عمّار المطّلبي
الحوار المتمدن-العدد: 4038 - 2013 / 3 / 21 - 22:27
المحور:
الادب والفن
قبل أنْ يُعدَم صدّام حسين، طلب من سجّانيه الأمريكان طلبه الأخير، فأحضروا لهُ نخبةً منْ ساسةٍ مُعارضين، و أدعياء ثقافةٍ و شعراءٍ خاملي الذكر و لصوصٍ و قطّاع طرق و وزراء منسيّين، و عسكريّين و يساريّين متقاعدين، و كتّاب مدائح ، و رؤساء عشائر، و معمّمين بعمائمَ سودٍ و خُضرٍ و بيضٍ و حُمر، و جمهرة منْ سوَقةٍ لا يعنيهم أحد.
حين التأم الجمع، لم يخطب صدّام كعادته، و لمْ يهتف بفلسطين، و ما هاجم الفرس المجوس، كما اعتاد، و ظلّ صامتاً كأنّهُ يُفكّر بشيء لا يستطيع البوح به، و حين بدأ الآخرون يتبادلون نظرات الاستغراب، ضحك صدّام ضحكتهُ المعروفة التي تُشبه مزيجاً منْ صهيل الحصان و نهيق الحمار، ثمّ مسح عينَيه بكفّه الموشومة، و تنحنح قائلاً:
( أنواط الشجاعة .. لديّ منها ضعف سكّان العراق ..)
قاطعهُ أحدهم:
( تبّاً لك .. إلى الجحيم أنتَ و أنواطك ) !
إرتعشَتْ شفتا صدّام رعشةً خفيفة، و اغتصب ابتسامةً ماكرة، و قال:
( صبرك عليّ أوليدي ..جايّك بالكلام ) ، ثمّ توجّه إلى الجمع، قائلاً:
( لو تعرفون مقدار سعادتي حين كنتُ أعلّق الأنواط ! كلّ شيء انتقمتُ منه فيكم .. لمْ تعودوا كما كنتم قبل مجيئي .. و كانت تلك فرصتي لأنتقم من ادّعائكم بالشجاعة ..
جعلتكم مثل تلاميذ صغار ترتعشون في انتظار يدي !!
أعرفُ أنّهم كانوا يفكّرون بما وراء النوط .. السيّارة الجديدة، و قطعة الأرض .. لكنّهم كانوا يرتعشون كالصغار و أنا أعلّق تلك الأنواط ) !!
و لم يلبث صدّام أنْ قال :( يا ألله )، ضارباً المنضدة الصغيرة المُتّسخة أمامه بقبضته، كما اعتاد أنْ يفعل ، و كان ذلك إيذاناً للجمع بالانصراف !!
***
بعد أنْ أُعدِم صدّام رأى العراقيّون ظاهرةً غريبةً لمْ يألفوها منْ قبل: كان هناك في كلّ مكان ثمّة أشخاص يوزّعون أشياء تُشبه أنواط الشجاعة، بعضها يُشبه ثمار الكمّثرى، مصنوع من المعدن، و آخر معدنيّ مربّعٌ أو مستطيل، و ربّما كان مجرّد صحيفة ملوّنة، و كانت هناك صفوف ضمّت شعراء و كتّاب قصّة طويلة و قصيرة و كاتبي عرائض و كاتبي مقالات يوميّة على الانترنيت، و جميعهم كانوا يرتعشون بانتظار أنْ يصل إليهم الدور يوماً ما !!
#عمّار_المطّلبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟