بهروز الجاف
أكاديمي وكاتب
(Bahrouz Al-jaff)
الحوار المتمدن-العدد: 4034 - 2013 / 3 / 17 - 22:22
المحور:
الادب والفن
كانت ليلة النوروز مخيفة في شقتي الصغيرة داخل الحرم الجامعي لجامعة الانبار, ومن مذياعي الصغير كانت اذاعة شعب كردستان، بصوتها الخافت والمتقطع، نافذتي الى النوروز، كان لهيب اناشيدها يسابق ألسنة النيران النوروزية هناك، في كردستان، فاراها تخرج كلمات متوهجة تضئ عليّ الليل الذي بدت ضلمته تحلك، تتكلم.. تخطب.. تصيح و.. تهذي: ها هو برلمان ينتخب وحكومة تتشكل ليكون اللقمة التي تطعم شعبا ناجيا من غاز سام وانفالات.. وينوء تحت حصارين.. وبينما أنا أنوء تحت حصار واحد أحسست بالظمأ الذي لا يرويه ماء، بل ترويه نار.. ورأيت النار فعلا، رأيت ابراهيم بردانا في حضنها, رأيت الهنود الحمر يطبلون ويرقصون وهم يطوفون حولها هائمين، رأيت الآثورنانان في حضرة زرادشت يضيئون البلاد بنورها، وما أن اشتد اوارها حتى احمر بها معول كاوة الحداد ليطيح بالطغيان وليشعل شعلة ابدية أضحت بيانا للامل، للربيع والخضرة، ليوم جديد اسمه النوروز.. لكن ليلتي تلك لم تكن نوروزية، فالجامعة غارقة في ظلام دامس تنتظر مني اسعافها بقبس، كانت ترنوا الى حسرتي وتدرك تفكيري.. تراءت اليّ النسوة في قرى كردستان وهن يجمعن الحطب اشهرا لتضرم النيران فيه في ساعة.. تذكرت الاطفال وهم يدحرجون اطارات السيارات ليحرقوها وهم ادرى بضرارها.. ولما صدحت حنجرة الشاطر حسن (حسن زيرك) عبر المذياع بأغنية النوروز الأزلية (نوروز.. سنة جديدة حلت.. عيد الكرد القديم حل بالافراح) عندها رأيت العظيم (بيرةميرد) ينشد أبياتها على ربوة (مامة يارة) وسط الفرح والنيران.. ولكن كيف لي أن أضرم النيران في خلوتي؟ وجدت ضالتي في نصف شمعة جعلتها حطبا لناري النوروزية، فاحتفلت بها وفرحت، ورقصت في داخلي، اذ لا عين عليّ من الحراس تدرك مغزى شمعتي، وفجأة انقطع بث المذياع لأنام ليلتها نومة نوروزية لاتنسى.
#بهروز_الجاف (هاشتاغ)
Bahrouz_Al-jaff#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟