محمد عبد الحليم
الحوار المتمدن-العدد: 4046 - 2013 / 3 / 29 - 01:31
المحور:
الادب والفن
يخبرني صديقي أن الرصاص قد اخترق جسده وأنه يركض الآن طريح الفراش في العناية المركزة.. نقرر زيارته .. ننتظر أمام العنبر .. دموع الأصدقاء تحرقني .. نحيب الأهل ينتزع مشاعري انتزاعا .. نظرات الرفاق تصرخ فى غضب شديد .. !
انتظرنا ساعات طويلة مرت وكأنها سنوات عجاف عانينا فيه الألم واليأس وقلة الحيلة والعجز والإحباط والخوف والحزن والغضب والمرارة .. وأخيرا حان وقت الزيارة .. قلبي ينتفض .. يدي ترتعش .. صديق يهمس في أذني " بلاش يا حليم " .. لا ألتفت إليه ولا أعيره أي انتباه !
دخلنا مجموعة تلو الأخرى .. كنت أظن أني صديقي البطل يمكث في عنبر للرعاية المركزة تليق بإنسان يعيش في سنة 2013 بعد الميلاد .. هالني المشهد وأغضبني .. عنبر كبير جدا يضم عشرات المرضي والمصابين .. آثار الألم والمرض والتعذيب تبدو علي الجميع .. الممرضات يتغامزن الحديث في صورة مستفزة .. تبلدت حواسهن علي ما يبدو ..!
اقتربت قليلا من صديقي الذي يرقد جثة هامدة .. نظرت نظرة واحدة عجزت عن تكرارها .. كانت جراحه غائرة وبدت لي مفزعة .. أحسست الأطباء والممرضات يعملون في قسوة .. يؤدون عملا روتينيا يفعلونه عشرات المرات كل يوم .. حنقت عليهم كثيرا . وخرجت وأنا أصرخ .. كان يستحق أكثر من ذلك .. كان يستحق أكثر من ذلك ..!
لا يزال مسلسل التنكيل مستمرا .. أصوات الجلادين والسفاحين عالية .. نسمع صرخات الضحايا تتعالي في ألم شديد ومروع .. ولا يزال منا من يخرج وهو يردد عن صديق له " كان يستحق أكثر من ذلك .. كان يستحق أكثر من ذلك " ( !! )
#محمد_عبد_الحليم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟