|
اوباما ودبلوماسية أن يقول ما يرضي الجميع..
نبيل عودة
كاتب وباحث
(Nabeel Oudeh)
الحوار المتمدن-العدد: 4040 - 2013 / 3 / 23 - 00:01
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
زيارة اوباما لم تحمل أي بشارة انفراج في المسألة الفلسطينية. كان واضحا أن بيبي نتنياهو لم يعد رئيس حكومة إسرائيل، بل أصبح رئيس حكومة المستوطنين ، الذين بدأوا الاستيطان في الحكومة واحتلال السياسة الإسرائيلية. من جهة سارع بتلبية طلب ( أو أمر) اوباما بالاعتذار لتركيا عن حادثة سفينة المرمرة والاستجابة للطلب التركي بدفع التعويضات لعائلات الضحايا. أما حول القضية الفلسطينية فاكتفى بالقول انه من اجل حل دولتين، دون أي التزام بتغيير في سياسة الاستيطان والحصار ومنع الشعب الفلسطيني من ممارسة حريته في وطنه. لم أسجل بالصدفة المفارقة بين الاستجابة لإوباما حول تركيا وعدم التحرك قيد أنملة بالاتجاه الفلسطيني. السياسات الأمريكية من الاحتلال والاستيطان لم تتغير، لكنها ظلت مجرد مواقف تقال دون ممارسة ضغط للتنفيذ، بدل ذلك التزام أمريكي بتوفير الغطاء السياسي الدولي للممارسات الإسرائيلية، حتى التي لا تقبلها الولايات المتحدة. لماذا استجاب نتنياهو بهذه السرعة لطلب اوباما في الموضوع التركي واتصل باردوغان معتذرا وموافقا على تعويض العائلات التركية بعد أن كان الموقف الإسرائيلي متعنتا يرفض أي اعتذار ، لأن الاعتذار اعتراف ضمني بالمسؤولية على ارتكاب تجاوز قانوني دولي هو بمثابة جريمة حرب!! اطرح هذا الموضوع بالارتباط بالموضوع الفلسطيني لنفهم بعض محركات السياسة الإسرائيلية والأمريكية، ومتى يفرض السيد الأمريكي رأيه على شريكه الشرق أوسطي. لا يمكن فهم سرعة اعتذار نتنياهو من اردوغان إلا بربطها بالموضوع النووي الإيراني.. وبموضوع المشروع التركي لاحتلال المكانة الاقتصادية والسياسية الطليعية في الشرق العربي. ليس سرا ان إسرائيل تملك (أو كانت تملك قواعد، وعلى الأغلب لم يتغير الحال) قواعد ووسائل تجسس الكتروني على حدود تركيا مع إيران وربما مع سوريا والعراق أيضا، أهميتها انها عيون دقيقة لرقابة ما يجري في الشرق الأوسط وخاصة في إيران. جانب آخر: تشكل تركيا قوة شرق أوسطية عظمى، وقاعدة أطلسية، في أي عملية مرتقبة ضد إيران أو سوريا.. وأعتقد أن موضوع النووي الإيراني هو الأمر الحاسم الآن، طبعا بدون نفي الامتداد التركي في العالم العربي وكيف يمكن أن يخدم السياسية الإسرائيلية والأمريكية بنفس الوقت ، هذه الظاهرة يمكن أن نلاحظها تاريخيا أيضا مع انحسار الاستعمار التقليدي ، حيث تسللت إسرائيل إلى الدول التي تحررت من الاستعمار في بداية النصف الثاني من القرن العشرين، في افريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية.. وآخرها الجنوب السوداني!! تركيا أيضا غير معنية بسلاح نووي إيراني يجعل من إيران القوة الشرق أوسطية الأولى. خلال الفترة الماضية جهدت تركيا لتحتل مكانة متقدمة في الشرق الأوسط. هذا لن يتوقف، ولكنه لم يتطور كما كانت تتوقعه تركيا لتشكيل قوة اقتصادية في مواجهة السوق الأوروبية المشتركة التي ترفض انضمام تركيا إليها. إذن إسرائيل أمنت الساحة التركية ، تمهيدا للتطورات في المسالة النووية الإيرانية. فلسطين لا تشكل الآن تحديا أمام الإدارة الأمريكية. الأمريكيون يعرفون أن الاحتلال والاستيطان هم عائق كبير على أمن حليفتهم إسرائيل في المستقبل، الآن العالم العربي يتمزق، وهو أصلا كان ممزقا وضعيفا في مواجهة التحديات، ووضعه لا يتحسن ، بل يسوء أكثر. لذلك الطرح الأمريكي اكتفي بإعلان رؤية، وإعلان اهتمامه بضمان التفوق النوعي لإسرائيل، وإعلان أن أمريكا لن تسمح بهزيمة إسرائيل أو غرقها، حتى في ظل تنفيذها سياسة لا يقبلها الأمريكيون. خطاب اوباما كان نشارا لأذني نتنياهو وحكومة المستوطنين ، من ناحية أخرى يمكن رؤية خطاب اوباما ردا بطريقة ذكية ودبلوماسية ماكرة على خطاب نتنياهو أمام مجلسي النواب والشيوخ الأمريكيين حيث رفض نتنياهو بخطابه الذي استقبل وقتها بعواصف من التصفيق ، مشروع اوباما بحل على أساس حدود العام 1967. ليس بالصدفة ان اوباما ألقى خطابه من قاعة في القدس وليس من منبر الكنيست التي تتميز انها أكثر كنيست يمينية واستيطانية بتاريخ إسرائيل. اوباما طرح في خطابة اقتراحا أميركيا قديما ، مضمونه الوصول إلى اتفاق فلسطيني – إسرائيلي حول الأرض والأمن يوضح المناطق التي ستكون ضمن السيادة الفلسطينية والمناطق التي ستكون تحت السيادة الإسرائيلية في إطار حل نهائي ينهي إشكالية الاستيطان. وفي رام الله قال: القضية الجوهرية الآن هي كيف يمكننا الحصول على السيادة للشعب الفلسطيني وضمان الأمن للشعب الإسرائيلي؟ وأضاف: إذا تم حل هاتين المشكلتين، ستحل مشكلة المستوطنات. لا بد من ان نلاحظ ان اوباما لم يكن حادا في رفضه الاستيطان كما فعل ذلك في خطاب القاهرة بعد انتخابه الأول. قبل وصوله نُشر ان المشروع السعودي الذي تبناه مؤتمر القمة العربية في بيروت وأصبح مشروعا عربيا، طرح من جديد من الإدارة الأمريكية، من منطلق ان أمريكا ترى أهمية ان تتحول إسرائيل إلى مركز تجاري ومالي وعلمي لكل الشرق الأوسط، ونوه حول الإبداع الإسرائيلي العلمي بشكل بارز لدرجه اعترافه ان المركبة الأمريكية التي أنزلت على سطح المريخ هي من تصميم إسرائيلي وأن إسرائيل أدخلت تطويرات تكنولوجية كثيرة على طائرات الفانتوم الأمريكية. من هنا أيضا أهمية إسرائيل للولايات المتحدة!! هل ترك اوباما لوزير خارجيته جون كيري العمل الأسود ؟ السؤال ما هو حل الدولتين حسب حكومة نتنياهو الاستيطانية؟ هل سنشهد تطورا يتجاوز الهشاشة التي تعودنا عليها في مواقف نتنياهو من كل العملية السلمية مع الفلسطينيين ؟ ليس سرا أن نتنياهو رفض استلام الخارطة الفلسطينية التي قدمها الجانب الفلسطيني للتفاوض على حدود الدولة الفلسطينية ورفض نتنياهو من جهته تقديم أي خارطة إسرائيلية بديلة. كان خطاب اوباما من وجهة نظر معظم الإسرائيليين مثيرا ، مقنعا ومليئا برسائل واضحة حول التزام أمريكي بأمن إسرائيل وربط ذلك بقوة بإنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية تعطي للشباب الفلسطينيين الحق في التطور والتعلم والعمل. كان كلامه أمام الشباب في القدس أعمق من مجرد علاقات عامة وحديث عن الأخلاق في التعامل مع الآخرين (الفلسطينيين). كان واضحا في خطابه انه يحث الجيل الجديد على إجراء التغيير المرجو، عدم الاستمرار على نهج الجيل القديم المليء بالشكوك والأفكار القديمة. انتقد بحدة السياسيين المهنيين الذين لا يستطيعون الوصول إلى اتفاق بينهم، وعلى ضرورة العبور عنهم والتحدث مباشرة إلى الجيل الشاب. في إسرائيل رأى بعض السياسيين اليمينيين ومنهم وزير أساسي في الحكومة، ان اوباما يدس لهم السم بالعسل، فقالوا ان "الشعب في أرضه ليس محتلا" كما صرح الوزير بينيت بتجاهل كامل لما طرحه اوباما عن خطر الاحتلال على إسرائيل نفسها وعلى تأكيده على امن إسرائيل بشكل لا يفسر على وجهين مؤكدا ان الأمن لإسرائيل لا يتحقق بمساعدة الجيش والأسلحة المتطورة تكنولوجيا فقط. إنما يتحقق أولا بفضل السلام العادل، المبني على قاعدة دولتين لشعبين، بدون احتلال وبدون طرد، بإطار اتفاق يدين الإرهاب ويعطي أملا للآباء والشباب على جاني الحدود وينهي العزلة السياسية المتزايدة ضد إسرائيل في العالم. لا شك ان بعض ما جاء في خطابة لا يقع جيدا على آذاننا نحن أبناء الشعب الفلسطيني، لأنه يضمن أيضا استمرار العنجهية الإسرائيلية بحماية سياسية وعسكرية أمريكية ، حتى لو استمرت إسرائيل برفض النصائح الأمريكية. ما هي حدود الصبر الأمريكي؟ أو الأصح متى يكون للعرب كلمة في عالم لا يرحم المتخلفين والضعفاء!! والسؤال الذي يهمنا الآن: هل سيكون اوباما حاسما في مواقفه التي طرحها أم ستذروها الرياح ، كما ذرت كلمات خطابه السابق في القاهرة؟
[email protected]
#نبيل_عودة (هاشتاغ)
Nabeel_Oudeh#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإئتلاف يقرر رفع نسبة الحسم في انتخابات الكنيست - الرد السي
...
-
درس في الفلسفة الواقعية !!*
-
8 ﺁﺫﺍﺭ من أجل تحرر ومساواة ʋ
...
-
تطهير عرقي في الأغوار
-
رسائل من منظمة فاشية تهدد باعدام شخصيات سياسية واعلامية عربي
...
-
الشاعر الفلسطيني النصراوي جمال قعوار في ال (83) من عمره
-
انتهت الانتخابات، ماذا بعدها؟ا
-
فهد ابو خضرة وعودة الى الورد
-
ذكرى 25 سنة على انتفاضة الحجارة الفلسطينية
-
-الربيع الإسلامي- يواصل التطبيع
-
اسرائيل: إنتخابات محسومة سلفا
-
غزة وراءنا والإنتخابات للكنيست تعود للصدارة
-
مهرجان جنرالات اسرائيل
-
صواريخ ابو مازن وصواريخ حماس
-
مع الشاعر د.فهد أبو خضرة في ديوانه: -مسارات عبر الزوايا الحا
...
-
Big Bang - اسرائيلي
-
انتخابات اسرائيل:لا بديل اجتماعي بدون بديل سياسي..!!
-
مرة ملكة .. دائما ملكة!!
-
أحزاب عربية وانتخابات اسرائيلية
-
خمم الديوك أوطاني منَ الشّامِ لبغدان
المزيد.....
-
بعد غضب ترامب من بوتين.. أول مسؤول روسي يزور أمريكا منذ بدء
...
-
حقيقة الفيديو المتداول لمقاتلات أمريكية تحلق على ارتفاع منخف
...
-
مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون: نستعد لضربة كبيرة على إيران قر
...
-
الحرس الثوري: تداعيات الرد الإيراني ستفتح فصلا جديدا في معاد
...
-
ترند -لا أريد أن أكون فرنسيا- يغزو التيك توك.. فكيف رد الفرن
...
-
فرنسا: المواجهة العسكرية تبدو حتمية إذا لم يتم التوصل لاتفاق
...
-
من أوكرانيا لإيران.. سياسة ترامب المربكة
-
طلاب جامعة موسكو يختتمون تدريبهم في العراق
-
-بوليتكو-: ترامب أبلغ دائرة المقربين منه بأن ماسك سيغادر قري
...
-
مصر.. مقتل شرطي في اشتباكات مع عناصر إجرامية شديدة الخطورة
المزيد.....
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
-
الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف
/ هاشم نعمة
-
كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟
/ محمد علي مقلد
-
أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية
/ محمد علي مقلد
-
النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان
/ زياد الزبيدي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
المزيد.....
|