زيد كثير الحمداني
الحوار المتمدن-العدد: 4049 - 2013 / 4 / 1 - 17:49
المحور:
الادب والفن
يا وطني.........
سئِِمتُ من تلاوة اسمك في محافل غربتي وما عادتْ ربوعك تتغشى ذاكرتي المترعة ببارودِِ حروبٍ تتناسل في مواخير الدول العظمى.
*****
لستُ اشتاق الى جدران بيتنا الموشى بطيبة أمي وسَمتِ أبي، ولا احن الى مرابع طفولتي واصدقاء حارتي وشوارعنا الضليلة باشجار الصنوبر وسعف النخيل.
*****
تناثرتْ من ذاكرتي صورُ مدرستي الاولى وقامات اساتذتي الطيبين. الفجيعة التهمتْ اسمائهم وملامحهم وحروفهم التي كانوا ينثرونها علينا نثرَ وريقات النرجسِ فوق ثوب العروس.
*****
نسيتُ حمودي بائع الجرائد في شارع السعدون الذي يراوغُ شتاءك القارس بمعطف مهترئ وحُتات خبزٍ مع كوب قهوة، ونسيتُ ابتسامته المضيئة التي تُسفرُ برواء مثل شمس ايلول وكأن الدنيا بزخارفها حيزتْ لهُ وحده، ونسيتُ معه كل الشرفاء والاتقياء والصالحين.
*****
وأدتُ مئات العقود من تاريخك، وأدتُ حضاراتك التي كانت تمور بين رافديك مورا، وأدتُُ البابليين والآشوريين والكلدان، وأدتُ الواح الطين في اوروك واريدو ولكش، وأدتُُ جلجامش وانكيدو وكل الأخلاّء في كتب الأولين.
*****
وفي الختام، سأحذفُ اسمكَ من جواز سفري وامزقُ بطاقتي الوطنية، وحين يجنُ علي الليلُ، ساضعكَ في صندوقٍ أسود، والقيهُ في اليم كي لا يلتقطهُُ بعضُُ السيارة.
*****
فقط نسيتُُ أن أقولَ لك ان ما قلتهُُ آنفا سيبقى حبيسََ الأول من أبريل يا وطني، ولن أنسى بغداد!!
#زيد_كثير_الحمداني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟