|
الإغتصاب واجب أصولي و ذكوري
مها الجويني
الحوار المتمدن-العدد: 4051 - 2013 / 4 / 3 - 21:13
المحور:
ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة
يكثر الحديث في الآونة الأخيرة عن ظاهرة الإغتصاب في تونس و كأن المجتمع التونسي يقدس النساء و يحترم جدا بنات حواء . الأستهجان الإعلامي و البرامج التلفزيونية المذاعة كانت في مستوى الأحداث الشنيعة المتواترة :"إغتصاب إمرأة متزوجة كانت تتنزه مع زوجها على شاطىء البحر ، إغتصاب طفلة في سن الثلاثة سنوات ، التعدي على طالبات في الثانوية ، إغتصاب إمرأة كاهلة و آخرها اليوم إغتصاب سيدة عجوز تسكن دارا للمسننين . يرى المتحدثون في المنابر الإعلامية أن الأمر يعود للإنفلات الأمني الذي تعيشه تونس بعد الثورة و يرى الآخرون أن سياسة وزيرة المرأة الحالية سهام بادي تزيد الطين بلة . فضلا على مجهودات الحزب الحاكم في دعم الحركات الأصولية في تونس من خلال إستضافة شيوخ الختان و بول البعير و جهاد المناكحة . و لا ننسى سماحهم لفتح مدارس و رياض أطفال "إسلامية" ، تفرض على المتعلمين فيها من أطفال اللباس الأفغاني الذي تسميه الجالية السلفية في تونس بلباس السُنة ... و أمام حوادث الإغتصاب يٌحمل حزب التحرير اليساريين و اليبيرالين مسؤولية ما يحدث لأنه حسب منظومة الفكر الأصولي اليساريين دعاة فتنة و فساد في الأرض إنهم قريش القرن الحادي و العشرين الكافرين بدولة الخلافة و الرافضين لتعدد الزوجات و لزواج القاصرات و عليه يؤكد حزب التحرير على أن الإغتصاب هو نتاج لإبتعاد الشباب على الإسلام و عن السنة النبوية القصد هنا النكاح ... و عليه فمن الطبيعي أن يغتصب الشباب البنات .. لأن البنت تخرج متبرجة و سافرة و بتبرجها و فسوقها فتلعنها الملائكة و يباركها الشيطان الذي يغري بسحرها إبن آدم البريء ضحية شهواته .. آليست المرأة أم الخطيئة ؟ و يستشهد أحد الأصوليين ذلك بالآية الكريمة " الزانية و الزاني فأجلدوهم مئتي جلدة.." يرى هؤلاء أن الآية تبدؤ بكلمة زانية .. ليس بكلمة زاني لأن المرأة هي من تدعو الرجل و تغويه. على غرار بقية الآيات التي تحمل الأحكام الشرعية مثل "السارق و السارقة" المؤمنون و المؤنات" "الكاظيمن الغيض و الكاظمات" التي تبدؤ دائما بإسم المذكر ليس بإسم المؤنث . و في إطار نظرية الكمال عند الرجل و النقص عند المرأة يغيب إستهجان الجالية السلفية لجرائم الإغتصاب من منطلق أنه عنف مسلط عن النساء ، بل يتخذها السلفيون كتعلة يبررون بها حكمة زواج القصر و منع المرأة من الخروج و إبقائها في البيت و يذهب الأمر لبعضهم بإعتباره أمر طبيعي و واجب حتى يعلم المتبرجة إحترام شعور الرجال ألم يقل أحد الشعراء العرب : لحد الركبة تشمرين بربك أي نهر تعبرين ... تظنين الرجال بلا شعور أظنك أنت لا تشعرين . " إذا تلقى نقبة سدها" مثل تونسي شهير يتبادله الشباب فيما بينه منذ القدم .. ويعني إذا وجدت ثقبا فقم بسده . و الثقب هنا هو فرج البنت و إنسداده لا يتم إلا عن طريق قضيب الشاب الفحل . يرمز المثل لواجب الرجل التونسي و لسبب وجوده و هو "سد ثقوب النساء" مثل هذه الأمثال يبرر بها الشارع التونسي حوادث الإغتصاب بإعتبار أن الرجل لا يستطيع التحكم في قضيبه أمام الثقوب المفتوحة وكأن الأمر وجودي و مفروض عليه و خارج عن نطاق السيطرة ... فالرجل في وطني هو كان حي لا يلمسه العيب حتى عند إقترافه لأبشع الجرائم م كالإغتصاب لا يلام بل بالعكس تُصبح الضحية هي المسؤولة و تدور حولها العديد من الأسئلة :" مالذي دعاك للخروج في مثل الساعة ؟ لماذا تلبسين هكذا ؟ لماذا إخترت الذهاب من هذا الطريق ؟ لماذا شكوت للأمن و فضحت نفسك ؟ من سيرضى بالزواج بك بعد مثل هذه الحادثة ؟ " و بقدرة قادر تتحول الضحية إلى جان و في حالة دخول الشاب المغتصب للسجن و حدوث مشكل بين العائلتين سيقول الشباب فيما بينهم "الي ايتبع القحاب يبات البرة" أي من يلاحق العاهرات يقضي الليل خارح بيته . تعني العبارة أن كل مصائب الرجال تأتي بسبب إتباعهم للنساء . و لكن الشباب لا يقولون نساء يقولون "قحاب" وتجدر الإشارة هنا أن مصطلح قحاب في تونس يرمز به لجميع النساء .. حتى عندما يصف الشاب فتاة ذكية يقول عنها" بنت قحبة و عندما يرى فتاة تبكي من ظلم تعرضت له من رجل سيقول "تتقوحب" بمعنى تكذب وعليه تغدو ضحايا الإغتصاب قحاب و ينبذهم المجتمع لذلك. و هكذا يقبل المجتمع بصاحب الجريمة و يتعاطف البعض معه لأنه فحل و أتم واجبه الذكوري على أحسن وجه بسد الثقوب المفتوحة أما هي( يا نار قلبي عليها ) تُنبذ و تٌغتصب كل يوم من علامات الإستفهام التي يطرحها المجتمع حولها .
#مها_الجويني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صاحبة الصليب و العيد
-
فتحي نخليفة .. الفارس المنسي
-
إمراة و نصف
-
الجالية الإخوانية و قضايا الوطن
-
كادحة لا أكثر
-
الإعلام و المزز
-
آتاي إما
-
إلى سجين إرميل
-
بين الحب و الجنس
-
خطاب تيزرزرت
-
لا ترضي دور البديل
-
دور البديل
-
حروف الوجود
-
أنا إمرأة
-
بدون برستيج
-
في اليوم العالمي للتسامح
-
لا أعرف الصمت
-
رسالة إلى القبطية
-
أهل النفط و النزوات
-
لقاء مع ثمغارت
المزيد.....
-
اللبنانيات الجنوبيات في مواجهة -الميركافا- من مسافة الصفر
-
عفو ترامب عنها ذهب هباء.. السجن 10 سنوات مجددا لامرأة شاركت
...
-
مبادرة “لاها” وأهمية الحديث عن الصحة الجنسية والإنجابية للنس
...
-
الصورة الرسمية للسيدة الأمريكية الأولى الـ47: أنا امرأة عملي
...
-
الهلال الفلسطيني يستلم 3 مواطنات مصابات في قصف الاحتلال مبنى
...
-
أول مدربة كرة قدم سورية تحلم بعهد جديد للنساء ولبلادها
-
جرائم نازيي كييف في قرى كورسك: تعذيب واغتصاب وقتل بدم بارد
-
طريقة التسجيل في منحة المرأة الماكثة للحصول على 800 دينار شه
...
-
طريقة التسجيل في منحة المرأة الماكثة للحصول على 800 دينار شه
...
-
هل أنصف القرآن المرأة وظلمها رجال الدين؟
المزيد.....
-
جدلية الحياة والشهادة في شعر سعيدة المنبهي
/ الصديق كبوري
-
إشكاليّة -الضّرب- بين العقل والنّقل
/ إيمان كاسي موسى
-
العبودية الجديدة للنساء الايزيديات
/ خالد الخالدي
-
العبودية الجديدة للنساء الايزيديات
/ خالد الخالدي
-
الناجيات باجنحة منكسرة
/ خالد تعلو القائدي
-
بارين أيقونة الزيتونBarîn gerdena zeytûnê
/ ريبر هبون، ومجموعة شاعرات وشعراء
-
كلام الناس، وكلام الواقع... أية علاقة؟.. بقلم محمد الحنفي
/ محمد الحنفي
-
ظاهرة التحرش..انتكاك لجسد مصر
/ فتحى سيد فرج
-
المرأة والمتغيرات العصرية الجديدة في منطقتنا العربية ؟
/ مريم نجمه
-
مناظرة أبي سعد السيرافي النحوي ومتّى بن يونس المنطقي ببغداد
...
/ محمد الإحسايني
المزيد.....
|