مريم نجمه
الحوار المتمدن-العدد: 4053 - 2013 / 4 / 5 - 20:00
المحور:
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
من يسيطر علىى المياه يسيطر على اليابسة - منطقة الشرق الأوسط - 6
شواطؤنا مشمسة معتدلة دافئة وطويلة .. أنهارنا كثيرة وطويلة وغزيرة ..وجبالنا عالية .. قمم وثلوج وغابات ..وسهول وخلجان وبحيرات .. صحارى وبوادي وثروات .
وأمامنا بحر أبيض واسع تعبر وتقيم وتتمخطر عليه وبه وفيه الغواصات والبواخر والأساطيل الروسية والأميركية والفرنسية والإنكليزية , والإيرانية حديثاً .. ما شاء الله !
تجوب كل هذا ليس فقط لإصطياد الأسماك وعالم البحار , بل لاصطياد البشر والعقول والثروات وترحيل السكان واقتلاعهم إذا لزم الأمر واجتاحت جيوشهم وأساطيلهم بلادنا وأرضنا مباشرة أم بالنيابة عن الأنظمة الإستبدادية وإسرائيل ..!!
.......
نكمل رحلتنا حول العالم , لنرى من يسيطر على الساحة الدولية اليوم ..؟ ومن هم اللاعبون الاّخرون عليها ؟ وما هي الإستراتيجية الرئيسية والهدف الرئيس لهذا الطرف أو ذاك ,, بهذا الإلتفاف حول دول العالم ؟؟ ما هي الدول التي تقضم وتبتلع وتسيطر .. للوصول إلى أقصى الشرق ... إلى المحيط الهندي و الهادي لتطويق الصين والنمور النووية والإقتصادية ؟
لكي نصل إلى المحطة النهائية لهذه الصراعات علينا أن نعرّج على منطقة الشرق الأوسط والبحر الأبيض المتوسط ومنطقتنا العربية في قلب الصراعات وقوة استمرار دول الغرب وهيمنتها بما تغرف وتستولي وتهيمن على القرارات وموارد لا تحلم بها , إنها عصب استمرار النظام العالمي الجديد ؟
أين تتجه الأنظار ومن يمسك خيوطها ومن هي الدول المتصارعة على الطرق والممرات والشواطئ والخلجان البحرية العالمية ؟
إستكمالاً للبحث الذي بدأت به في الدوران حول كوكبنا الأرضي ومراكز السيطرة عليه بعد أن تجوّلنا في البحر الأحمر ومنطقتنا العربية بظهور دول نفطية جديدة لها مطامع سياسية واقتصادية ودينية في السيطرة والهيمنة على منطقتنا حتى مياه البحر الأبيض المتوسط كنافذة للعرب والغرب في اقتسام النفوذ ,, بفضل نفطها وأحلامها التوسعية القديمة ..
فاليوم نكمل الموضوع لنتصور الصراع الدولي وتحركاته عبر التاريخ بصورة تقريبية ليكون لنا تصور وتحليل عميق وشامل لما يجري اليوم في أوطاننا ومنطقتنا . فهو إستكمال لمشاريع الهيمنة والإحتلال القديم – الجديد وتدرّجه من العسكري والإحتلال المباشر إلى الإقتصادي فالسياسي فالهيمنة الجوية والفضائية والقواعد العسكرية إلى قوة الإنتشار السريع ....
------------------
........
الإهتمام في شرقنا وأوطاننا ملتقى القارات قديم .. قدم الإنسان على هذه الأرض وقيام التجمعات البشرية ونشوء أولى الحضارات خاصة منطقتنا ومنطقة الخليج العربي والجزيرة العربية التي تشكل الطرق البرية والبحرية والأبواب الموصلة بين الشرق والغرب والشمال والجنوب ( جبل طارق قناة السويس باب المندب مضيق هرمز ) – فلقد كانت ومازالت منطقة الخايج العربي في دائرة إهتمام الباحثين والدارسين والمؤلفين والإمبراطوريات القديمة والحديثة معاً حتى يومنا هذا ..
ففي قول الضابط البحري البريطاني " أرنولد تي ولسون " ما يؤيد ذلك : "" من بين الخلجان كافة لا يوجد خليج كان ومايزال موضع إهتمام كبير للجيوبوجي , وعالم الاّثار , والمؤرخ , والجغرافي , ورجل الدولة , ودارس الإستراتيجية كالخليج العربي " " .
نعم فالمنطقة لها وزن وثقل تاريخي وجغرافي وبشري واقتصادي حتى قبل إكتشاف النفط ,, فكيف اليوم و باطن أرضها العائم ببحور النفط والغاز الذي أصبح عصب الحياة غربا وشرقاً , , فكيف لا يكون صراع القوى الأوربية والأمريكية وتنافسها وصراعها للسيطرة على اّباره وحكومات دوله , وصولاً للهيمنة على ثروات الهند والدول الشرقية وبناء قواعد عسكرية ثابتة أو متحركة , ونقل الكثير من مصانعها إلى بلدان اّسيا والصين حديثاً بعد الأزمة الإقتصادية العالمية الخانقة ....وما كان ليتحقق كل ذلك ما لم تتم السيطرة على البوابة الرئيسية لثروات الشرق الأوسط والخليج العربي . .!
وقبل اكتشاف اّبار النفط ( الذهب الأسود ) ... كان هناك ( ذهب العطور والبخور والبهارات وكل مواد وإنتاج الشرق الأدنى والأقصى وجزره كانت تصب عندنا في مدننا وأسواقنا وتمر القوافل التجارية عبر محاطاتنا في عُمان والبحرين واليمن وأرتيريا والسودان والجزيرة العربية فالأنباط والغساسنة والمناذرة والتدمريين وأرام دمشق وأرام حمص وأرام حما ه وحلب ....... ومنه إلى العالم ... ف " طريق الحرير" .. البرّي والبحري , كان يمر من هنا , من بلادنا من أرضنا .. من حلب .. حلب الشهباء ومخازنها ومستودعاتها وصوامعها وأسواقها وعطور ترابها .. فحلب القديمة ( يمحاض ) أيضاً , كانت تموّن ( مملكة ماري ) التاريخية بالعطور والزيت والحنطة والخمور الشهيرة قبل 4 – 5 اّلاف عام قبل الميلاد - التي يدمرها اليوم سفاح سورية وعصابته الأسدية ..!؟
هنا .. عاش الإنسان الأول , في بلادنا وحضاراتنا الأولى بنى المعبد الأول والكنيسة والمسجد والجامع والاّلهة والأديان والكتابة والحرف والمدرسة .. أرض المزارات والّاثار .. والإختراعات والإكتشافات .. فكيف لا تكون محط الرحّالة والمكتشفين والإحتلال والطمع والنهب والإستعمار .. وصراعات اليوم !!؟؟؟
فمنذ القرن السادس والسابع عشر عصر الإكتشافات الجغرافية وبدء تكون المصانع ونشوء البرجوازية الأوربية وتطور وتعميق التجارة العالمية , و نشوءالطبقة العاملة والحاجة إلى المواد الاولية للإنتاج واستمراره والحصول على فائض القيمة التي أسست لقيام ثورات ونشوء الأفكار الإشتراكية مع اتساع النظام الرأسمالي والإمبريالي والإستعماري وحتى اليوم , لم تهدأ البواخر في خضم المحيطات لوضع قدم لها في قاعدة أو حامية أو مركز أو برج مراقبة عربي ,,,,,, فمنذ ذلك الحين والنشاط البحري البرتغالي والأسباني والهولندي ثم الإنكليزي فالفرنسي والأميركي اليوم , والسوفياتي – الروسي حالياً -
والصهيوني – الإسرائيلي -
وسيبقى هذا الدور مستمراً وطافياً على السطح مع الأسف , يحرّك الأزمات والحروب والصراعات والمصالح , ريثما تصعد قوى وطنية وحرة مخلصة لأوطانها وشعوبها ومحافظة وأمينة على ثرواتها من أهل المنطقة مع معطيات ثورية وديمقراطية جديدة لتحل محلها بشكل أو باّخر ..
*******
إذا درسنا العصر الحديث إننا نرى أن حملة نابليون بونابرت على مصر وبلاد الشام كانت بداية الصراع الإستعماري الأوربي لاحتلال الوطن العربي في أعقاب الثورة الصناعية في أوربا وحاجتهم إلى الأسواق , والمواد الأولية وبعدها إلى الشرق عامة .. فقد توجه إلى بلاد الشام بعد انتصاره على المماليك ودخوله القاهرة في تموز 1798 -
وبعدها , جاء محمد علي بعد تحرير مصر من التبعية للدولة العثمانية وبداية عصر التصنيع والتنوير في مصر .. بدأ التاّمر الغربي الإستعماري عليه وفرض سيطرة بريطانيا على مصر عام 1882 والشرق العربي بعد ضرب وإجهاض حلم محمد علي الإقتصادي الصناعي الحداثي -
وقبلها المسألة الشرقية ... وهذيان , وحُلم روسيا القيصرية بالوصول إلى " المياه الدافئة " بكل السبل حتى الحروب عبر بحر الأسود ومرمرة والفسفور وصولاً للبحر الأبيض المتوسط .. وتواجدها السياسي والإقتصادي والثقافي والديني في بلاد الشام كلها فلسطين ولبنان وسوريا وإيران وغيرها ..
إذا ,,, البحر المتوسط كان عبر التاريخ ملعباً دوليًا للصراع والهيمنة للأقوى , والإبحار بعيداً للسيطرة على التجارة واستعباد واستغلال الشعوب ومواردها .
البحر الأبيض المتوسط كان " بحيرة فينيقية " أولاً , ثم بحيرة يونانية هلينستية أغريقية – ثم رومانية – وإيرانية بعض الفترات القصيرة وهكذا ...... ثم عربية ... ثم عثمانية - تركية ... .... ف بريطانية ... وفرنسية – أما اليوم فقد فرغ الجو واستقر على السوفيات – ثم الروس حالياً , والولايات المتحدة الأميركية -
الدولة الروسية قاعدتها سوريا والرديف النفطي الإيراني ,, وأميركا وقاعدتها إسرائيل ومعها دول الخليج العربي وتركيا – ولم يكن النظام الأسدي سوى أداة رخيصة بيد الجميع ليخدم كل متسلط وغاز للمنطقة ..!
إذا استحضرنا التاريخ القديم قبل ألفي عام , نرى أنه يعيد نفسه بطرق ( عصرية ) تراجيدية يعيد رسم المشهد والصورة بالدم والحروب وتهجير الشعوب .. والقضاء على معالم الحياة !
كيف كانت الإمبراطوريتان تتصارعان على منطقتنا بين مد وجزر ألا وهي الإمبراطورية اليونانية والرومانية < والإمبراطورية الفارسية -
المهم الصراع على موقع بلاد الشام والرافدين أيضاً يغور ويرجع إلى إمراطورية الأكاديين والكلدانيين والاّشوريين والمصريين القدماء ( الفراعنة ) قبل نشوء اليونان وتشكيل جحافل اسكندر المقدوني وجيوش نابليون وغورو والصهاينة وحافظ الاسد أخيراً..
ولكن بعد كل هذه المسافة الزمنية بقيت هذه المنطقة شامخة وثابتة في محيطها , وبعد كل هذا التاريخ الدموي التسلطي وبعد كل موجة زلازل تاريخية أرضية وبشرية حروب وطغيان واحتلال ... وتتر ومغول ومن كل حدب وصوب ... . الكل ذهب واندثر أو طُرد وبقيت الأوطان وشعوبها تتمسك بالأرض وعمالها وبُناتها الأوفياء الذين يجددون الحياة بعد كل موت جماعي وتسطيح المدن ورشها بالملح ,, تستفيق مدننا وتستعيد عافيتها ولونها الأخضر وزيتونها ونخيلها وأرزها المعمّر يشهد على تاريخها العريق الأصيل ..
...... يجب علينا أن نبقى مُستنفرين ومستعدين لإراقة الدماء , وتحمّل الاّلام في سبيل الحرية والقرار الوطني , ليبقى هذا الوطن ( سوريا ) المعمّر بطبقات عديدة من تواجد وهجرات شعوب وحروب هذا العالم , لتبقى أوطاننا راسخة كالطود كقمم الجبال أمام عواصف الهمجيات وهجمات الأعداء وحروب الضم والإحتلال والتتريك والتفريس والتصهين والتسيّد - التي تريد أن تبتلع وتمحي هذه البقعة والمساحة من الوجود بضمها إلى إحدى الإمبراطوريات والأحلاف ... فلم تفلح أي دولة بالعالم إختصار المسافة واختصار الدول الممتدة جذورها إلى الإنسان الأول وأبجديته الأولى وكوخه و( قلايته ) وكهفه الصخري ... إنها سوريا وحدها وستبقى وحدها علامة فارقة في تاريخ الشرق .. لأنها المركز وقلب العالم القديم والحديث -
هذا قدرنا وليكن .. !
مريم نجمه / لاهاي / نيسان April
#مريم_نجمه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟