أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي ابراهيم صافي - هربت من البلاد !














المزيد.....

هربت من البلاد !


علي ابراهيم صافي

الحوار المتمدن-العدد: 4057 - 2013 / 4 / 9 - 13:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منكسرا مهزوما الوذ بزاوية الشارع مع صديقي ورفيق طفولتي صادق حسن , الوقت ظهرا في احد ايام اَذار من العام 1991 الانتفاضة الشعبية ضربت وبقوة الكثير من الذين اعرفهم قتلوا او هربوا تجمعاتنا البسيطة وتنظيمنا العفوي كان قد انفك عقده بعد ان دخل الحرس الجمهوري الى المدينة واخذ يدكها بالقذائف والهاونات, الصواريخ والقناصة التي قطعت اوصال المدينة , البصرة كانت مدينة اشباح , بل اكثر رعباً. جثث القتلى تملأ الشوارع لااحد يستطيع حتى ان يمنع عنها الكلاب السائبة التي بدأت تنهش باجسادهم الطرية , كانوا شبانا واطفال وبعضهم شيوخ ونساء وشابات . رائحة الموت تملأ المدينة ودخان القذائف ورائحة البارود هي التي تصعد الى الاعلى الى السماء لتخبر من هناك بهول الكارثة. لاماء ولاغذاء, الاسواق معطلة الدكاكين مقفلة لاحوانيت ولاشئ يباع او يشترى في تلك الايام السود. الماء شحيح بل وان وجد فانه ملح اجاج فكيف والمدينة بحالها هذا منذ اسابيع محاصرة وتمطرها القذائف ويصول فيها الموت ويجول مع قطعات الحرس الجمهوري وقوات النخبة التي ادخرها صدام حسين ولم يشركها ابدا في حرب الكويت , كان ذكيا جدا على الاقل في هذة النقطة, القوات جاء يومها وها هي تملء ارض البصرة بالموت والخراب. بعد الانسحاب المذل والهزيمة من الكويت اشعل صدام حسين وكأي جبان خاسر , أشعل اَبار النفط ليحيل المنطقة الى كورة طابوق مغلقة يملئها الدخان والسخام. اذ ان سحب الدخان التي كانت تأتي من الكويت كافية لتغطي سماء المدينة الذي لايعوزه الدخان تغطيه بطبقة كثيفة من الموت الاسود, حيث ان المطر وهو الماء الوحيد الذي كنا نعول عليه كان أسودا ومليء برائحة الدخان والموت. كنا نضع برميلا امام البيت حتى نجمع بعض مياه الامطار ليتسنى لنا استخدامها اذ لايوجد غيرها ابداً, ابداً. البرميل يصبح وبعد طول انتظار الى قطعة سخام هو الاخر. نحاول ان نأخذ ماء المطر الاسود هذا لنغليه او نتحايل على انفسنا بانه صالح للشرب لنبلل منه عروق الاطفال والمرضى وكبار السن. الذي كان يقود القوات العسكرية في البصرة هو علي حسن المجيد , البعثيين الذي اختفوا ايام الانتفاضة خرجوا من جحورهم واخذوا يدورون على البيوت بيتا بيتا , ويخرجوا كل من يشكون به او لهم عتبة معه او لايعجبهم لقد كانت تصفية حسابات كبيرة وبشعة تقوم بها اوسخ ملة عرفها تأريخ العراق الحديث, الا وهم البعثيين. شباب المدينة والباقي منهم على قيد الحياة بدأ يبحث عن مخرج ولايريد ان يقع ضحية تحت يد البعثيين, انا شخصيا لم اريد ان اصبح بطلا ولا ما يسمى بشهيد او ..الخ. اردت فقط في تلك اللحظة التي الوذ فيها من القتل ان اهرب, ان اغادر هذا الموت السخيف , اريد ان اضغط على زر ما لاختفي من الوجود ان اذهب الى عالم اخر عالم احاول ان اجد فيه انسانيتي, لقد خسرت مستقبلي , دراستي شبابي الذي ضاع بين الحروب والقتل في حين صدام حسين وعشيرته يغتصبون نسائنا ويذيقون الناس مر الهوان كل يوم كل لحظة لمدة اربعين سنة , هل من ضمير حي يفهم هذا الكلام , هل هناك منصف او ربع انسان يعرف ماذا يعني ان تفقد كل شئ وتعيش مهانا ذليلا , لسقط المتاع, للجهلة والاميين والقتلة والمجرمين, لااعاتب احد الان , ولست مطالبا بثأر ولااريد اي حق من حقوقي, ولاحتى كلمة من اي كان وذلك لسبب بسيط, اريد ان اعيش حياتي واريد ان اكون سعيدا, اريد لاطفالي ان لايتلوثوا بالضغينة والحقد والجهل , ربما يسأل سائل, لماذا تكتب اذن ؟ اقول: اكتب حتى يعرف من يريد ان يعرف, ثانيا الكتابة بالنسبة لي تمرين على الصحة ومقاومة الالم ومعالجة الجروح التي خلفها البعث. في تلك الزاوية من الشارع وصادق يجلس بجانبي , كانت الطائرات الاميركية المروحية تحلق على ارتفاع واطئ جدا حيث كنا نرى وبوضوح الطيار ومن معه , كان صوت الطائرات المرعب والمخيف, يزيد من وحشة المدينة ويعطي المشهد موسيقاه التي يكمل بها صورة مدينة تسحق ويداس على عنقها الجميل. قلت لصاحبي وانا انظر والوح للطائرات بيدي مثل تائه في صحراء بعد ان وقفت بل هرعت راكضا وكأني اريد ان الحق بهذة الطائرة التي ربما كان طيارها في نزهة او في جولة تصوير او متعة شخصية , بعد ان انتهت الحرب وحقق الحلفاء هدفهم بكسر خشم قائد الامة وفارسها الشجاع حيث اخرجوه من الكويت كأي كلب مسعور هارب لاذ بجامع. كنت اركض واصرخ مرعوبا خلف الطائرة اريدها ان تهبط, اريدها ان تنزل لترى ما يحدث, اريد من الطيار ان ينقذني من الموت والالم والمعاناة, صرخ بي صادق, امجنون اانت , ماذا تفعل, القناصة في تقاطع الطرقات , قلت له اريد ان اهرب , اريد ان انقذ حياتي لااريد ان اموت كاي كلب علي ايدي هؤولاء الاوباش. لم يكن الاميركان اكثر رحمة من صدام حسين, قال صديقي, وانهم مثلما ترى دمروا العراق , فلشوا كل ماتقع عليه اعينهم وايديهم, انهم قتلة ايضا, لايهم هذا انا الان اريد النجاة, انا الان ارفع الراية البيضاء واترك البلاد لهم , لصدام وحسين وزمرته, لااقول اهل العوجة اذا ان في قرية العوجة ناس شرفاء ايضا لوثهم صدام مثل ما لوث العراق. في تلك اللحظات والطائرة تختفي بين الغيوم السوداء التي تغطي السماء قلت لصديقي:
هل من منقذ للبلاد, لااظن ان الناس لوحدها قادرة على أسقاط صدام حسين؟!!!
ساعتها , التفت صديقي وقال:
اعتقد ان الناس التي عاشت ايامنا هذة تريد ان تتخلص من صدام باي ثمن ومن اي كان.
بعد 12 سنة جاء الاميركان ثانية ليسقطوا صدام حسين , وها هو سقط مثل تمثال من الشمع , ذاب باول لفحة من حرارة الحرب, هرب البعثيون والفدائيون واصدقاء القائد وجنوده ووو الخ.
الان لازلت اناقش صديقي هل كان الاميركي محررا ام محتلا ؟!
الان انعم بالامان والسلام, بعد ان هربت من الجحيم. لكن ما هو الثمن الذي دفعناه وندفعه كل يوم؟؟؟!!!!!
يبقى السؤال مطروحا , ولا من جواب.
انا شخصيا فرح جدا وذلك لخلاصي من البعث وصدام حسين اما ما جرى بعد ذلك فهو تفاصيل, اتركها لمن لديه مزاج ووقت ولم يكتوي بظلم البعث ان يجادل ويحاور.

أوسلو /
9.4



#علي_ابراهيم_صافي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرأة في عيدها , نظرة سريعة !
- في ذكرى الانتفاضة الشعبية العراقية 1991
- سلاماً على ملائكة Sandy Hook
- ليونيل أندرياس مسي ... ساحر سابق عصره !
- مقابلة مع مهندس الهدنة بين حماس وأسرائيل
- صديق غريغوري !
- وطن حرّ وشعب سعيد !
- حفلة عراقية سعودية !
- قفزة فيلكس بين الحقيقة والخيال !
- سقوط
- قادة الدين وقادة السياسة!
- اوربا الى أين ؟ وجهة نظر من الداخل!
- من يحاربنا الان؟ وما نحن فاعلون؟
- القمة الصبح
- من قتل أبنائنا؟


المزيد.....




- المافيا الإيطالية تثير رعبا برسالة رأس حصان مقطوع وبقرة حامل ...
- مفاوضات -كوب 29- للمناخ في باكو تتواصل وسط احتجاجات لزيادة ت ...
- إيران ـ -عيادة تجميل اجتماعية- لترهيب الرافضات لقواعد اللباس ...
- -فص ملح وذاب-.. ازدياد ضحايا الاختفاء المفاجئ في العلاقات
- موسكو تستنكر تجاهل -اليونيسكو- مقتل الصحفيين الروس والتضييق ...
- وسائل إعلام أوكرانية: انفجارات في كييف ومقاطعة سومي
- مباشر: قوات الأمن الأردنية تعلن قتل شخص بعد إطلاقه النار في ...
- كوب 29: اتفاق على تقديم 300 مليار دولار سنويا لتمويل العمل ا ...
- مئات آلاف الإسرائيليين بالملاجئ والاحتلال ينذر بلدات لبنانية ...
- انفجارات في كييف وفرنسا تتخذ قرارا يستفز روسيا


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي ابراهيم صافي - هربت من البلاد !