أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - اسامة غالي - القارئ والنص .. نحو فهم ابستمولوجي















المزيد.....

القارئ والنص .. نحو فهم ابستمولوجي


اسامة غالي

الحوار المتمدن-العدد: 4069 - 2013 / 4 / 21 - 01:04
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يحدثنا الحقل النقدي عن وجود مناهج متعددة في تقويم علاقة القارئ بالنص ،بدءاً من المنهج التاريخي والنفسي،ومرورا بـالبنيوية وانتهاءا عند المنهج السيميائي والتفكيكي ،ولكل منهما نظرياته الخاصة في التعامل مع النص،ما يهمنا هو التعرض لنظرية القراءة بمفهومها الابستمولوجي حتى نخلص الى تشخيص علاقة القارئ بالنص .
وجدت هناك نماذج للاستيعاب القرائي، من تلك النماذج موضوعية النص، التي جعلت فعل القراءة عبارة عن استخراج المعنى من داخل النص دون ادنى علاقة بذاتية القارئ،ووصف هذا النموذج بـالتصاعدي،وهناك نموذج ثاني هو ذاتية النص يقوم فعل القراءة فيه على صب المعاني في النص،و يعتمد على توظيف معرفة القارئ المسبقة،وثمة نموذج اخر والذي جاء رداً على النموذجين السابقين، يجعل من النص والقارئ طرفين متفاعلين في الفهم وتوليد المعاني و عملية التأويل يصطلح عليه بالنموذج التفاعلي،والذي عرفت القراءة وفقه بانها (تفاعل بين القارئ والنص)،ومن ثم بني هذا التفاعل على اساسين: اساس موضوعي يتمثل في ما يمنحه النص من علامات ودوال تكّون المقروء،واساس ذاتي يتمثل في ما تمنحه الذات القارئة من فهم وادراك لهذه العلاقات والدوال[ينظر:التلقي والتأويل بيان سلطة القارئ في الأدب،محمد عزام،دار الينابيع،دمشق،ط1، 2007م، ص53]ويمكن إن نفرض انموذجاً رابعاً يقوم على التوليف بين النموذجين / الموضوعي والتفاعلي / يتأسس على كون النص ينطوي على معانٍ حقيقية عدة ذات تراتب عمودي، يسعى القارئ الى اكتشافها مرحلياً بوساطة الياته الادراكية،وهذا النموذج يفرق عن النموذج الموضوعي بانه يشرك ذاتية القارئ بالوصول الى المعنى،ويفرق عن النموذج التفاعلي بانه اكتشافي وليس توليدي، ووفق هذا النموذج المستحدث تتجلى علاقة القارئ بالنص ،حيث المعنى الذي ينطوي عليه النص هو معنى حقيقي له كينونته المستقلة عن القارئ،وهو بدوره يجترح مفاهيم اخرى يصطلح عليها بـالمجاز،والاستعارة،والكناية،والتشبية،و التورية... ،والتي تقابله في فضاء اخر غير فضاء النص تنطوي على حدود القارئ وتساعده في اكتشاف المعنى الحقيقي من داخل النص .
إن المعنى حينما يريد إن يكشف عن طابعه التراتبي يضطر الى توليد شبكة مفاهيمية لدى القارئ يتم من خلالها اجتيازه مرحلياً بوصفه متعدداً، لذا كان المجاز ابتكارا مفهومياً للمعنى الحقيقي لا حضوراً له في فضاء النص ،بل يتشكل فضاؤه عند القارئ،فيتمثل له ما بين تراتب المعنى الظاهرة و الباطنة،مما جعل المجاز ولواحقه يستعمل بنسق واحد عند المتصوف والفيلسوف واللغوي مع اختلافهم في الرؤية والمنهج،وبذا تكون اللغة وسيطا كونيا بين الذات والمعنى لا يمكن تجاوزها بأي شكلٍ من الاشكال، من هنا تكتشف إن العلاقة العميقة والمتأصلة بين اللغة والمعنى ،علاقة تواثقية، تشبه علاقة (الاسم بالمسمى،الاسم ظاهر،والمسمى باطن،ولا تشير ثنائية الظاهر والباطن الى وجودين مختلفين،وانما تشير الى وجود واحد،منظورا اليه باعتبارين) [الصوفية والسوريالية ،ادونيس ، دار الساقي،بيروت،ط4، 2010م، ص 71 ].
إن تبلور المعنى يتم عبر رؤيتين في آن واحد، او قل رؤية واحدة باعتبارين / تكّونناً وقراءةً/ يتضمن الاعتبار الاول تعاين النص من خلال طبعتين، سكونية تتمثل ببنائه،و حركية تتمثل بمعناه ،وهي حركة تصاعدية،لانها تسير من النص الى ذهن القارئ،والاعتبار الاخر تعاين من خلاله الطبيعة القرائية لنص،ساكنة في آن كونها متحركة بحركة تنازلية من ذهن القارئ الى النص ،تمثل بالضوء ساكن من حيث يُرى ومتحرك من حيث يُري الاشياء،و يكون المعنى دائما ًهو الاساس في تصميم الشكل الخارجي للنص المقروء.
إن النص بطبيعته يستبطن معاني عدة ،والولوج لاي معنى من تلك المعان يستلزم مجاوزة المعنى السابق،وهذا مؤشر على ان الدارس اللغوي يتجاوز عبر حركته في النص المعنى السطحي،بينما الغور في السبر والكشف عن البنى العميقة وتشخيص العلاقات السرية فيما بين تلك المعاني هي مهمة الفيلسوف وحده،وهكذا الى إن يصل الامر الى قعر النص فيبدأ المتصوف بجمع كل تلك المعان المتكثرة موحدا بين احكامها وخواصها ضمن نسق وجودي واحد،ولعل هذا الامر يصلح في أن يكون تفسيراً لما إفاد منه الدكتور نصر حامد ابو زيد في بعض دراساته، حيث توقف عند طبيعة المشروع الفكري للغزالي مسلطا الضوء على ما اسماه / عملية التحريك الدلالي للالفاظ / بنقل الحقيقة من عالم الحس المشهود / الملك /الى عالم الغيب / الملكوت / ،وبذا تنعقد ثنائية الحقيقة والمجاز وفق ثنائية الظاهر والباطن التي صورها ابو زيد تصويرا انطولوجيا و ابستمولوجيا بعيدا عن الجانب الادائي اللغوي،غير ان المفارقة بين ما افاد منه ابو زيد وبين ما يتجه اليه المقال من رؤية ،تتجلى بكون المجاز لا حضور له في النص ،وبذا فلا داعٍ لتأسيس ثنائية مقابلة للثنائية الاعتزالية[ينظر:مفهوم النص،دراسة في علوم القران،د. نصر حامد،المركز الثقافي العربي،الدار البيضاء،المغرب،ط7،2008م ،ص 277ـ 298 ]..
ومما يزيدنا وعياً بهذه المسألة قولة البلاغين المشهورة إن المجاز من باب الاتساع في الكلام،حين ذاك تتسأءل القراءة:هل التوسعة تطول جوهر المعنى؟ ام تكشف عن انساقه؟!من الواضح انها تكشف عن انساقه،وبذا يكون الاكتشاف مهمة القارئ وحده، اما النص فهو يتضمن معانٍ كائنة حقيقية مكتشفة لا غير، ولعل هذا الامر هو الذي دعا عبد القاهر الجرجاني إن يستحدث نوعا جديدا اصطلح عليه بـالمجاز الحكمي مشيراً من خلاله الى قابلية المجاز نحو الاتساع لا الى غاية،مفيدا من الدرس المنطقي ملامح جعلته يغادر مقولة استعمال اللفظ في غير ما وضع له، لانها تؤول بالمجاز الى عمل لغوي صرف [ينظر: البلاغة تطور وتاريخ،د. شوقي ضيف،دار المعارف، مصر،ط1، 1965م، ص184 ]،في الوقت الذي يكون المجاز ـ وفق هذه الاسس ـ اداة معرفية قابلة لإن تتسع بسعة انساق المعنى وتراتيبه،مما يجعلنا نتجه من خلاله نحو ظاهرية النص لا تأولاته فحسب،الامر الذي يقارب بوجه ما مشروع بول ريكور / الاصلاح الداخلي للفلسفة التأملية / حيث يدعو الى تطعيم الهيرمينوطيقا بالظاهراتية كي يكون الفكر ملكية لفعلنا في الوجود،وهذا يتم حسب ريكور (عن طريق نقد تطبيقي للاعمال وللافعال التي هي اشارات لفعل الوجود،وبذا يكون التفكير نقداً) [صراع التأويلات،دراسات هيرمينوطيقية،بول ريكور،ترجمة د. منذر عياشي،دار الكتاب الجديد ،طرابلس،ط1،2005م،ص50]



#اسامة_غالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القارئ و النص...نحو فهم ابستمولوجي
- تهافت الفلاسفة الجدد
- الحقيقة والمعنى في مقاربة فلسفية اخرى
- الحقيقة والمعنى من منظور مختلف
- السؤال الشعري عند ناهضة ستار ومرجعياته المعرفية...قراءة في م ...


المزيد.....




- تعود إلى عام 1532.. نسخة نادرة من كتاب لمكيافيلّي إلى المزاد ...
- قهوة مجانية للزبائن رائجة على -تيك توك- لكن بشرط.. ما هو؟
- وزيرة سويدية تعاني من -رهاب الموز-.. فوبيا غير مألوفة تشعل ا ...
- مراسلنا: تجدد الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيرو ...
- الرئيس الأمريكي: -أنا زوج جو بايدن.. وهذا المنصب الذي أفتخر ...
- مسيرة إسرائيلية تستهدف صيادين على شاطئ صور اللبنانية
- شاهد.. صاروخ -إسكندر- الروسي يدمر مقاتلة أوكرانية في مطارها ...
- -نوفوستي-: سفير إيطاليا لدى دمشق يباشر أعماله بعد انقطاع دام ...
- ميركل: زيلينسكي جعلني -كبش فداء-
- الجيش السوداني يسيطر على مدينة سنجة الاستراتيجية في سنار


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - اسامة غالي - القارئ والنص .. نحو فهم ابستمولوجي