أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعود سالم - خرائب الوعي .. 16 - الريح والكلمات














المزيد.....


خرائب الوعي .. 16 - الريح والكلمات


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 4034 - 2013 / 3 / 17 - 17:21
المحور: الادب والفن
    


يتواصل الضجيج، ويواصل السير، وكأنه يريد أن يصل إلى مكان ما في وقت معين، ولكنه يعرف جيدا أنه ليس له أي مكان محدد للذهاب إليه، ليس لديه مواعيد.. انه يسير فقط .. يحرك قدميه بألية وبدون وعي .. أصوات تتحدث وراءه.. وأصوات أخرى أمامه، ضجيج يغطي الضجيج، يستمع إلى وقع خطواته، ومن حين لآخر يلتقط عدة كلمات. الشارع كان طويلا، بدا له بلا نهاية، وتمكن في النهاية من تجميع عشرات الكلمات الصادرة عن الاشخاص الذين  يسيرون بجانبه الآن، أصوات واثقة، قوية ومقتنعة بكلماتها، الكلمات تتراكم وتتململ وتكون جملا واضحة عن ساعات العمل، والمطالبة للحصول من الحكومة على قرارات تقضي بضرورة العمل ثلاثين ساعة في الاسبوع بدل تسع وثلاثين، أصوات أخرى تتحدث عن الثورة وضرورة التغيير ووحدة العمال، ومباراة كرة القدم الأخيرة، ضحكات عديدة، أصوات تتلاحق وتختلط، تقطعها موسيقى خفيفة تعلو .. وتعلو تدريجيا، حتى تستولي عليه تلك الفكرة الملحة، فكرة العودة، والرحيل .. الفكرة تكبر.. تنتفخ في الداخل حتى تتحول إلى كرة نارية تعوم في فضاء الدماغ، ثم تتساقط من السماء، بيضاء، خفيفة، باردة كالثلج، وتتحول في مكان ما إلى علامات سوداء.. حشرات غريبة مستلقية، ميتة في أشكال مختلفة كجثت الأفكار !!.. الفكرة تعاود الظهور، متخفية، متنكرة في هيئة كلمات أخرى. ويفكر، ويعاود التفكير، الفكر.. هل هو تاريخ البشرر أم تاريخ الفكر ذاته ؟ ما هي هذه الكلمة، ما معنى كلمة يفكر؟ التاريخ هو تاريخ الكلمات ذاتها .. والمجتمعات التي لا تملك كتابة .. والتي تقول كلماتها في الفضاء.. الكلمات التي تتطاير في الهواء ولا تسقط أبدا على الأرض، تهيم في غياهب الكون وتضيع في المجرات بين الكواكب والأقمار الصناعية، ما مصير هذه الكلمات الغابة؟ وهؤلاء البشر .. هل يمكن أن يكون لهم تاريخ مثلهم مثل الآخرين ؟ تاريخ بشري يختلف عن التاريخ الطبيعي للحيوانات والأحجار والصخور ؟.. والتاريخ الفردي لكل منا ؟.. ماذا نستطيع أن نضع تحت فصل التاريخ الفردي ؟.. صفحة بيضاء ولا شك .. صفحة بيضاء ذات مربعات صغيرة، نخربش فيها عدة كلمات، ثم نضعها في ركن ما، ونخرجها في المناسبات، لنكتب كلمة .. لنشطب سطرا.. لنمزقها أو نحرقها. التاريخ، مجرد لعبة من ألعاب الفكر، مثل الانسان، والأمة، والثقافة، والمجتمع والحضارة .. تجريدات عقلية مجوفة، فارغة، تخلو من فردية كل منا . طبقات الثلج تتكاثف، وذكرى الأيام الصحراوية المشمسة تأتي من أعماق الذاكرة مثل حلم قديم، وتعصره وتسحقه الفكرة الملحاحة : إلى أي نوع من البشرية تنتمي هذه الأ- أنا ..؟وظل يتسكع طوال النهار من شارع لشارع، ومن مقهى لمقهى، زار عدة متاحف وحدائق مشمسة تمتلئ بالبشر، وقابل وتحدث مع عدة أشخاص، سألوه عما يفعله في الحياة، وماذا وأين ومتى، لم يعرف الإجابة، ولم يفهم ضرورة الأسئلة التي تحولت في النهاية إلى مجرد ضجيج، ولم ينجح في الإمتحان. سار طويلا بجانب النهر العكر الذي يجتاز المدينة، والتقط خشبة صغيرة تآكلها الماء والريح ووضعها في جيبه، وقبل مغيب الشمس بقليل قرر العودة.



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خرائب الوعي .. 15 - إستراحة
- بيان من أنصار البدعة
- تداعيات 3- شيطان المحبرة
- تداعيات 2- الغثيان
- تداعيات 1- الرجوع
- خرائب الوعي .. 14 - إفتح يا سمسم
- خرائب الوعي .. 13 - الرأس المقطوعة
- خرائب العقل .. 12 - تحرش بعد الغروب
- خرائب الوعي .. 11 - الشاعر والعطش
- خرائب الوعي .. 10 - المرأة التي أكلها النمل
- خرائب الوعي .. 9 - لا يحب الله والله لا يحبه
- خرائب الوعي .. 8 - الطابق الثاني
- خرائب الوعي .. 7 - قوارب الهجرة إلى الجحيم
- خرائب الوعي .. 6 - الصندوق
- خرائب العقل .. 5- الحاشية
- خرائب الوعي .. 4 - مقبرة الضباع
- خرائب الوعي .. 3 - العمياء وقصر الغول
- خرائب العقل .. 2- وطني حقيبة وأنا مسافر
- خرائب الوعي 1- البداية
- ليبيا .. الثورة القادمة


المزيد.....




- وصف مصر: كنز نابليون العلمي الذي كشف أسرار الفراعنة
- سوريا.. انتفاضة طلابية و-جلسة سرية- في المعهد العالي للفنون ...
- العراق.. نقابة الفنانين تتخذ عدة إجراءات ضد فنانة شهيرة بينه ...
- إعلان القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية 2025 ...
- بينالي الفنون الإسلامية : مخطوطات نادرة في منتدى المدار
- ذكريات عمّان على الجدران.. أكثر من ألف -آرمة- تؤرخ نشأة مجتم ...
- سباق سيارات بين صخور العلا بالسعودية؟ فنانة تتخيل كيف سيبدو ...
- معرض 1-54 في مراكش: منصة عالمية للفنانين الأفارقة
- الكويتية نجمة إدريس تفوز بجائزة الملتقى للقصة القصيرة العربي ...
- -نيويورك تايمز-: تغير موقف الولايات المتحدة تجاه أوروبا يشبه ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعود سالم - خرائب الوعي .. 16 - الريح والكلمات