ياكوبسون ، حول الصوت والمعنى ، ( 1 ) وكان مندهشا من أن يجد ما اعتبره تقاربا ملحوظا بين المناهج التي طورتها فونولوجيا ( علم الأصوات ) براغ لإختزال تنوع الوقائع الصوتية الى نظام عقلاني والمنهج الذي كان هو نفسه يطوره في تحليل ظواهر القرابة . وعند ليفي شتراوس فإن التقدم الذي أحرزه ياكوبسون في الفونولوجيا التقليدية بواسطة مفهوم البنية قد تشابه بدقة مع التقدم الذي اعتقد هو نفسه أنه يحرزه في تحليل جرانيه . إختزل جرانيه ظواهرالقرابة الى شكل نسقي ، ولكنه لم يتمكن من أن يختزل الأنساق المختلفة الى أشكال لنظام مفرد . لقد جادلت سابقا بأن هناك علامات قليلة من الإلهام اللساني في متن البنى الأولية . وهكذا ففى مواجهة اللسانيات كان ليفي شتراواس لا يكتشف منهجا جديدا وإنما تقاربا بين الاتجاهات في مدرستين مختلفتين . وعلى أية حال فإن إكتشاف هذا التقارب كان له أثر كبير على إتجاه مؤلف ليفي شتراوس ، لأنه بدا لليفي شتراوس أن عبرة هذا التقارب هو أن المنهج البنيوي يمكن أن يطبق في مكان آخر داخل العلوم الإنسانية . وعلى ضوء المناقشة في الفصل السابق فإنه من الهام أن نكشف تحديدا عن الأسس التي يسعى وفقا لها ليفي شتراوس لتسويغ هذا الإمتداد المنهجي . هناك في الواقع نوعان مختلفان من الحجج التي يقدمها ليفي شتراوس في أزمنة مختلفة . أولاً يمكن أن تكون الاستعارة سائغة وفق أسس منهجية . ويمكن أن يدرك الأساس الوظيفي للمنهج البنيوي وأن يمد المنهج على أي نظام ذى وظيفة متميزة بصفة أساسية . هذا هو شكل الحجة التي يقدمها ليفي شتراوس في أكثر استعاراته تبكيرا . على أية حال سوف يعطى هذا المنهج البنيوي تطبيقا غاية في الضيق ، كما يعترف بذلك ليفي شتراوس في أعماله الأولى . وهكذا فإن الحجة الثانية ، مؤسسة على هوية مفترضة للموضوع ، هي أكثر قوة بما لا يقاس حتى إذا كانت بلا أساس . هذه هي حجة أن اللسانيات قد إكتشفت الأساس الذي تكون الكائنات الإنسانية وفقا له قادرة على خلق أنظمة للمعنى ، هذا الأساس هو القدرة على تقديم تمايزات بنيوية داخل تجانس طبيعي . لقد بينت اللسانيات لنا، من جانب ، طبيعة العقل الإنساني الذي يجعل من الممكن بالنسبة لنا أن نتعلم وأن ندرك مثل هذه التمايزات الاصطناعية ، ومن جانب آخر، الطريقة التي يجعل بها تقديم عدم الإستمرارية هذه من الممكن خلق انظمة للمعاني . وهكذا فإن المنهج البنيوي للسانيات قابل للتطبيق على كل العلوم الإنسانية بإعتباره المنهج الذي يجعل من الممكن تعيين أسس المعنى الموضوعية ، وبالنسبة الى ليفي شتراوس اللاواعية ،. فالمنهج الذي تصدر في الفونولوجيا ، وأكتشف بشكل مستقل من قبل ليفي شتراوس في دراسته للقرابة ، هو المنهج الذي يجعل الدراسة العلمية ممكنة بإختزال المعاني الى علاقات محايثة في الموضوع . وعلى ضوء المناقشة في الفصل السابق فإنه من المهم تحديد أي من المفهومين للسانيات اللذين نوقشا هناك يتبعة ليفي شتراوس . أريد أن أنظر في هذا القسم في تعليقات ليفي شتراوس على اللسانيات ، حيث أننا سوف نجد أنه بالرغم من تقدير مبكر للمنظور الوظيفي ، فإن ليفي شتراوس قد انحدر تدريجيا على الفور نحو النزعة الذهنية الوضعية . وسوف أقوَّم في الأقسام التالية مسوغات إستعارات ليفي شتراوس بالنظر في إسهامات اللسانيات ووثوق صلة المنهج البنيوي بفهم العقل وبالمعنى . قبل أن نشرع في ذلك ، على أية حال ، فإنه من المهم ان نلاحظ ان التقارب المنهجي الذي أذهل ليفي شتراوس الى هذا الحد ليس علامة على إنتاجية المنهج البنيوي . الحماس لمناهج التحليل النسقية التي إكتسحت أوروبا كانت قد أدركت من قبل حلقة براغ كجزء من حركة ثقافية وأيديولوجية كانت إنجازاتها ، إذا كانت هناك ( إنجازات ) ، تدخر للمستقبل . وهكذا حتى داخل الفونولوجيا فإن ياكوبسون لم يتمكن من تأسيس أن نظام الصوت يمكن أن يعطى تمثيلا بنيويا في الوقت الذي قابله فيه ليفي شتراوس ، وسوف يمر وقت طويل قبل أن يفتح تشومسكي الطريق الى التركيب البنيوي . كان علم نفس الجشطالت في حالة فوضى ، وإنحدرت الظاهرياتية نحو النزعة الصوفية ، وكانت الوضعية الجديدة في حالة مراجعة مستمرة . وكما جادلت في الفصول السابقة في حالتي كل من اللسانيات وتحليل ليفي شتراوس كان على الإنجازات الإيجابية للبنيوية في مواجهة الحماس الزائد للنزعة السيكولوجية والنزعة التاريخية أن تقاس مقارنة بمخاطر النزعة الشكلية والأقنمة HYPOSTATIZATION التي نشأت إذا صُنمت البنية وعُزل موضوع البحث عن السياق الذي وُظف فيه . وهكذا فإنه من المهم أن نكون واعين بالقصور الخطير للمنهج البنيوى حتي في حقوله المختاره ، والا نؤخذ بحماس ليفي شتراوس . إن أول تطبيق لليفي شتراوس واعيا ذاتياً بالمنهج البنيوي للفونولوجيا كان مقال عام 1945 . ففهم اللسانيات في هذا المقال شديد المحدودية ، كما أبان مونين في نقد مسهب . ( 2 ) يتذبذب ليفي شتراوس بصفة خاصة بين مفهومين عقلي ووظيفي للسانيات . من ناحية يجادل ليفي شتراوس بأن دراسة أنظمة القرابة يمكن أن تستوعب في ( أنظمة ) اللغة لأن كليهما نظاما معنى مشكلان بواسطة اللاوعي . ومن ناحية أخرى يقدم ليفي شتراوس بالفعل مفهوم الوظيفة فيما بعد في الجدال ، مع نتائج مثيره للإهتمام . يجادل ليفي شتراوس بأنه ، بالرغم من المظاهر الأولى ، فإن منهج الفونولوجيا لا يمكن أن يطبق على دراسة المصطلحات ، بتقطيع الحدود الى وحدات أصغر من المعنى ، وإنتقد محاولة عمل ذلك من قبل دافيس ووارنر لأن المنهج يؤدى فقط الى نظام مجرد ليس لعناصره واقع موضوعي ، وهو أكثر تعقيدا من المعطيات الاصلية ، ليست له قوة تفسيرية . وسبب هذا الإخفاق هو أننا لا نعرف وظيفة النظام . ويبدو عند هذه النقطة من ثم ، أن ليفي شتراوس يدرك أهمية مفهوم الوظيفة وعواقب تجاهله . والأكثر دلالة ، أنه حين يفعل ذلك يجادل بأن المنهج البنيوي غير ملائم لدراسة أنظمة القرابة التي كرس لها البني الأولية .
يطبق ليفي شتراوس في الواقع في مقال عام 1945 الدراسة على نظام المواقف لأننا نعرف أن الوظيفة هي فرضاً ، " لتأمين تماسك الجماعة وتوازنها " . بالرغم من أن ليفي شتراوس لا يعين الوظيفة على نحو أوضح ، ولا يناقش علاقتها بالتحليل البنيوي ، والتضمين هو أن وظيفة المواقف المعزوة للقرابة هي تمييزية بشكل خالص . وهكذا ، بواسطة " تبديل شكلي لموضع المنهج " يحلل ليفي شتراوس هذا النظام بواسطة تعارضات ثنائية . إذا كانت وظيفة هذه المواقف تمييزية بالفعل ، فإن تبديل وضع المنهج من ثم سوف يكون مسوغاً تماماً . وعلى أية حال ليس هناك من سبب يدعو للإعتقاد بأن هذا هو الحال . إن المواقف معزوة في الواقع بطريقة إيجابية ، وعلى الأغلب بكثير من التفصيل ، بواسطة المجتمعات موضع البحث ، ويدرك ليفي شتراوس أن التركيز على العلاقات البنيوية بين المواقف هو " تبسيط " لها للغاية . لقد تقرر فى الواقع أن هناك تفوقا للأنظمة التي تلائم مخطط ليفي شتراوس وهكذا يمكن أن يظن أن للمواقف دلالة نسقية ، بالرغم من أنه ليس واضحا إن كانت هذه الخاصة النسقية أصلية أو مشتقة وفرضية ليفي شتراوس ليست شديدة الإضاءة . يقوم أيضا ليفي شتراوس في الفصل الختامي من البني الأولية ببعض الإحالة الى الأساس الوظيفي للمنهج البنيوي . ويتطور داخل البني الأولية إستخدام المنهج البنيوي تلقائيا من محاولة تعميم وصياغة نظرية موس عن التبادلية صياغة شكلية ، ولا يعتمد على أي تماثل مع اللغة . وهذا بسبب أن ليفي شتراوس يرى أنظمة القرابة بشكل حصرى بإعتبارها أنظمة صممت لتأسيس نماذج معينة للعلاقات الاجتماعية وبالنسبة له الخصائص الوحيدة ذات الصلة لهذه الانظمة هي العلاقات التي تؤسسها ، وهذه تحدد البنية التي يختزل اليها النظام . بغض النظر عما اذا كانت النظرية ملائمة للواقع أم لا ، فإن المنهج ملائم بشكل واضح للنظرية . التحليل البنيوي مسوغ من ثم بواسطة الوظيفة المفترضة للأنظمة . يجادل ليفي شتراوس في نهاية البني الأولية بأن " تقدم تحليلنا … قريب من (التحليل) اللغوى الفونولوجي" في إختزال عدد كبير من القواعد الى عدد صغير . المنهج قياسى لأن كل الإمكانيات مؤسسة بشكل شامل بواسطة تركيب عدد محدود من العناصر بعدة طرق مختلفة . المخطط ذاته له أساس ثنائي متولد عن تفرع ثنائي متلاحق . ويشير ليفي شتراوس الى حقيقة أن المنهج البنيوى قابل للتطبيق على أنظمة القرابة لأن نظامى القرابة واللغة يشتركان في وظيفة عامة ، اعتقد انها غير معروفة في 1945 والتى اكتشف الآن أنها وظيفة الإتصال . على أية حال هو يذهب أبعد من ذلك ويجادل بأن اللغويين والإثنولوجيين " لا يطبقون نفس المناهج فحسب ، وإنما يدرسون نفس الشئ (3 ) وتتباين ما هية هذا الشئ في مراحل مختلفة من عمل ليفي شتراوس ، ولكنه هنا نظام للاتصال . وهكذا وفقاً لليفي شتراوس ، يمكننا أن نفسر " المجتمع ككل بلغة نظرية فى الاتصال … ما دامت قواعد القرابة والزواج تخدم في تأمين تداول النساء بين المجموعات ، تماما مثلما تخدم القواعد الاقتصادية في تأمين تداول السلع والخدمات ، والقواعد اللغوية في تداول الرسائل". في الواقع ان التماثل المفترض مضلل للغاية ، لأن القواعد اللغوية ليست لها علاقة أيا كانت بتداول الرسائل ، إنها معنية بتأسيس الرسائل . يفسح هذا التأكيد على الاتصال الطريق الى تأكيد على المعنى ، ويختفي في عمل ليفي شتراوس التالى اعتبار الأساس الوظيفي للمنهج البنيوي تماما على الأغلب . ويبدو واضحا حتى في الاعمال الاولى ان ليفي شتراوس يولى اهمية اكثر ليس لهذه الجدالات الوظيفية وإنما للجدال بأن اللسانيات قد حققت الإختراق الى لاوعى شكلى خالص وكذلك عقلانى ، وهذا يرى باعتباره الأساس النهائي للمنهج البنيوي . هذا هو ما أعتبره ليفي شتراوس عن خطأ تام حتى في مقاله عام 1945 أكثر إنجازات تروبتسكوى أهمية . يضع ليفي شتراوس في الأعمال التالية تأكيداً متزايداً على الإكتشاف اللغوى للأسس اللاواعية للقدرة الرمزية وكذلك للمعنى .كان مقال عام 1946 إسهام " علم النفس واللسانيات " مرتبطا بالحاجة لوضع الرمزية " كمتطلب مسبق للفكر السوسيولوجي " . ( 5 ) كان ليفي شتراوس يجادل حوالى عام 1949 بأن " اللاوعي … قابل للإختزال في … الوظيفة الرمزية … التى تنفذ طبقا لنفس القوانين بين جميع البشر ، وتتوافق بالفعل مع إجمالي هذه القوانين … باعتباره عضو وظيفة معينة ، يفرض اللاوعي فحسب القوانين البنيوية على العناصر غير المتمفصلة التي تنبثق في مكان آخر … هذه القوانين واحدة بالنسبة لكل الأفراد ولكل الحالات حيت يواصل اللاوعي أنشطته " ( 6 ) إن مصطلح " الوظيفة " هنا له معنى مختلف تماما عن ذلك الذي يوجد في اللسانيات ، لأنه ليس له تضمينات غائية ، وهو يشير بالأحرى الى قدرة معينة للكائن العضوى ، لأن إستخدام التماثل العضوى يجعله واضحا . في مقال آخر عام 1949 كان اكتشاف الأساس اللاواعى للغة منسوبا الى بوس . وفصل المنهج البنيوي عن أساسه الوظيفي واضحا في نفس المقال . ليس على البنى أن تنشأ إستنباطياً ، على أساس وظيفتها ، كما كانت في البنى الأولية ، وإنما بالأحرى نحن ، نجرد البنية الثاوية خلف تظاهرات عديدة والتي تبقى ثابته خلال أحداث متلاحقة " ( 7 ) أما في مقدمة عام 1950 لكتاب موس السوسيولوجيا والأنثروبولوجيا ليس درس اللسانيات مرة أخرى منهجيا ، وإنما جوهرى ، في إظهار الطابع اللاواعي " للظواهر الأساسية للحياة العقلية " فاتحا الطريـق أمـام " علم واسع الإتصال " متيحا امكانية علم نفس ثقافي ،هو التعبير المعمم عن قوانين الفكر الانساني " (8 ) إن اللسانيات ،كما يكتب ليفي شتراوس في عام 1950 في مقال ألهمه إياه سابير " قد وصلت ماوراء الوعي السطحى والتعبير التاريخي عن الظواهر اللغوية لتصل إلى الوقائع الأساسية والموضوعية محتوية على أنظمة العلاقات التي هي نتاج عمليات التفكير اللاواعي وإذا إستطعنا أن ننجز نفس الشئ في العلاقة بالظواهر الإجتماعية فربما نكون قادرين على استنتاج ان كل اشكال الحياة الاجتماعية هي بشكل جوهرى ذات طبيعة واحدة … ( وربما س . ك ) … تحتوى على أنظمة للسلوك تمثل إسقاطا على مستوى الوعي والفكر الاجتماعي ، للقوانين الشاملة التي تنظم أنشطة العقل اللاواعية " القدرة الرمزية مرتبطة " بتمثيل مشقوق " وهذا هو مصدر التبادل ، ما دامت هناك حدود معينة قد أدركت معا باعتبار ان لها قيمة لكل من المتكلم والمستمع ، فان الطريقة الوحيدة لحل هذا التناقض هي في تبادل القيم المتكاملة ، التى يختزل اليها كل الوجود الاجتماعي ، ( 9 ) يبدو الآن أن اللاوعي قد إختزل من " البنى " الثلاث " للبنى الاولية للقرابة الى مبدأ شكلي خالص للتعارض . حيث ان ليفي شتراوس قد إستوعب ما اعتبر ، بالنسبة له ، دروس اللسانيات البنيوية ، فقد فَقَدَ سيطرته الواهنة التى امتلكها على الاساس الوظيفي الملائم للمنهج البنيوي ، وبدلا من ذلك انتهى الى ان يجادل بأن المنهج البنيوي قابل للتطبيق شموليا على العلوم الانسانية لأنه ملائم للدراسة الموضوعية لأنظمة المعنى التي هي نتاج لقدرة اللاوعي الشكلية على تشكيل البنى ، شرط امكانية اللغة ، والفكر والثقافة . هكذا يقترن ليفي شتراوس بمفهوم وضعي متماسك وكذلك شكلي ، عن المنهج البنيوي الذي يشبه ( مفهوم ) بلومفيلد وتشومسكي الذي ناقشته في الفصل الأخير . لا ينبغى أن تؤخذ تعليقات ليفي شتراوس على المنهجية بجدية شديدة ، ولكن مناقشة المنهجية الدالة ، عن مفهوم " النموذج " تبين جيدا مفهومه الوضعي عن المنهج البنيوي . بالنسبة الى ليفي شتراوس البنية هي نوع معين من النموذج الذي " يعرض سمات النظام " الذي يقدم "امكانية لتنظيم سلسلة من التحولات التى تظهر في مجموعة النماذج من نفس الطراز ، وأى خصائص " تجعل من الممكن التنبؤ بكيف سيكون رد فعل النموذج إذا خضع واحد أو اكثر من عناصره لتعديلات معينة " و "أخيراً ، يجب بناء النموذج بحيث يجعل مباشرة كل الوقائع الملاحظة مفهومة .النموذج مؤسس بواسطة ملاحظة الوقائع وبتطوير " الأدوات المنهجية التي تسمح بانشاء النماذج من هذه الوقائع " . " على مستوى الملاحظة " القاعدة … الرئيسية هي أن كل الوقائع يجب أن تلاحظ بعناية وتوصف ، دون السماح لأى مفهوم نظرى مسبق بأن يقرر إن كان البعض أكثر أهمية من الآخر " بـعد تأسيس الوقائع بواسطة الملاحظة ، النموذج متطور ، ذلك النموذج يمثل قانون إنشاء الوقائع . ( 10 ) لقد انتقدت سلفا هذا المفهوم الوضعي الفظ عن النموذج في الفصل السابق . ليس من الممكن لأى نموذج أن يفسر " كل الوقائع " ومن ثم فعلى النظرية أن تحدد مقدما على أي من الوقائع يعتبر النموذج قابلا للتطبيق . وفي حالة نموذج بنيوي فإن الوقائع المختارة للاعتبار هي مجموعة ثانوية محدودة من " كل الوقائع " لأن النموذج البنيوي يسقط من حسابه كل الخصائص غير النسقية وكل العلاقات العرضية . وهكذا فإن تطبيق النموذج البنيوي يفترض مسبقا أنه من المسوغ إستبعاد كل هذه الوقائع من الإعتبار ، ومن ثم يفترض أن الكل موضع الاعتبار مفهوم بمعزل عن الكليات الاخرى وبلغة علاقاته الداخلية بشكل خالص . هذا النوع من التجريد يجب أن يكون مسوغا من الناحية النظرية . أضف الى ذلك ، حتى تكون الوقائع التي اخذت في الاعتبار قد عزلت تظل مشكلة تقرير أي نموذج بنيوي نختاره من العدد اللانهائي الذي يمكن أن يطبق على المعطيات. بالنسبة الى ليفي شتراوس ، فإن أفضل نموذج سيكون دائما ذلك الحقيقي ، الذي سيكون ابسط نموذج ممكن الذي ، بينما يشتق على نحو حصرى من الوقائع موضع الاعتبار يتيح ايضا تعليلها جميعاً " ( 11 ) وهكذا فإن النموذج البنيوي ليس شيئا يثب علينا خارجاً من " الوقائع " إنه شئ نخلقه نحن في حركة تحليلية مزدوجة . أولاً ، بواسطة عزل وقائع معينة لتفسيرها وهى التي تتضمن نظاما مغلقا ومكتفيا بذاته ، وهكذا مستبعدين اعتبار أي علاقات عرضية . ثانيا ، بواسطة اختيار واحد من بين سلسلة النماذج وفقا لمقاييس إعتباطية خالصة للبساطة . ليس هناك شك فى أن عمليتي الاختزال والاختيار هاتين ، يمكن ان تنتجا نماذج شكلية ، وأن نفس النموذج الشكلي يمكن ان يعزل في اكثر الحقول اختلافا ، ولكن يجب أن يصادق على الاستنتاج الذي توصل اليه مايبورى – لويس في تطبيق ليفي شتراوس لأداة النموذج على دراسته للثنائية ، التي كانت ايضا النتيجة الختامية لمناقشة لسانيات تشومسكي فيما سبق : " سوف يبدو ان الاستنتاج الوحيد الذي يمكن أن يستخلص من مقارنة النماذج هو ان العناصر المتباينة المستخلصة من هذه المجتمعات يمكن أن تمثل في نماذج متطابقة.ولكن هذه الهوية الشكلية للنماذج ليس لها تضمينات سوسيولوجية "( 12 ) وبالنسبة الى ليفي شتراوس فإن النماذج البنيوية بعيدة عن أن تكون اعتباطية . وبالنسبة له النموذج البنيوي هو الرابطة التي تتوسط بين العقل والمعنى ، لأنه يعين الاختلافات البنيوية والارتباطات البنيوية التى اسسها العقل اللاواعي والذي يقدم بدوره الأساس الموضوعي لمعنى الانظمة الثقافية واللسانية. لقد جادلت منهجيا بأن هذه النماذج هي بالضرورة اعتباطية . وأريد الآن ان افحص نظريا الرابطة بين هذه النماذج البنيوية والعقل ، من ناحية ، والمعنى من ناحية أخرى . في هذا الفصل سوف أفحص المسألة في صلتها باللسانيات . وفي الفصول التالية سوف أفحص الطريقة التى طور بها ليفي شتراوس ( سوء ) فهمه للسانيات وحولها الى فلسفة انسانية ونظرية للمعنى الثقافي . 2 – اللغـة والعقـل : " اللاوعـي البنيوي " لا تمثل النماذج المعزولة بواسطة المنهج البنيوي بالنسبة الى ليفي شتراوس واقعا تجريبيا ، ومن ثم لا يجب ان تخلط مع " البنى " التي درسها رادكليف براون أو موردوك . بالرغم من ذلك فإن البنى ، والارتباطات التي تعبر عنها ، واقعية ، حتى إذا كانت تتصل بواقع ليس قابلا للملاحظة مباشرة . " في ذهني النماذج الواقعية ، وسوف أقول حتى أنها الواقع الوحيد . إنها بالتأكيد ليست تجريدات ، .. ولكنها لا تتصل بالواقع العيني للملاحظة التجريبية . إنه من الضرورى ، من أجل بلوغ النموذج الذي يمثل الواقع الحقيقي ، أن نتعالى على هذا الواقع العيني الظاهر " ( 13 ) وبالرغم من أننا نجد بالفعل نماذج واعية ، فإنها بالتعريف فقيرة ، لانه لم يكن مقصودا بها أن تفسر الظواهر وانما أن تخلدها " النموذج الحقيقي ، من ثم ، يعود بنا مرة أخرى الى اللاوعي : " إننا مقودون الى تصور البنى الاجتماعية ككليات مستقلة عن وعي البشر بها ( بالرغم من أنها في الواقع تحكم وجود البشر ) ، ومن ثم فهي مختلفة عن الصورة التي يشكلها البشر عنها كواقع فيزيقي إختلافها عن إدراكاتنا الحسية عنها وفرضياتنا عنها " . ( 14 ) إن فكرة النماذج البنيوية التي طورتها اللسانيات ، وبالتوسع بواسطة الأنثروبولوجيا ، تحيلنا مرة أخرى الى اللاوعي ، أو الى بنية العقل الانساني ، وهي فكرة إستقاها ليفي شتراوس من ياكوبسون . وبالنسبة الى ليفي شتراوس فإن ياكوبسون قد أسس ان القبلى النفسي الذي جعل اللغة ممكنة ، وكذلك المعنى ، هو قدرة العقل الشكلية الثنائية على تشكيل البنى التي تعبر عنها في التمييز الثنائي للسمات المميزة في فونولوجيا ياكوبسون . إنه لأمر متناقض أن يخلص ليفي شتراوس الى مثل هذه الاستنتاجات من مؤلف ياكوبسون ، مادمت قد جادلت بأن لغويي براغ كانوا معنيين بالإستقلال الذاتي للسانيات وبتأسيس الروابط الوظيفة لا النفسية . وعلى أية حال يتسق التأكيد على الوظيفية مع محاولة إستخلاص إستنتاجات نفسية من دراسة اللغة . وبالفعل إن مفهوم الوظيفة فقط هو الذي يمكن أن يميز بين المظاهر اللغوية والنفسية للغة ومن ثم يجعل من الممكن تطوير لسانيات نفسية صالحة لا تخلط بين الاثنين . أصر ياكوبسون بصفة خاصة على أنه ينبغى على اللسانيات أن تستكشف اللغة من كل وجهات النظر الملائمة لسانيا ، وكذلك ايضا من وجهات النظر ، النفسية ، والاجتماعية ، والتاريخية ، والفسيولوجية . وأصر في نفس الوقت على أن كلا من وجهات النظر هذه متميزة ، وأضف الى ذلك ، ان العلاقة بينها ليست علاقة اختزالية . كما أصر على أن اللغة كموضوع توجد في نقطة تقاطع سلسلة من الأنظمة ، حتى أن اللغة هي " نظام الأنظمة " ولكن هذه الأنظمة ليست مرتبة في مراتبية اختزالية تعبر فيها اللغة عن الفكر ، الذى يعبر عن ارتباطات بين الخلايا العصبية ، تمثل ارتباطات عضوية ( وهي الطريقة التي يعيد بها ليفي شتراوس صياغة مفهوم ياكوبسون بإعتباره " نظام الأنظمة " . ان الارتباطات بين مختلف وجهات النظر معقدة وتبقى في حاجة لاكتشاف . كان الكثيرمن عمل ياكوبسون معنيا بالبحث عن الكليات اللغوية ، وجزء من الدافع لهذا البحث النفسي . لقد بحث الكليات اللغوية على مستويين . من ناحية بحث قوانين التضمين الثاوية خلف بنية كل الأنظمة الفونولوجية التي تتخذ شكل : حضور يتضمن ( وجود ) ب ( أو غيابها ) مؤديا لتطور بنية مراتبيه في نظام السمات المميزة التي يمكن ان تكتشف عبر دراسات إكتساب اللغة عند الأطفال ، والتغير اللغوى ، والحبسة . على أية حال فإن البحث عن مثل هذه الكليات التضمينية يواجه مشاكل معينة لأن اكتشافها يعتمد على تأسيس الطابع الموضوعي للوصف الفونولوجي المتبنى . يعتمد البحث عن الكليات التضمينية على البحث عن الكليات الجوهرية في النظام الفونولوجي ، وذلك حيث نجد الثنائية الشهيرة . ولايمكن أن تكتشف الكليات التضمينية إلا إذا كانت التمييزات التي صنعتها لغات مختلفة يمكن أن تختزل الى " أبجدية" عامة للسمات . لقد سعى ياكوبسون طويلا لكشف هذه الأبجدية ، ولكن ينبغى التاكيد على أن هذا البحث قد حركه إهتمام منهجي ، وليس نفسيا ، لتقديم أساس يقوم عليه تطوير دراسة الكليات التضمينية . ولم تفتقر المحاولة لبعض النجاح ، ولكنها اثبتت انه من المستحيل تقديم تفسير واقعي للسمات ، في أي من المصطلحات الصوتيه أو التمفصلية . والى المدى الذي تكون فيه هذه السمات كليه فليس يعنى هذا على الاغلب أنها ظاهرة " ذهنية " ، وإنما من المحتمل … أن تكون عاقبة للبنية التشريحية للجهاز الانساني المتمفصل وتكوينات المخ المرتبطة به " . ( 15 ) وفى سعي ياكوبسون لتطوير " أبجدية " كلية فونولوجية حاول التعبير عن التمييزات بين السمات في صيغة ثنائية . لقد كان هناك مع ذلك ، بعض الوقت قبل أن يتمكن ياكوبسون من التعبير عن سماته المميزة في هذه الصيغة .وقد استخدم كل من ياكوبسون ، وفانت وهاله في عام 1952 تعارضات ثلاثية . وحوالي عام 1957 ، أزال ياكوبسون وهاله على أية حال ، التعارضات الثلاثية بواسطة إدخال سمات اضافية ، واختزلت كل التعارضات الى صيغة ثنائية . والسؤال الهام الذي ينبغي علينا أن نسأله هو إن كانت هذه الثنائية مفروضة من قبل المحلل ، أو إن لم تكن مميزة للغة ، وحتى في النهاية للعقل . وبالتأكيد في عام 1957 إعتقد ياكوبسون وهاله أن الثنائية كانت مميزة للغة وليس لعالم اللغة . والسؤال ليس سؤالا تجريبيا ، لأن أي تعارض تمكن إعادة صياغته في صيغة ثنائية . وعلى ذلك فإن تبرير تبني الصيغة الثنائية يجب أن يشير الى ملاءمتها التحليلية . وربما يُظن أنها مميزة للغة إذا كانت تقدم أيضا أبسط وصف ممكن . وفي الواقع فإن مثل هذا الزعم من الصعب أن يقدم الدليل عليه في هذه الحالة مادام ليس هناك مكسب واضح في البساطة بتبنى الاصطلاح الثنائي . وهكذا كان على ياكوبسون وهاله ان يزيدا عدد السمات من اجل ان ينجزا الصيغة الثنائية ، بالرغم من حقيقة أنهما يزعمان أنهما يسعيان لأقصى إختزال للزيادة بالبحث عن الحد الادنى للسمات المميزة التي يحتاج اليها لتمييز كل الفونيمات . استجاب هاله للنقد بتوضيح أساس الاصطلاح الثنائي . ولقد بات ظاهرا أن الثنائية ليست في الواقع متبناه على أساس البساطة على الاطلاق ، وانما بالاحرى من اجل تأسيس اجراء تقويم متسق للأوصاف اللغوية البديلة . إنها ليست مملاة من ثم بواسطة حاجة لتبسيط الاوصاف ، وانما بحاجة الى تبسيط تقويم الأوصاف . ويظهر هاله أن الثنائية ليست اصطلاحا يتضمن بالفعل اعاقة لجمع المعطيات، ومن ثم يكون مقبولا كإفتراض منهجي ملائم لتنظيم السمات ، ولكن يدرك هاله ، ان هذا الحل الثنائي ليس حلا فريدا لمشكلة تصنيف السمات ( 16 ). وهكذا فإن الأساس الثنائي للتصنيفات الفونولوجية ، الذي هو بالنسبة الى ليفي شتراوس الاكتشاف النفسي الأعلى للسانيات ، هو ببساطة أداة منهجية إختيرت ببساطة وتجرد من أجل أن تقدم بعض الأساس الإعتباطي في النهاية لقياس الأوصاف الفونولوجية :
يبدو من الواضح أن ليفي شتراوس يمكن أن يجد بعض الدعم لدعاوية عن اللاوعي في عمل رومان ياكوبسون . من ناحية فإن كليات ياكوبسون التضمينية ، هي نوعية لغويا ، تؤكد ، على سبيل المثال ، أن الأطفال حين يتعلمون لغة يقومون أولا بالتمييز بين الحروف المتحركة والساكنة ، ثم يحرزون بشكل متتال تمييزات أكثر في نظام متدرج . ومن ناحية أخرى ، فإن الثنائية المنادي بها كثيرا هي أداة منهجية ليس لها تضمينات واضحة بالنسبة لعلم النفس . على أية حال ، إن اللغوي الذي إدعي أنه يشتق معرفة العقل من دراسة اللغة ليس ياكوبسون ، وانما تشومسكي . انه من ثم من الجيد ايضا ان ننظر في دعاوي تشومسكي بالنسبة للسانيات . وبالنسبة الى تشومسكي اللسانيات بصفة أساسية فرع من علم النفس ، كما كانت بالنسبة الى سوسير ، وان دراسة اللغة مقصود بها أن تُعْلِمنا عن طبيعة العقل . إن نظرية تشومسكي للغة يمكن أن ترتبط بالإعتبارات السيكولوجية بطريقتين مختلفتين . أولاً ، بتقديم نموذج للأداء اللغوي ، وثانياً ، بتقديم نموذج لتعلم اللغة . إن لسانيات تشومسكي مؤسسة على التمييز بين الكفاءة والأداء . وتقدم نماذجه البنيوية صياغة لما يعرفه المتحدث المحلي ، وليس تقييما لكيف يتعلم الناس اللغات أو عن ماذا يفعلون حين يستخدمون اللغة . وهكذا فإن نموذج تشومسكي هو نموذج شكلي خالص أنشئ على أساس مقاييس شكلية خالصة ، ودون إعتبار لا لطبيعة اللغة ولا طبيعة متكلم اللغة . ومن الممكن إشتقاق نموذج أداء من نموذج تشومسكي للكفاءة . على أية حال ، يميل البحث اللساني النفسي الى أن يجرد النموذج التحويلي ( من صلاحيته ) كنموذج للأداء . لقد أصر تشومسكي غالبا على أن نظريته لا تعنى أن تكون نموذج أداء . بالرغم من أنه في أوقات يبدو أنه يعتقد أن مثل هذا النموذج يمكن أن يشتق منها . إن محاولات تشومسكي لاستخلاص الاستنتاجات عن طبيعة العقل من نظرياته اللسانية ليست مؤسسة على اعتبار الأداء اللساني ، الذي هو إهتمام سيكولوجي وليس لغويا ، ولكن على اعتبار ما هو متضمن في تعلم اللغة ، والجدال هو طبعة سيكولوجية من اعتراضه المعرفي على السلوكية .
يجادل تشومسكي بأن المنطق الاستقرائي للسلوكية لا يمكن أبدا أن يقدم وسيلة اكتشاف لنحو اللغات الطبيعـية . وهكذا فإن النحو يمكن أن يكتشف فقط إذا كان اللغوي مسترشدا بنظرية عن اللغة تتضمن الكليات الجوهرية ، والشكلية والتنظيمية . ويمكن للغوى عندئذ أن يصيغ الفروض عن القواعد النحوية للغة معينة وأن يختبرها على المعطيات اللغوية . ويعتقد تشومسكي ان الطفل هو في نفس الوضع تماما مثل اللغوى ، حيث يقدم له مدخل DEGENERATE INPUT مصنوع من جمل نحوية وغير نحوية عليه أن يكتشف منها نحو اللغة حتى يستطيع أن يتحدث اللغة بصواب . اذا انطلق الطفل استقرائيا فسوف يصنع نفس النوع من الاخطاء التي يمكن ان يصنعها السلوكي . وهكذا إذا كان على الطفل أن يكون قادرا على تعلم لغة فيجب ان يكون متاحا لدية بالفعل بعض المعرفة بطبيعة اللغة ، نظرية اللغة حتى نكون دقيقين يمكن على أساسها صياغة فروض عن نحو لغة معينة يجرى تعلمها . وهكذا فإن نظرية اللغة ليست ببساطة مفترضا للغوى ، انها يجب ايضا ان تكون فطرية في عقل الطفل : يعتقد تشومسكي أن نظريته عن اللغة هي ايضا نظرية عن البنية الفطرية للعقل . إنه من الجوهرى ان نميز بين ( نوعين ) مختلفين من الجدال هنا . أحدهما هو الجدال بأن الطفل يجب أن تكون لديه قدرات معينة اذا كان عليه ان يكون قادرا على التعلم: ذلك التعلم هو سيرورة نشطة تدفع الطفل لتجاوز المعطيات المقدمة اليه مباشرة . ومن الواضح أن هذا الجدال صالح وهو ( جدال ) سوف ينكره قليلون . الجدال الآخر هو أن القدرات يجب ان تكون تلك التى وصفتها نظرية تشومسكي عن اللغة . هذا الجدال بدون أساس تماما ، لسببين جوهرين . أولاً ، وجهة نظر تشومسكي في عملية التعلم هي غالبا فقيرة مثلها في ذلك مثل اكثر السلوكيين فجاجة . يعتبر تشومسكي ، مثل النزعة السلوكية ، تعلم اللغة كإجراء اكتشاف يحلل به العقل الخصائص الشكلية لمدخل INPUT لغوى دون أي إحالة الى المعنى أو الى السياق . لأنه يفصل اللغة عن وظيفتها وسياقها ويحرم متعلم اللغة من القسم الأعظم من المعلومات التى يجرى على أساسها تعلم اللغة . وهكذا يحرم تشومسكي الطفل من كل المعلومات المطلوبة لتعلم لغة ، من ناحية ، ثم يجادل بأن هذه المعلومات ينبغى أن تكون فطرية ، من ناحية أخرى . السبب الثانى لقصور نظرية تشومسكى عن الكليات الفطرية أنه ليس لديه وسائل إكتشاف ما هى هذه الكليات لأنه يستبعد فى تقييم نظريات اللغة إعتبار كل من المقاييس الوظيفية ( اللغوية ) أو السيكولوجية . وكما رأينا ، هذه النظرية عن اللغة هى شكلية إعتباطية، ومن ثم ليس هناك من تبرير للزعم بأن هذه الشكلية ، أكثر من شئ آخر ، فطرية فى العقل . وهكذا فإن وضعية تشومسكى التى تستبعد إعتبار المعنى والنية ، والشكلية المترتبة ، التى تحرم أوصافه للغة من الدلالة اللغوية أو النفسية تمنعه من أن يكون قادرا على أن يصيغ أى فرضية مقبولة عن طبيعة العقل . إن مقاربة تشومسكى للسانيات وعلم النفس تشبه مقاربة بياجيه للمعرفة وعلم النفس ، وليفى شتراوس يعتبر بياجيه مثله فى ذلك مثل تشومسكى رائدا للنزعة المحلية التى ينتمى إليها هو أيضا . كل الثلاثة فى النهاية ينتمون إلى وجهة النظر العقلية فى الفكر واللغة التى كانت سائدة فى القرنين السابع عشر والثامن عشر ، والتى كانت فيها اللغة بالنسبة لهم تعبيرا عن الفكر ، والفكر تعبيرا عن بنى عقلية فطرية . وعند العقلانيين الكلاسيكيين نقش الله بنية على العقل أمنت أن الفكر الإنسانى واللغة سوف يكونان ملائمين للعالم الذى خلقه الله . وبالنسبة إلى ليفى شتراوس ، وبياجيه وتشومسكى فإن الطبيعة هى التى رتبت الأشياء بطريقة غاية فى الملاءمة. والمشكلة هى نفسها دائما : إننا نكتسب معرفة عن الله ، أو عن بنية العقل ، باكتساب معرفة عن بنية نتاجاته؛ اللغة والفكر المعبر عنهما من خلال اللغة . على أية حال ، ليس لنا سبيل مباشر لا إلى الله أو البنية الفطرية للعقل ، ومن ثم فليس لنا طريقة لمعرفة أى عدد من الصياغات البديلة لبنية الفكر أو اللغة تتوافق مع البنية الفطرية . وهكذا ، حتى إذا قبلنا القول بأن اللغة والفكر يعبران عن بنية العقل ، فإن هذه المقاربة للمنطق والنحو قد سببت كارثة بسبب عدم التحدد ونظرياته عن العقل هى بالضرورة إعتباطية .
هذا المفهوم الكلاسيكى عن الفكر وعن اللغة غير مقبول لأنه يعزل الفكر واللغة عن السياق الذاتى والإجتماعى الذى توجدان فيه ، وتتطور وتتعلم ( بالبناء للمجهول) . بينما تشومسكى ، وبياجيه وليفي شتراوس جميعا يدركون القوة الخلاقة للذات ، فإنهم جميعا يرفضون أن يعزوا هذه القوة الخلاقة إلى ذات تجريبية واعية ، تفكر فى العالم الطبيعى والاجتماعى حولها ، تتواصل مع الآخرين حول محيطهم . وبدلا من ذلك فإن القوى الخلاقة للذات عليها أن تزاح بمجرد أن يعترف بها وتترك لآليه منقوشة فى التركيب البيولوجى للعقل . هذا العزل للفكر واللغة عن سياقهما الدنيوي يعنى أن كل الخصائص الاجتماعية والثقافية للفكر واللغة معزوة بشكل موحد للبنية الفطرية للعقل الذي يفترض أنها تعبر عنه . وهكذا يلاحظ تشومسكي ضد السلوكية ، أن استخدام اللغة بالضرورة إبداعي ، ولكنه عندئذ ينظر في البنى العقلية الفطرية لتقديم الآلية الابداعية . ويلاحظ بياجيه ، ضد نظرية تداعى المعانى ، ان الذات يجب أن تلعب دوراً ايجابيا في تطور المعرفة المفهومية والرياضية ، ولكنه عندئذ ينظر الى البنى العقلية الفطرية ليقدم الاساس الآلى للتنظيم الذاتي للعقل كنظام بيولوجي . ويلاحظ ليفي شتراوس القوة الابداعية للثقافة بالنظر الى اساسها الطبيعي ، في معارضة للطبيعة ، ولكنه عندئذ يختزل هذه القوة الابداعية الى آلية بيولوجية . في كل حالة تكون القوة الإبداعية للذوات الانسانية التجريبية التي تقوم بالكلام ، والتفكير والمعنى منفية لصالح آلية شكلية بسيطة متجذرة في المخ ، وهكذا فإن الطابع الغائي بالضرورة للعلوم الانسانية لا يسمح فورا للعلوم بالدخول وإنما ينكر بالآحرى لأن الآلية تحل محل الغائية . وإذا مارؤيت اللغة كنتاج اجتماعي وكمظهر واحد للعلاقات بين الأفراد الاجتماعيين تتوقف المصادرة بضرورة وجود بنى عقلية فطرية مركبة كوسائل للوصول الى اللغة . وبدلا من ذلك تصبح وسائل الوصول الى اللغة إحساسا بوظيفة اللغة كوسيلة لإيصال المعانى. ليست اللحظة التى يبدأ فيها الطفل في تعلم لغة هي اللحظة التي تنضج فيها قدراته العقلية ، إنها اللحظة التي يصل فيها الى التقاط الوظيفة الاجتماعية للغة ويستبطن هذه المعرفة في شكل نية ايصال المعاني . يستطيع الطفل عندئذ ان يستخدم حقلا كاملا من المعلومات غير اللغوية لارشاده في تعلم اللغة . وبنفس الطريقة تماما يمكن للطفل ان يتعلم التضمينات البنيوية لانظمة التبادل ليس بفرض شبكة فطرية على الثقافة التي قدمت له ، وانما بتقدير وظيفة الانظمة باعتبارها انظمة تبادل ، وهكذا رائيا إياها كانظمة اجتماعية وليس كبنى شكلية خالصة . لا يلغى النظر الى اكتساب القدرات الثقافية بهذه الطريقة السؤال السيكولوجي عن القدرات العقلية التي تجعل هذا ممكنا ، ولكنها تحولها بالفعل . فقط حين نفهم اللغة كوسيلة للتفاعل الانساني الداخلى يمكن أن نسأل أسئلة ذات معنى عن القدرات السيكولوجية التى تجعل هذا ممكنا . يبدو الاستنتاج واضحا بأن ليفي شتراوس لا يمكن أن يجد دعما من اللسانيات لزعمه بأن اللسانيات قد قامت باكتشافات أساسية عن طبيعة العقل . مثل هذه الاكتشافات كمعاني صُنعت هي في الواقع نتاج لمفهوم فقير للغاية عن اللغة (مفهوم) يضع في العقل ما نزع عن السياق الذي تستعمل فيه اللغة . إن علينا من ثم أن نقّوم فروض ليفي شتراوس السيكولوجية تماما وفق شروطها الخاصة . بينما فرضيته الاساسية ، أن عمليات العقل مؤسسة على مبدأ التمايزات الثنائية ، وليس من غير المحتمل كلية ، أن تكون دلالة فرضيته متضخمة للغاية . بالنسة لليفي شتراوس فان مبدأ التمايز ( الثنائي ) هو السمة النوعية المحددة للثقافة الانسانية ، ومبدأ التعارض يقدم المفتاح لفهم موضوعي للمعاني الثقافية . مما لا شك فيه ان الحال هو أن هذه القدرة على التعلم أو التحدث بلغة ، أو للاسهام في الأنشطة الثقافية ، تتضمن بالفعل القدرة على تقديم التمايزات أو التفكير علائقيا . على أية حال فإن هذه القدرة بالضرورة خاصية لأى نظام للترميز ، وتخزين أو تحويل المعلومات . وهكذا فإن أكثر الأشكال أولية للادراك الشفهي أو البصرى ، تحويل المعلومات الاصلية ، أكثر ( أشكال ) الحواسب الميكانيكية أولية ، دعك من الالكترونية ، وانظمة التحكم ، ومدى واسع للغاية من العمليات الطبيعية الانسانية ، والحيوانية والنباتية ( سيكولوجية ، عصبية ، ووراثية ) تتضمن بالضرورة قدرة فسيولوجية ، سيكولوجية عصبية ، كيميائية ، أو فيزيقية على ادراك أو فرض التمايزات . بالنسبة الى ليفي شتراوس مثل هذا الدليل من العلوم الطبيعية هو برهان إستنتاجي عن فرضيته الخاصة ، يكشف عن الأساس الطبيعي للثقافة ووحدة العلوم الاجتماعية والطبيعية . على أية حال ، إن ما نحن معنيون بتقييمه ليس الزعم بوجود قدرة على ادراك التمايز ، ولا انها ضرورية لخلق المعنى ، ولكن كونها السمة المحددة ومفتاح فهم النشاط الانساني الرمزى . هذه الدعوى هي الزعم بأن المعنى يمكن أن يختزل الى بنية شكلية خالصة . 3 – التحليـل البنيـوى للمعنــى : إن أكثر دعاوى البنيوية جوهرية هي انها يمكن ان تقدم ، تقويما موضوعيا علميا للمعنى . وهذا بالنسبة الى ليفي شتراوس ، هو الدرس الجوهرى للسانيات ( الذي تمنحه ) للعلوم الانسانية . في الواقع ، على أية حال ، فإن اللسانيات المعاصره قد اسست ، ولمدى واسع ، على استبعاد كل قضايا المعنى من نطاقها . إنه حديث فقط أن اللسانيات قد بدأت تشرع في علم دلالة اللسانيات . وإن المشاكل التى يواجهها علم الدلالة الوضعي ينبغي أن تكون مألوفة الآن . لا حظت عند النظر في لسانيات تشومسكي ان نظريته عن اللغة مؤسسة على الفصل الوضعي لعلم التراكيب (النحو) syntax عن علم التدوال ( التداولية ) pragmatic . الفصل يجعل من الممكن عزل اللغة كموضوع علمي عن سياقها الاجتماعي ومن ثم بحثها بدون الاحالة الى النوايا الاتصالية للمتحدثين ، وهكذا بدون الاحالة الى أي معنى خارجى . يعزل هذا الفصل مجموعة من اشكال الجمل التى يمكن ان يشتغل على اساسها النحو ونظرية اللغة حتى ان علم النحو syntax يمكن ان ينشأ بدون تقديم أي اعتبارات دلالية . لقد لاحظت ان هذا يؤدى الى تركيب اعتباطي ، ومن ثم شكلاني formalistic ، وقد لا حظت أن هذا الفصل للنحو عن علم الدلالة هو ايضا اعتباطي ، كما اشير بواسطة استحالة التمييز بغير اعتباطية بين الجمل غير المقبولة نحويا ( وغير المقبولة ) دلاليا . على أى حال فإن هذا التقسيم يجعل من الممكن ايضا لتشومسكي ان يترك علم الدلالة في جانب ، ومن ثم فإن لسانياته ليس لديها شئ تقوله لنا عن المعنى . لسانيو براغ ، والشكلانية الروسية قبلها، لم يقبلوا هذا الفصل لعلم الدلالة عن ابعاد اللغة الأخرى ، والتكامل معبر عنه في الوظيفة التى التزم بها لسانيو براغ . على أية حال فإن الأبحاث الخصبة لكل من المدرستين قصرت نفسها على مناطق يمكن أن تبحث اللغة داخلها بشكل مسوغ دون نظر للمعنى الخارجي بواسطة عزل الكليات الوظيفية سواء تحت (الفونولوجيا ) أو فوق ( الشعر والفولكلور ) مستوى المعنى اللغوى . وبالنسبة لكل من الفونولوجيا والنزعة الشكلية فإن معنى عناصر النظام معطاه بدون اشكالية ويبحث التحليل ما تم صنعه بهذه العناصر . وهكذا ففي الفونولوجيا فإن الإحالة فقط الى نوايا وفهم المتكلمين المحليين هى التى يمكن أن تؤسس ايا من التمييزات الصوتية ذات المعنى ، ولكن إذا ما حددت هذه الوحدات بهذه الطريقة يمكن ان يحلل النظام دون احالة الى المعنى . وبالنسبة للنزعة الشكلية فإن المنهج " البنيوي " للتحليل مكيف لدراسة الوظيفة الشعرية للغة . وهذه وظيفة ما فوق لغوية بمعنى أن الاستخدام الشعرى للغة يأخذ وحدات لغوية ويكون معناها اللغوى اليومي معطى وعندئذ يربط هذه الوحدات بطرق غريبة أو غير مألوفة من اجل ان يخلق معنى جديدا ، أو ان يجذب الانتباه الى فروق دقيقة في المعاني القديمة . ونفس الشئ صحيح عند مد منهج النزعة الشكلية الى ابعاد اخرى للفلكلور والأدب : تبدأ هذه الدراسات دائما من المعنى المعطى للغة طبيعية ، ثم تبحث بعدئذ الطرق التي يمكن بها تشكيل ارتباطات جديدة ان يخلق معاني جديدة . وهكذا ، بالرغم من انه ربما قيل إن التحليل البنيوي يكشف الآلية الموضوعية التي بواسطتها تخلق القصيدة أو الفولكلور معنى ، وربما أظهر أن هذه الآلية قابلة للاختزال الى تشكيل علاقات بنيوية معينة ، فإن التحليل يفترض مسبقا كما هو مؤسس معانى لغوية أولية تسخرها البنية .
ورغم ان النزعة الشكلية لا ترتبط بالمعنى اللغوى ، فإنها تقدم بالفعل تحليلا للمعنى الشعرى والفولكلورى لنص ، وبصفتها كذلك فقد هُلل لهذه النزعة الشكلية بإعتبارها سلف البنيوية في تحديد معنى ثقافي موضوعي وفي تقديم الوسائل لتحليل علمي بهذا المعنى بلغة العلاقات البنيوية الداخلية بالنسبة الى النص أو الى متن النصوص التي تصنع الثقافة . على أية حال ، هذه قراءة خاطئة لدلالة انجازات النزعة الشكلية . لقد أثبتت النزعة الشكلية مقاربة منتجه لبعض الأنواع الأدبية التي هي شكلانية بصفة خاصة ، والأكثر شهرة بعض أشكال الشعر والفلكلور . وتظهر التحليلات الشكلية كيف أن علاقات شكلية معينة داخلية بالنسبة للنصوص هي الوسائل التى بها تتكون معان شعرية أو فولكلورية معينة ، وبالنسبة الى تفسير وضعي اكتشفت التحليلات من ثم معنى موضوعيا يمكن ان يعزل دون الاحالة لما وراء النص الى ذات تقصد هذا المعنى أو الى موضوع مقصود . بالرغم من أن بعض الشكليين كانوا هم أنفسهم فريسة لمثل هذه التفسيرات الوضعية لعملهم فإنه من الهام التأكيد بأن مثل هذه التفسيرات زائفة . إن تحليلا شكليا يفحص الطرق التى تستخدم بها أدوات بلاغية واسلوبية معينة ، خاصة الاستعارة والكناية،يستخدم لخلق معانى جديدة أو للتأكيد على (معان) قائمة لا تستطيع هذه التحليلات على أية حال أن يَزعم أنها تكتشف معنى له موضوعية متميزة بصفة خاصة . ان المعنى المكتشف هو نتاج للتحليل ، ولا يوجد بالضرورة بإستقلال عن التحليل . إنه ليس معنى كامنا في الموضوع ، لأن التحليل يمثل تفسيرا للنص الذي يؤخذ فيه معنى العناصر في لغة طبيعية كمعطى و تفرض عندئذ علاقات ما بعد لغوية ( لغوية شارحة ) معينة. يمكن ان يزعم بشكل مسوغ أن لهذا المعنى وجودا مستقلا عن التحليل اذا امكن تحديد هذا المعنى بشكل مستقل : اما تبيان انه هو المعنى الذى قصده المؤلف ، أو تبيان أنه المعنى الذي أدركه القراء أو المستمعون . في هذه الحالة فإن التحليل الشكلي لا يكتشف معنى النص ، ما يفعله حقا هو أنه يبين الأدوات الأسلوبية التى يوصل بها النص معنى محددا مسبقا . في غياب تحديد مستقل لمعنى النص ، يخلق التحليل الشكلى معنى جديدا ، مقدما تفسيرا جديدا يضاف لهذه المعاني الموجودة سلفا في النص في الثقافة موضع البحث . وهكذا ، ففى كلتا الحالتين ، ليس هناك أساس للجدال أنه ببساطة بسبب أن المعنى المتضمن هو ما بعد لغوى، بواسطة العلاقات الداخلية في النص، فإن هذا المعنى هو أكثر موضوعية من أى معنى آخر ربما يكون في النص. لأن السبب بسيط تماما وهو أنه لا يوجد شئ (يسمى) المعنى الموضوعي . هذا يأتى بنا إلى نقطة حرجة، وهي أن هذا المعنى لا يمكن أن يكون خارجيا بالنسبة لنظام موضوعي، بالرغم من أنه ربما كان أثرا للعلاقات الداخلية لهذا النظام. المعنى يمكن أن يكون فقط علاقة بين ذات وشئ خارجي بالنسبة لتلك الذات : المعاني الثقافية واللغوية يمكن فقط أن تكون معاني لأحد ما، قابلة للإستعادة فقط عبر الإدراك الواعي لتلك المعانى. هذه هى الحالة حتى مع ما يسمى بالمعانى غير الواعية : يمكن أن يزعم أن يكون المعنى لاواعيا فقط، إذا كان يمكن أن يستعاد لاحقا بشكل واع، وهذه هي السمة الأساسية للتحليل الفرويدى (بالرغم بالطبع من أن الإدراك الواعي لمعنى كان قبلا لا واعيا ليس ضمانة لوجود المعنى بالعقل بشكل واع). لا يمكن أن يقال إن اللغة والثقافة كأنظمة موضوعية للرموز لها أى معنى في ذاتها إنها ليست موضوعات ذات معنى، إنها الأدوات الموضوعية التى بواسطتها يجرى التعبير عن المعاني ويجرى إيصالها. وعزلها عن السياق الإجتماعي الذى تعمل فيه كأدوات يعنى عزلها عن السياق الوحيد الذى تكون في إطاره ذات معنى. إن هذا المظهر الأداتي للغة هو الذى قابلت به دائما النظرات الظاهرياتية للغة الشكلية الوضعية. اللغة بالنسبة للظاهرياتية ليست موضوعا وإنما "إيماءة" ترمز الذات بواسطتها للعالم. لا يمكن للغة من ثم أن تُفصل عن غرضها المثالي (أن تقول شيئا) وإحالتها الواقعية (أن تقوله عن شئ ما). لا يمكن أن تختزل اللغة إما إلى الذات (الفكر، الوعي، العقل، أو أيا ما كان) أو إلى الموضوع (العالم الطبيعي) لأن اللغة هي التى تتوسط العلاقة بين الاثنين، ليست فقط رابطة الذات بالعالم، وإنما محتفظة أيضا بمسافة بينهما. ومن الهام التأكيد على أن النقد الظاهرياتي للوضعية ليس ببساطة مسألة جدال ميتافيزيقى، تعبير عن بعض الإعتراضات الرومانسية "الذاتية" "اللاعقلانية" على العلوم. وبالرغم من أن الظاهرياتية قد تحللت غالبا إلى نزعة لا عقلانية ذاتية، فإن لب النقد الظاهرياتي للوضعية هو نقد عقلاني للاعقلانية ما يسمى ب "العلم" الذى سوف يسعى إلى فهم النواتج الثقافية دون الإحالة إلى القصدية التى تعطى هذه النواتج دلالة ثقافية. ومن ثم فليست الدعوى هي أن المقاربة الوضعية للمعنى معترض عليها أخلاقيا لأنها تنتهك الكرامة الإنسانية، وإنما الدعوى أن التحليل الوضعي للمعنى غير قابل للتحقق وإكتشافاته الموضوعية المفترضة زائفة. ومن أجل إعطاء جوهر لهذه الدعوى من الضرورى أن نوضح بدقة لم يجب أن يفشل مثل هذا التقييم للمعنى. و يجب أن يبين أن التقييم الموضوعى المفترض للمعنى الذى قدم بواسطة الوضعية هو في الحقيقة إعتباطى، وفي أفضل الأحوال، تنظيم للتفسيرات الذاتية المعنية لنظام المعنى اللغوى. الخطأ الجوهرى للتحليل الوضعي للمعنى هو في الإعتقاد بأنه بسبب أن معنى محددا يمكن أن يعين دون إجراء أى إحالة لذات قاصدة عندئذ يجب أن يكون هذا هو الأصدق، الأكثر موضوعية، أو المعنى الأكثر واقعية للنص موضع البحث. يلاحظ نقد الوضعية أنه أيا ما كان وصف المعنى الذى يقدمه تحليل وضعى فإن هذا الوصف يمكن أن يكتسب صلاحيته فقط فيما وراء حدود التحليل بالإحالة إلى قصد ذات متكلمة أو مستمعة. بمعنى آخر، يوجد المعنى فقط في علاقة بقصد المحلل، ولا دلالة له فيما وراء التحليل. وحتى ننظر في ذلك بشكل أكثر تفصيلا من الضرورى أن نبحث ما هو متضمن في تحليل وضعي للمعنى. يتضمن تحليل المعنى بصفة أساسية اعادة تشكيل النص بطريقة تعرض معناه. إن معنى النص لايمكن أن يعزل ويقدم في نقائه، وإنما يجب أن يُضَّمن في نص جديد. وهكذا فإن أى محاولة لتشخيص نظام معنى اللغة سوف تتضمن إنشاء "ما بعد لغة" أى لغة شارحة يجرى في داخلها التكلم عن لغة موضوع، والتى يجرى من داخلها وصف معاني اللغة الطبيعية. عند النظر في الشكلانية الروسية جادلتُ بأن النزعة الشكلية تنظر إلى الشعر والفولكلور بإعتبارهما مابعد لغة وأنها تشرح المعاني ما بعد اللغوية بأخذها كأمر مسلم به على انها المعاني اللغوية لمكونات النص. وعلم الدلالة اللغوية عليه أن يفعل العكس : من أجل وصف وتحليل المعاني المتضمنة في موضوع اللغة من الضرورى أن نأخذ المعاني ما بعد اللغوية كأمر مسلم به. من ثم فإن مشكلة علم الدلالة اللغوى هي مشكلة إنشاء ما بعد لغة ( لغة شارحة ) واضحة وغير إعتباطية يجرى في داخلها التعبير عن العلاقات الدلالية للغة الموضوع. هذه هي المشكلة القديمة، وغير القابلة للحل للوضعية الجديدة المتمثلة في إنشاء لغة للعلم يجرى ضمنها التعبير عن معرفتنا الثابتة بالعالم. لا يمكن لمثل هذه اللغة أن تنشأ لسبب بسيط هو أننا نحتاج إلى ما بعد لغة أخرى يمكن ضمنها أن نصوغ قواعد إنشائها وهكذا إلى ما لا نهاية add infinitum. يتأتى وهم الموضوعية فقط بتقبل الطابع المطلق لما بعد اللغة كأمر مسلم به. وهكذا فإذا كانت ما بعد اللغة لغة طبيعية، فالنتيجة هي تقديم المفترضات المسبقة لفهمنا اليومي للعالم المتضمنة في اللغة الطبيعية كحقائق موضوعية ثابتة. فعلى سبيل المثال، أن نقول أن المعنى الموضوعي لـ "الولد" هو "طفل ذكر" ليس معناه أن نعطى تقييما موضوعيا لمعنى "الولد" إذا لم نفترض مسبقا معانى "الذكر" و "الطفل"، وأن تعطى موضوعيا، مع ذلك، فإن معاني هذه المصطلحات يختلف من فرد إلى آخر ومن ثقافة إلى أخرى ومن ثم ليس لها موضوعية متميزة. يمكن لنا أن نوضح ونضرب مثلا المشاكل المتضمنة في إنشاء ما بعد لغة لعلم الدلالة اللغوى بواسطة التمييز بين علم النحو"التركيب" وعلم دلالة ما بعد اللغة. نحو أوعلم تركيب syntax ما بعد اللغة سوف يصف العلاقات الدلالية التى توجد ضمن اللغة الطبيعية (الموضوع) ،وعلى سبيل المثال سوف يحدد التضادات الدلالية بين حدود مختلفة. وبالنسبة لبنيوى خالص سوف يكون لما بعد اللغة تركيب syntax واحد فقط، لأن معاني اللغة سوف تستنفد بعلاقات المعنى هذه. وعلى أية حال فإن مثل هذه البنيوية الراديكالية لا يمكن تصورها، لأن المعنى علاقة مع شئ ما وراء اللغة، ومن ثم فإن ما بعد اللغة يجب أن يكون لها أيضا علم دلالة يؤسس هذه العلاقة بطريقة أو بأخرى حتى يعطى نظام المعنى اللغوى بعض المحتوى والشكل أيضا. والمشاكل التى أثيرت بسبب محاولة صياغة ما بعد اللغة هذه (اللغة الشارحة) هي (مشاكل) مضاعفة، تتعلق بكل من نحو (علم التراكيب) وعلم دلالة ما بعد اللغة هذه. أولا، ما يتعلق بتركيبها (نحوها)، المشكلة هي أى نوع من العلاقات ينبغي أن يوصف بواسطة ما بعد اللغة. يوجد هنا بصفة رئيسية بديلان. ربما تستغل ما بعد اللغة تركيب syntax المنطق التحليلي وتصف علاقات المعنى بلغة المقولات المنطقية الخاصة بالترادف، المناقضة والإندراج، إلى آخره. هذه هي المقاربة المفضلة للغاية في نطاق اللسانيات الآن بإعتبارها تكملة للسانيات تشومسكي. إنها تحاول أن تختزل المعاني اللغوية عبر تحليل منطقي إلى عدد محدود من عناصر المعنى، التى تسمى بشكل مختلف "علامات الدلالة"، seems أو sememes (السيمات) بالقياس إلى الفونيمات بإعتبارها الوحدات الأساسية للصوت. وهكذا فإذا عارضنا "الرجل" بـ "المرأة" فإننا يمكن أن نستخلص الـ semes (السيمات) المتعارضة ذكر/أنثى. وهكذا فإن تطبيق المنطق التحليلي بهذه الطريقة يمكن أن يختزل كل علامة في اللغة إلى حزمة لمكونات معنى نهائي. هذه المقاربة، المعروفة بإعتبارها تحليل المكونات، قد تصدرت في تحليل مصطلحات القرابة، التى هي بوضوح أنظمة علامات متينة البنى، ولتصنيفات مختلف الأنواع. إن تحليل ليفي شتراوس الخاص بأنظمة القرابة هو طبعة بدائية من هذه المقاربة ، فالتمييز الدلالي الجوهرى بالنسبة له هو بين القابلة للزواج وغير القابلة للزواج. المنهج بلا شك مقاربة ملائمة للوصف الشكلي للغة، جاعلا معالجة التقييدات المختارة في النحو التوليدى مهمة بسيطة نسبيا. والمقاربة البديلة هي وصف علاقات معنى اللغة ليس بلغة المنطق التحليلي، وإنما بلغة مقولات اللغة ذاتها. هذا يعنى أنه لن يكون هناك ما بعد لغة كونية تصف معنى العلاقات في عدة لغات طبيعية، مادامت كل لغة طبيعية سوف يكون لها أيضا ما بعد لغتها. أضف إلى ذلك ان أوصاف المعنى التى تظهر لن تكون "موضوعية" لأنها سوف تفترض قبلا معرفة باللغة الطبيعية وسوف تكون متعلقة بذلك الفهم. هذه المقاربة المتعلقة باللغات الطبيعة لها بوضوح نفع أقل "علمية" بكثير.و على أية حال النفع التداولى للمقاربة الشكلانية لا يعنى بالضرورة أنه يعطى تقييما أكثر كفاءة لمعنى اللغات الطبيعية. ليس هناك سبب للإعتقاد أنه بالنسبة لمستخدمى اللغة فإن العلاقات بين معان مختلفة يمكن أن يعبر عنها في شكل تحليلي، حتى يمكن للبنية الدلالية للغات الطبيعة أن تختزل إلى بنية المنطق التحليلي. ولا يوجد هناك، على أية حال، سبب للاعتقاد بأن هذه العلاقات معبر عنها بإحكام في مقولات اللغة الطبيعية، ما لم يتطابق الفكر واللغة الواحد مع الآخر. وهكذا فإن مشكلة إختراع ما بعد لغة لوصف نظام معنى اللغات الطبيعية هي (مشكلة) حادة، وليست قابلة لحل وضعى المنزع. وحتى الأكثر إشكالية من علم تراكيب (علم نحو) syntax ما بعد اللغة "اللغة الشارحة" هذه هو علم دلالتها. بالترادف أو التماثل، ولكن إذا كان عليها أن تصف معاني حدود اللغة فينبغي أن تحيل إلى ما وراء اللغة. وهناك طرق عدة يمكن أن يتم بها ذلك. على سبيل المثال، تحلل السلوكية البلومفيلدية المعنى سلوكيا. وهكذا تربط ما بعد اللغة الحدود اللغوية بسياقها السلوكي. ويربط تحليل المكونات عناصر معناه البدائي بـ "ثقافة" أوسع. التى تحتج بالحجج التى هى موضع التساؤل، أو تصادر عليها كإنعكاسات شاملة للعالم الخارجي أو (الداخلي). يربط سوسير نظام العلامة ككل بالمتصل الشامل للفكر الذى يُفرض عليه وهومفهوم يشبه للغاية حقل تريير الدلالي. يجب أن يكون مدى الحلول المقدمة كافيا للإشارة لإستحالة الحسم بينها على أسس شكلية خالصة. ولكن ليس شكل الحل إعتباطيا بهذا المعنى فحسب، وإنما أيضا لا يمكن أن يقال إن محتوى أى صياغة بمفردها لها أى موضوعية صميمية. وعلى سبيل المثال، على أي أساس يقرر تحليل المكونات أن الحدين "رجل" و إمرأة" يجب أن يتمايزا بإعتبارهما ذكرا و أنثى، حين يكون لمثل هذين الحدين مثل هذه المفهومات ، المعقدة والمتغيرة؟ لإختزال هذين الحدين إلى التمييز النوعي بين أكثر إحالاتها شيوعا هو حرمان الحدين من كثير من القوة اللغوية والثقافية. وهكذا فإن الوحدات الدلالية الأساسية لا تنبثق موضوعيا، إنها تجرد بشكل إعتباطي من المجموعة اللامتناهية من الوحدات الممكنة. وهكذا يمكن لمعلق متعاطف أن يستنتج "لايمكن للمرء أن يتفادى الشك بأن المكونات الدلالية تفسر على أساس الفهم الحدسي اللغوي للمواد المعجمية التى يستعملها لتصنيفها، (17) ويخبرنا التحليل على أساس المكونات عن الحدس الفقير للألسنيين أكثر مما يخبرنا عن المعنى. فالمشكلة الأساسية هي أن وصفا موضوعيا لدلالة اللغة الطبيعية عليه أن يربط عناصر اللغة بواقع ما خارج لغوى، سواء كان "الفكر" أو "العالم". وعلى أية حال، على الوصف ذاته أن يستغل الحدود اللغوية ليشير إلى هذا الواقع خارج اللغوى.وهكذا، أيا كان المدى الذى يذهب إليه علم الدلالة الوضعى في إختراليته، حتى إذا ذهب إلى مدى السلوكية البلومفيلدية في إختزال كل إحالة إلى المعنى، فمازال عليه أن يستغل نظام معنى اللغات الطبيعية في أوصافه ومن ثم حتى يفترض مسبقا نظام المعنى. وهكذا فإن أى تحليل وضعى لمعنى اللغة عليه أن يفترض مسبقاً نتائجه الخاصة. لأنه قد أسس بالفعل موضوعية معنى اللغة الطبيعية من أجل حيازة ما بعد لغة يوصف ضمنها هذا المعنى. لهذا السبب يرفض النسبيون اللغويون ببساطة الإحالة إلى ما وراء اللغة، دائرين داخل حلقة لانهائية لا يتمكنون من الهرب منها، وبنفس القدر غير قادرين على شرح كيف يمكن لأى أحد يدخل الحلقة بواسطة تعلم لغة، وهكذا يظلون غير قادرين على شرح كيف يمكن للغة أن تخدم كوسيلة للإتصال. وتنشأ المعضلة بسبب أن المشكلة التى تولدها زائفة ومن ثم فإن الخيار بين الوضعية والنسبية، هو (خيار) زائف. وتنشأ المعضلة من محاولة فصل المعنى عن قصديه الناس اللذين يعنون، ويعطى له وجود فى موضوع باستقلال عن كل تدخل إنساني. وتسعى الوضعية في النهاية إلى أن تحيل المعنى ثانية إلى عالم موضوعي، ما قبل لغوى. إن مثل هذا الطموح غير قابل للتحقيق لأن العلاقة بين المعنى والعالم لا يمكن أن تشكل بلا ابهام. فإذا شكلت ضمن اللغة، فإنها تفترض مسبقا ما تسعى لتأسيسه. إذا كانت تسعى أن تذهب ما وراء (أو تحت) اللغة، كما في محاولة تأسيس المعنى اللغوى وفق تحديد باد للعيان، عندئذ تتوقف عن أن تكون غير مبهمة وتخفق محاولة تأسيس معنى موضوعي متميز.وتدرك النزعة النسبية إستحالة تأسيس علاقة غيرمبهمة بين اللغة وعالم موضوعي خارجي، وهكذا تدخل اللغة في موضوعها المتميز. بمجرد أن تترك هذه المحاولة لإستبعاد القصدية من إعتبارات المعنى، تختفي المعضلة، وتصبح المشكلة براجماتية أكثر بكثير. توجد العلاقة اللغوية فقط بإعتبارها كيانا لغويا بالنسبة لمستمع أو متكلم في سياق كلام معين في موقف معين. من ثم فإن الكلمات تملئ دائما بمحتوى، وهي ليست مستقرة أبدا، ولكنها دائما قابلة للتغير وقابلة للتكيف، معناها مختلف عند أناس مختلفين، وحتى بالنسبة لنفس الشخص في أوقات مختلفة من الزمن. كل كلمة، كل جملة، لها تاريخ، الفرد المتكلم/المستمع، تاريخ يتكشف على الدوام. وليس لعناصر اللغة خارج تاريخ ، الفرد واقع لغوى، إنها تصبح فقط سلسلة من الأصوات. وهكذا فليس لعناصر اللغة معان، مستقرة، أو دائمة، أو موضوعية حتى تكتشف : مثل هذه المعاني حرفيا وببساطة لا توجد. هذا لا يعنى أن اللغة يمكن أن تربط فقط بالذوات الفردية وبالخبرة الفردية، لأن اللغة هي قبل كل شئ وسيلة إيصال المعنى من ذات إلى أخرى. وهكذا فإن الذات تجعل قصدا ما خارجيا في شكل كلام لغوى على أمل وتوقع أن ذاتا أخرى سوف تكون من ثم قادرة على أن تستعيد هذا القصد. وهكذا فإن معنى عناصر اللغة له واقع ذاتي داخلى : وهكذا مظاهر هذا المعنى شائعة بالنسبة لأكثر من مستعمل واحد للغة ولها إستقرار معين. وهكذا فإن "المشكلة الجوهرية لعلم الدلالة" هي كيف يمكن "للتعدد الدلالي الجوهرى للكلمة أن يوفق مع وحدتها." (18) تسعى الوضعية إلى أن تختزل التعدد الدلالي، رائية فيه فقط المعاني الإضافية الذاتية، المفروضة على أحد المعاني الجوهرية والثابتة. على أية حال ليس كافيا أن تحال الكلمة مرة أخرى إلى نفسية الفرد لإستعادة دلالة الكلمة لأن المرء عندئذ يتعرض لخطر أن يفقد رؤية وحدتها. إن معنى وحدة لغوية بالنسبة للفرد، الذى هو المعنى الوحيد الذى يمكن أن يقال إنه موجود، هو التعبير عن تاريخ، ومن ثم مجموع الخبرة الفردية لسلسة من السياقات التى كان للوحدة ضمنها معنى عند هذا الفرد. إن وحدة هذا المعنى يمكن أن تكون فقط وحدة إجتماعية تاريخية، خبرة مشتركة وتاريخ مشترك شارك فيه عدة أفراد وأعربوا عنه بواسطة لغتهم. إن وحدة معنى الوحدة هى من ثم وحدة كلام الجماعة. وهكذا فإن دراسة علم الدلالة اللغوى لا يمكن أن تكون أبدا نظاما شكليا، إنما يمكن أن تكون فقط (نظاما) إجتماعيا وتاريخيا، دراسة الشروط الإجتماعية والتاريخية التى خبرت فيها الذوات الاجتماعية ،العالم وأعربت عنه.
#سعيد_العليمى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الماركسية وأنثروبولوجيا المدارات الحزينة - تأليف سايمون كلار
...
-
الماركسية وأنثروبولوجيا المدارات الحزينة - تأليف سايمون كلار
...
-
الماركسية وأنثروبولوجيا المدارات الحزينة - تأليف سايمون كلار
...
-
الماركسية وأنثروبولوجيا المدارات الحزينة - تأليف سايمون كلار
...
-
الماركسية وأنثروبولوجيا المدارات الحزينة - تأليف سايمون كلار
...
-
الماركسية وأنثروبولوجيا المدارات الحزينة - تأليف سايمون كلار
...
-
سلطة الشعب أو - ثورة إدسا - بين التوظيف الليبرالى ومرض الشيخ
...
-
الواقع السياسى بين النص القانونى والصراع الطبقى
-
السياسة والمضمون الطبقى
-
أزمة الثورة ومأزقها
-
حزب العمال الشيوعى المصرى - إنتفاضة يناير ( كانون الثانى ) 1
...
-
الماركسية والتفكيكية : الغرب ضد الآخر - بعض الأفكار حول كتاب
...
-
من كتابات حزب العمال الشيوعى المصرى - ممهدات وحدود حرب اكتوب
...
-
من كتابات حزب العمال الشيوعى المصرى -- ممهدات وحدود حرب أكتو
...
-
من كتابات حزب العمال الشيوعى المصرى 1972 -- 1973 - القسم الث
...
-
من كتابات حزب العمال الشيوعى المصرى 1971 -- 1973 القسم الأول
-
الوثائق التاريخية الأساسية لحزب العمال الشيوعى المصرى - القس
...
-
الوثائق التاريخية الأساسية لحزب العمال الشيوعى المصرى -- الق
...
-
الانطولوجيا السياسية عند مارتن هيدجر - بيير بورديو -- الحواش
...
-
الانطولوجيا السياسية عند مارتن هيدجر - بيير بورديو - الفصل ا
...
المزيد.....
-
تحقيق CNN يكشف ما وجد داخل صواريخ روسية استهدفت أوكرانيا
-
ثعبان سافر مئات الأميال يُفاجئ عمال متجر في هاواي.. شاهد ما
...
-
الصحة اللبنانية تكشف عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على وسط بي
...
-
غارة إسرائيلية -ضخمة- وسط بيروت، ووسائل إعلام تشير إلى أن ال
...
-
مصادر لبنانية: غارات إسرائيلية جديدة استهدفت وسط وجنوب بيروت
...
-
بالفيديو.. الغارة الإسرائيلية على البسطة الفوقا خلفت حفرة بع
...
-
مشاهد جديدة توثق الدمار الهائل الذي لحق بمنطقة البسطة الفوقا
...
-
كندا.. مظاهرات حاشدة تزامنا مع انعقاد الدروة الـ70 للجمعية ا
...
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في
...
-
مصر.. ضبط شبكة دولية للاختراق الإلكتروني والاحتيال
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|