أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فيحاء السامرائي - جهشات الفراشات














المزيد.....

جهشات الفراشات


فيحاء السامرائي

الحوار المتمدن-العدد: 4041 - 2013 / 3 / 24 - 01:54
المحور: الادب والفن
    


جهشات الفراشات
(عجباً!...كيف يتمكن من حمل وتحمّل كذا حب مدوٍّ ومشاعر نيرّة؟ كيف لا تنطّ عيناه من محجريهما، ولا يثب قلبه من أحشائه، ولا تتحول شرانق كلماته الملونة الى فراشات ناطقة؟)
يمسك بيدها حين يجتازان الجبل، جبل عارٍ وعالٍ يطلعانه بجهد عصيب، يده تسند يدها، وخطاه تحثّ خطاها، تملأها نظرات حنون له وتفيض حولها لتعلّم صخوراً وحجارة معنىً أخضرَ للين ودماثة...رخوة كلماته سلسة، منبعها لسان قلبه وشفتا عواطفه: هيا حبيبتي، تماسكي، أنا معك، لا تقلقي أبداً ما دمتِ معي، فكّري بآتٍ يجمعنا سوية، إحلمي بغدنا، ببيت على رابية بعيدة يأوينا، بحديقة صغيرة نزرعها ورداً تحبينه، بأوقات شروق وغروب نرقبها معاً...
(للكلمات الرقيقة مفعول ساحر، مالذي يفقده المرء لو نطقها؟ لو طرحها على شكل مسودات أحلام لنبتت أجنحة لها، يسعد آخرون بأثرها وتأثريها...لِم كلمات بعضنا طرية على الورق، وخشبية في واقع غير ولاّد لودّ ولا نابت لربيع؟)
ما يلبث دم مجنون ينثال من كتفها، تتألم...ينتهكها لفح شمس قريبة لاذعة، تبتلع ريقها بمشقّة، تشعر بعطش، يقطع كم قميصه، يعيد ربط جرحها، يطحنه ألم سحيق حين يحكم شدّ العقدة، يفتح قنينة ماء شبه فارغة، يسقيها، يحرقه ظمأ حاد، لا يبالي بنفسه، يطمأنها بابتسامة متعسرة: سيكون كل شيء على ما نرام ونبتغي حبيبتي، تحملي، سنصل الحدود قريباً، ألا تعرفين كم غالية أنت على قلبي؟ تتذكرين لقاءنا الأول؟ يوم ارتدى مساء داكن وشاح ضوء ساعة أقبلتِ عليّ مثل رشّة عطر وباحة مسرّات، وحين ابتسمتِ، انفتحت لي أبواب خمائل الكون، واستأنستْ بلابل العالم بلحون تغرديدها، لم أر حينها غير وجهك وروح دافئة، وهبتني حياة حلمت بها...
(يارب الكائنات!...كيف يمكن لأنسان بسيط أن يبوح ويتصرف بهكذا عذوبة وبهاء؟ لو كان شاعراً ماكان تراه يقول؟...لولا هكذا دفق محبة، يغدو الانسان صحراء، يجول قبحه ويصول في رمالها، يسوده خواء وهشاشة، مثلما تسود قيم عشيرة أو دين عندما تضعف الدول...)
لا تقوى على الابتسام، تتوقف عن المشي، تفقد وعيها فجأة ويغشى عليها، يتلقفها بيدين مرتجفتين قبل أن تسقط على الأرض، ينظر بعيون محتقنة نحو سماء غامقة تحوم فيها طيور بدت له بلعاب يسيل، تسقط دموعه ملتاعة على وجهها، يتهدج صوته حين يهزّها لتصحو.
(لا ، لا تفعلينها وتموتي، لا تُسقطي حرف الحاء من أحلامه، لا تخذلين فراشاته...صدق كنفاني حين وصف قضية الموت بأنها ليست قضية الميت، بل قضية الباقين من بعده)
يصرخ بسخونة من قلب متفحم: لا تنطفئي يا شمس روحي، كيف تتركيني لوحشتي ووحدتي؟ تمهّلي، لا تذهبي، النجدةةةةةةةةة...من ينقذ حبيبتي...كلا...
يتناهى الى سمعها صراخه من غرفة نوم مجاورة، صوت حانق غليظ، يفشل أقوى زيت في ترطيبه:
- الساعة الخامسة!...يا للسموات!... لماذا لم توقظيني من قيلولتي ؟ كيف سألحق بالأمسية الآن؟...أين جواربي البنية...وما كل هذه الفوضى في خزانتي؟ يالسخرية القدر! أديب ومثقف مشهور مثلي تملأ مؤلفاته المكتبات، متزوج من إمرأة بلا أناقة ولا مشاعر، لا تهتم براحة وأناقة زوجها، ولا تتذوق الأدب مثلما تتذوق طبخة الباميا...يقيناً سوف أتأخر...يا مدام، يا خاتون...هل كويتِ قميصي الأزرق أم نسيتِ؟..ألا تسمعينني؟
تمسح دمعة سالت على خدها، تتحسر...تطفئ جهاز التلفزيون وتنهض...
كان الفيلم مؤثراً حقاً...
فيحاء السامرائي



#فيحاء_السامرائي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الطريق
- مسرحية (ليالي عربية) بسماء ثورية
- عاتم أنوار
- سينما من اجل التغيير
- هلاوس
- المقامة الدمشقية 2-3/3
- المقامة الدمشقية
- المضطرمات في العُقد
- كل النساء جميلات
- روميو وجوليت في بغداد، مسرحية تثير الجدل
- شعارنا، لا حرامي ولا اوبامي
- آنيت هينمان...صوت يعلو على أصواتنا
- حمندي
- و...يحمل آلام القصيدة
- العودة الى الوطن
- السينما العراقية بعد 2003...رحيل وتذكر - الرحيل من بغداد
- سيدة الشرفة
- البعد الانساني في فيلم (إبن بابل)
- نفحات من ميدان التحرير (شهادة شاهدة عيان)
- كسر القيد يتطلب قيماً


المزيد.....




- -استغلوا إدمانه-.. اتهام العديد من الأشخاص فيما يتعلق بوفاة ...
- فسيفساء رومانية نادرة تظهر بعد آلاف السنين في قلب إنكلترا
- حيوانات بانكسي تفاجئ لندن وتجذب الأنظار عن سر ظهورها المفاجئ ...
- شاهد أشهر الأفلام الوثائقية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك ع ...
- “ابنك هيطير من الفرحة” .. تردد قناة ماجد كيدز لمشاهدة الأفلا ...
- -الملحد-.. المخرج محمد العدل: -الفيلم جاهز للعرض.. والفكرة ح ...
- لطلاب الثانوية العامة.. مؤشرات تنسيق المعاهد الفنية للتمريض. ...
- شاهد أشهر الأفلام الوثائقية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك ع ...
- اعتُقل وأُحرقت كتبه وعاش منفيا.. جورجي أمادو -بيليه الرواية- ...
- هوليوود.. اتفاق لاستنساخ أصوات الممثلين بالذكاء الاصطناعي


المزيد.....

- القناع في مسرحيتي الإعصار وكلكامش لطلال حسن -مقاربة في المكو ... / طلال حسن عبد الرحمن
- في شعاب المصهرات شعر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- (مجوهرات روحية ) قصائد كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- كتاب نظرة للامام مذكرات ج1 / كاظم حسن سعيد
- البصرة: رحلة استكشاف ج1 كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- صليب باخوس العاشق / ياسر يونس
- الكل يصفق للسلطان / ياسر يونس
- ليالي شهرزاد / ياسر يونس
- ترجمة مختارات من ديوان أزهار الشر للشاعر الفرنسي بودلير / ياسر يونس
- زهور من بساتين الشِّعر الفرنسي / ياسر يونس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فيحاء السامرائي - جهشات الفراشات