أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قاسم حسن محاجنة - الشقق الشيوعية وسوء التطبيق














المزيد.....

الشقق الشيوعية وسوء التطبيق


قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا


الحوار المتمدن-العدد: 4055 - 2013 / 4 / 7 - 19:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



عندما اقلعت الطائرة بركابها وكنت معهم ، معية زوجتي العزيزة وصغيرتي الدلوعة ، منطلقة الى مطار بودابست في رحلة استجمامية ، تذكرت صديقي المسلم المتدين الذي وبعد أن أدى فريضة الحج ، سافر للسياحة في اسبانيا ، التقيته بعد عودته من هناك وبدأنا حديثا عاما عن اسبانيا واثارها . تشعب بنا الحديث وما لبث أن قال :
- أتعلم ؟ أنا غير مصدق بأنني سأدخل الجنة لمجرد انني زرت الاراضي المقدسة ، والذي صنع الطائرة التي اقلتنا من هنا الى اسبانيا سيدخل النار !! هذا الامر "بدخلش العقل " !!
قهقهنا طويلا ، تذكرته لحظتها ، وبعد أن هبطت الطائرة توجهنا لاتمام الاجراءات الروتينية ، وبعد انتهائنا منها كان بأنتظارنا مندوب شركة السياحة الذي أوصلنا الى فنادقنا .
خلال السفرة نحو الفندق ، اقترح علينا مندوب الشركة برنامجا سياحيا متنوعا على مدار ثلاثة ايام يرافقنا فيه مرشد سياحي يتحدث العبرية .
وكما يقولون فالغريب أعمى فما بالك بمن لا يجيد لغة اهل البلاد ، وافقنا حالا رغم أن السعر كان باهظا ، الا اننا ومقابله سنحصل على برنامج غني ومكثف ، وسنزور أماكن لم نكن لنفكر فيها لو كنا لوحدنا .
أحقاقا للحق فقد حصلنا على "سلعة " جيدة مقابل كل قرش دفعناه ، فالمرشدون يهود يجيدون العبرية ومن مواليد هنغاريا ، يعرفون كل " خزق" صغير في تلك البلاد ، ويعرفون التاريخ بشكل جيد .
كانت مجموعتنا مختلطة وبنسبة متساوية من العرب واليهود الاسرائيليين ، نشأت بيننا صداقات لم تكن لتخرج الى حيز الوجود في ظروف الحياة اليوميومية في اسرائيل . فالناظر عن بعد يظن أننا ابناء شعب واحد ، وبالفعل فنحن ابناء عائلة واحدة ، العائلة الانسانية .
اثناء سياحتنا في بودابست ، زرنا أماكن سياحية كثيرة بما فيها زيارة الحي اليهودي ، الذي تحول لاحقا الى غيتو ،وزرنا الكنيس الكبير ومقبرة لضحايا النازية من اليهود . ولم يكن المرشد يتوقف عن الحديث في التاريخ والسياسة ، قديما وحديثا ، وعندما خرجنا من مركز المدينة اشار المرشد الى عمارات ضخمة متشابهة وقال : هذه البنايات من عهد الشيوعية ، لقد بنى النظام بيوتا متشابهة تضم الكثير من الشقق الصغيرة ، التي تتراوح مساحتها ما بين ال 40-70 مترا مربعا . قالها ساخرا مستهترا ، مقارنة بقصور الارستقراطية اثناء حكم ال هابسبورغ .
ومع ذلك فقد استدرك نفسه وقال : اثناء الحكم الشيوعي كان العمل الزاميا ، وكان على الدولة أن توفر العمل والمسكن ، اضافة الى التعليم والعلاج . واليوم اصبح الحصول على فرصة عمل أمر شاق .
لم ينس مرشدنا أن يرينا مقر المخابرات والذي قال عنه ، بأن من يدخله اثناء الحكم الشيوعي لا أمل له بالخروج منه على قيد الحياة .
مواقع كثيرة شاهدناها ، من كافة العهود ، وما لفت الانتباه هو فوز الشيوعيين سابقا ،الاشتراكيين حاليا ، برئاسة الحكومة خلال دورتين انتخابيتين ، اثر فوزهم في الانتخابات البرلمانية .
من كلام مرشدنا ، يتضح بأنه كانت للحكم الشيوعي في هنغاريا ، محاسن ومساويء . وهذا هو الطبيعي والانساني .
فممارسة الحكم تختلف اختلافا جذريا عن الطروحات النظرية ، فالتطبيق يتم بأيدي بشر ، الذين تتحكم بهم أهواء وغرائز ، مصالح وطموحات ، والتي لا يمكن تحييدها أو الغائها والا تحول الانسان الى روبوت . والانسان المثالي الذي تحدث عنه الفلاسفة عبر العصور لم ينشأ بعد ، بما فيه الانسان الشيوعي ، الانسان المجرد من الانانية وحب الذات ، الملتزم بالفكرة ،يؤمن بها ويمارسها في حياته البشرية ، ليس له وجود .
لا اريد الخوض في اسباب فشل التجربة الاشتراكية ، لكنني شبه متأكد بأن التناقض بين القول والفعل ، بين التنظير والممارسة على ارض الواقع هي من بين أحد الاسباب الرئيسية لفشل هذه التجارب ، والتي كانت تحلم ببناء مجتمع العدل ، المساواة والكفاية .
فتقييم التجربة ، اية تجربة ، يتم عن طريق فحص ما حققته على ارض الواقع من برنامجها ورؤاها النظرية ، وهل قدمت لمن تحدثت بأسمه ، كل أو جل ما وعدته به ، من حرية وكرامة انسانية وعدل أجتماعي .
فالغالبية الساحقة من البشرية هي من المسحوقين الذين يريدون حياة حرة كريمة ، لا فرق بين عربي وأعجمي في ذلك . أو على ذمة اخوتنا المصريين " لقمة هنية وهدمة نظيفة " .
وبالعودة الى سياحتنا الشخصية ، فقد كان لنا يومان من الخمسة ايام ، اياما حرة قضيناها بالتعرف على مدينة بودابست بواسطة المواصلات العامة ،السريعة والرخيصة ، وخصوصا مترو الانفاق .
وذات مرة ، ضعنا عن هدفنا ، فسألنا عن اقرب محطة مترو ، وحينما نزلنا الدرج المؤدي الى القطار ، شاهدنا ولأول مرة خلال وجودنا هناك ، شاهدنا مجموعة من المشردين يتهيأون للنوم في مدخل المحطة ، لقد فرشوا فراشهم المكون من الكرتون ، والى جانب كل واحد ، كيس صغير فيه كل ما يملك !!!!! والمسافرون المسرعون الى بيوتهم يمرون دون أن يلقوا نظرة على هذه المجموعة ، وكأنهم غير مرئيين !!!
صدم الامر زوجتي ، فلا تريد أن تصدق بأن اناسا يفترشون الكرتون في مدخل محطة مترو ، رغم أنها رأت أمرأة عجوز تفترش الأرض بالقرب من الفندق !! بحيث أرادت أن تأخذ غطاء من الفندق لأعطائه للعجوز المسكينة ، وقضت زوجتي الليل وهي تقول ستموت هذه العجوز فالبرد قارس !
وبين وبين نفسي رددت بصوت عال : وما عيب الشقق الشيوعية الصغيرة ؟؟؟ فكل مشرد يتمنى شقة يستلقي ويغفو فيها ، ولو كانت عشرة امتار مربعة !!!!!!!!
فالمسحوقين وهم الغالبية يريدون سكنا ، تعليما ، كساء ، دواء ، غذاء ، حرية وكرامة انسانية و ... و... وفي المحصلة لا يهم كثيرا من الذي يوفرها !!
والى حينه ، الى أن يتحقق حلم الانسان ، ستنجح جزئيا وستفشل جزئيا تجارب بشرية ، لأن من سيقوم بالتطبيق هو أنسان أولا وأخيرا ...!!!



#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في نقد رومانسية -الربيع العربي -
- الاتلاف والائتلاف
- طلاسم بحاجة الى تفسير في السياسة والدين
- مزمور للسلام...!
- الذئب الفلسطيني والحمل الاسرائيلي ...؟!
- اللامرئيون أو العمالة المهاجرة
- جدلية الدين ، الجنس والسيطرة
- فتاوى بيدوفيلية
- العنصرية الصهيونية...!!!
- اليوم يومكن ..!
- اجا الجراد عالبلاد
- التفكيكية والربيع العربي!!!!!!
- سجن الجسد
- كرت أحمر في وجه -الخنزرة الرأسمالية -
- رصيف ومحطة -قصيدة
- التحرش والثقافة
- الاعتداءات الجنسية كوسيلة للانتقام
- الاعتداءات الجنسية ليس لها دين
- موت الفقير -قصة من الواقع
- هل انتهت الصهيونية حقا ؟


المزيد.....




- ماكرون يطرد 12 موظفا في الدبلوماسية ويستدعي سفير بلاده في ال ...
- ابنتا بوعلام صنصال تطالبان ماكرون السعي لإطلاق سراح والدهما ...
- الجميع -هدف مشروع-.. محللة توضح أهمية الفاشر لـ-الدعم السريع ...
- إسرائيل: لن تدخل أية مساعدات قريبا إلى غزة للضغط على حماس
- عباس إلى دمشق الجمعة المقبل للقاء نظيره الشرع
- الداخلية التركية تعلن القبض على 89 إرهابيا يشتبه بهم بالانتم ...
- إسرائيل تفرج عن 10 أسرى فلسطينيين من قطاع غزة
- الحكومة اللبنانية تطلق مشروع إعادة تأهيل طريق المطار
- شاهد.. -سرايا القدس- تعرض مشاهد من قصف استهدف الجيش الإسرائي ...
- بكين تمدّ جسورًا مع جنوب شرق آسيا


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قاسم حسن محاجنة - الشقق الشيوعية وسوء التطبيق