أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - بودريس درهمان - آليات الخطاب في المجتمعات الغير ديمقراطية و كيفية تحويل اليسار الى يمين.















المزيد.....

آليات الخطاب في المجتمعات الغير ديمقراطية و كيفية تحويل اليسار الى يمين.


بودريس درهمان

الحوار المتمدن-العدد: 4035 - 2013 / 3 / 18 - 18:52
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


الغربيون استطاعوا تفكيك آليات الخطاب و بداخل أنظمتهم التداولية من الصعب على الدجالين و المحتالين أن يتستروا وراء خطابات هي ليست بخطاباتهم. بداخل النظام التداولي الغربي لكل كتلة سياسية خطاباتها و مفرداتها و معجمها الذي يميزها و الذي بواسطته تقدم تأويلا و قراءة للمعطيات و الحقائق، في حين بداخل النظام التداولي المغربي فكل المعاجم و المفردات و الأنظمة التأويلية هي واحدة تمتح من نفس النظام التأويلي، و هذه في حد ذاتها سمة من سمات المجتمعات الغير ديمقراطية؛ خصوصا و أن حتى النظام التأويلي الذي بناه اليسار المغربي منذ عهد الاستعمار إلى اليوم تمت عملية السيطرة عليه و تحويله إلى مجالات هي ليست مجالاته الأصلية... من منكم يصدق أن مصطلحات مثل الصراع، المجتمع، النضال، و غيرها تم افراغها من محتواها و تم الاستعانة بها للتدليل على أشياء أخرى هي ليست الاشياء المحددة في مجالها الأصلي. المسيطرون على هذه المصطلحات سيطروا عليها للاستدلال على مصطلحاتهم الأصلية التي هي التدافع، الأمة، الإيمان. في قرارة أنفسهم التدافع هو رديف للصراع الاجتماعي و السياسي، و الإيمان هو رديف للنضال، أما الأمة التي تعني دلاليا كل ما هو مسلم فإنهم حينما يستعملون هذا المصطلح الذي يعني دلاليا الرقعة الجغرافية الممتدة من جاكارتا باندونيسيا إلى الرباط بالمملكة المغربية و من أنقرة بتركيا إلى تامبوكتو بدولة مالي فإنهم يستعملون هذا اللفظ فقط من اجل دغدغة العواطف. هؤلاء الذين يدغدغون العواطف جاءت بهم رياح العولمة والنظام العالمي الجديد؛ لأن هذا النظام لم ينجح فقط في إزاحة إمبراطورية آلاتحاد السوفيتي بل نجح كذلك حتى في تحويل اليسار إلى يمين.
في كتابه ميتولوجيا تحدث رولان بارط عن تقنية تحويل اليسار الى يمين عن طريق فضح ما يسميه أسطورة اليسار، لأن هذا اليسار بفعل ممانعته الدائمة في ممارسة مهام الحكم السياسي كباقي المكونات السياسية الاخرى،يساهم من تلقاء ذاته في تحويل نفسه إلى أسطورة يعتقد في بطولاتها الاتباع و الرواد؛ أما الاخرون من السواد الاعظم فإنهم يفضلون الاعتقاد في الاسطورة اليمينية، لان الأسطورة اليسارية، مقارنة مع الأسطورة البرجوازية اليمينية، يقول رولان بارط، هي غير مهمة لأنها لا تستطيع اختراق الحياة اليومية عن طريق اختراق العلاقات العاطفية، و اختراق مجال الطبخ و حوارات التداولات اليومية التي من الممكن ان تدور حول المسرح، الموسيقى او التفكير في العدالة و الأخلاق. وحتى إذا ما حصل و اهتم اليسار بهاته الاشياء فان اهتمامه يكون اهتماما عارضا و بدون اي حس استراتيجي كما هو الامر عليه في أساطير اليمين البرجوازي. الأسطورة اليسارية يقول رولان بارط، هي أسطورة جافة وتحتاج كثيرا إلى سلطة التخريفaffabulation. سر هذا الجفاف يقول رولان بارط هو أن اليساري لا يمكن ان يحدد ذاته إلا اذا حددها في علاقته مع المضطهد و مع البروليتاري، أو المستعمر- بفتح الميم- و لا يمكنه ان يحددها أبدا كما هي في علاقتها مع باقي كل المواطنين من ابناء الشعب، وكل هؤلاء الثلاثة الذين يختارهم لتحديد ذاته كلامهم دائما فقير، مباشر ويتميز بالرتابة.
إحصائيا الأساطير القوية و المؤثرة هي دائما يمينية لأنها تحتاج إلى الكذب والثروات والى أشكال متعددة للمقايضة وترتكز على بلاغة. هذه البلاغة التي ترتكز عليها تعتمد على بعض التقنيات قام رولان بارط بتلخيص بعضها على الشكل التالي:
التلقيح: بواسطة التلقيح يتم تمنيع المخيال الجماعي عن طريق حقن جرعات قليلة من الشر المقبول. هذه الجرعات من الشر المقبول تجعل المواطنين يعتقدون أن عليهم تقبلها اذا ما ارادوا تفادي امكانية الانهيار المرعب.
تحريم التاريخ: الأسطورة اليمينية تفرغ دائما موضوعها من التاريخ لأن هذا الأخير هو دائما غير موجود بداخلها. هذا النوع من الافراغ من التاريخ يساعد الاسطورة اليمينية على التخلص من شيئ مزعج هو الحتمية التاريخية التي يقود اليها منطق تسلسل الأحداث.
الطوطولوجيا: الطوطولوجيا كما يعرفها المعجم هي تعريف الشيء بالشيء. بواسطة الطوطولوجيا يتم اغتيال مزدوج للعقل و لإمكانية بناء معرفة أو أي حوار ممكن. بفضل الطوطولوجيا يصبح الواقع الذي يعيشه المواطنون "هو هكذا لأنه هكذا و لا يمكن بتاتا حتى التفكير في تغييره". الطوطولوجيا تساهم في بناء مجتمع ميت و بدون أي حركة تذكر.
اللائية: اللائية هي حينما لا يقوى المواطن القيام باختيار سياسي واضح و يردد دائما في حواراته بأنه "ليس لا مع هذا و لا مع ذاك".
تكميم ما هو كيفي. بواسطة هذه التقنية تقوم الأسطورة اليمينية بإقصاء الذكاء حيث تجعل المواطن لا يهتم تماما بالكيفية و طرق الانجاز و يقتصر فقط على الكم: "شحال؟"
توضيح آليات بناء الخطاب هي من بين الطرق المهمة لمعرفة أشكال الإقناع و كيفية تدويخ عقول البشر و تزوير الحقائق. مجموعة من الدارسين اللغويين قاموا بتحديد التقنيات المستعملة لتدويخ البشر و التستر على الحقائق و قاموا بتحديدها في ثلاثة:
التمويه والتمثيل La simulation : المتكلم الذي يتقن التعبيرات المميزة لجماعة سياسية هي ليست نفس الجماعة التي ينتمي إليها يتعمد المتكلم استعمالها لكي يكشفها للآخرين، لكن بدون أن تكون القدرة لهؤلاء الاخرين معرفة هذه التعبيرات السياسية و تمييز بأنه لا تعنيه بتاتا.
القناع والتستر Le masquage:هي الآلية التي يلجأ إليها المتكلم حينما يختار مجموعة من البنيات اللغوية ومجموعة من المفردات المميزة لجماعة سياسية لكي يتستر وراء خطابها ويقنع المستمعين بأنه هو الأخر ينتمي إلى هذه الجماعة.
الانصهار والتواطؤ La connivence : حينما يقوم متكلم باستعمال مفردات بواسطتها يميزها خصمه بدون أن يعي بأنها تعنيه.
مجتمعات الخطابات و الحوارات اليومية الدائمة و مجتمعات الاشكال العقلية و المادية الملموسة لبناء الخطابات و الحوارات استطاعت بداخل هذه الحوارات بناء المجتمعات الحقيقية التي تعيش بداخلها؛ اما المجتمعات التي لم تستطع تحقيق بناء مثل هذه الحوارات و الخطابات، فإنها مجتمعات تقوم فقط بتكرار حوارات و خطابات ممثلي السلطة.




#بودريس_درهمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التعليم العمومي بين الورثة و الممنوحين
- المجتمع التاريخي و السوسيولوجيا الأمريكية
- زيارة ثغر تلمسان و الحدود المغاربية مغلقة!
- المغاربيون و الدولة المارقة
- فشل كريستوفر روس هو فشل العقيدة الصلبة للأمم المتحدة.
- لماذا سحب الثقة من كرستوفر روس؟
- دستور الوعد و الوعيد
- مفهوم -التنزيل- و الدستور المغربي الجديد
- النظام التربوي الريعي و نقطة 20/20
- أيهما أسبق التقسيم العصبي للدماغ أم التقسيم السياسي للتراب؟
- الذكاءات الدولية بين الجغرافية و التاريخ.
- جغرافية المناطق و تاريخ الدول.
- الموروث الخرائطي الفرنسي و السيناريوهات الممكنة لشمال افريقي ...
- حصة المواطنين النعاج من ميزانية حكومة...
- ميزانية سنة 2012 و مؤشرات تصريح باريس لسنة 2005؟
- المدرس و الأستاذ و الأعيان التربويون
- بيداغوجيا الإدماج والاستهانة بالالتزامات الدولية للمملكة الم ...
- النمذجة و التنميط لمنطقة شمال إفريقيا
- فيوداليو الجهات و -العوالم الممكنة-
- الميزانية الهوياتية و قضية -الهوية الوطنية الموحدة-


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند / زهير الخويلدي
- مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م ... / دلير زنكنة
- عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب ... / اسحق قومي
- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - بودريس درهمان - آليات الخطاب في المجتمعات الغير ديمقراطية و كيفية تحويل اليسار الى يمين.