أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد جمعة - استشهد ميسرة أبو حمدية، ماذا عن الآخرين؟














المزيد.....

استشهد ميسرة أبو حمدية، ماذا عن الآخرين؟


خالد جمعة
شاعر ـ كاتب للأطفال

(Khaled Juma)


الحوار المتمدن-العدد: 4050 - 2013 / 4 / 2 - 16:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بالأمس، كنتُ عائداً من عزاء أحد الأصدقاء توفيت أمه، وفي الطريق كان راديو السيارة مفتوحاً على موجة غريبة، تتلو تصريحاً من المتحدث باسم الأسرى، كان يتحدث عن ميسرة أبو حمدية، قال كلاماً كثيراً لكن ملخصه كان: إن ميسرة وصل إلى حالة لم يعد فيها يتمكن من الأنين...

لدغتني الجملة تحت إبطي كعقرب مختبئ، وفي الصباح أول خبر طالعني كان استشهاده بعد اثنتي عشرة سنة في سجن إسرائيلي مصاباً بسرطان في الحنجرة.

مات ميسرة أبو حمدية، لن أقول عنه كلاماً يشبه الكلام عن الأبطال الأسطوريين، فهو رجل مثلنا جميعاً "مثلنا من حيث كونه لحم ودم"، لكنه يختلف فقط في شيء صغير، أنه كان عاشقاً وثورياً، والعشاق والثوريون مصيرهم معروف سلفاً، الموت.

مات ميسرة أبو حمدية، حسناً، سنكتب عنه القصائد كما فعلنا مع عرفات جرادات، وربما نبكي قليلاً، وننشر صوره وقصة حياته التي أصبحت فجأة ذات أهمية عالية، وسيتضاءل الاهتمام به كما هي العادة بعد عدة أيام، لتبقى حسرة استشهاده في قلوب أهله وأولاده وحدهم، فصدقاً: الموتُ شخصي جداً، لمن يموت أولاً، ولطقسه العائلي ثانياً، وأي كلام غير هذا هو كذب محض.

لا بأس، مات ميسرة أبو حمدية، وفي الوقت الذي نفكر فيه بنوعية الرثاء الذي يمكن أن نقدمه له كي يليق به الكلام، ماذا لو تذكرنا أن هناك أسرى آخرين في سجون الاحتلال الإسرائيلي؟ ماذا لو انتبهنا ـ بسبب من استشهاد ميسرة أبو حمدية ـ إلى أن هناك عشرات الأسرى مرشحون للاستشهاد؟ لماذا لا نقدم الخدمة الجليلة لميسرة أبو حمدية ونجعل من موته حدثاً ذات معنى أبعد من مجرد شهيد في سجون الاحتلال، حدث لا ينتهي باستشهاده بل يبدأ به؟

لا أعرف إلى من يجب أن أوجه الكلمات، لكني على ثقة أنها غير موجهة للأحزاب والفصائل الفلسطينية التي باتت أقل من حوانيت بيع الحلوى في المخيمات، بل إن بعض هذه الحوانيت أكثر شهرة وفائدة، وبالتأكيد أن الكلمات غير موجهة إلى أي سلطة حاكمة في فلسطين ولا في العالم العربي، ما أعرفه أن الأسرى الذين ينتفضون الآن ويكسرون أبواب السجون ويوجهون الضربات لحراسهم، هم في حالة يأس أكثر مما هم في حالة ثورة، يأس من القيادات، يأس من الجماهير، يأس من التنظيمات، يأس من الحكام، يأس من الوزراء، يأس من الشجر والجدران والرمل، هم يائسون إلى حد التخمة، وجاء استشهاد أبو حمدية كي يفجر يأسهم في شكل لا يعلم أحد أين سينتهي.

الأسرى أسنة رماح أية حركة مقاومة، ومن المفروض أن يحلّوا في المرتبة الثانية بعد الشهداء من حيث الاحترام والأهمية، لأنهم شهداء طوال فترة سجنهم، معزولون عن العالم وعن أهلهم وأحبتهم، عن أسرتهم الدافئة، عن علامات أبنائهم المدرسية، عن أكلات زوجاتهم، عن فناجين القهوة مع الأصدقاء، معزولون عن الأشجار التي تكبر في الطرقات، كل شيء يكبر ويتحول ويتغير، فيما هم محاطون بجدران رمادية لا تتبدل لعشرات السنوات، كي يبقوا اسم فلسطين حاضراً، وكي يقولوا لها: ما زال من أبنائك من يدافع عنك ويحبك، وفلسطين تصدقهم هم، هم فقط، ولا أحد غيرهم.

مات ميسرة أبو حمدية، حسناً، فليكن، شهيد آخر في القائمة الفلسطينية الطويلة، وإذا أردتم أرقاماً فهو الشهيد الثامن والتسعون بعد المئة الذي يستشهد في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وهنا يرقد فخ السؤال مخبأً في رمل الحزن الساخن والدموع الغزيرة، هل سيكون هناك شهداء آخرون في سجون الاحتلال الإسرائيلي؟ أم أن موت ميسرة أبو حمدية سيتحول من موتٍ شخصي إلى حياة جماعية لآلاف الأسرى، وسيغذي موته تلك الشعلة الخافتة في صدور الشعب الفلسطيني الذي نسي تاريخه النقابي والجماهيري، عفواً، هذا كان سؤال ميسرة أبو حمدية الأخير قبل أن يغلق عينيه على مشهد السجان، ولا أعرف إن كان الشهداء ينتظرون إجابة أسئلتهم التي سألوها مباشرة قبل أن يموتوا.

الثاني من نيسان 2013



#خالد_جمعة (هاشتاغ)       Khaled_Juma#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنا مَنْ قالوا لكِ عنْهُ
- أجل، ستناغيك الوردة
- فيما كنتُ بذرة موسيقى
- تدمر دمشق تدمر
- يا صاحب المقام
- وليد يريد أن يكون قائد سفينة قصة للأطفال
- كيف حالُكَ؟
- الرصاص المكتوب
- لم يأتِ أحد
- هذا الفراغ، هذا الامتلاء
- أريد أن أكون حراً وجائعاً...
- ذاكرة رجل آخر قصة قصيرة
- يا الدمشقيُّ!!!
- كسيّدٍ غيرِ مهذَّبٍ هو الحنين
- الإساءة للرسول، الإساءة للعالم
- ما يحدث في فلسطين لم يحدث بعد
- ضياع الحلم الفلسطيني
- معرض أزمات الشرق الأوسط
- مُتْ، فنحن لا نجيد التعامل مع الأحياء
- الفن والمحاكمة الأخلاقية


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد جمعة - استشهد ميسرة أبو حمدية، ماذا عن الآخرين؟