أسامة أبوديكار
الحوار المتمدن-العدد: 4071 - 2013 / 4 / 23 - 11:10
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
دخلت الأزمة السورية عامها الثالث، ولا يبدو في الأفق أي أمل في حلٍّ سياسي قريب، فإيقاعات الحرب تزلزل الأرض تحت أقدام السوريين، وأصوات القذائف من مختلف أنواعها.. أصبح أمرا "طبيعياً" للغاية.. حتى البسطاء وعامة الشعب، صاروا يميزون، من خلال الصوت، قذائف "الهاون" من "البي سفن"، و"الغراد" من "الباليستي"، وقذيفة الدبابة من قذيفة المدفع، أما المئة ضحية يومياً فقد أصبحت حالة اعتيادية.. لا يتوقف المرء عندها، شأنها شأن أزمة الوقود والخبز والغذاء.. وغير ذلك من متطلبات الحياة اليومية!! ولا نقول جديداً حين نؤكد أن البلاد قد تحولت إلى ساحة لمختلف أنواع التدخلات الدولية والإقليمية، من الشرق والغرب، والكل يبحث عن مصالحه، وعن قطعة "الكيك" التي سيحصل عليها من دمار بلد مدني عظيم، وهلاك شعب طيب مثل الشعب السوري!! لكن الجديد مع عامنا الثالث، هو إعلان "الجهاد" من الطرفين النقيضين في الأزمة، فكما أعلنت "جبهة النصرة" الجهاد لنصرة "الشام وأهلها" سابقاً.. أعلن المفتي حسون الجهاد لنصرة "الشام وأهلها" لاحقاً!! بحيث تحولت أرض الشام إلى ساحة "للجهاديين المؤمنين!".. وقتيهلم "حسب رؤيتهم" إلى جنة الخلد، وحور العين، وأنهار لبن وعسل، وبالطبع وقتيل الطرف الآخر، إلى جهنم وبئس المصير!! وبالطبع أيضاً.. إن وقود حرب "المجاهدين الأشاوس" هم من المدنيين العزل، وطريق صعود أرواح "الأشاوس" إلى الجنة يمر عبر ذبح "المشركين والكفرة".. وعليهم أن يجتهدوا بالقتل لضمان الفردوس الأعلى!! قلنا سابقاً، وأكدنا مرارا وتكرارا على صفحات "الحقيقة" أن سوريا لا يمكن أن تكون إلا بلدا مدنياً، محكوماً
بالديمقراطية والحريات العامة، وأن هذا التنوع القومي والديني والمذهبي، هو ما يغني حياتنا ووطننا ويعطينا ميزاتنا الحضارية، وكل من يحاول النيل من هذا التنوع، هو آثم بحق البلاد والعباد. وإعلان الجهاد في سوريا هو تقسيم أهل البلد إلى مؤمنين وكفار، وتقسيم السوريين إلى فئتين: تُكفر واحدة ويهدر دمها وإنسانيتها وكرامتها "وإلى جهنم وبئس المصير" مهما فعلت!! وتعُطى الأخرى مبرر القتل والذبح والغطرسة "وإلى جنان الخلد" مهما فعلت أيضاً!! هذا هو الجهاد إذا!ً!!. والمجتمع الدولي ضالع في القتل والجريمة التي ترتكب يومياً. والأطراف المسلحة تدعو لإفناء خصومها "عن بكرة أبيهم" فما الذي يجب على السوري المدني المتطلع إلى حياة آمنة كريمة أن يفعل؟! إما أن يسعى إلى الوقف الفوري لهذا الجنون الدموي القبيح.. أو يسلم رقبته لأحد "المجاهدين الأشاوس" ليعمل السيف بها.. ويسير منتصراً نحو "الجنة الموعودة"!!
#أسامة_أبوديكار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟