أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - أربعة مسلحين احتلوا وزارة، كم مسلحا لاحتلال بغداد!















المزيد.....

أربعة مسلحين احتلوا وزارة، كم مسلحا لاحتلال بغداد!


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 4035 - 2013 / 3 / 18 - 01:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا أميل إلى الكتابة عن الأحداث اليومية الساخنة ولا أجيدها، فهي نوع صعب من الكتابة أغبط من يداوم عليه من الزملاء الصحفيين والكتاب، ومع ذلك وجدتني مدفوعاً للتعليق على جريمة اقتحام وزارة العدل وارتكاب مجزرة بشعة فيها من قبل ثلة من الانتحاريين التكفيريين؛ قيل بدءاً أنهم ستة قُتل منهم ثلاثة، وسُكِت عن الباقين، ثم قيل انهم أربعة فثلاثة فاثنين! عدد القتلى والجرحى هو الآخر غير ثابت، فالدولة العراقية الطويلة العريضة ليس فيها ناطق رسمي واحد يُعْتد به ليعلن بدقة عن أعداد القتلى والجرحى والتفاصيل الضرورية للرأي العام المفجوع، لا من وزارة الصحة ولا من الداخلية ولا من إدارات المقابر. ومع ذلك فإنّ بعض الأرقام تتحدث عن قرابة العشرين قتيلا والخمسين مصابا خلال ساعتين تقريبا.
روايات عديدة أغلبها غير رسمي قالت الكثير من التفاصيل المرعبة، أما الرواية الرسمية المختصرة فمليئة بالثغرات والندوب وتتحدث عن سلسلة تفجيرات منسقة في محيط الوزارة وقيام عدة مسلحين بزي خاص بحراس المنشآت باقتحام الوزارة لم يجرؤ المصدر الرسمي على تحديد عددهم، وعن تدخل سريع لقوات الأمن، لا ندري بعد كم من الوقت، وكيف كان أداء الحرس والحمايات الموجودة أصلا في الوزارة ومحيطها. إحدى الروايات التي نقلتها فضائية "الميدان" اللبنانية عن معلق سياسي عراقي مستقل "ظهيرة الجمعة 15 آذار" تتحدث عن هروب أفراد هذه الحراسات والحمايات المرتجلة والتي يجمعها الراتب والامتيازات أكثر مما تجمعها العقيدة القتالية الوطنية وحماية الناس، هربوا من مواقعهم بعد مقتل عدد منهم عند اللحظات الأولى من الهجوم، وأن مواطنين مدنيين عاديين من السابلة، وبعض شباب المنطقة هم من هرع لإنقاذ المحتجزين داخلها وإجلائهم قبل وصول قوات التدخل. اللوم هنا لا يوجه يقينا إلى أفراد القوات الأمنية سواء من الجيش أو الشرطة فهؤلاء الأبطال قدموا من التضحيات الباهظة طوال العقد الدموي المستمر الكثير، ونزفوا من الدماء الغزير، و أنه لمن السفالة حقا إهانتهم والاستهانة بتضحياتهم وبسالتهم ولكن اللوم والنقد و الإهانة ينبغي إن توجه لمن يقودهم بهذا الشكل المتخلف والارتجالي! لقد اجترح أفراد القوات الأمنية العراقية مآثر كثيرة في البطولة والشجاعة وروح التضحية هي موضع فخر واعتزاز خلال سنوات الجمر التي أعقبت الغزو. وقد تحدث وزير الداخلية السابق "البولاني" عن أبطال من رجال الشرطة ركضوا نحو الانتحاريين لحظة اكتشافهم ركضاً ودون سلاح أحيانا واحتضنوهم لشلِّ حركتهم وانفجروا معهم مضحين بأرواحهم الغالية دفاعاً عن أبناء شعبهم. وهل ننسى مأثرة أبطال مهمين من الجيش العراقي ومنهم الملازم البطل نزهان الجبوري، من الحويجة، والعريف علي سبع من ديالى اللذين استشهدا بالكيفية ذاتها خلال جريمة تفجير مواكب الزوار العزل في منطقة البطحاء في محافظة ذي قار وتصديهم للانتحاري الجبان يومها؟
بهذا الصدد، صدد وضع الخطط ورسم الاستراتيجيات الأمنية والخطط العملياتية الطارئة والثابتة، تثار أسئلة كثيرة منها مثلا: هل يُعْقَل أن تترك وزارة بهذه الخطورة كوزارة العدل التي تعتبر أحد المحاور الرئيسية في المشهد السياسي والقضائي العراقي، وفي خضم عمليات مسلحة إجرامية شبه يومية دون دفاعات أو خطط أمنية فرعية خاصة بها؟ يتذكر أبناء جيلي أن دار الإذاعة العراقية في الصالحية التي كانت تمثل أكثر من نصف الدولة "الانقلابية"، وكان مَن يسيطر عليها يسيطر على ما تبقى، كانت محمية بدبابتين، كانتا في حالة إنذار دائمة طوال عقود، حتى باتت تنيك الدبابتان جزءا من مشهد الحي والمنطقة. واليوم وبعد عقود من ذلك المشهد، وتطور الأسلحة والعلوم العسكرية، ألا يفكر القابضون على الملف الأمني بشيء بدائي مشابه يحمي أرواح الناس ومؤسسات الدولة؟ كم مرة تكررت التفجيرات الإجرامية في ساحات تجمع المتطوعين وذهب ضحيتها الآلاف من شبابنا خلال السنوات الماضية وبذات الأسلوب والطريقة؟ ولكنْ لماذا تكررت؟ كم مرة تكررت حوادث الاقتحام والتفجير والاشتباك المسلح في مؤسسات الدولة وبعض أماكن العبادة كما حدث في مجزرة كنيسة سيدة النجاة؟ لقد تكرر استعمال ذات الأساليب والتي تعتمد على التفجيرات المنسقة المتلاحقة فالهجوم الاقتحامي الخاطف ومن ثم الإمساك بالأرض والرهائن حتى تصل القوات الأمنية لتختتم المشهد باقتحام مضاد يسفر عن عشرات القتلى والجرحى، فهل يعقل أن تتكرر العمليات المسلحة بالكيفية ذاتها دون أن تخرج المؤسسة الأمنية بالنتائج اللازمة لمنع تكرارها؟!
إن هذا الأسلوب البدائي والهمجي في التصدي للعمليات الإجرامية والأشبه بأسلوب " الأرض المحروقة" هو نتاج للعقلية العسكرية الروسية في عهد تراجع وانهيار الدولة الروسية بعد تدمير الاتحاد السوفيتي، وقد تجلى هذا الأسلوب في أكثر من مناسبة من أشهرها مجزرة مدرسة "بيسلان" الابتدائية بجمهورية أوسيتيا الشمالية الروسية في أيلول سنة 2004 والتي قامت بها مجموعة تكفيرية شيشانية وانتهت العملية بمجزرة حين اقتحمتها قوات الأمن الروسية فقتل وجرح 370 شخصا بينهم مئات الأطفال و معهم المسلحين. كما تكرر ذلك في عملية اقتحام مسرح البولشوي في موسكو حيث "حسنت القوات الأمنية - كما قيل - من أدائها واستعملت غازات تشل فاعلية المسلحين" ولكن العملية انتهت بكارثة ومات مئات الناس خنقا بغازات القوات الأمنية الروسية.
بالعودة إلى جريمة اقتحام وتفجيرات وزارة العدل، فقد قال تقرير لوكالة انباء عراقية أن مصادر رسمية قالت أن الهجوم كان متوقعا قبل اسبوعين وأن الطرق الرئيسية القريبة من الوزارة أغلقت آنذاك. هذا الخبر لا يمكن نكرانه، فالمئات وربما الآلاف شهود عليه وعلى إغلاق الطرق هناك، فماذا فعلت القيادة الأمنية لمنع حدوث الهجوم أو على الأقل لاحتوائه وتقليل الخسائر البشرية، وهل ردت على هذا الاتهام بعدم التعاطي مع التحذير بوقوع الهجوم وماذا كان موقف القائد العام للقوات المسلحة منه؟
من أغرب ردود الأفعال على هذه الجريمة هو ما قاله الشيخ بهاء الدين محمد خلال خطبة الجمعة بساحة الأحرار وسط الموصل، حيث أكد فضيلته أن ( " استهداف "وزارة الظلم" كما سماها أو ما يسمى بوزارة العدل هو محاولة للتغطية على "جرائم" الحكومة العراقية، وأن الحادث قد استغل لإخفاء وثائق مهمة تدل على خبثهم وجرائم الحكومة التي تفتعل الازمات وتريد افراغ بغداد من أهلها). ولست على يقين في الواقع إن كان فضيلة الشيخ جادا أم هازلا في تصريحه هذا، ولكن على افتراض أنه كان جادا فعلا، أفلا يعني ذلك أن الشيخ بهاء الدين محمد يسخر من عقول العراقيين حين يريد لهم أن يصدقوا أن هذه المجزرة هي محاولة للتغطية على جرائم الحكومة بهدف إخفاء وثائق مهمة؟ فمن تهدد هذه الوثائق التي دمرت وأحرقت في الوزارة، المجرمين المحكومين أم الحكومة التي تعتقلهم وتسجنهم؟ وهل القاعدة أو أية جهة أخرى ملطخة بدماء العراقيين، تطوعت هكذا لوجه الله لتقدم لحكومة المالكي هذه الخدمة وتدمر الوثائق وتقتل وتجرح المئات وتفضح عجزها الأمني؟ أم أن للحكومة مجاميعها الانتحارية الخاصة؟ أي منطق هذا؟ وكيف يرضى به أو يسكت عليه آلاف المتظاهرين الواقفين في ساحات الاحتجاج؟ إنه في الحد الأدنى سخرية من عقول الناس وفي الحد الأعلى محاولة بائسة لتبرير الجريمة. إن كلمة الحق ينبغي أن تقال في وجه الحاكم حين يخطئ ويفشل في حماية الناس وفي وجه المشبوهين الذين يريدون تجيير دماء العراقيين الأبرياء في ألاعيبهم السياسية الطائفية ..لقد سئمنا ومللنا من اللعب بأعصابنا والضحك على ذقوننا!
ثمة أسطوانة سخيفة ومؤلمة تكرر أحيانا وتذهب إلى أن العمليات الإجرامية التي تقوم بها الجماعات المسلحة ترتبط بالأزمات السياسية وأنّ السياسيين هم المسؤولين عنها وهكذا يتم تناسي القتلة الحقيقيين الذين ارتكبوا الجريمة. المؤسف هو أن قطاعات واسعة من الجمهور، نتيجة كرهها ومقتها المحقَّين للطبقة السياسية العراقية الفاشلة والمنخورة بالفساد أخذت تصدق وتكرر هذه الأسطوانة التي تعني في ما تعني تبرئة القتلة الحقيقيين، وترمي الكرة الملتهبة بعيدا عن الهدف الحقيقي، وتلك ذروة المأساة حين يُبرأ القاتل سواء كان من القاعدة أو البعث أو مخابرات أميركا أو الدول الإقليمية المجاورة وتلقى مسؤولية الجريمة على أشباح السياسة! تلك بصراحة خيانة كبرى لدماء القتلى وعذابات الجرحى تتحمل القيادة السياسية والأمنية في حكومة المحاصصة والكتل السياسية جمعاء المسؤولية المباشرة عنها!
*كاتب عراقي



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ويسألونك عن التمويل!
- حول مؤتمر القوى المدنية اللاطائفية الأخير في بغداد
- تجربة لاهوت التحرير بنكهة الربيع العربي!
- عناصر خطة شاملة دفاعاً عن وجود دجلة والفرات
- معنى الدكتاتورية والفاشية بين العلم والسجلات الحزبية!
- كتاب جديد لعلاء اللامي : -القيامة العراقية الآن .. كي لا تكو ...
- العراق: التيار الصدري بين مآلَين!
- -شيعة- جيمس جيفري المدجّنون!
- التحالف «الشيعي الكردي» ليس كذبة بل سبب البلاء!
- على مَن يضحك السفيرالأميركي بيكروف ؟
- إطلاق سراح أوجلان..إطلاق سراح أمتين!
- السدود والبحيرات كمسبب للزلازل في تركيا وشمال العراق/ج2 من 2 ...
- قضية الهاشمي: شهادة ليست للقضاء العراقي!
- احتمالات انهيار السدود التركية بسبب الزلازل
- توظيف العامل -الديني- في قضايا المياه
- كافكا الآخر.. رصد الاغتراب الروحي /ج2
- كافكا الآخر : رصد الاغتراب الروحي
- التيّاران اليساريّ والقوميّ بين الفشل وقصور الأداء
- شط العرب اليوم : إنها الكارثة!
- فرانز كافكا بعيون عربية


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - أربعة مسلحين احتلوا وزارة، كم مسلحا لاحتلال بغداد!