|
طبقاً للإنجيل: المسيح هو أول من يخالف وصية تحويل الخد الاخر؟!
توماس برنابا
الحوار المتمدن-العدد: 4064 - 2013 / 4 / 16 - 01:05
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يذكر المسيح في موعظته على الجبل فى إنجيل متى الاصحاح الخامس الاتي:
• 38. سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: عَيْنٌ بِعَيْنٍ وَسِنٌّ بِسِنٍّ. • 39. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضاً. • 40. وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَاصِمَكَ وَيَأْخُذَ ثَوْبَكَ فَاتْرُكْ لَهُ الرِّدَاءَ أَيْضاً. • 41. وَمَنْ سَخَّرَكَ مِيلاً وَاحِداً فَاذْهَبْ مَعَهُ اثْنَيْنِ. • 42. مَنْ سَأَلَكَ فَأَعْطِهِ وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَقْتَرِضَ مِنْكَ فَلاَ تَرُدَّهُ. • 43. سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: تُحِبُّ قَرِيبَكَ وَتُبْغِضُ عَدُوَّكَ. • 44. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ
وحينما وُضع المسيح في ذات المحك الذي يعظ عنه وهو اللطم ، لم يفعل هذا!! وهذا مذكور في إنجيل يوحنا الاصحاح 18
• 19. فَسَأَلَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ يَسُوعَ عَنْ تلاَمِيذِهِ وَعَنْ تَعْلِيمِهِ. • 20. أَجَابَهُ يَسُوعُ: «أَنَا كَلَّمْتُ الْعَالَمَ علاَنِيَةً. أَنَا عَلَّمْتُ كُلَّ حِينٍ فِي الْمَجْمَعِ وَفِي الْهَيْكَلِ حَيْثُ يَجْتَمِعُ الْيَهُودُ دَائِماً. وَفِي الْخَفَاءِ لَمْ أَتَكَلَّمْ بِشَيْءٍ. • 21. لِمَاذَا تَسْأَلُنِي أَنَا؟ اِسْأَلِ الَّذِينَ قَدْ سَمِعُوا مَاذَا كَلَّمْتُهُمْ. هُوَذَا هَؤُلاَءِ يَعْرِفُونَ مَاذَا قُلْتُ أَنَا». • 22. وَلَمَّا قَالَ هَذَا لَطَمَ يَسُوعَ وَاحِدٌ مِنَ الْخُدَّامِ كَانَ وَاقِفاً قَائِلاً: «أَهَكَذَا تُجَاوِبُ رَئِيسَ الْكَهَنَةِ؟» • 23. أَجَابَهُ يَسُوعُ: «إِنْ كُنْتُ قَدْ تَكَلَّمْتُ رَدِيّاً فَاشْهَدْ عَلَى الرَّدِيِّ وَإِنْ حَسَناً فَلِمَاذَا تَضْرِبُنِي؟»
هل عدم تحويل المسيح لخده الايسر ولجوئه للدفاع الشرعي عن النفس حينما لطمه أحد الخدام ، أسلوب جديد للرد على من يلطمنا! ونحن الذين نقرأ الكتاب المقدس كيف نتصرف حينما يتم لطمنا؟! أنحول خدنا الايسر؟! أم ندافع عن أنفسنا ومن طرق الدفاع عن النفس إثارة ضمير المتعدي حتى يرجع لرشده وهو أسلوب مسالم لا غبار عليه، ( اجابه يسوع ان كنت قد تكلمت رديا فاشهد على الردي و ان حسنا فلماذا تضربني (يو 18 : 23) ) وربما يكون العنف هو أسلوب أخر للرد على الأعتداء!!
المهم هنا ممن نتعلم؟ من كلام و وعظ المسيح أم من أفعاله أم من كلاهما؟! وكيف نتبع كلا الاسلوبين وهما عكس بعضهما.... فالاول سلبي فيه مجرد تحويل الخد الاخر للمسيئ حتى يرجع لرشده بعد تفريغ غضبه! والاخر إيجابي وهو الدفاع اللفظي ( وربما البدني) موجهاً للمسيئ....! ولماذا يقع المسيحي في حيرة في كيف يتصرف؟!
في الحقيقة لم أرى في حياتي بين المسيحيين أبداً من يحول خده الاخر لمعتدي... بل يتخذ موقف المدافع عن النفس والحقوق- وهو شئ شرعي - أمام أي معتدي. ولكن ما أود توضيحه هنا أن المسيح الذي وعظ بتحويل الخد الاخر لم ينفذ تعاليمه حينما وقع في محك عملي!!! وهذا يشير الى محنة المسيحيين الفصامية الازدواجية ( والمتدينيين بصورة عامة) فهم ينادون بأمور بعيدة كل البعد عن حياتهم وسلوكياتهم العملية.... هناك أزمة وفجوة بل فجوات بين الفكر والتطبيق!!! يُعلون سقف تعاليمهم لدرجة تناطح السحاب، فلا هم يقدروا على تنفيذها، ولا غيرهم ممن يُعلمون!!!
فعلى سبيل المثال لا الحصر الأية التي تقول (و اما انا فاقول لكم احبوا اعداءكم باركوا لاعنيكم احسنوا الى مبغضيكم و صلوا لاجل الذين يسيئون اليكم و يطردونكم (مت 5 : 44) - باركوا لاعنيكم و صلوا لاجل الذين يسيئون اليكم (لو 6 : 28) ) ! فكيف أحب عدوي؟! حينما أقول أحب أبنائي فأنا أعني وغيري يفهم بأني أُعني أني أُعزهم وأُقدرهم كنفسي وأكثر من نفسي لدرجة عدم القدرة على الاستغناء عنهم بل أعتبرهم جزء لا يتجزء من حياتي، أهديهم هدايا وأزورهم وأستمتع بصحبتهم... الخ... حينما أقول أحب أحداً .. ففي اللغة أعني هذه الامور السابق ذكرها!! فماذا يفهم القراء حينما يسمعون الله يقول بأن نحب أعدائنا... اليس نفس المعنى المحمل على ذات الحروف... نفس المعنى اللغوي!!!.... دون تحوير ومواربة!!!
حينما نحاور مسيحي في معنى محبة العدو ومباركته والصلاة من أجله... يقول لنا يجب أن نحب الانسان لأن المسيح بذل دمه من أجل الانسان بصورة عامة... فالانسان أياً كان قيمته فهو من قيمة دم المسيح الثمين فيجب أن أحبه وأجله وأحترمه وأباركه وأصلي من أجله حتى يتوب ويعدل من مساره الشرير!!! هكذا يرد المسيحي المتدين على محبة العدو ولكني أسأله عن كيفية هذه المحبة سلوكاً؟! أُتعامل العدو معاملة الاباء والابناء؟! أم هناك فرق وقيمة مغايرة للمحبة على متصل المحبة Love Continuum !! حيث ينال أهلي درجة على هذا المتصل تقارب التسعون في المائة فما فوق ، أما الاعداء فينالون قيمة إيجابية ولكنها تقارب الصفر....!! بل وأحيانا تكون قيمتها بالسالب ! نعم بالسالب!!! حيث يتخذ المسيحي موضع التجاهل والاختصار وقطع العلاقات مع من يعتدي عليه... ويفسر هذا أنه يحبه ولم يرد الاساءاة بالاساءاة!!! متناسياً أن أقصى درجات الكراهية هي قطع العلاقات والاختصار لأنه يغلق الطريق على التواصل مرة أخرى...!!
هكذا يعيش المسيحيون حالة الفصام السلوكي هذه... فعقلاً يقصدون محبة... وسلوكاً يتبعون مبدأ أقصى درجات الكراهية وهو اللاعنف السلبي... الذي يسد طريق أي مفاوضات لعودة العلاقات مرة أخرى. وتصبح التعاملات رسمية تتسم بطابع الحذر والحيطة من الاخر والعزلة عنه متمثلة في تجمع المسيحيين في مناطق بعينها يسكنون بها ولا يأمنون لأنفسهم مع أي مسلم يعيش معهم في نفس البيت أو العمارة أو الغرفة الا نادراً مكونين ما يشبه Ghetto وهي مجتمعات من فئة أو دين واحد بعينه يعيش بعزلة عن الاخرين... نجد هذا الامر في صعيد مصر بكثرة وفي العاصمة الكثير من المناطق هكذا مثل شبرا في وسط البلد!!! ونجد كلا الطرفين يعلم أقل القليل عن حياة الاخرويعاملوا بعضهم البعض كأجانب بل كائنات فضائية تعيش أو تعمل معهم في ذات القرية، في ذات المدينة، في نفس الشارع، في نفس الحارة، في نفس المبنى، بل أحيانا في نفس الشقة!!!
أختم بالأتي.... تجيئني بحب!!! حب أيه اللي أنت جاي تقول عليه!!!
#توماس_برنابا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أسطورة الملاك الشافي في إنجيل يوحنا!!
-
جدلية أينشتاين في وجود الله!
-
(من الكتاب المقدس ) من قتل أكثر؟ الله أم الشيطان؟!!
-
تقويض قصة أدم وحواء في سفر التكوين!!
-
الشحاذ... هل أعطيه حينما يسألني؟!
-
نداء لوزارة التعليم العالي للإشراف المباشر على كليات وإكليرك
...
-
دائرة الخوف المرضي... هل من فرار لا ديني منها؟!!
-
الاعمال السحرية والحسد من منطلق علمي لاديني!!
-
المنهج الخفي!!
-
الميلاد الثاني!!
-
( الشماعة ) و النفس البشرية!!!
-
شوم إن نيسيم أو( شم النسيم )!!!
-
ماذا كان سيحدث لو لم تكن هناك أي معدة ولا جهاز هضمي ؟!!!
-
الصديق الخيالي الأكبر!!!
-
رتابة الافلام المسيحية للقديسين !!
-
شفاعة القديسين من منظور محايد!!
-
الفصامية في السلوك المصري !!
-
تسمية الاطفال وأثارها النفسية!!
-
الافيون .... والصحة النفسية!!
-
ذهب! ياقوت !مرجان! أحمدك يا رب!!
المزيد.....
-
القوى الوطنية والاسلامية في طوباس تعلن غدا الخميس اضرابا شام
...
-
البابا فرنسيس يكتب عن العراق: من المستحيل تخيله بلا مسيحيين
...
-
حركة الجهاد الاسلامي: ندين المجزرة الوحشية التي ارتكبها العد
...
-
البوندستاغ يوافق على طلب المعارضة المسيحية حول تشديد سياسة ا
...
-
تردد قناة طيور الجنة على القمر الصناعي 2024 لضحك الأطفال
-
شولتس يحذر من ائتلاف حكومي بين التحالف المسيحي وحزب -البديل-
...
-
أبو عبيدة: الإفراج عن المحتجزة أربال يهود غدا
-
مكتب نتنياهو يعلن أسماء رهائن سيُطلق سراحهم من غزة الخميس..
...
-
ابو عبيدة: قررت القسام الافراج غدا عن الاسرى اربيل يهود وبير
...
-
المجلس المركزي لليهود في ألمانيا يوجه رسالة تحذير إلى 103 من
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|