أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نصيف الناصري - اطراء العفّة














المزيد.....


اطراء العفّة


نصيف الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 4064 - 2013 / 4 / 16 - 10:31
المحور: الادب والفن
    



حشرة فرس النبي ...


نَسجْنا للفقيد ثوب قبره من شجرة الليف الوحيدة في أرضنا ،
وتقبّل ورثته ما قمنا به بامتنان كبير ، لكن نسيانهم حنوّه في
لحظة موته ، ورغبتهم المُلحّة في تقاسم رصيده ، أوهن عزمنا
على وداعه الى نجمة غيابه المتوثِّبة . هدانا شغبهم وجشعهم في
الأصداء المتردّدة للمشيعين ، الى حيلة نقوّض فيها شَرك المناحة .
دموع كثيرة تذرفها النساء حول القبر ، وكلّ دمعة ، حشرة
فرس النبي . قلعنا أحد أسنان الفقيد ورميناه الى حشرة يغطي
جدائلها الندى . طارت به في المراعي وفوق حظائر الماشية
طوال الليل ، وحين تندّى بأضواء النجوم ، أعادته الى مكانه
وقام شيخنا من نومته الهانئة ، يطالب بسوطه .




إطراء العفّة ...




الطبيعة الآن مُبَرَّأة من السقم ، ومن الفائض الذي يدنو من الجنائز .
ربيع عظيم يسرف فيه الانسان بشفاء غليله ، والأرض المُتعمّدة في
اظهارها لوفرة النبيه والطيّب ، نغَّصت عليها المحاريث والثيران
خمولها . في تقبّلنا بخشوع لنعمة الآلهة ، نحملُ نذورنا اليها في الليل
ونتقدّم بحذر شديد . يخيفنا خسراننا للعطاء ، وكلّ إله مصاب بسعار
الغيرة ، وانتظامنا في إطراء العفّة ، يخلّصنا من إباحة اللعنة لدمنا .
نحرنا العام الماضي أضحيات كثيرة ، مقابل ربح لا بأس من بيعنا
لمحاصيلنا الى الأقوام الأخرى ، لكن افتتاننا بالحرب وتخلّينا عن
الصلاة لآلهتنا وما تقتضيه مصلحتنا في الإيمان بها ، عرّضنا الى
التهلكة . فقدنا أنعامنا وبيوتنا في عزل البركان لنا عن أيّ مأمن ،
وتشرّدت عائلاتنا وفقدنا الكثير من الأطفال والثياب في بخار أسود .
لا إشارة الآن بيننا وبين مَن سخطوا علينا في اضطرابات شمائلهم
المفزعة ، والزمن حامل المشعل الذي نبدّل وننتقص فيه من الآلهة
والأعداء . لا يزجون لنا إنصافنا لهم في تملّصهم من رميتنا للسهم ،
ولا يغفرون مهادنتنا لمن نشاركهم التعزية في الأسر .






بين الشفاء والانجراح ...




أُعطيت لنا قناديل وأرغفة نقية ، في انتظارنا على شواطىء
العالم بشارة لخلاصنا ، لكن ما أعطي لنا ، ليس رهن إشارتنا
وكلّ ما نطلقه صوب الميزان الغائب للزمن ، يرتد علينا
ويقوّض عون الأمل . شقاء محمود نرتع في أصائله ، ونعد
التعاقبات التي تمرّ على الأجناس في ثقل الصيرورة ، والرغبة
إسناد كبير ليأسنا الذي يتضوّع بين الشفاء والانجراح للحظة
الفناء . مخاوف عظيمة نجازف في عزلها عن التزامنا بالشرط
الحتمي لموتنا ، ومحاباتنا لما يتوازن في تحركه على الصخور
المجوّفة للطبيعة ، لا يشاورنا في غرقه باللايقين . نومنا تحت
الأشجار التي حبلت في الماضي ، لا يمنحنا الراحة ونحن نتماثل
مع الأشياء التي ما شُفيت من جروحها في أرض الترصّد ، وكلّ
ما نرجوه في تكيّفنا مع انفجار الرغبة ، يتلاشى في تحويله لنفسه
الى اللاشيء .






2013 / 4 / 16



#نصيف_الناصري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قسمتنا من الإرث
- في تنفيذنا مشيئة الموتى
- ما يتعاقب في أحلامنا
- قصر حياته مع الأغلبية
- تماثل طقسي
- قبل الطوفان وبعده
- فتائل الهاوية
- الاطاحة بالمراثي
- في إنشاده لموته
- ما يجاوز يأسنا
- ما كُنّا نخفيه عن الموتى
- مطالبهم في البرّية
- المنحدرون من هاوية الحرب
- دفن القتلى
- الرسو في آبار اليوم
- ما يتجلَّى في المفازات
- شُعل الديمومة
- الممالك المتعادلة للطبيعة
- فزعنا من الشيخوحة
- الأفنان المهجورة لليوم


المزيد.....




- -الرقصات الشعبية تنشر البهجة في الأجواء-.. الهند تحتضن مهرجا ...
- الممثل الدائم لروسيا يصف قرارا للوكالة الدولية للطاقة الذرية ...
- مشهد محذوف من -قلبي ومفتاحه- يثير فضول الجمهور عبر المنصات ا ...
- رمضان في لبنان.. تقاليد متوارثة وأجواء روحانية تكافح متغيرات ...
- كيف أصبحت صناعة الزجاج في العصر الإسلامي جسراً بين الفن والع ...
- فنانون سوريون يعلقون على أحداث الساحل (فيديو)
- هل تفقد أفلام جيمس بوند هويتها البريطانية؟ بروسنان يعلق على ...
- الكاتبة والصحافية العراقية أسماء محمد مصطفى تقيم أول معرض فن ...
- مجموعة رؤيا الإعلامية الأردنية توقع اتفاقية تعاون استراتيجي ...
- مبادرة -بالعربي- تكشف ملامح قمتها الافتتاحية في الدوحة ‎


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نصيف الناصري - اطراء العفّة