أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلوى زكو - (النخلة والجيران) قبل رفع الستار















المزيد.....


(النخلة والجيران) قبل رفع الستار


سلوى زكو

الحوار المتمدن-العدد: 4044 - 2013 / 3 / 27 - 19:50
المحور: الادب والفن
    


في نهاية الحجرة تتكلس عشرات الوجوه تحبس انفاسها وهي ترقب وجهين شابين يؤديان لمشهد الاول في المسرحية . حر خانق دبق يضاعف ثقل وطأته التوتر العصبي لعملية الاداء المسرحي . وجوه مسرحية تعرفها جيدا تفترش الارض لان الكراسي التي تملكها الفرقة اقل بكثير من عدد الحضور . مروحة يتيمة تقوم بمحاولة فاشلة لطرد الانفاس اللاهبة عبر شباك ضيق يذكر الشناشيل ، ارض متربة جرداء وسقف خشبي عتيق وجدران تساقط طلاؤها . من هنا ستخرج (النخلة والجيران) عملا مسرحيا جديدا تغمره الاضواء والالوان وتحمله اكتاف اكثر من خمسين فنانة وفنان .
الاصرار وراء الابداع
وتحار من اين يستمد هؤلاء العزم على مواصلة العطاء وما بين ايديهم لا يعدو مجموعة من المواهب ونصا مسرحيا وحجرة للتدريب لا تزيد مساحتها عن ثلاثين مترا .
ايكن شيئا اخر غير الاصرار ؟ اصرار الفنان تحاصره جدران مجتمع يصنف المسرح في باب الملاهي ، ويجد الالفة في المقهى والغربة في المسرح .
ويقفز الذهن الى وجوه تتصدر المكاتب وتتنفس الهواء المبرد وتنفث التبرم والضيق وهي تلقى وتتلقى الاوامر بالتلفزيون من اجل ان تمارس مهنة كتابنا وكتابكم . ورغم الحر اللاهب وتعب الوجوه الشابة ونبض العروق وهي تمارس عملية الخلق الفني ، رغم المقارنة الموجعة بين وجوه ووجوه ، وجهد وجهد وحر وبرد ، يرتاح الذهن لان هذا لا يشبه ذاك .
توتر ... واستراحة !
وانتبه من رحلتي بين الوجوه لفقرة مفاجئة اوصلت المخرج في لحظات من مقعده بجانبي الى صدر الحجرة حيث يدور المشهد المسرحي ويعاد تمثيل المشهد ، وقفزة اخرى ويعاد وثالثة ويتفصد العرق ليعاد المشهد مجددا ، وعند القفزة الاخيرة يصل التوتر ذروته فيعلن المخرج فترة الاستراحة .
(النخلة والجيران) رواية معروفة لغائب طعمة فرمان اعدها للمسرح الفنان (قاسم محمد) والمسرحية لن تظهر في القالب المسرحي المألوف عندنا : الفصل الاول فستار ، الفصل الثاني فستار ، ثم الفصل الثالث وستار المسرحية هي مجموعة من اللوحات ومشاهدة اللوحات لا تتقيد بالتسلسل الزمني ولا تخضع للتقسيم المكاني المشاهد تنتقل بسرعة وبحيوية بالغة من مكان لاخر ومن حدث لاخر .
منصتان متحركتان تحملان ثمانية مناظر
ومن اجل ان ينفذ هذا على المسرح ، لابد وان تكون خشبة المسرح متحركة لا ثابتة لتستدير حاملة في كل ركن منها منظرا مختلفا عن الاخر . وخشبة المسرح القومي مسمرة بالكونكريت على الارض . ولكن ، هل يقف هذا عقبة امام الاصرار ؟
على منصتين متحركتين من الخشب الاعتيادي ستقوم ثمانية مناظر ، وعندما تطفأ الانوار تدور منصة لتواجه الجمهور بمنظر جديد تسلط عليه الانارة بينما تختفي بقية المناظر بفعل الظلمة . ومع المنصة الدائرة سينتقل الجمهور في لحظات من بيت سليمة الخبازة الى حانة تعج بالسكارى الى الغرفة التي تضم تماضر وحسين ، الى دكان صاحب (ابو البايسكلات) وهكذا بلا توقف .
وحيوية تنقل المشاهد المتعاقبة تحتاج الى دقة متناهية في التوقيت ، وضبط التوقيت يضاعف زمن التدريب المسرحي ويفرض حسابا عسيرا على كل خطوة ولفته ، لان اي تباطؤ سيصنع فراغا يفتح فاه كالهوة فيبتلع جهد الشهد بأسره وهكذا تصبح الخسبة المسرحية الدائرة مركز ثقل يجمع في قبضته انتباه خمسين فنانة وفنان طيلة ساعتين يستغرقها عرض المسرحية ويشد اعصابهم بتوتر لا تتخلله لحظة ارتخاء واحدة .
حماس من نوع آخر
ورغم حماس الفرقة ( فرقة المسرح الفني الحديث) لهذا الانتاج الفني الجديد ، واهتمام زوارها اليومين من ادباء ومسرحيين وصحفيين ، يبدو حماس مخرجها شيئا اخر تماما هو الذي صاغ الرواية مسرحية وتحت العوالم الداخلية لشخصياتها بكثير من الدقة والأناة ، وانتزع البطولة من الشخصيات الرئيسية ليصنع لكل شخصية بطولة مسرحية .
عالم ابطال (النخلة والجيران) عالم يتهدم ، ينهار ، ولكن لا بديل يحل محل ما تهدم ليتم التوازن . (النخلة والجيران) دائما عملية فقدان يعانيها كل ابطال الرواية بلا استثناء لكن لا شيء البته يحل محل ما فقد . ومن هنا يحصل اختلال التوازن فالانهيار الخلقي والمادي والنفسي .
محاولة للبحث عن بديل
وهكذا يشخص مخرج المسرحية عالم (النخلة والجيران) . ولماذا اختيرت هذه الرواية بالذات ؟
" ان المردود الذي نحاول ابرازه في عملنا المسرحي الجديد هو البحث عن البديل ، ذلك ان هناك الكثير في حياتنا نريد ان نرفضه ، ونجابه الكثير من اشكال فقدان التوازن سواء على الصعيد الفردي او الاجتماعي . في ايامنا ايضا نبحث عن البديل "
نهاية للرواية وأخرى للمسرحية
ولمن قرأ رواية (غائب طعمة فرمان) اقو لان نهايتها في الرواية . في الاصل ، تتصاعد الاحداث لتحاصر (حسين) الشخصية الضائعة ، تتركه زوجة ابيه ، تهجره تماضر ، ويبلغ ذروته بمقتل (صاحب) اقرب انسان الى (حسين) بمقتله يفقد حسين اخر خيط يربطه بالحياة النظيفة فيقتل الشقاوة (ابن الحولة) وبذلك يولد شقاوة جديد وهو حسين .
اختلاف مع المؤلف .... اتفاق في النهاية
لكن لـ (قاسم محمد) رأيا آخر في هذه الخاتمة بحثه طويلا مع كاتب الرواية نفسها الى ان انتزاع الموافقة على هذا التبديل .
رأيت من التفريط ان اجمل من حسين (ابن صاحب الروحي) اشقياء اخر مثل (ابن الحولة) على العكس ، لقد جعلته استمرارية لصاحب ... الواعي المدرك لواقعه المسرحية تنتهي بتساؤل وبحث حسين : ليش؟ ليش؟ . بحث جديد عن البديل الذي تبحث عنه كل شخصيات المسرحية .
(النخلة والجيران) خرجت من حجرة بائسة
وبعد ... جدران العاصمة العتيقة ستحمل بعد ايام اعلانات ملونة عن افتتاح عرض (النخلة والجيران) ، وسيتوافد الجمهور مترفا انيقا كل ليلة ، ويختنق الشارع بسيارات الوافدين وتضج القاعة بالتصفيق ، ثم تكتب الصحافة شيئا ما عن المسرحية . ويسدل الستار وتموت الحياة على المسرح ويسود الصمت من جديد .
لكن ....... لا احد سيعرف شيئا عن الايام التي تسبق رفع الستار وتضج بحياة هي وحدها التي تبعث الحياة على خشبة المسرح لا احد سيعرف ان (النخلة والجيران) قد خرجت من حجرة بائسة في خلفية احدى العمارات بالباب الشرقي .



#سلوى_زكو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -بندقية أبي-.. نضال وهوية عبر أجيال
- سربند حبيب حين ينهل من الطفولة وحكايات الجدة والمخيلة الكردي ...
- لِمَن تحت قدَميها جنان الرؤوف الرحيم
- مسيرة حافلة بالعطاء الفكري والثقافي.. رحيل المفكر البحريني م ...
- رحيل المفكر البحريني محمد جابر الأنصاري
- وفاة الممثل الأميركي هدسون جوزيف ميك عن عمر 16 عاما إثر حادث ...
- وفاة ريتشارد بيري منتج العديد من الأغاني الناجحة عن عمر يناه ...
- تعليقات جارحة وقبلة حميمة تجاوزت النص.. لهذه الأسباب رفعت بل ...
- تنبؤات بابا فانغا: صراع مدمر وكوارث تهدد البشرية.. فهل يكون ...
- محكمة الرباط تقضي بعدم الاختصاص في دعوى إيقاف مؤتمر -كُتاب ا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلوى زكو - (النخلة والجيران) قبل رفع الستار