|
حول حديث الملك لمجلة ذي اتلانتك الأمريكية.......(9)
مسَلم الكساسبة
الحوار المتمدن-العدد: 4046 - 2013 / 3 / 29 - 06:12
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
غالبا ما فكر حكام الأردن وتصرفوا على أساس أن الأردنيين تحصيل حاصل ، وان عليهم بالتالي أن يُرضوا ويتقدموا بأوراق اعتمادهم لقوى أخرى سواء خارجية (بريطانيا في البداية ومن ثم أمريكا بعد أفول النجم الانجليزي ) أو داخلية متمثلة في بعض مراكز القوى والعائلات السياسية بشكل اقل ..
والرسالة التي وجهها الملك الراحل لأخيه الذي ظل ولي عهده و"قرة عينه" لأكثر من 30 عاما لم تكن في الواقع موجهة للشعب الأردني بقدر ما كانت غزلا لأمريكا تمهيدا لتنفيذ رغبتها في إزاحة حسن والمجيء بعبدالله الملك الحالي.
أما الأردنيون فقد بدا وكأن الأمر لا يعنيهم في شيء ، وكما لو أنهم ليسوا هم أصحاب الشأن الذي من حقهم أن يقبلوا أو يرفضوا او يعقبوا أو يقترحوا ...
والبعض استغرب وتساءل أن لم يكن للأردنيين أي رأي أو موقف فيما حدث سوى ان يهنئوا ويباركوا ، ولكنه نسي أن هذا أمر عودهم الهاشميون انه ليس من شأنهم .. فهم بالأساس لم يستشاروا حينما سمي حسن وليا للعهد ..فكيف نريدهم أن يحتجوا أو يزعلوا حين ابعد ؟
عدا عن أنهم ربما عدوه امرأ لا يعنيهم ، وإذا عناهم فان قضيتهم ليست متعلقة بتبديل أسماء بل بتبديل نهج وأسلوب حكم برمته ، لذا فهم أيضا لم يتدخلوا أو يحتجوا حينما عاد الملك عبدالله نفسه فاستبدل حمزة بابنه حسين ، فالأسماء بالنسبة لهم لا تعني شيئا طالما أن أوراق الاعتماد تقدم هناك وليس لهم هنا .. فاعتبروا لذلك أن حسنا مثل عبدالله مثل حمزة ليس هو مشكلتهم بل مشكلتهم نهج يضع أسرة فوق وطن وشعب ..مشكلة الولاء بالقوة وبالأمن والمخابرات ومحكمة امن الدولة ...الخ
وقد كان لهذا الحدث سابقة أخرى حين أقصي طلال وجيء بابنه حسين وقد كان طفلا وقتها فتشكل مجلس وصاية على العرش حتى بلغ سن الرشد فلم يهتم الأردنيون لا لمن اقصي ولا لمن ادني.
هذا التفاهم بين حكام الأردن والقوى المهيمنة وإن كانت له آثار يمكن اعتبارها ايجابية على استقرار الأردن ونجاته من شرور وجرائم تلك القوى الذي عاثت إجراما وفسادا عانت منه دول مجاوره حاولت أن تستقل برأيها وقرارها عن جبروت تلك القوى المهيمنة ، إلا أنه بنفس الوقت وبالمقابل كانت له آثاره السلبية الخطرة .. فقد حرم الشعب الأردني من أن تكون له شخصيته وإرادته وقراره في وطنه بحيث بدا حكام الأردن كما لو كانوا ولاة تعينهم تلك القوى ليكون لهم تصرف شبه مطلق بالداخل ، بينما يدار الأردن فيما يتعلق بالسياسة الخارجية والأمور المفصلية وفقا لما ينسجم ويتناغم مع رغبات تلك القوى واستراتيجياتها ومصالحها.. ولعل هذا ما يفسر ميل حكام الأردن للثقافة الغربية وتعمدهم إظهار الولع والإعجاب بتلك الثقافة وممارستها على مرأى ومسمع من أهلها.
لكن هذا إذا كان قابلا للمرور في عهود هيمنة الإمبراطوريات المتجبرة فانه لم يعد كذلك في عهد تيار الوعي والثورات الشعبية والربيع العربي وتسلم أربع شعوب محيطة بالأردن لمقاليد الأمور في بلدانها ، بحيث بات التقدم بأوراق الاعتماد للشعوب وليس لتلك القوى هو مبرر البقاء والاستمرار .. ما يعني أن الأوان قد آن وبات من الضروري التقدم بأوراق اعتماد جديدة للشعب الأردني بمحتوى مختلف عما ساد في الحقب الماضية .
إن ما يجري حولنا وما جرى ويجري عندنا يؤشر بقوة أن الأوان قد آن فعلا لولوج الدولة الأردنية الثانية ، وان الدولة باتت بحاجة إلى تحديث بنيوي جوهري وليس سطحي شكلي حتى لا ينهار البناء القديم بالكامل إذا نحن أبقينا عليه ، وأنها- أي الدولة- ما عادت قادرة على الاستمرار بنفس السمات والمؤهلات التي استمرت بها في عهود خلت .
فعلى سبيل المثال وبعد انهيار الدولة العثمانية (نسبت إلى مؤسسها عثمان آل طغرل ) ، فإنه لم تبق من دول تضع اسم العائلة في عنوان الدولة أو كعنوان للدولة سوى دولتين اتسمت نشأتهما بالتنافس هما : دولة آل سعود في الجزيرة ودولة آل هاشم في الأردن ، واني لاستغرب فعلا كيف لدولة نتجت جراء الثورة على العثمانيين ثم جاءت لتستبدل عثمان بهاشم ؟
وكيف لإنسان أن يعتبر انتسابه لأجداده اشرف وأعلى كعبا من انتسابه لشعب ووطن توّجه حاكما ، فيضع اسم أسرته في موازاة اسم ذلك الشعب والوطن ؟ ويعتقد أن ذلك الاسم يكفي ويصلح ليؤسس لكيان قابل للحياة والاستمرار ؟
وكيف للنسب أن يصبح صفة سياسية وعنوانا لكيان سياسي دون أن يغض ذلك من شأن ذلك الكيان ويغمز من قناة ومروءة الشعب الذي يعنون وطنه باسم عائلة أو على الأقل يحدد ويقيد حركته في الجغرافيا ووالديموغرافيا والتاريخ ، فان تكون رئيسا لوطن وشعب فذلك هو النسب الذي لا تحتاج بعده ومعه لنسب آخر تتشرف به عليه وفوقه ..لذا كان على آل هاشم أن يكون الأردن والأردنيون هو فخرهم ونسبهم الوطني، بينما يحتفظوا بالنسب العائلي كشيء يخصهم وحدهم .
والأردنيون ليسوا هاشميين ولن يكونوا ولا يريدوا أن يكونوا ، وعلاقة الحكم ليست علاقة نسب ومصاهرة واندماج انساب تأخذ فيها الزوجة لقب زوجها ويكتسب الأبناء نسب أبيهم وسمات أخوالهم ، والأوطان اكبر من الأنساب والعائلات مهما شرفت وعلت.
لذا فإن من أولى خطوات التحديث أن تحتفظ العائلة الحاكمة بنسبها لنفسها وان يكون الأردن والانتماء له هو النسب الأعلى والثابت الرئيس الذي تتشرف به وتنأى بالدولة عن أن تختزلها وعنونها باسم عائلة .
وانني في هذا المضمار اخشي أن يسبق آل سعود المحافظون آل هاشم الذين يعدون أنفسهم حداثيين ، فيكونوا هم البادئين والمبادرين لذلك ، فيبادروا إلى تغيير عنوان الدولة واسمها إلى المملكة العربية في نجد والحجاز أو مملكة نجد والحجاز العربية مثلا ، أو أي اسم يزيل العشيرة من عنوان الدولة.
وشخصيا أشفق على بني وطني عندما أرى حتى من يعدون أنفسهم من رجالاتهم وزعماءهم يرددون عبارات من مثل "هاشميو الولاء" واشعر بسذاجة العقول فعلا ، إذ كيف يمكن لشعب يحترم نفسه أن يتخذ شعارا يقول فيه أن ولاءه لعائلة أو قبيلة أو نسب مهما علا وشرف حين أن ولاء العائلة والشعب معا يجب ان يكون لسيد مشترك هو الوطن والدولة..أو اسمع المطرب الأردني يغني الأغنية التي رقص عليها الأردنيون طويلا وكثيرا : هاشمي هاشمي !!
اذ ماذا يشعر الهاشمي العراقي أو الإيراني أو البحراني أو الكويتي أو المغربي حينما يرى شعبا تضؤل همته ليعلن ولاءه لعائلة مجرد عائلة ليست من بقية أهله .. وكيف لا يشفق النظام على شعبه من هذا ا الكلام المزري بالمروءة والكرامة ولا يأمرون بمحوه من الجدران والأذهان ، وكيف يتم التعامل مع الأردنيين كأطفال سذج يلقنهم زوج أمهم أن ينادوه يا أبي وهو ليس بوالدهم بل زوج أمهم ؟
وهل يمكن لدولة حديثة تحترم ذاتها وتريد أن تقدم أوراق اعتمادها للعصر الذي نعيش فيه وتريد أن تدعي الحداثة وهي مطمئنة أن لا يعقب عليها معقب أن تقبل بطقوس ومراسم وتسميات هي من بقايا الإمبراطوريات البائدة ؟
وكيف يقبل ملك يعد نفسه حداثيا ليبراليا ويخطب في أمريكا وأوروبا بطريقة تنتمي لتلك الثقافة أن يعود لبلده فيستمع لشعب طيب ساذج أو مغلوب على أمره وهو يغني هاشمي هاشمي أو يرى على الجدران عبارات من مثل " هاشميو الولاء "
أما الأمر الاهم بتقديريي ، فهو أن ذلك التصويب يدمج ويصهر الاسرة الحاكمة في نسيج الدولة والمجتمع الأردني ويلغي تلك الثائية والازدواجية : (أردني -هاشمي) وهو بتقديري جانب وأمر مهم جدا لصالح الدولة ولصالح الأسرة الحامة ذاتها . الا إذا كانت الأسرة عن سبق تصور وتصميم ترفض ذلك الاندماج وتصر على ذلك التباين والتمايز .
يتبع الحديث ......
#مسَلم_الكساسبة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حول حديث الملك لمجلة ذي اتلانتك الأمريكية.......(8)
-
حول حديث الملك لمجلة ذي اتلانتك الأمريكية.......(7)
-
حول حديث الملك لمجلة ذي اتلانتك الأمريكية.......(6)
-
حول حديث الملك لمجلة ذي اتلانتك الأمريكية.......(5)
-
حول حديث الملك لمجلة ذي اتلانتك الأمريكية.......(4)
-
حول حديث الملك لمجلة ذي اتلانتك الأمريكية.......(3)
-
حول حديث الملك لمجلة ذي اتلانتك الأمريكية.......(2)
-
حول حديث الملك لمجلة ذي اتلانتك الأمريكية.......(1)
-
ميكانيزمات الاستبداد وتحولاته الحتمية.... (2-2)
-
ميكانيزمات الاستبداد وتحولاته الحتمية.... (1)
-
قراءة في رسالة شبيلات الأخيرة..
-
- للفسادِ ربٌ يَحميه -
-
بروتوكولات حكماء بني طغيون ... (4)
-
بروتوكولات حكماء بني طغيون ... (3)
-
بروتوكولات حكماء بني طغيون ... (2)
-
بروتوكولات حكماء بني طغيون ... (1)
-
عمال ضد الفساد والاستبداد
-
مساءكم كرامة وحرية ..
-
دفاعا عن قيم الإصلاح .. نهاية القذافي .. كيف ولماذا * ..؟!
-
كل عام وأنتم في حراك...!
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|