|
البديل الحداثي في مواجهة الانتحار السياسي
رشيد لزرق
الحوار المتمدن-العدد: 4059 - 2013 / 4 / 11 - 09:46
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يمكن للقطب الحداثي أن يجمع المثقفين من الجيل الجديد، عبر تطوير المعرفة والدفاع عن التسامح والحرية من خلال قطب حداثي ينكب على مسألة العدالة الاجتماعية وإحياء الأمل التقدمي في مصالحة التاريخ مع الحرية، وتوفير البديل للنزعة الأصولية التي تحاول تديين السياسة. إن المرحلة الحالية مرحلة تحول مفصلية على الصعيد الوطني وعلى الصعيد الإقليمي استوجبها مخاض العولمة والثورة الرقمية التي ينبغي فهم مغزاها، وممارسة نقد ذاتي لقوى اليسار الجدري، فالفضاء الشعبي عرف تغييرا، بفعل التطور السريع لتعليم الجماهير، هذا الأمر ينبغي معه الانفتاح على الجماهير، عوض احتكار الكلام في ظل مزاعمهم النخبوية، باجترارهم لنفس المصطلحات التي باتت ماضوية. على اليسار الجدري أن يبدأ من ذاته، من خلال مساءلتها بدل الهروب الذي يؤدي إلى تدمير الذات، في ظل أنانية مفرطة غارقة بهوس الهوية وتحليلات سياسية متعسفة غير قادرة على الصمود في وجه التنوع المطلق للثقافات، ينبغي معه اتحاد لكل الحداثيين من اجل تأسيس جبهة تؤسس خطها النضالي على تكريس الاختيار الحداثي، ومواجهة كل نكوص في مجال الحريات الفردية والحريات العامة وخطر أدلجة الدين، فاللحظة التاريخية ليست لحظة الفرز وتبني الاختيار الاشتراكي كما يذهب بعد أصحاب النظرة " الطوباوية التبسيطة"، إن المرحلة التاريخية التي نمر منها حساسة وجب فهم مغزاها لأمرين هما : • الأمر الأول : وجود نخب شعبية ضحية صدمة التحديث. • الأمر الثاني : تحريك هذه القوى ودفعها للتضامن يقتضيان وجود قواسم مشتركة فيما بينها من أجل ضمان تأويل حداثي للدستور. من داخل المؤسسات التمثيلية. إن تحالف جميع القوى الحداثية يقوم على أساس تقديم البديل، بدل إعطاء الفرصة لقوى الخرافة للسيطرة على الشارع، في ظل مشروع يقوم على الإقصاء، فنظرية التعالي على الواقع لا تعالج الواقع، والتجارب الدولية تؤكد أنه لا يمكن المرور إلى تأسيس قطب تقدمي من دون تكريس الحداثة، فاليسار الجدري سقط دون أن يدري في نزعة ماضوية ستضعه خارج التاريخ، إن لم يمنح لنفسه الفرصة لفهم التحول الاجتماعي والسياسي بفعل العولمة، والتي ينبغي معه تحرير ذاته من عقد التاريخ، لكون اللحظة تستدعي إعادة تحديد الحداثة عبر مجابهة القوى المحافظة، بأمل في المستقبل وليس بالاستسلام للحنين للماضي الذي يتناقض مع طموح التغيير والتقدم،فالنضال الحقيقي هو الذي يصنع التاريخ و ليس العكس، وإدراك أن المجتمع عرف تحولا في المبنى والمعنى بفعل التطور السريع للتعليم الجماهيري، الذي افرز نخبا هائلة، يصعب ممارسة الوصاية باسم الماضي أو باسم صراع الخمسينية. بقدر ما يجب توفير الحمولة التنظيمية لمطلبيها المتمثلين في الحرية والكرامة كمطلبين ليبراليين في العمق، وليس اشتراكيين. عملت بعض قوى اليسار على محاولة قولبة الحراك الشبابي في أنماطها الجاهزة، مما جعلها تتواجد في صف أعداء التغيير، كل ذلك تم باسم تبني مطالب الشباب المتطلع للانفتاح الثقافي والحضاري والتصالح مع روح العصر، متناسين أن أي إيديولوجية لن تحقق النجاح ما لم تعبر بالفعل عن المشاعر والطموحات والأفكار الكامنة داخل المجتمع. إن الدستور الجديد أقر مجموعة من المبادئ، وترك المشرع تنزيلها للحراك الاجتماعي هذا التنزيل يفترض استجماع كل الحداثيين في جبهة حداثية، وخلاف سيضيع فرصة تاريخية، وبالتالي فسح المجال لقوى الانغلاق بإسم التراث . فالفوضى التي يعرفها المشهد السياسي تستوجب ان نتسلح بالأمل و التفاؤل الذي يميزنا كتقدميين ، من خلال تحريك روح الإبداع والابتكار، بغية الإجابة على المشاكل الداخلية وفي مقدمتها التنمية والقضايا الخارجية وفي مقدمتها قضية الصحراء المغربية. في إطار مشروع سياسي بديل ينقلنا من مرحلة التعددية الحزبية إلى التعددية السياسية. الاتحاد الاشتراكي اليوم مدعو ليكون المحرك الأساسي للقطب الحداثي، عبر تجميع قوى الحداثة يسارا ويمينا على أساس مشروع يحقق المثل التالية : التحررية، التقدمية، الحداثة. ينقل الحداثة من قيم فوقية إلى بنية تحتية تغرس من خلال المجتمع المدني والمنظمات الشعبية والمهْنية. و المنظمات الطلابية والعمالية والثقافية، من خلال استخدام التباين السياسي كرافد للقوى التنظيمية للقطب الحداثي. يمكننا من تكريس الاختيار الحداثي، وتجميع القوى المتنورة من مثقفين وأطر أكاديمية وقوى شعبية، على برنامج بديل يهتم بالمسألة الاجتماعية، والتنمية الاقتصادية، وفي إدارة المؤسسات المحلية. على جميع الحداثيبن إدراك أن التأويل الحداثي للدستور كغاية نشترك فيه جميعا، يحتم على كل الحداثيين التخلص من عقد الماضي، وتأسيس خط نضالي قوامه استجماع طاقات كل الحداثيين، من أجل مغرب يستفيد من الجميع ويستفيد منه الجميع، وتكريس الحداثة أولا قبل تحديد فرز أخر بين الحداثة اللبرالية والتقدمية، إن مضمون التحالف هو تحقيق مشروع متكامل يهم مسألة الحقوق الاجتماعية والاقتصادية للشعب ولفئاته الكادحة والفقيرة، وتحقيق مقومات الإبداع الذي يخلق الثروة قبل التفكير في توزيعه االعادل، وتقليص الفجوة الطبقية في المجتمع، وإصلاح القطاع العام وتفعيل أدواره الاقتصادية، وتوفير فرص العمل للمعطلين، ومحاربة الفساد المالي والإداري، وانجاز الإنماء المتوازن للمناطق والجهات، ورفع التهميش والعزلة عن العالم القروي، وإعادة الاعتبار إلى القطاعات المنتجة (الصناعة،الزراعة...) على حساب تضخم القطاعات الطفيلية.. إلخ. بدون ذلك ستستمر هيمنة القوى المحافظة التي تتقوى من خلال تفكك الحداثيين، يسارا ويمينا، وبذلك نضيع فرصة تاريخية للتصالح مع العصر ومع المكتسبات المحققة في دستور 2011، والذي يتجه رئيس الحكومة إلى تأويله تأويلا أبويا من خلال جعل الديمقراطية مساوية للطاعة والنصيحة، وترويجها لخطاب يكرس الالتباس ولعب دور الضحية، من خلال خروجه بتصريحات مفادها أنهم مستهدفون من طرف قوى هلامية. وغفلة من القوى الحداثية تُهدد المكتسبات على صعيد الحريات العامة وقمع حرية الرأي، والهيمنة على مفاصل الدولة... إن هذا الواقع يهددنا، نحن الجيل الحالي والأجيال القادمة في الدخول في الأسوإ، لما فيه من قتل لطاقة الإبداع، وتقوية الشعور بالاغتراب الحضاري والثقافي، وبالتالي شعوره بالأمل الذي يحفز على السعي لتحقيق الأفضل.
#رشيد_لزرق (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من اجل بديل حداثي .... لا للوصاية باسم الدين أو باسم العائلة
-
المؤتمر التاسع من أجل اتحاد اشتراكي اجل المشروعية التاريخية
...
-
من أجل ثورة ثقافية في المغرب على الحداثين أن يتحدوا ...
-
الاتحاد الاشتراكي و مسؤولياته الحالية
-
التنافي بين صفة النيابة و الوزارة بالمغرب على ضوء التجارب ال
...
-
دعوة لعقد مناظرة حول موضوع الحرية، جواب الجيل الجديد حول الد
...
-
مسار التحول الديمقراطي في المغرب و ليبيا على ضوء التجارب الد
...
-
الحداثة الشعبية
-
التأويل الحداثي للدستورالجديد من اجل تحقيق الأفضل.. بل من اج
...
-
الحركة الاتحادية مسار نضالي الاختيار الثوري .. الخيار الديمق
...
-
الازدواج القيمي و الدستور المغربي أي إصلاح؟
-
مسار العلاقات المغربية الموريتانية
-
من أجل تأصيل نظري لمفهوم الثورة
-
مساهمة في دراسة الجهوية بالمقرب و فق المقاربة السوسيولوجية
-
الجهوية الموسعة و السياق التاريخي
-
الاتحاد الاشتراكي و الأصالة و المعاصرة جدلية التغيير و الاست
...
-
العلاقات المغربية الليبية المسار الصعب
-
الأحزاب السياسية المغربية و القضايا العربية
المزيد.....
-
الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و
...
-
عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها
...
-
نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
-
ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط
...
-
خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد
...
-
ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها
...
-
طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا
...
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|