أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مسعود محمود حسن - الريبان الأبيض: سينما ساخطة على الماضي كي لا يعيد التاريخ نفسه














المزيد.....

الريبان الأبيض: سينما ساخطة على الماضي كي لا يعيد التاريخ نفسه


مسعود محمود حسن

الحوار المتمدن-العدد: 4073 - 2013 / 4 / 25 - 00:12
المحور: الادب والفن
    



يقول بعض نقاد الأدب "أننا نستطيع فهم الحقبة التاريخية التي عاشها الأديب الإنكليزي (شيكسبير) دون الحاجة لقراءة تحفه الأدبية, لكننا لا نستطيع فهم العصر الذي عاشه (كافكا) إلا بقراءة منتجاته الأدبية والرجوع إلى إبداعاته من قصة ورواية وسيرة ذاتية". فالفن والأدب الواقعي على نوعان؛ أدب يوثق اللحظة التاريخية, فلا يخرج الأديب في عمله عن السياق الاجتماعي والثقافي والاقتصادي المعاصر لقلمه. وأدب يوثق لحظة تاريخية تبتعد كثيراً أو قليلاً عن الساعة الراهنة للأديب حين يحمل قلمه ويشرع في الكتابة. الفلم السينمائي الألماني (الريبان الأبيض) ينتمي للمدرسة الثانية, فهو فلم واقعي يعيدنا إلى الفترة السابقة للحرب العالمية الأولى من حيث الزمان, والى الريف الألماني من حيث المكان, ليعرفنا على المجتمع هناك من ناحية منظومته الأخلاقية والاجتماعية والدينية والثقافية والاقتصادية. فهو فلم شامل إذا نظرنا إليه من هذه الزاوية, وهو أقرب إلى الرواية التاريخية الاجتماعية من حيث نص السيناريو, إلا أنّ المخرج تمكن من التخلص من رتابة النص بتفوقه في صنعة الإخراج وصناعة الصورة, إلى جانب استعانته بأدوات الرواية البوليسية لإضفاء عنصر الإثارة والتشويق على النص, فحافظ على إبقاء الجمهور مندمجاً في المشاهدة حتى النهاية التي لم تأتي كما كان يتمناها الجمهور, مما دفع هذا الأخير إلى استعادة الفلم مجدداً عبر تقنيات الذاكرة, ووضعه تحت المجهر للمعاينة, والتقاط الرسالة التي يحملها الفلم بين طيات الصورة والكلمة.
يتبنى الفلم موقفاً هجومياً وانتقادياً ضد المجتمع الألماني في ذلك العصر, ويكشف قدر ما يستطيع عن سلبياته وقبائحه على كافة المستويات لدرجة أنه احتاج إلى أكثر من بطل في الفلم, وإلى السير عبر أكثر من محور, وتضمّن الفلم أكثر من لحظة ذروة, فهناك لحظة موت إحدى الفلاحات في الحقل الذي ترك أثره الواضح على مجريات الفلم, وهناك لحظة انتحار زوج الفلاحة, وهناك ثلاثة جرائم بدرجة الجنحة انعكست بدورها على الأحداث الجارية في الفلم. وعموماً يمكننا تصنيف الانتقادات التي حملها الفلم إلى الأشكال الرئيسة التالية:
النقد الاجتماعي: ومن صوره الزواج المبكر للفتاة, والسلطة الذكورية المطلقة الطاغية على الأسرة متمثلاً في سلطة الأب, فهو الآمر الناهي في كل شؤون العائلة, ما يخصه وما لا يخصه. وهناك النظر على المرأة إلى أنها وجبة جنسية, ليس للرجل تناولها لأكثر من شهور, وبعدها ينبغي استبدالها بوجبة أخرى متمثلة في امرأة شابة وحيوية تكسر الملل الذي أصاب فحولة الرجل! وليس من مانع في حال لم تتوفر امرأة جديدة الاستعانة بالمحرمات كما فعل طبيب القرية مع ابنته!
النقد الديني: كان الانتقاد الموجه للمؤسسة الدينية بارزاً في الفلم من حيث تحالفها مع المؤسسة السياسية المتمثلة بالبارون, الإقطاعي الكبير في القرية الذي يعمل عنده كل الفلاحين مقابل قوت يومهم ليس أكثر. وهناك نقد لاذع لتلك المؤسسة في نظرتها للإنسان, وبالأخص في مرحلة الطفولة. فالمطلوب بحسب المؤسسة أطفال ملائكة, لا يقعون في الخطأ البتة, وليس مسموح لهم بالتعبير عن ذواتهم, أو الدخول في مغامرات ليكتشفوا العالم من حولهم, وكأن المؤسسة تسعى في طريقتها التربوية الموجهة للأطفال إلى إعداد وتهيئة الإنسان للخضوع المطلق لسلطة الكنيسة والبارون إذا أصبحوا شباباً بعد حين.
النقد الاقتصادي والسياسي: لم تكن هناك سوى طبقتين اقتصاديتين, طبق الفلاحين الذين يشكلون أغلبية سكان القرية, وطبقة الملاك, ولم تكن سوى عائلة البارون, مما يعني أنّ 1% من السكان يملك 99% من ثروة القرية. وبموجب هذه المحاصصة الاقتصادية تم توزيع السلطة السياسية والتشريعية في القرية. بمعنى أن الفلاح ليس له أي حقوق سياسية تذكر في الوقت الذي يحوز البارون فيه على مطلق السلطة, والكنيسة هي أداته التنفيذية المساعدة في بسط النفوذ على السكان وضمان طاعتهم.
لم ينسى الفلم أن يُظهر حالات الامتعاض عند الفلاحين على الوضع القائم, وبعض محاولات التمرد الفردية التي استطاعت على حدٍ ما زعزعة استقرار الأسرة الحاكمة, كما حصل عندما قررت زوجة البارون الهجرة من القرية بعد أن تعرض ابنها الوحيد لحادثي اعتداء من قبل أطفال الفلاحين.
الفلم حائز على جائزة السعفة الذهبية لمهرجان (كان) السينمائي, واستمد عنوانه من الريبان الأبيض الذي كان يربط على زنود الأطفال كعلامة على أن الطفل في طريقه نحو الطهارة والبراءة, مما يعني أنّ الأطفال متهمون بنظر المجتمع عموماً والكنيسة خصوصاً بالخطيئة!



#مسعود_محمود_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشعب العربي واتخاذ القرار الوطني
- أسرار جديدة عن الشاعر الفرنسي بودلير (2)
- أسرار جديدة عن الشاعر الفرنسي بودلير (1)
- الجيل الرابع من آيديولوجية المقاومة
- حوار الشرق مع الشرق
- المثقف العربي في فخ الإنكليزية
- الحب ومفاهيم أخرى
- البجعة السوداء
- أدب الحرب والدمار في سوريا كمدخل لثقافة منزوعة السلاح


المزيد.....




- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مسعود محمود حسن - الريبان الأبيض: سينما ساخطة على الماضي كي لا يعيد التاريخ نفسه