|
الماردالإلكتروني في انتظارقانونه الكوني
إبراهيم اليوسف
الحوار المتمدن-العدد: 4077 - 2013 / 4 / 29 - 10:55
المحور:
الادب والفن
لايزال مواطن العمارة العالمية، يواصل صدمة تفاعله مع إنجازات ثورة التكنولوجيا والاتصالات، التي باتت واقعاً لامناص منه البتة، منذ أن يفتح كلتا عينيه، في مطلع نهاره، وحتى لحظة غفوته، في آخره، ضمن دورة الزمان، مادامت هذه المنجزات تمارس سطوتها عليه، بشدة، وإلحاح كبيرين، خلال مساحة أوقاته تلك، كلها، تاركة أثرها الكبير، كماهومعروف، في سايكولوجيته، وسلوكه، وقراره، ورؤيته، في آن معاً، إلى تلك الدرجة التي صارالكائن الكونيُّ في مرمى تأثيرات الفعل الإعلامي الذي اتسع ليكون العالم كله مسرحاً للتفاعل مع كل جديد، في دورته التي لاتتوقف، وكأنه في كره وفره، ليس إلا كائناً ممغنطاً في دارة الإعلام، ضمن مجالي التأثير والتأثرمعا، حيث بات كلا المجالين متاحاً أمامه، على حد سواء. وبدهيّ، أن تحول موقع هذا المواطن الجديد، من هامش الاهتمام العالمي، إلى مركزه، بجدارة، هدم حدود احتكارالمعلومة التي كانت وقفاً على بعض مراكزالدراسات العالمية، بل نخبة النخبة، وجعله في غمار لجّة حالة جديدة غيرمسبوقة من قبل، إذ بات يعيش الحدث العالمي بكل توتراته، وحرارته، ما يجعله مستوفزاً، مشدود الأعصاب، يعيش أكبرقدرممكن من معاناة الآخرين، أويغدوشاهداً لامبالياً، حيث لاحيادية هنا، رغم أن دورالشاهد نفسه، في مثل هذا الواقع المستجد، لهومضن بالقدرنفسه، حتى وإن تخفف من أحمال الآخرين، ملتفاً على سؤالها، وأعبائها، حيث أن هذا الفعل، ذاته، بمثابةعبء، أو مسؤولية، لأن التنصل من الإصغاء إلى أقصى درجات الألم الإنساني-أنى وجد- ليعدُّ معادل التغلغل في أعماقه، لنكون هنا أمام نوعين متناقضين من المسؤولية، تجاه الآخر، مشاركة وجدانية في تفاصيلها، أونأياً عنها، لافرق..!. وحقيقة، لقد مرَّالإعلام منذ تناقل الإنسان للخبرالأول في التاريخ، عبرمسيرة طويلة، عمرها الحضارة البشرية، ليكون له حضوره، وتأثيره، في كل مرحلة ،على دائرة المتلقين التي لم تتسع، لتصل صورتهاالعملاقة، على النطاق العالمي، إلا بعد تجاوز الأدوات الإعلامية البدائية، سواء أكانت إشارات سيميائية، ملفوظة، أو ضوئية، أوحركية، أو عبراستخدام حتى الطير، أو غيره، كوسيلتي إيصال للمعلومة،حتى في طابعه البريدي الصرف، قبل أن يتفاجأ العالم بالثورة الإعلامية الأولى، متجسدة في ظهورالجريدة، والمذياع، والهاتف، وغيرذلك من أدوات الاتصال التي أحدثت تحولات كبيرة في حياة الناس، سواء أكان ذلك في حالات الحرب أوالسلام. إن هذه النقلة في التفاعل مع تلقي المعلومة أحدثت انقلاباً كبيراً في إحداثيات الحياة العامة، وباتت تربط جمهرات محدَّدة، بذبذبات وتموجات الفعل الإعلامي، ما شكل أحد التحديات الأولى، لثنائية: المكان والزمان، التي لما تتم دراسة انكسارهما، بفعل الحدث الإعلامي، وفق تدرجاته، في الشكل المطلوب، وإن نجد الأمريبلغ-الآن- حده الاعظمي- كي يكونا لصق الفضاء الذي يعيشه المتلقي أينما كان، لاسيما وأن لا منجى له من تاثيرات الأحداث الصغرى والكبرى، سواء أكان في بيته، أوفي المدرسة، أوالجامعة، أو الشارع، أو العمل، مادام أن أي استعراض لمسيرة الوعي البشري، منذ بداية تشكل الوعي الآدمي، وإلى الآن، لتجعلنا أمام دورالإعلام في نشأة الوعي، لاسيما وأنه لايمكن عزل العلوم الإنسانية-على نحوخاص- عن بعض جوانب هذا المؤثرالإعلامي. ولايمكن للمرء تصورمسرح الحياة، من دون إعلام، لأن الإعلام هوفي الحقيقة- عصب الحياة- بل وكهرباء حيويتها، ويمكن أن نعزو الكثيرمن التحولات التي تتمُّ إلى الإعلام نفسه، ليكون محركاً مهماً للفعل الآدميِّ، فالحياة دونه ليست أكثرمن بركة هامدة، كما أن تحليل دورالخبر في سير الحروب عبرالتاريخ هوكبيرجداً، لأنه يؤثرفيها، سلباً وإيجاباً على حدّ سواء، تبعاً لآليات استخدامه، ومدى تفاعل المحارب مع الحدث المتناهي إلى مسمعه، إلى الدرجة التي يمكننا اعتبارالخبرصانعاً للانتصار، أومسهماً في صناعة النصر، وهذا ما تلتقطه ورش الخبراء المعنيين الذين يرافقون-عادة- هذه القوة العسكرية، أوتلك، أوينضمون إليها، بل إن دورالخبر، في أيام السلام، لايقلُّ خطورة، و قوة تأثير، في نفس المواطن، مايدعوالمعنيين بشؤون الدولة راسخة البنيان، أن يعنوا جداً بالإعلام كرئة مهمة في حياتها العامة، بل إن وزارة الإعلام لطالما كانت من الوزارات الأكثرأهمية، في حياة الدولة الوطنية، ويكاد دورها لايقل عن وزارة الدفاع، وهوما يدعونا لنتاكد من أن لأية معلومة ثمة أثرما، ضمن دائرة ما، وهكذا فإن مليارات المعلومات اليومية التي تتكون-بشكل طبيعي- وفي انتظارضخها، بما يستطيع حملها من وسائط إعلامية، تعد محوراً معرفياً، فله ترجمته المباشرة، وأصداءه في ذوات المتلقين. لقد كان الإعلام في مراحله الأولى تحت سيطرة التحكم به من قبل صانعيه، حيث تشكل مع تطورالزمان ذلك العقل الذي يجيد صياغة تفاعله مع المعلومة، واستطاع بفعل رقابته، وتوجيهه، أن يتحكم به، ويستفيد منه، بالطريقة التي يشاء، بل وأن يخفف من شدة وطأته- حسب حاجته- لاسيما في ظل انعدام الشفافية، والمكاشفة، حيث يمكنه- هنا- من أن يكون أداة فاعلة كبرى، بيد أنه طالما افتقد في مثل هذا المقام، مصداقيته، نتيجة توظيفه خارج إرادة قاعدته الأرحب التي ينبغي توجيهه إليها، إلا أن كل هذا سرعان ما انقلب رأساً على عقب مع بدايات ثورة الاتصالات والتكنولوجيا، حيث أن وسائل السيطرة على الإعلام باتت أكثركلفة، لاسيما في ظلّ الانتشارالعمودي والأفقي لوسائل الإعلام الجديدة، كي نغدو-وجهاً لوجه- أمام المارد الإعلامي الذي يكاد ألا يرعوي، مادامت مرايا الإعلام باتت تلتقط كل صغيرة وكبيرة في آن، فلاتفوتها أية شاردة وواردة، وقد ساعد على سرعة انتشارها أن الفرد بات له حضوره في ثورة الميديا الكونية، كما أنه بات للمؤسسة دورها، في الوقت الذي تراجع، بل تقهقرالدورالكبيرللرقابة، وبات الخبريجد طريقه إلى من يشاء، شريطة توافر مجرد جهازكمبيوتر، وخطٍّ إنترنيتي، الأمرالذي يفتح الأبواب أمام خطرمحدق لم يكن في البال من قبل، ألا وهوإساءة استخدام شبكة التواصل الاجتماعي، وهوما بتنا نجده، حيث خلط السمّ بالدسم، على نحومتعمد، في حالات كثيرة، سواء أكان من قبل مجرد أفراد، أو حتى مراكز معنية، في ظل انعدام الضابط القانوني، الكوني، وذلك ناتج عن استمرار التناقضات الهائلة من حولنا، بين المصالح العامة، المتناقضة، من جهة، بالإضافة إلى مسألة أخرى، وهي وجود هوة كبيرة بين إنجازات الثورة المعلوماتية، ودرجة استعداد الكائن، المتعولم-اتصالياً- الوطني، والعالمي معاً، والذي بدا في حالات، وأمثلة كثيرة، نتيجة عدم تهيئته، واستعداده، غيرقادرعلى استخدام هذا الفضاء العملاق بما يخدم مصلحته، في أعلى درجاتها، كماهومتاح- كي يحافظ على كرامته ويعززجود- بل بات يتيه في عوالمه، من دون أن يضع إصبعه على جرحه، بغرض مداواته، والإجابة عن أسئلته الأكثرإلحاحاً....!؟.
*من مخطوط"نظرية قيد التأسيس ومخاض المصطلح الجديد" [email protected] افتتاحية" ملحق الخليج الثقافي"28-4-2013
#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وديعة الأجيال الكبرى
-
موعد مع صديقي الكاتب..!؟.
-
أبي، والقلم، والبارودة، وعيد الصحافة
-
الأصدعاء وسوريا التي تصلب كل يوم
-
الكتاب سفيراً فوق العادة:
-
فصل لم ينته من- كراسة الحكمة-
-
ذاكرة -غوغل-
-
دستورالكاتب
-
المثقف الكردي الريادي ورهانه الأكبر..!
-
الكاتبُ والهمُّ اليوميُّ..
-
أولويات الكتابة
-
خطاب القيم العليا
-
قصيدة بلون الحياة
-
التجربة والإبداع الأدبي
-
النص المفتوح
-
جمالية الفكرة
-
بيبلوغرافيا الكاتب
-
أسئلة أبي العلاء المعري الكبرى
-
على عتبة العام الثالث للثورة السورية:ثلاثية المثقف/ الثورة/
...
-
ثورة الصورة الضوئية
المزيد.....
-
نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد
...
-
مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
-
مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن
...
-
محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
-
فنان مصري ينفعل على منظمي مهرجان -القاهرة السينمائي- لمنعه م
...
-
ختام فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي بتكريم الأفلام الفلسطي
...
-
القاهرة السينمائي يختتم دورته الـ45.. إليكم الأفلام المتوجة
...
-
صحفي إيرلندي: الصواريخ تحدثت بالفعل ولكن باللغة الروسية
-
إرجاء محاكمة ترامب في تهم صمت الممثلة الإباحية إلى أجل غير م
...
-
مصر.. حبس فنانة سابقة شهرين وتغريمها ألف جنيه
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|