عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث
(Imad A.salim)
الحوار المتمدن-العدد: 4068 - 2013 / 4 / 20 - 18:56
المحور:
الادب والفن
كتابُ الوجوهِ .. التي لا تراني
أنا الكائنُ المُسَطـّحُ الآن
أمضي إلى فردوسي المُتَخيّل
مُنتشياً بفتوحاتي
في عالم " مايكروسوفت " المدهش .
ومثلُ حلَزونٍ دَبِق
أنزلقُ فوق جدران " الفيسبوك "
تاركاً ورائي
تاريخاً طويلاً من التوسّلْ
لكي يُعجَبَ الآخرونَ بي .
***
كانتْ غُرَفُ العقلِ
مليئة ٌ بالكتب
وبرائحةِ اللحاء
وبقصائد الجنِّ
وبالنسوةِ الحُلمِ
وبالضوء القادم .
الآنَ عليكَ أن تحبو فوق " الكيبورد "
لعلّ " اللابتوب "
يمنحُ أصابعكَ " الأحفوريّةَ "
شيئاً تنتمي إليه .
***
كانت ْ عُدّةُ العيشِ
بسيطة ٌ كالهوى
وكانَ بيننا منْ يُهاجرُ نحو العقلِ
وبيننا
منْ يُهاجِرُ نحو الكَلأ .
غيرَ أننّا الآنَ
مثلُ سِرْبٍ من الحَمامِ الشاردِ الذِهنْ
حينَ جاءَ أوان ُ التواصُلِ
أضَعْنا طريقَ عودتنا
إلى حيثُ كنّا
وتَرَكْنا بُيوضَ أقْدارنا
لتفْقسَ كالمصيرِ المؤجّلِ
في أهوارِ " الأنترنيت " المُجَفَفّةْ .
***
كلُّ ما أمْلـُكُهُ
وما لا أمْلُكُهْ
وضَعْتَهُ في حقيبة الظَهْرِ
لكي يكون ورائي .
وأمامي الآنَ
سلالاتٌ كاملة ٌ من " الأصدقاء "
لم يلمَسْ أصابعي
أحَدٌ منهمْ من قبل .
***
في اللقاءِ من أوّلِ " نَقْرَةْ "
لا تحتاجُ كثيراً إلى الحُب .
أنتَ تحتاج ُ فقط
إلى قليلٍ من الوقت
لتَنْقُرَ من جديد
وتقتُلَ كِذْبَتَكْ .
***
أنا مُعجَبٌ ..
بما لايمكنُ الأعجابُ بهِ
إلاّ في الأعاجيبْ .
وأنتَ مُعجَبٌ ..
بما لايمكنُ الأعجاب ُ بهِ
إلاّ في الكوابيسْ .
إنها أسوأ أحلامنا
نتقيأها بحبور
في غُرَفِ " الدردشةِ "
مع الوَهمْ .
***
أنا الكائن ُ المُعَلّقُ بدَبّوسٍ
على شاشات ِ الـ " أل إي دي "
كنت ُ يوماً رجُلَ الجمرِ والصَخرْ
وجُنديّاً مثقوباً على الدوامْ
برصاصِ الحروبِ الرخيصةِ
عيار 7.62 ملم .
وها أنذا الآن
ألَوّحُ في وجهِ العالم
بسيفِ من القِشْ
وأبحثُ بنَهَمٍ
عن رائحةِ القمحِ القديمةِ تِلكْ
في طواحين " جوجل " .
***
ماهوَ أفضلُ من تَبَنّي فَرَحٍ زائفْ
هوَ أن ْ تكونَ أباً
لحُزنٍ لا حدود َ له
في قبيلةِ " ياهو " .
***
انا البدويُّ العريضُ المنكَبينْ
عندما كنتُ أزأرُ في دُوَلِ الرَمْلِ
كانت التيجانُ تتساقط ُ تحت قدَمي .
أمّا الآن
فانا مُجَرَدُ بومِ وحيد
يُغَرّدُ آخرَ " سوناتةٍ "
لسمفونيةِ الأسى
في غاباتِ " تويتر " .
***
لا أحزانَ على " الفيسبوك "
ولا خيباتَ أمَلْ .
نحنُ نَعْرِضُ أفضلَ ما لدينا
ونذهبُ لننامْ
بعيونٍ رمداءْ
من شدّة ِ الفرّح ْ .
***
لكي تبْقى لي
لكي تبْقى معي
ولا تخْـذلْ أصابعي كالترابْ
دَعْني أحلمُ بأحلامي
دَعْني أتخيّلُ رائحتَكْ
ولا تعرِضْ عوراتَ الروحْ
في الهواء ِ الطـَلـِقْ .
***
ليسَ بالأمكانْ
إعادةُ كلِّ شيءٍ
كما كان ْ .
لمْ يعُدْ بوسعكَ أن تَنتظِرْ
وليس بوسعكَ أنْ تَنْتَحِرْ .
لمْ يعُدْ بوسعكَ أن تبدأ
وليسَ بوسعكَ أن تنتهي .
لمْ يَعُدْ بوسعكَ انْ تكونْ
وليسَ بوسعكَ أنْ لا تكون ْ .
رُفِعَتِ الأقلامُ
وجَفّـتْ الصُحُفْ .
***
أنا الرجلُ الأخير
في " كتاب ِ الوجوه "
أبحثُ عنْ ..
" حقيقة من يكتُبْ "
وأحياناً عنْ ..
" لا حقيقة من يقرأ "
ويُكلّمني الجميعُ
وأكلّمُهمْ
لا أرى وجهيَ بينَهُم
ولا بينَهُمْ
من يراني .
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
Imad_A.salim#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟