أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سميرة المانع - الاعتداء














المزيد.....


الاعتداء


سميرة المانع

الحوار المتمدن-العدد: 4069 - 2013 / 4 / 21 - 23:49
المحور: الادب والفن
    



حكاية قصيرة
نظر الطائر يمنة ويسرة ثم رفع رأسه للسماء، كمن يتساءل : أيكون المطر!؟ حينما لم يجد شيئا، استرق النظر الينا : أمن صنيعكما إذن ؟!! بعدها قفز ينفض ريشه مبتعد ا عنا متدحرجا خطوتين مستعدا للطيران. لا استطيع حتى هذه اللحظة تفسير حيرة ما اصابنا وشلّنا ، أنا وأخي، عن الامساك به وصيده كما نوينا . لا اتمكن من معرفة الذهول الذي جمّدنا. ضاعت جهودنا هباء، وغلبنا على امرنا.
قال أحد أقاربنا الفصحاء، اثناء زيارتنا لهم في منطقة البطحاء الزراعية وكنا جلوسا مع أهلنا، آنذاك، نسهر ليلا مع الكثير من القيل والقال، حول هذا وذاك، حين ذكر: " يعيش طير الخضيري في حفرة تحت سطح الارض، لحمه لا يؤكل، ولكن هل عرفتما كيف يُصطاد ؟ " موجها الكلام لنا نحن الاثنين الصغيرين الجالسين قربه. أجبناه بحماس : " لا، لا نعرف" قال: " أملآ دلوا بالماء والملح واسكباه عليه في حفرته حتى يضطر للخروج مرغما بعد أن يغرق فيها ". نظرت لاخي الصغير بغبطة للمعلومات الجديدة المفيدة المسلية ونظر إليّ، قالت نظراتنا : " صار".
في اليوم التالي، اثناء قيلولة الظهر ونوم اهلنا بقيظ صيف تموز العراق، حزمنا أمرنا وتوكلنا على مضايقة الطائر بإغراقه وإخراجه من سكناه . ملأنا السطل بالماء والملح وفاجأنا الطير في مكمنه بالحفرة والتي هي عشه على الاغلب. كانت السماء لهيبا والشمس تسلط علينا جحيمها وعلى جميع المخلوقات الموجودة بالعراء، ولولا بقية نخيلات متناثرات هنا وهناك، لهلكنا ونحن واقفان تحت سياطها اللاهبة، والخضيري مختف في الحفرة، لاجئا بمأواه، طلبا للظل والبرودة كما نظن . اعتكفنا على إخراجه من الحفرة بازعاجه وتنكيد عيشه وارغامه على الظهور لنا. ندلق عليه دلوا ثم يليه آخر، ولا أمل في فكرة خروج الخضيري من المكان. بقينا طيلة نصف ساعة نسكب الماء عليه وهو صامت لا أثر له، على هذا المنوال. يركض أخي للساقية القريبة ليملأ الدلو بالماء وأهرول أنا، اخته، لاجلب بحضن ثوبي ملحا من داخل الدار بحماس. لجوجين مشاغبين مزعجين ، حتى بدأ اليأس ينتابنا، فكرنا أن للخضيري حيلة ومكرا يفوقنا، وكان هذا في منتهى التحدي والازعاج لكلينا. راحت بنا الظنون بعيدا لربما خرج من ثقب آخر، أو قد تكون الارض كلها سكناه.
لم يستمر الجزع والانتظار طويلا، إذ سرعان ما انبثق الطير بارزا كله من فتحة الحفرة فجأة، مقطرا بالماء الذي يسيل من ريشه مبلولا رماديا ، صغير الحجم واسع النظرات. يمنة ويسرة ناظرا حوله ثم صعّد بصره للسماء. ماذا دهى الكون ؟ ليس المطر، لا. لا شيء من هذا القبيل، إنهما هذان.... نظر الينا نظرة الحرمة والكبرياء التي يمتلكها المعتدى عليه في قعر داره. نظرته تقول لنا : لماذا لا تتركان العالم يعيش بهدوء وسلام، ألا تخجلان؟! جفلنا منه فلم نحرك ساكنا. نفض نفسه من الماء برشاقة المياه المتناثرة حوله من جناحيه ، ثم مسح منقاره بجسمه بعدها، هنا وهناك، ومن دون حماقة تركنا خائفين خجلين منه وطار.



#سميرة_المانع (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العيش في سلام
- التواطؤ الثالث بالسياسة
- التواطؤ الثاني بالجنس
- التواطؤ الاول بالفنون
- البحث عن الموجود
- العاقلة جدا
- بداية حملة السرقة
- الخال
- ها....ها...ها
- ألا ابشروا بالاعمال الخلاقة
- ثمة اسرار
- من مفكرة امرأة مغتربة
- أجوبة أسئلة تخطر بالبال
- مَن دفع للمزمرين
- خصائص رواية منفى
- هي بقيت علي ، يعني!
- التوحّش
- احتضان غير مرئي
- الطريق إلى دهوك
- هزّة ارضية


المزيد.....




- تحت القصف في غزة.. فريق محلي ينقذ تاريخا مدفونا تحت الأنقاض ...
- -مذكرات آن فرانك- تجسد الخلود الأدبي بعد مرور 80 عاما على وف ...
- الشاعر المغربي صلاح بوسريف: النقد العربي بحاجة لمراجعات في ا ...
- فيلم -إميليا بيريز- للمخرج الفرنسي جاك أوديار يحصد سبع جوائز ...
- فيلم لأيقونة حركة -أنا أيضاً- اليابانية يترشح لجائزة الأوسكا ...
- تفاصيل صادمة حول وفاة النجم الأمريكي جين هاكمان وزوجته
- زاخاروفا تستذكر فيلم -قلب الكلب- في تعليقها على مشادّة زيلين ...
- فنان مسرحي ومدفعجي رمضان... رجائي صندوقة .. صوت هادر على تلة ...
- فنانو غزة يحولون الركام إلى لوحات احتفالية بقدوم شهر رمضان
- بعد سنوات من السطوة.. تحرير المركز الوطني للفنون البصرية في ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سميرة المانع - الاعتداء