هل ثمة ثقافة ... في عاصمة الثقافة ؟؟؟

حيدر نواف المسعودي

الحوار المتمدن-العدد: 4035 - 2013 / 3 / 18 - 20:51
المحور: الادب والفن
    

هل ثمة ثقافة ... في عاصمة الثقافة ؟؟؟

لايوجد من لا يحب ان تصبح عاصمته رمزا من رموز ومعالم الثقافة وعاصمة للثقافة العربية ... وهل اجدر من بغداد مدينة لتكون عاصمة للثقافة والفن والفكر والابداع ... مدينة كل تاريخها كان يدور في فلك الكلمة والقصيدة والفكر والفن والابداع ... مدينة الشعراء والعلماء والفنانين من كل حدب وصوب ... يتوافدون اليها حجيجا لينعموا بسحرها وعبقها فتلهمهم كل اشكال وانواع الابداع ... فضلا عن وحي لياليها الساحرة الذي لاينتهي ... حتى قيل ان من لم ير بغداد فما راى الدنيا كما في الرواية المشهورة عن الشافعي حين سال يونس بن عبدالأعلى : يا يونس : أدخلت بغداد؟
قال : لا.
قال : يا يونس ، ما رأيت الدنيا ، ولا رأيت الناس!!!
فهي كما وصفها احد الشاعر :
جنة خلد ودار مغبطة قل من النائبات دائرها
دار ملوك رست قواعدها فيها , وقرت بها منابرها
اهل العلا والثرى واندية الفخر اذ عددت مفاخرها

سررت لاول وهلة حين سماعي لنبأ اختيار بغداد عاصمة للثقافة العربية لعام 2013 فهذا اقل ماتستحقه بغداد سيدة للثقافة العربية وليست عاصمتها فحسب ... والى جانب ذلك احسست بحزن شديد ومرارة عميقة ان يحتفى ببغداد عاصمة للثقافة العربية وهي بهذا الحال والحزب يشوب وجهها وثيابها وبيتها مصدع .
فبغداد اليوم ينقصها الكثير وتفتقد الى الكثير...
ليل شوارعها وازقتها وحواريها وجسورها يلفهظلام دائم بلا كهرباء
شوارعها واوصالها مقطعة بفعل الكتل والسيطرات
احيائها مقطعة ومحاصرة وممزقة بين طائفة واخرى
عماراتها وابنيتها شاحبة او مهدمة او ملوثة بدخان الحروب والحرائق
دجلتها اصابه التلوث والحزن والمرض
تخنق انفاسها اكوام الاوساخ وروائح البارود وطفح المجاري
حدائقها مصفرة شاحبة والاهم من كل ذلك

ليس للثقافة والفن في بغداد دار
اين مسارح بغداد
اين دور السينما
اين دور الفنون والمعارض
اين منتيدياتها واماسيها الثقافية والادبية والفنية
اين مراكز الفن
اين مهرجاناتها
اين ادباؤها
اين شعراؤها
اين كتابها
اين فنانيها وفناناتها
وقد حوربت الثقافة والفنون في بغداد بكل انواعها
ولم تتبق سوى ثقافة الحلال والحرام
واطالة اللحى والعمائم
والتفريق بين الجنسين في المدارس والجامعات
ومعاهد نشر ثقافة اللطم والتطبير والزناجيل
والافتاء بحرمة العقل والفكر بل والافتاء بالتكفير والزندقة والضلال ضد كل من يعارض ثقافة اللحى والعمائم *

يريدون ان يجعلوا بغداد قندهار اخرى
اغلقوا منتدياتها ومسارحها ودور وصالات العرض فيها
منعوا وحرموا في بغداد الموسيقى والغناء وكل فن
مرتزقة وماجوري الجهل والتخلف والظلام هاجموا شارع المتنبي بالهراوات والسكاكين لارهاب الثقافة والمثقفين ومنع الناس من القراءة
يريدون فرض ثقافتهم الخاوية بحد القوة والسيف
حرموا كل فن في مهرجان بابل فاحالوه الى مهرجان لطم وعزاء
سرقوا وجردوا بغداد من كثير من نصبها وتماثيلها وابداعات نحاتيها

فهاجر العلماء والمثقفين واصحاب العقول والابداع والفكر
وبقي ادعياء الثقافة والفن والفكر الخاوي واذيال السلطة

هذا ماتبقى من بغداد وهذه بقايا ان كان يمكن ان يقال عنها بقايا من ثقافة وفن وفكر في بغداد
انحسرت بل تكاد تتلاشى حركة التاليف والترجمة والنشر في بغداد ...
اين القصص والروايات والترجمات والمطبوعات من ثقافية وفنية وادبية وعلمية كانت تزخر بها مكتبات ومعارض بغداد ...
اين دور التاليف والنشر والتوزيع
اين دار ثقافة الطفل
اين مسرح الطفل
اين مسرح ال 100 كرسي
اين مركز بغداد للفنون وغيرها من صروح ومعالم الثقافة والفن
اين مطبوعات " الاقلام . افاق عربية. التراث الشعبي . الثقافة الاجنبية . الموسوعة الصغيرة . سلسلة المائة كتاب . وغيرها من المطبوعات المرموقة

واخيرا حق ان يقال عن بغداد وهي في هذه الحال ماقاله الشاعر عمر الوراق فيها :

من ذا اصابك يا بغداد بالعين الم تكوني زمانا قرة العين
الم يكن فيك اقوام لهم شرف بالصالحات والمعروف يلقوني
استودع الله قوما ما ذكرتهم الا تحدر ماء العين من عيني
كانوا ففرقهم دهر وصدعهم والدهر يصدع مابين الفريقين
لله در زمان كان يجمعنا اين الزمان الذي ولى ومن اين
يا من يخرب بغداد ليعمرها اهلكت نفسك ما بين الطريقين


18 مارس 2013
___________________________________________________________________

* مثال ، افتاء بعض العلماء والمراجع بتكفير وانحراف المفكر احمد القبانجي والتحريض على اعتقاله ومعاقبته في ايران بسبب فكره وارائه المعارضة لهم

#حيدر_نواف_المسعودي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات