|
زعران البعث
عمر البحرة
الحوار المتمدن-العدد: 1165 - 2005 / 4 / 12 - 08:41
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في حقبة الثمانينات تفتقت العقلية الفكرية البعثيه عن طريقة لمشاركة منظمة شبيبة البعث في قمع التمرد الدموي الذي قاده الإخوان المسلمين في سورية ، و تحت رعاية من الرفيق القائد الدكتور رفعت الأسد قائد قوات سرايا الدفاع ،و أسوة بالشبيبة الهتلرية النازية ، تم تخريج دفعات متتالية من المظليين الشباب و الشابات أعضاء شبيبة الثورة البعثيه ، وتعد هذه الخطوة واحدة من أخطر ما أنتجه الفكر العبثي البعثي في سورية نحو عسكرة الشباب ، و غسيل أدمغتهم و تحويلهم من بشر مفكرين إلى رعاع مسيرين وزعران منفلتين و شبيحة متنقلين ، وبدل أن تكون منظمة شبيبة الثورة منظمة ثقافية علمية تنمي هوايات و طموحات الشباب الفكرية و العلمية و الأدبية ، تحولت المنظمة إلى جهاز عسكري قمعي شارك بأعمال همجية في الشارع بحماية من قوات سرايا الدفاع ، فقد انتشر أعضاء شبيبة الثورة البعثيه من المظليين و العسس و الرعاع المرتزقة بلباسهم العسكري و المدني في الشوارع ، بحماية مباشرة من قوات سرايا الدفاع ، و نفذوا سلسلة من الاعتداءات على المجتمع المدني بشكل عام ، ومن دون إنذار أو أي تمييز بين رجل أو امرأة أو مسن و صغير ، ومن أشهر حملاتهم تلك الحملة التي تم خلالها تجريد النساء من غطاء الرأس ( الحجاب ) وبعض من ملابسهم المحافظة ، في خطوة لاقت حينها التأييد الضمني المباشر لرئيس الجمهورية . و اللافت للنظر أن أهم الأصوات التي صدرت من المؤسسة الدينية و التي اعترضت فيما بعد على القرار الفرنسي بمنع الحجاب في المدارس ، و قامت بشن الحملات الإعلامية ضده ، قد صمتت صمت القبور تجاه تلك الحملة الهمجية ، و الأغرب أن يتقدم الدكتور رفعت الأسد بمجموعة من الاقتراحات حول الإصلاح في سورية مثل إجراء انتخابات حرة وإلغاء النظم العرفية وتحديث الاقتصاد وغيرها من الأمور وذلك في محاولة منه في إعطاء صورة لذاته بأنه المصلح و المنقذ للوطن بعد أن كان الأب الروحي لزعران البعث . لم تقتصر أفكار البعث العبثية عند هذا الحد بل منح الشباب المظلي امتيازات كبيرة أهمها السماح للطالب المظلي بدخول أي فرع من فروع الجامعة حتى ولو كان معدل الطالب منخفضا، إضافة لحصول الطالب المظلي و الشبيبي على تسهيلات كبيرة في أثناء امتحان الثانوية ، بسبب وضعه المظلي و القمعي ، وخوف المدرسين من انتقامه في حال عدم تعاونهم وتساهلهم عن محاولات غشه ، لا بل شارك و ساعد كثير من المدرسين هؤلاء الطلبة على الغش في الامتحان ، وكانت من نتائج هذه الخطوة أن خريجي الجامعات السورية من المظلين المتمتعين بنفوذ و صلاحيات كبرى قبل و بعد تخرجهم من الجامعة ، قد وصلوا إلى مراكز القرار في مختلف المؤسسات العلمية و الصناعية و الإدارية و الجامعات السورية ، لنا أن نتصور النتائج الكارثية و درجة الفساد المترتبة على وصول المظليين أصحاب نظريات العسكرة الهمجية ، لمراكز القرار مدعومين بعبثية بعثيه مطلقة . الآن و بعد بدء الخروج المهين للقوات السورية من لبنان ، وبعد فترات طويلة من جمود ومماطلة الفكر البعثي ، الذي اثبت أنه لا يفهم أي من التحذيرات و المناشدات السلمية و الإعلامية لمغادرة القوات السورية لبنان، أثبت الفكر البعثي و خلفه نظام الحكم في سورية أنه لا يفهم سوى سياسة العصا الغليظة ، ذلك أن أحداث كثيرة أثبتت صحة هذه الفكرة ، وخاصة من خلال تلك التجربة المريرة مع تركيا التي أسفرت خلال فترة قصيرة من المفاوضات عن تنازل الحكم السوري الحكيم عن لواء اسكندرون ، بعد أكثر من خمسين سنه من المطالبات بعودة اللواء السليب لسورية ، وخرج القائد الخالد علينا بمقولته الخالدة إن صراعنا مع تركيا صراع حدود على العكس من صراعنا مع إسرائيل فهو صراع وجود . و بعد خمس سنوات من حكم الرئيس الدكتور بشار الأسد ، ومحاولة المجتمع نسيان ظاهرة المظليين و شبيبة الثورة و ممارسات نظيرها الجامعي الاتحاد الوطني لطلبة سورية ، وبعد وعود كبرى بمكافحة الفساد ،ووعود بعودة الديمقراطية للمجتمع السوري ، وحل كافة المشاكل العالقة بدءا من مشاكل الأقليات والأكراد ومشاكل المعتقلين السياسيين ، وحقوق المرأة ، بدا جليا سقوط أوهام مكافحة الفساد ، ذلك أن الرئيس قد خبأ العصا السحرية التي ذكر أنه لا يمتلكها لمكافحة الفساد و أودعها سرا في أقبية أفرع الأمن و منظمات البعث وخاصة الطلابية منها ، و بعصا سحرية تحولت حملة مكافحة الفساد في سورية إلى حملة إصلاح أداري و القضاء على الأخطاء إلى حملة تطوير و تحديث وأنا أرى أنها قد تحولت على حملة تطنيش و تجاهل عام لكل القيم الإنسانية . كانت الطامة الكبرى في زمن حكم الرئيس بشار الأسد عودة أساليب القمع الخاصة بعمه القائد المنفي رفعت الأسد إلى الواجهة، بعد أن قام الطلبة بتحريض مباشر من قياديهم المظليين السابقين ورثة الخراب و الفساد ، بالتعدي على المعتصمين أمام قصر العدل مطالبين برفع أحكام الطوارئ ، و على بعض الصحفيين و تخريب وكسر كاميراتهم ، و قاموا بضرب من تقدم كي يحمي أبناؤهم من الظلم و الفساد الذي لن يرحم حتى أبناء الفاسدين و أحفادهم ، تكمن خطورة هذا الحدث في غياب دور المؤسسة التعليمية الرائدة ، وتحولها إلى رديف لأفرع الأمن و المخابرات وتخريج زعران و شبيحة صالحين لخدمة الفساد و الإرهاب ، بدل أن تكون الجامعة قائدة المجتمع بات من الممكن أن يقال أن الجامعة قوادة المجتمع . وكم كنت سعيدا حين رأيت قبل أيام طلبة الجامعات المصرية يتصدرون المعترضين و المطالبين بإصلاحات دستورية ، وحزينا بالمقارنة مع طلبة جامعاتنا السورية الذين قاموا بتكسير أضلع المطالبين بتلك الإصلاحات . الحدث يظهر تأمر الشرطة و أجهزة الأمن و وقوفها موقف المتفرج على الأحداث ، و مشاهدة عربدة الطلبة و تقديم المساعدة للطلبة بإرشادهم نحو الشخصيات الهامة المطالبة بإصلاحات دستورية ، في خطوة مشابهة تماما لدعم سرايا الدفاع للمظليين حين خرقوا حرمات المجتمع والمواطنين ، ولم تكن هذه الخطوة الأولى ولا الأخيرة فقد قام بعض الشبان ممن يطلق عليهم اسم الشبيحة بالاعتداء قبل فترة طويلة على الكاتب السوري بيل فياض ومن ثم على كثير من رموز المجتمع المدني و أخير تم الاعتداء على نجل الدكتور عارف دليلة المعتقل السياسي على خلفية ربيع دمشق و وضرب بالسكاكين . ويبدوا أن النظام البعثي في سوريا غير قادر على فهم الرسائل العديدة التي ترسلها أمريكا و المجتمع الدولي للمطالبة بإصلاحات ديمقراطية في نظام الحكم السورية ، و يرد على تلك الرسائل بأجوبة غبية ، تصعد الموقف، في وقت تنتظر أمريكا مثل هذه الرسائل بفارغ الصبر كي ترد عليها برسائل أقوى و أقوى كي تتحول يوما بعد يوم إلى قرار من مجلس الأمن ، حينها سوف يهرع نظام الحكم في سورية كي يقول أننا سوف نطبق الديمقراطية بناء على خيارنا وإرادتنا ، فنحن منذ زمن بعيد نريد تطبيق الديمقراطية ، في خطوة مستقبلية متوقعة متشابهة مع خروج الجيش السوري من لبنان خائبا ، ضحك نظام الحكم على نفسه وعلى شبيبته وعلى رعاعه متذرعا بأن الانسحاب من مصلحة سورية و أنه تم بناء على تطبيق لاتفاق الطائف لا خوفا من أمريكا ,أوروبا و القرار 1559
#عمر_البحرة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عقلية القمامة
-
القبيسيات - الأمهات المؤمنات ومجمع أبو النور
-
العشوائيات السكنية
المزيد.....
-
واشنطن -تشعر بقلق عميق- من تشغيل إيران أجهزة طرد مركزي
-
انهيار أرضي يودي بحياة 9 أشخاص في الكونغو بينهم 7 أطفال
-
العاصفة -بيرت- تتسبب في انقطاع الكهرباء وتعطل السفر في الممل
...
-
300 مليار دولار سنويًا: هل تُنقذ خطة كوب29 العالم من أزمة ال
...
-
زاخاروفا ترد على تصريحات بودولياك حول صاروخ -أوريشنيك-
-
خلافات داخل فريق ترامب الانتقالي تصل إلى الشتائم والاعتداء ا
...
-
الخارجية الإماراتية: نتابع عن كثب قضية اختفاء المواطن المولد
...
-
ظهور بحيرة حمم بركانية إثر ثوران بركان جريندافيك في إيسلندا
...
-
وزارة الصحة اللبنانية تكشف حصيلة القتلى والجرحى منذ بدء -ا
...
-
-فايننشال تايمز-: خطط ترامب للتقارب مع روسيا تهدد بريطانيا و
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|