|
عندما يتسَّلح العرب!
جواد البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 4072 - 2013 / 4 / 24 - 21:04
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مُسلَّحون في السَّلْم من رؤوسنا حتى أخماص أقدامنا، عُزَّل في الحرب؛ وكأنَّنا أُمَّة فَهِمت "وأعدِّوا لهم ما استطعتم من قوَّة.." على أنَّها دعوة إلى "سلاح أكثر لأمْنٍ أقل"؛ فكلَّما تسلَّحْنا، ازْدَدْنا ضَعْفاً؛ وخير دليل إنَّما هو "الحرب"، أيْ كلَّ حربٍ قَرَّرنا خوضها، أو أُرْغمنا عليه؛ ففي "الحرب"، وبها، تُخْتَبَر الأمم، بكل قواها، خير اختبار. ما أكثر "صفقات الأسلحة" التي عقدناها؛ ومع (على وجه الخصوص) بائع السِّلاح الأوَّل في العالم، وهو الولايات المتحدة، التي كلَّما زوَّدتنا، أو باعتنا، سلاحاً، حَرِصَت على أنْ توضِّح لنا، وللقاصي والدَّاني، أنَّها لم، ولن، تُسلِّحنا إلاَّ بما يُبْقي ويحفظ ويزيد "التفوُّق العسكري (النوعي والإستراتيجي)" لحليفها الإستراتيجي الأوَّل والآخر في الشرق الأوسط، وهو إسرائيل، عدونا القومي الأوَّل والأعظم. لكنَّ "صفقات الأسلحة" التي نعقدها معها (ومع غيرها من القوى الغربية التي تنافسها في خطب ودِّ إسرائيل) تبدو، في حجومها، وفي أثمانها، وفي أنواع السِّلاح التي تشملها، ريحاً عاصفة بهذا "التفوُّق"؛ لا بَلْ أكاد أنْ أقول إنَّ الولايات المتحدة قد سلَّحت بعض العرب بما جَعَل لهم جيوشاً أقوى من جيشها؛ فالآن يتسلَّحون بما ثَمَنُه 10 بلايين "ورقة خضراء"؛ ومِنْ قَبْل بنحو ثلاث سنوات اشتروا من البائع نفسه أسلحة (تكمن أهميتها القتالية في نوعها، لا في حجمها فحسب) ثَمَنها 60 بليون "ورقة خضراء"؛ ومِنْ قَبْل،..؛ ومِنْ قَبْل..؛ فلا تُتْعِبوا أنفسكم في التعداد؛ لأنَّنا، وعلى كثرة ما اشترينا من سلاح، ما زِلْنا عُزَّلاً، لا سلاح نُشْهِره في وجه عدوِّنا الحقيقي، وعندما يعتدي علينا، إلاَّ سلاح الدُّعاء عليه "اللَّهُمَّ أهلك اليهود، ويتِّم أطفالهم، ورمِّل نساءهم، وشتِّت شملهم، وزَلْزِل الأرض تحت أقدامهم.. اللَّهُمَّ أحصهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تُغادِر منهم أحداً أبداً.."؛ وكلَّما أكْثَرْنا من هذا الدُّعاء، كَبُرَت إسرائيل، وعَظُمَت. لو سَأَلْنا كل "صفقات السِّلاح" التي عقدناها مع الولايات المتحدة، وغيرها، "هل مِنْ تهديد إيراني (وغير إيراني)؟"، لأجابتنا على البديهة قائلةً "إنَّ هذا التهديد هو خرافة خالصة"؛ فإنَّ لدينا من السِّلاح، من حجمه ونوعه، ما ينبغي له أنْ يجعلنا، شعوراً وواقعاً، في أمْنٍ وأمانٍ، تَحْسدنا عليهما القوى الدولية التي منها نشتري السِّلاح، وما ينبغي له، في الوقت نفسه، أنْ يردع إيران، وغيرها، عن الاعتداء علينا؛ فأين هو "التهديد" إذا ما كان السِّلاح الذي لديكَ، وبمعيار "ثَمَنه"، يفوق أضعافاً مضاعفةً ما لدى خصمكَ، أو خصومكَ؟! "التهديد"، أكان من إيران، أم من غيرها، يحقُّ لكَ أنْ تشعر به، وأنْ تتهيَّبه، إذا لم يكن كل هذا السِّلاح الذي اشْتَريْتَ مُلْككَ، وكأنَّكَ قد اشتريته لغيركَ، أو إذا كان امتلاككَ له يسلبكَ الحقَّ في استعماله، أو في استعماله كما تشاء أنتَ، وبما يقيم الدليل على أنَّكَ سيِّده في زمنيِّ السلم والحرب. ما هو في حُكْم "المؤكَّد"، في "صفقات السِّلاح" التي نعقدها مع الولايات المتحدة، إنَّما هو "الدَّفْع"، و"الدَّفع عَدَّاً ونقداً"؛ فعشرات البلايين من "الورقة الخضراء"، والتي ندفعها ثَمْناً لهذه "الصفقات"، هي وحدها الأمر الذي لا ريب فيه؛ عدا هذا "المؤكَّد" لا شيء مؤكَّداً؛ فإنَّ أحداً من القائلين بوجود "العنقاء" لا يستطيع إثبات حصولنا على هذا السِّلاح، أو تملُّكنا الفعلي له؛ فالأمر كله لا يتعدَّى ما يشبه "الجزية"، نعطيها للقوَّة العظمى في العالَم عن يَدٍ ونحن صاغرون. لقد كَتَبوا علينا، أوَّلاً، أنْ نُعامِل نفطنا على أنَّه "الثروة التي يحقُّ لنا جعلها مُولِّدة للثروة"؛ ثمَّ كَتَبوا علينا أنْ نُعامِل الأكوام من "الورقة الخضراء"، والتي نحصل عليها من بيعنا النفط لهم على أنَّها "ديون معدومة"؛ إنَّها ديون لنا عليهم؛ لكنَّهم، وبطرائق شتَّى، منها "صفقات السِّلاح"، يجعلونها ديوناً هي أقرب إلى العدم منها إلى الوجود؛ فنحن نعيد إليهم تلك "الأكوام"، وكأنَّهم لم يشتروا بها شيئاً من نفطنا. إنَّها تظلُّ عندنا، في خزائننا، إلى أنْ تشتدُّ الحاجة لدى "شركات السِّلاح" عندهم إلى التخلُّص من فوائض السِّلاح، في المخازِن والمستودعات والأسواق، فتتولَّى "السياسة" تلبية هذه الحاجة لهم، فـ "نَدْفَع"؛ لكن كَمَنْ يَدْفَع لهم "صدقة"! وإنَّ مَنْ له مصلحة، ومصلحة كبرى، في عَقْد "صفقات سلاح" كهذه معنا لا يمكنه أبداً أنْ يكون صادقاً في زعمه الحرص على إسباغ نعمة الديمقراطية علينا؛ فهل هو من السَّذاجة بما يحمله على ذَبْح تلك الدجاجة التي تبيض له ذهباً بسكِّين الديمقراطية؟! أُمَّتُنا إنَّما هي خير أُمَّة أُخْرِجت للولايات المتحدة؛ فكلَّما حصلنا على مزيدٍ من الثروة، ازْددنا فقراً؛ وكلَّما حصلنا على مزيدٍ من السِّلاح، ازْددنا ضعفاً؛ وكلَّما جرت الرِّياح (الدولية والإقليمية) بما تشتهي سفننا، أغرقنا سفننا بأيدينا.
#جواد_البشيتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في -الحقيقة-.. مرَّة أخرى
-
كيري في جهوده -الحقيقية-!
-
حتى لا يصبح هذا -الرَّقَم- حقيقة واقعة
-
مصر التي تحتاج إلى استئناف ثورتها!
-
مواطِنة أردنية تصرخ وتستغيث.. و-الدولة- صَمَّاء!
-
أهو النسور أم فوكوياما؟!
-
أوهام جماعات -الإسلام هو الحل-!
-
-جلالة الإعلان- و-صاحبة الجلالة-!
-
كيري الذي يبني -الثقة- ب -التنمية-!
-
تجربة آينشتاين مع -الحقيقة-
-
اللاجئون السوريون.. مأساة -مهاجرين بلا أنصار-!
-
جوابي عن سؤال -مَنْ هو اليهودي؟-
-
-جريدة- لم تَرَ النور بَعْد!
-
ما معنى تلك الاتفاقية التاريخية؟
-
و-الودائع- إذا -تبخَّرت- في -جزيرة الشمس-!
-
تذكير جديد بالمخاطِر النووية
-
الزعماء العرب قرَّروا -عدم تسليح- المعارَضَة السورية!
-
حقيقة -النقود-
-
في الجغرافيا السياسية للصراع السوري
-
لقد -تكلَّم- أوباما.. فهل رأيتموه؟!
المزيد.....
-
-خدعة لن تتكرر-..الأزهر يرد على مخططات ترامب لتهجير الفلسطين
...
-
استخدام الحشيش أثناء الحمل.. مخاطر خفية تهدد صحة الجنين
-
فنزويلا تتهم الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بتمويل القوى
...
-
رئيس وزراء اليابان يؤكد التزام بلاده بإبرام معاهدة سلام مع ر
...
-
مشاورات لعقد قمة عربية طارئة في القاهرة لبحث -تهجير الفلسطين
...
-
-أكسيوس-: روبيو يخطط لزيارة الشرق الأوسط
-
الجيش السوداني يتقدم نحو وسط الخرطوم ويقترب من القصر الجمهور
...
-
الولايات المتحدة تصادر طائرة ثانية للرئيس مادورو (فيديو+صور)
...
-
ترامب يفرض عقوبات على الجنائية الدولية، ورئيس وزراء إسرائيلي
...
-
العلماء الروس يبتكرون منظومة للتحكم بسرب الطائرات المسيرة
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|