|
حول حديث الملك لمجلة ذي اتلانتك الأمريكية.......(2)
مسَلم الكساسبة
الحوار المتمدن-العدد: 4038 - 2013 / 3 / 21 - 22:44
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
إن الإلمام بالتاريخ ووضع أي مشهد ما في سياقه التاريخي والنظر له كجزء من ذلك السياق يساعد على فهم أعمق وأكثر وضوحا وإنصافا .. لذا كان لا بد من هذه الإلمامة التاريخية لنعرف ما هو السياق الذي في مجراه أتيح لأسرة حجازية أن تحكم شعبا شاميا .
ينتمي الملك عبدالله الثاني في الأردن لأسرة حجازية ..وعلى مدى قرون طويلة كان الشغل الشاغل لهذه الأسرة هو تحقيق حلمها باسترداد حقها المدعى في الوصول للسلطة وزعامة الأمة سياسيا ، والقصة معروفة جدا في التاريخ الإسلامي ، إذ بعد وفاة الرسول وتولي أبي بكر الصديق خلافته وهو ليس من أبناء عمومة النبي والذي ما لبث حتى خلفه عمر بن الخطاب وهو كذلك ليس هاشميا ثم تلاه عثمان وهو بدوره قرشي أموي .. وقد كانت بداية رائعة للتعاقب على السلطة وبإيحاء من النبي نفسه وموافقته (مروا أبا بكر فيصل بالناس) ، حيث وفقا لذلك النظام يتم اختيار الحاكم من قبل أهل الحل والعقد وليس توارثا بالحق الإلهي أو العرقي أو الديني ...الخ . وكان يمكن لهذا النظام لو استمر أن يتطور إلى شكل يضاهي الأشكال الحديثة للحكم ..
لكن منعطفا حادا وخطرا بعد مقتل عثمان قد حصل حيث وقعت فتنة عمياء شقت صف الأمة وأدت للاحتراب الذي استمرت نتائجه على شكل شرخ وصدع عميق بين مكونات الأمة حتى يومنا هذا (نشأ التشيع أصلا من دعوى الهاشميين هم ومن تشيع لهم بأحقيتهم في السلطة السياسية وزعامة الأمة ومن جراء الاحتراب الذي نشأ عن تلك الدعوى بالأساس).. هذا من جهة
ومن جهة أخرى ومن نتائج تلك الدعوى أن قضي على نظام التعاقب على السلطة (أهل الحل والعقد ) وتحول الحكم إلى ملك عضوض (وراثي) .. حيث انتصرت فيالق معاوية على جند علي وال الأمر لبني أمية دهرا طويلا ..
وبالنسبة للهاشميين فقد كان فشل محاولتهم في الاحتفاظ بالسلطة التي آلت لهم بعد مقتل عثمان حين تولى علي من بعده الخلافة وعودتها لبي أمية مجددا منعطفا آخر عمق إحساسهم بالظلم والاضطهاد أكثر وجعل همهم الوحيد هو استعادة ذلك الحق المزعوم سلبه ..
وكان دأب تلك الأسرة وسعيها الذي لم يكل طوال ذلك التاريخ الطويل هو الانتصاف لنفسها من ذلك الظلم الذي تأولته لنفسها وتأوله بعض المتشيعين لها والذي لم ينص عليه كتاب ولا سنة ..إذ لم يعرف عن الرسول عليه السلام انه قال بصريح العبارة أن الزعامة السياسية من بعده على الأمة هي لأقاربه وأبناء عمومته .. مما ولد لدى تلك الأسرة على مر التاريخ طباعا ومسلكيات خاصة بهم سيما بعد ما لقوا جراء السعي للسلطة من عنت ومصارع سوء مما عرف في التاريخ بـ (مصارع الطالبيين ) ..ومعروف أن من يدعي حقا حُرمه وشعر ان الناس والقدر قد خذلوه في الوصول إليه سيتأول لنفسه في السعي له ويطور على مر الزمن أساليب يشرعنها ويفتيها لنفسه بعد أن حاول الأساليب الأخرى ولم تفلح ..
وهكذا كان ..فقد ظل هذا الظلم المدعى أو الحلم هو دأبهم وشغلهم الشاغل حتى هزلت الدولة العثمانية فأباحوا لأنفسهم التحالف مع الانجليز وانقضوا عليها مع من انقض من قوى غربية وشرقية وفي ذهنهم الخلافة التي ظلوا يسعون لها أربعة عشر قرنا.. لكن ومن جديد لم تسر معهم الأمور هذه المرة أيضا كما يشتهون ، فانتزع الفرنسيون سوريا من فيصل واستعاد العراقيون بلدهم من الأسرة الحاكمة هناك في مذبحة فظيعة رغم أن العراق موطن التشيع الأصلي وان أهلها هم من دعا الحسين بن علي أصلا للانتصار له على آل أمية وهم من حرضه على عدم المبايعة .. فكانت مذبحة كربلاء المعروفة في التاريخ الإسلامي قبل ذلك ..حتى أن بني العباس واقرارا منهم بخصوصية العراق قد نقلوا عاصمة ملكهم اليها من دمشق اقرار بهذه الحقيقة..ورغم كل ذلك فقد حصل لهم في العراق ما حصل وهو امر لا يتسع المكان هنا للنظر في اسبابه لكن لا بد ان العراقيين كشعب متدين محافظ قد صدم فيمن يفترض انهم حفدة علي والزهراء حينما راى ملكا يشرب الخمرة ويقود سيارته بجنون ويموت في حادث سير وهو مخمور كما في بعض الروايات والله أعلم..
أما في الأردن فقد كان الأمر مختلفا بعض الشيء ..فقد استقر الفرع الهاشمي في الأردن..اذ لم يعرف عن الأردنيين التطرف والعنف ، لكن لم تكن المملكة كما كان في ذهن عبدالله الأول الذي قتل على أبواب القدس .. فقد احتل الإسرائيليون فيما بعد الضفة الغربية من النظام ثم ما لبث الفلسطينيون أن أثمر سعيهم منذ مؤتمر الرباط إلى قرار فك الارتباط حتى أصبحت منظمة التحرير ممثلهم الشرعي والوحيد ، وحزموا أمرهم لتولي أمر النضال لاستعادة أرضهم بأنفسم بعيدا عن المظلة الهاشمية ، فانحسرت مملكة الهاشميين في شرق الأردن فقط وظلت هي البقية الباقية من حلم الخلافة الذي امتد السعي لأجله أربعة عشر قرنا ، ولتؤول الأمور إلى نظام يتحول إلى بائع بوتاس وفوسفات بدلا من أن يفكر كوارث هم وحلم كبير .وان يحترم الشعب والأرض التي استضافته وتوجته وقاتل معه أهلها لأجل حلمه سواء طائعين أو مكرهين .
أما الأردنيون فقد وجدوا أنفسهم متورطين في عُقد وتراث وتِـراتٍ عمرها يربو على أربعة عسر قرنا لا ناقة لهم فيها ولا جمل ، مثل من تُزَوّجُ مطرودا فتطرد بذنبه وهي لم تختره زوجا بخاطرها أصلا ولم تشاركه في ذنبه بالأساس ..
إن الإلمام بالتاريخ ووضع أي مشهد ما في سياقه التاريخي والنظر له كجزء من ذلك السياق يساعد على فهم أعمق وأكثر وضوحا وإنصافا .. لذا كان لا بد من هذه الإلمامة التاريخية لنعرف ما هو السياق الذي في مجراه أتيح لأسرة حجازية أن تحكم شعبا شاميا .
يتبع الحديث.......
#مسَلم_الكساسبة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حول حديث الملك لمجلة ذي اتلانتك الأمريكية.......(1)
-
ميكانيزمات الاستبداد وتحولاته الحتمية.... (2-2)
-
ميكانيزمات الاستبداد وتحولاته الحتمية.... (1)
-
قراءة في رسالة شبيلات الأخيرة..
-
- للفسادِ ربٌ يَحميه -
-
بروتوكولات حكماء بني طغيون ... (4)
-
بروتوكولات حكماء بني طغيون ... (3)
-
بروتوكولات حكماء بني طغيون ... (2)
-
بروتوكولات حكماء بني طغيون ... (1)
-
عمال ضد الفساد والاستبداد
-
مساءكم كرامة وحرية ..
-
دفاعا عن قيم الإصلاح .. نهاية القذافي .. كيف ولماذا * ..؟!
-
كل عام وأنتم في حراك...!
-
إلمامة سريعة في الأول من أيار ...
-
الأنظمة العربية .. هل يصلح العطار ما أفسد الدهر ...؟ (2)
-
الأنظمة العربية .. هل يصلح العطار ما أفسد الدهر؟ ... (1)
-
ايها الحكام المستبدون .. كونوا شجعانا لمرة واحدة !
-
الشعب يريد .. سلاح العرب الفتاك.
-
النخب العربية الحاكمة ، تجهيل وإنكار بقصد الاستغلال !
-
الشعب يريد ....(2)
المزيد.....
-
الملكة رانيا تهنئ الأمير هاشم بعيد ميلاده العشرين
-
انتشال 30 جثة حتى الآن لضحايا كارثة مطار ريغان في واشنطن
-
الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لخسائر قوات كييف في كورسك
-
فوائد -مكملات الحمل- في تقليل مضاعفات الولادة
-
ماذا نعرف عن وحدة الظل في كتائب القسام المسؤولة عن تأمين الر
...
-
-مخاوف من سيطرة دينية على الحكم في سوريا- - جيروزاليم بوست
-
سانا: الرئيس أحمد الشرع سيلقي خطابا موجها للشعب السوري مساء
...
-
شاهد: فرحة أسرة الأسيرة أغام بيرغر بعد أن أفرجت عنها حماس
-
انهيار صخري في أعماق كاليفورنيا يكشف أسرار تكوّن القارات
-
سر -طبيب الموت- ولغز -عاصمة التوائم-!
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|