|
رسالة مفتوحة الى الرفيق حمة الهمامي
بيرم ناجي
الحوار المتمدن-العدد: 4035 - 2013 / 3 / 18 - 22:53
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
رفيقي الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية.
لقد تابعت و من بعيد ( اذ يتعذر علي الحضور) و باهتمام خطابك في قبة المنزه بمناسبة أربعينية الرفيق الشهيد شكري بلعيد و لم أكن أبحث في ما سيقع في ذلك الاجتماع الا عن شيء واحد : ماذا سنفعل بعد الأربعينية؟ لم أهتم بأي شيء آخر في "المهرجان"رغم حبي للموسيقى و الشعر وارتجافي لسماع النشيد الوطني التونسي و نشيد الأممية الذي لم اتمن ،وأنا اليساري ، سماعه في القبة اليوم تحديدا و استثنائيا لأن الجبهة الشعبية ليست جبهة اليسار التونسي ولأن الوقت لم يكن يتطلب حسب رأيي سوى النشيد الوطني التونسي فقط وحصريا لدعوة الحماة الى الذود عن الحمى. لم أنتظر الا الرسالة التي ستصلني منك بوصفك الناطق الرسمي باسم جبهتي – الجبهة الشعبية- التي يشرفني الانتماء اليها و النشاط فيها لأن" قلبي ينبض الى اليسا"ر كما كان يقول الشاعر الفرنسي العظيم لوي آراغون. لقد حيدت كل مشاعري وذوقي و حماستي تقريبا وجهزت عقلي الى التفاعل العقلاني "الصرف" مع الخطاب السياسي للجبهة لأن ما يقع في البلاد استثنائي في تاريخها خاصة بعد اغتيال شكري بلعيد صديقي الانساني - ولم أكن أقرب الأصدقاء اليه– ورفيقي اليساري- و لم أكن من الوطنيين الديمقراطيين بل كنت و لا زلت مستقلا . ان اللحظة التاريخية التي تمر بها البلاد استثنائية ليس فقط منذ انطلاق الثورة بل كذلك منذ وصول النهضة الى الحكم وصولا الى عملية الاغتيال. لقد أعدت سماع خطابك عدة مرات و خرجت بانطباع منشطر و مضطرب جدا . لقد أسعدني خطابك عندما صرحت بالعزم على البدء في النقاش حول الحزب اليساري الموحد و قد كنت شخصيا قد كتبت في الموضوع مقالين هذه روابطهما عسى أن يساعدا على تحقيق الهدف المنشود.(1) و(2)
و لكن في المقابل شعرت بالاحباط من تصورك عن تحالفات الجبهة الشعبية. لقد وصفت الوضع بنفسك يا رفيقي في الخطاب بحديثك عن "الفاشية "و" العنف الفاشستي" المستشري في البلاد وأنت كنت من أوائل اليساريين الذين يصفون الظلامية الاسلامية بالفاشية في تونس في كتابيك الشهيرين "ضد الظلامية" و"في اللائكية". و مع انني لا اعتبر الاسلاميين المتطرفين فاشيين و لا اقطاعيين بل أعتبرهم حركة وطنية واستبدادية محافظة من نوع خاص كما وضحت ذلك في مقالات سابقة نشرتها في موقع "الحوار المتمدن" فانني أعتقد ان نقاط تشابه توجد بين التطرف الاسلامي و التطرف الفاشي و أن خطرهم على المجتمع التونسي قد يكون أخطر تاريخيا من الخطر الفاشي الذي أطبق على ألمانيا النازية مثلا لسببين على الأقل: علاقات الاسلاميين المتطرفين بوكلاء خليجيين يعملون مناولين عند أطراف دولية مقابل وطنية و قومية النازية و الفاشية في ألمانيا وايطاليا مثلا.
الصفة ما قبل الرأسمالية لجوانب عديدة من مشروعهم المجتمعي المتقاطعة مع ما يشبه الرأسمالية التابعة المتوحشة في المستوى الاقتصادي "الصرف" مقابل الصفة الرأسمالية الامبريالية القومية الحديثة ،و لكن العرقية والعنصرية، للفاشية التي رغم اجرامها التاريخي أعطت لألمانيا دفعة اقتصادية رهيبة رغم تركيزها على التصنيع العسكري.
ليس هدفي الآن النقاش الفكري حول الفاشية اذ انني نشرت مؤخرا مقالا حول ضرورة " الجبهة الديمقراطية المتحدة ضد التطرف الاسلاموي" هذا رابطه (3) و لكنني أسألك يا رفيقي و أسأل من معك من قيادات في الجبهة:
هل يعقل ان تصفوا الاسلاميين المتطرفين بالفاشية ثم لا تذكرون في خطابكم من الطبقات و الشرائح الاجتماعية التي تتوجه اليها الجبهة الشعبية سوى الطبقات الشعبية من عمال و فلاحين و صغار و متوسطي الملاكين من الحرفيين والتجار و تنسون شرائح من البورجوازية و الملاكين العقاريين الكبارالذين - أنت استعملت في مقطع من خطابك العبارة العامية " يرغي" - يتذمرون من الفاشية هم أنفسهم؟
هل يعقل أن تصفوا الاسلاميين المتطرفين بالفاشية و لا تذكرون ان "اليمين الليبيرالي" يمكن ان يناضل ضد الفاشية هو الآخر و قد ناضل معه اليسارسياسيا بل وتحالف معه عسكريا في "الجبهة الوطنية المتحدة ضد الفاشية" و انه لا تكفي معه "التنسيقات الميدانية" حول نبذ العنف و مسائل الحريات فقط كما تكررون بل يمكن التنسيق الجبهوي السياسي الانتخابي معه انقاذا لمسار الانتقال الديمقراطي و تصديا لخطر ما تصفونه بالفاشية؟
يا رفيق حمة
كيف تشارك في تأسيس ائتلاف 18 أكتوبر مع "الفاشيين الاسلاميين" ضد "فاشية" بن علي و ترفض التحالف مع من تعتبره أنت و الجبهة الشعبية " اليمين الليبيرالي " - وليس الفاشي- في النضال ضد "الفاشية الظلامية"؟ هل تتحالف مع "الفاشية الاسلامية" ضد بن علي و لا تتحالف مع "اليمين الليبيرالي" غير الفاشي ضد الفاشية الاسلامية؟
كلمة أخيرة:
سيفرح الأغبياء من الاسلاميين المتطرفين بهذه الرسالة أيما فرح لأنهم سيعتقدون ان الفرقة بدأت تدب في صفوفنا نحن الديمقراطيين و قد يفرح بعض اليساريين و القوميين و الليبيراليين المتطرفين أيضا و لكن كل لأسبابه.
ان الجبهة الشعبية جبهة سياسية يوجد فيها مستقلون مثلي لا يمثلون الا أنفسهم و هي جبهة تؤسس لتونس ديمقراطية متنوعة حيث الاختلاف فيها ليس فقط نعمة و رحمة بل ضرورة حياة أو موت بالنسبة الى الشعب و الوطن. لقد تعمدت – كما كنت أفعل دائما- ان تكون الرسالة مفتوحة و علنية حرصا مني على اظهار الاختلاف و قبوله عسى ذلك ان يدفع الاسلاميين و القوميين و الليبيراليين و اليساريين الى نقد أحزابهم و جبهاتهم علنا أيضا ان كانوا ليسوا "فاشيين" لأن تونس المقبلة لا تحتاج الى تنظييمات سياسية شبيهة بالتنظيمات العسكرية الحديثة أو بالطرق السرية القديمة.
أرجو ألا أفهم خطأ وأن لا يكون الكثيرون من الجبهة الشعبية و بقية الديمقراطيين في مثل حالتي من الانشطار و الارتباك. كما أدعو من يكون كذلك أن يكون ايجابيا و بناءا اذا كان ينقد باحثا عن الخير للوطن و الشعب و ليس لتصفية حسابات سياسوية ضيقة هي أبعد ما تكون عما يريده الشعب التونسي من كل أبنائه الديمقراطيين مهما اختلفوا.
مع فائق الاحترام و التقدير... النقدي الايجابي .
الهوامش :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=338229 - 1
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=341134 - 2
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=349530 - 3
#بيرم_ناجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شكري بلعيد : وصية شخصية
-
تونس : في الجبهة الديمقراطية المتحدة ضد التطرف الاسلاموي .
-
راشد الغنوشي واغتيال شكري بلعيد: بيان النفاق و تبيين الشقاق.
-
حكاية تونسية ...الى نيروز و ندى بلعيد.
-
تونس : من - مؤتمرالانقاذ الوطني- الى- جبهة الانقاذ الديمقراط
...
-
اغتيال الثورة التونسية و مسؤولية الديمقراطيين الانقاذية .
-
شكري بلعيد : في معنى الوفاء
-
عزمي بشارة و التدخل الأجنبي: كارثة المثقفين العرب.
-
الى الدكتورعزمي بشارة : رسالة عتاب شخصية.
-
من أجل حزب اشتراكي موحد و جديد في تونس: (مشروع للنقاش حول وح
...
-
تعقيب على الرسالة الرابعة الموجهة الى الجبهة الشعبية: الى ال
...
-
الجبهة الشعبية التونسية بين -اليمين الديني- و- اليمين الليبي
...
-
الوصايا العشر اليسارية الجديدة : مديح الانتهازية الثورية .
-
الرفيق بشير الحامدي : -حول مواصلة تنفيذ المهام الثورية و دور
...
-
الرفيق بشير الحامدي بين -وعي الهزيمة - و -هزيمة الوعي-.
-
تونس والاضراب العام : حتى لا تضيع البوصلة.
-
تونس : برقية عاجلة الى أعضاء حركة النهضة الاسلامية التونسية.
-
رسالة من قلب سليانة ...الى العاقين من الأبناء.
-
أخطاء الديمقراطيين القاتلة في الثورة التونسية: تقييم يساري د
...
-
تونس بين الانتقال الديمقراطي و الانتقام -الديمقراطي-: نداء ع
...
المزيد.....
-
مصطفى شعبان بمسلسل -حكيم باشا- في رمضان
-
شاهد: أصدقاء وأقارب الأسيرة الإسرائيلية آغام بيرغر يحتفلون ب
...
-
حركة حماس تعترف بمقتل قائد جناحها العسكري محمد الضيف
-
القاهرة: لا لتهجير الفلسطينيين من أرضهم
-
عمّان.. رفض قاطع لتهجير الفلسطينيين
-
حماس تنعى عددا من كبار قادتها العسكريين وفي مقدمتهم القائد ا
...
-
سـوريـا: مـا هـي طـبـيـعـة الـمـرحـلـة الـجـديـدة؟
-
الدولي المغربي حكيم زياش ينضم إلى نادي الدحيل متصدر الدوري ا
...
-
العراق ومصر يجددان رفضهما لتهجير الفلسطينيين
-
الجيش الفرنسي يسلّم آخر قاعدة له في تشاد
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|