سناء لهب
الحوار المتمدن-العدد: 4038 - 2013 / 3 / 21 - 20:28
المحور:
الادب والفن
كان يما كان..................
كلما توهمت اني حققت النسيان أكتشف كم انا واهمة , وكلما جئتني طيفا افتراضيا عرفت انك ما زلت تسبحين في دورتي الدموية , تفاصيل صغيرة تصفعني وجها لوجع اخرس مشلول , تفاصيل تطاردني داخل الأماكن التي ممدتِ جذورك فيها , تفاصيل فضاءات الغربة المفرغة منك , والأشجار الكسيحة العاجزة عن الطيران , الغربان الناعقة بصمت , اطفال بلا حناجر , كلها تذكرني برحيلك الذي احتلني وحولني الى الجدة شهرزاد , منذ رحيلك أمي وأنا امارس الموت يوميا وأعيش محاولات يائسة لمغادرة كوكب الرماد .
منذ رحيلك وأنا اعيش انتظار اثير هاتف كان يحمل صوتك كل صباح ليعلن انطلاق الحياة , وأتنفس الخوف من الانكسار معلنا تأخرك عن الحضور . انكسار القلب وانكسار الذات الهاربة من كل شيء الى حضنك .
تعبت امي .. تعبت من الانتحاب الكربلائي الذي اعيشه , تعبت من الأسود الذي لم يعد يليق إلا بي وبمخالب احزاني .
تعبت من الشوق اليك , الى عبور النفق الساكن احداقك لكوكب الفرح البريء , من التجول مع ذاكرتي في زقاق العمر .
ربما لأني لم اولد وفي فمي ملعقة العسل بل كنت كنحل الأسئلة , طفلة مفخخة بالبحث عن المجهول وربما لأني كل هذا اعيش اليوم رحيلك كأنه لم يكن , وأعايش عتاب سرب احباءك بعدم مشاركتي لهم بحفل تأبينك ورثاءك بخطبة عصماء فوق مرقدك , وربما لأنك الأم الأفق ما زلت ارى اصابعك العاشقة اللامرئية تتزلج على جرح قلبي وأعي انك غادرتني دون ان تغادري .
موجعة هي الأحلام ..
ففي كل ليلة يستدعيني صدرك الملجئ فأهيم في جباله وأقطف أزهاره وأعيد عمري هناك كله , أركض في حقوله حافية الاحلام هربا من كوابيس الانهيارات , حلما كالعمر السريالي يخلفني في كل صباح لحياة مزورة او غربة عمر مستعار .
وفي غمرة الحزن امد يدي لعناق رائحتك الأرض فأنتقل حيث أشاء ونكاية بالبحر دون اشارة جواز سفر او تأشيرة مرور .
اه ايتها الغريبة كم نسيت ان اقول لك احبك ..... واني ما زلت وبكل الصمت والهدوء وبلا ضوضاء , عمرا بعد آخر , موتا بعد موت حتى أبدي وأبدك .
ولن اقول يوما ..... كان يما كان .
سناء لهب
#سناء_لهب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟