أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فؤاد قنديل - أخيرا .. يا حبيبتي














المزيد.....

أخيرا .. يا حبيبتي


فؤاد قنديل

الحوار المتمدن-العدد: 4077 - 2013 / 4 / 29 - 16:32
المحور: الادب والفن
    



قصة قصيرة
الأرصفة ترحل والمدارس تطرد الطلاب كي تستقبل أكداس القمامة
أعمدة النور تسقط وتتمدد على الأرض وتغلق الشوارع
الحقول تبتلع المحاصيل وتسربها عبر الأنفاق إلى علية القوم
النهر متخم بالجثث ، أبواق الصحف والإذاعات المرئية والمسموعة والبرلمانية
تطلق صواريخ الوعود العظيمة ..
يهلل لها البسطاء وينشرونها على أحبال الغسيل في الشرفات مثل جلابيب سوداء ممزقة
تنشر الصحف صورا للزعيم المزين صدره بالأوسمة والنياشين
مع كل خطبة تتبدل البدل فاقعة الألوان والنياشين والقبعات والملامح
عندما يأتي المساء
يلتف الناس حول أكواب الشاي الحزين الذي لا يصلح طن سكر لتحليته
كثيرون يدخنون النارجيلة المضمخة بالحشيش
الشاي والحشيش قرابين للوقت الذي يقضونه في محاولة الحديث إلى السماء
يشكون إليها أحوالهم
أنا مثلهم لكني أنزل إلى الشارع وأصرخ
سُجنت عدة مرات ، وكل ساعة قضيتها في مقرعة السجن وحظائره البشعة
تركت بصماتها على جسدي ، وفعلت فعلا معاكسا على روحي
في المرة التي حان موعدها قبل عدة أشهر وكانوا قد ملوا اقتراف السلوك المتدني ذاته
اعتقلوني وحقنوني بالمخدر
ذبحوا لساني، ولم يغتصبوا عقلي وإرادتي
عدت لأجد الأسوأ في انتظاري
الحافلات عاطلة والشباب .. المستشفيات تخلو من الدواء
فبدلا منه تم استيراد أدوات تجميل لزوجات وبنات كبار الساسة
القطارات تتصادم وتميل على أجنابها
زوارق كثيرة وسفن تسقط بمن عليها في النهر والبحر تخفيفا للكثافة السكانية
أنطلق في الشوارع وأكتب على الجدران
في المعتقل حقنوني بالمخدر ، وذبحوا كفي اليمنى
نزلت إلى الشارع أحمل اللافتات
اعتقلوني وحقنوني بالمخدر .. قطعوا قدمي اليمني
نزلت إلى الشارع أحمل لافتات أكبر ، لها صوت عال وأنياب
اعتقلوني وحقنوني
ذبحوا قدمي اليسرى
نزلت إلى الشارع ممتطيا المقعد والإرادة
أحمل لافتات تندد بالخونة واللصوص والمستبدين
كسروا المقعد
خرجت إلى الشرفة .. اقتعدت كرسيا وحملت اللافتات
سدوا شرفة البيت ونوافذه
أهداني ابن أختي جهاز كومبيوتر
طارت غضبتي إلى الملايين
حطموا الجهاز
اعتقلوني ولم يحقنوني .. لم يسمحوا لي بالعودة إلى البيت
زارتني حمامة في السجن البعيد وهدلت على شباكي
قدمت لها فتات الخبز ودعوتها للغناء
أحنت رأسها
كتبت بيدي اليسرى كلماتي وربطتها بقدمها النحيلة
طارت وطارت معها آهات الشعب المكلوم
خصصوا جنديا يراقب زنزانتي
كلما لمح طائرا يدنو مني اقتنصه
جاءتني الحمامة بالليل ولم يرها القناص
طارت القصاصة الصغيرة إلى الملايين
أجنحة الكلمات حملتها بعيدا
عبرت أنهارا وبحارا وجبالا وحواجز
سدوا النافذة
مرت أيام قليلة كدت خلالها أنتهي كمدا
كتبت على الجدران الحزينة الباردة
لم يقرأها غيري .. أخذت أقرأها عشرات المرات
طلبت ورقا وقلما من الجندي حامل الطعام
في البداية رفض ، ثم زودني بما أريد
سلمته ما كتبت .. أودعه في الخفاء جيوب زوار السجناء
الشباب على الفيس بوك والشبكة العجيبة يطلقون سهام الكلمات
تحت عنوان آخر ما وصلنا من المناضل ( س )
أسبوعان فقط .. ثم تغير الجندي
عسكر وحرامية
قام على خدمتي جنود ذوو قلوب متحجرة وبعضهم من العميان
أضربت عن الطعام .. لم يعبأ أحد
فقدت كل وسيلة اتصال
الوطن ينهار والطغاة النهابون القتلة يتزايدون
فجأة .. سمعت أصوات الجنود يصرخون ابتهاجا ويهللون
اندفعوا داخلين الزنزانة التعسة ليعانقوا سجينها مكمم الأفواه
قامت الثورة .. قامت الثورة
سالت دموعي بغزارة وخفق قلبي كطائر صغير مرتعد يحاول أن يطير
علا نشيجي حتى تهاويت على الأرض
وضعت في كفي الباقية رأسي الملتهب بالسخط والفرح . بالنور والظلام .. بالأسى والسعادة
اليأس والأمل
أخيرا يا حبيبتي .. أخيرا



#فؤاد_قنديل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بغيرالعقل والشجاعة .. لن تصبح رئيسا
- ماذا ينتظرون ؟! !
- الحرب الأهلية تدق الأبواب
- الهُوية المصرية بين الإخوان والإنجليز
- من يحكم مصر الآن ؟
- رسالة إلى صديق إخواني
- يا ناس .. وَجَبَت مُحاكمته
- عقلية مرسي
- جماهير لا تعرف معني الوطن
- أري ما لا يراه الناس..!
- العرق النبيل
- الصاعد إلى السماء
- من الثورة إلى السيرك
- نعم .. نكره العلم
- الجماعة تكره الثقافة
- أسباب العنف في مصر
- لماذا أنا مسلم عَلماني؟
- هل جاء كما تمنينا ؟
- في عين العدو


المزيد.....




- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...
- -مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
- -موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
- شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
- حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع ...
- تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فؤاد قنديل - أخيرا .. يا حبيبتي