|
بالألوان
سيومي خليل
الحوار المتمدن-العدد: 4034 - 2013 / 3 / 17 - 14:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يصير النقد عملية مملة ، وفاشلة جدا ، حين يكون باللونين الأبيض والأسود فقط ،كقولنا البلد ليس فيه شيء سوي أبدا ، أو لم تكن حال البلد لتكون على أفضل حال من هذ ه الحال الموجودة .
التفسير ، هو الآخر ، يكون فاشلا بإمتياز ، حين ننطلق ، ونظل في لون واحد،نفسر باللون الواحد أحداث مختلفة وجد متباينة .
ليس هناك جزءان من الكأس ، فارغ وممتلئ ، ولن يفيدنا أن ننظر لأحدهما، أو لكلاهما معا ، فنحن نكون كمن يشرح الظاهرة الإجتماعية كأنه يقيس طول طاولة مدرسية .
ما أثارني ،وما زال يثيرني ،هو المحاولات الكثيرة لإعطاء تصور واحد للأوضاع بالمغرب .محاولات ليست فردية فقط ، وعلى كل حال فالمحاولات الفردية تهم أصحابها . هي محاولات تتخذ طابعا جمعيا ،مؤسساتيا ، حزبيا ، وحركيا ، فالإيديولوجيا تكون هي مبرر التفسير ، والدافع للنقد، وليس إطلاقا شرح ، وتحليل الواقع المغربي .
لنسمع هذا الجواب،الذي يقدمه مرتدي العباءة،والقلنسوة ، وماسكي السبحة ؛ يجب التقيد بإجتهاد السلف ، والعودة إلى آراءهم النيرة ، كي يصلح الوضع ،ونخرج من عنق الزجاجة ، الذي لم نتحرك داخله منذ زمن .
جواب آخر ، قدم نفسه باسم الحداثة ، وباسم فهمها المغلوط ؛يجب نسيان كل ما كان بالأمس ، يتوجب الخروج النهائي من حكم الأجداد ،والتطلع إلى لغة العصر الحديثة ...
لاشيء من الجوابين يصح ، لأن الأمر ليس تأكيد أو نفي معطى واحد ، وليس الأمر وضع نقطة ناقصة على حرف ،وانتهى الأمر ، فلو كان الأمر هكذا ، لتم تحقيق كل الوعود الوردية منذ زمن .
مايميز الواقعة السياسية والإجتماعية ،هو أنها تحقق نتائج فرعية ،حين تكون عاملة على تحقيق نتيجتها النهائية المرجوة منها ، بمعنى ، أنها تخرج عن سياق المتوقع ، وتبدأ بإنتاج نتائجها الخاصة بها مثلا ؛ لا يمكن أن نتوقع من أن التنمية البشرية التي توقعنا أن تحقق ،على الورق ،نتائج مبهرة ،أن تحقق نفس الأمر على الواقع ، فللواقع لغته الخاصة .
لا يمكن وضع الواقع بنفس الطريقة التي نضع بها كأسا على طاولة ؛ الكأس هو الآخر لا يخضع لحتمية جامدة ، بمعى أنه يتأثر بأمور آخرى غير وضعه فقط ؛ سطح الطاولة ، الريح ،سبب خارجي يغير الطاولة ...الواقع تزداد فيه المؤثرات الخارجية .
لو منحنا للمهوسيين بلحظة الماضية الزاهية الحكم ، هل كانوا سيغيرون برؤيتهم الأحادية ،فقط ، المجتمع ، ويخلقون التنميات الموعودة ؟؟؟؟ أكيد لا ... والدليل ، أنهم منحوا الحكم ؛ مصر ، تونس ، المغرب ...بإمكانهم أن ينتجوا أشباء أفضل من سابقاتها ، لكنهم يضيفون إلى فشل الإطار العام فشلا آخر ، تتغير بعض التفاصيل ،هنا وهناك ، لكن النسق ككل يظل نفسه ؛ هل إذا غيرت لون العينين في لوحة تشكيلية سيتغير الوجه وملامحه بالكامل .
دائما ما كنت أقول ، إن الفشل تمنحه القوة تركيبته البنيوية المعقدة ، ففشلنا في الأخير هو نتاج فشل منظومة من القرارات والأطراف ؛ إنه فشلي أنا ، وفشلك أنت ،وفشل العامل هناك ، والمسؤل عن العامل ،وفشل رئيس المقاطعة ، وفشل المسؤل عن الرئيس ، وفشل ...إنه تجميع لفشل متعدد يديننا جميعا كمثال ؛ مبادرة راميد فاشلة ، لأن الذي عمل على تحقيقها أفشلها ، ولأن المواطن الذي سيستفيد منها أفشلها، ولأن المواطن الذي يستحقها أفشلها ،أطراف كان من الواجب أن تنجحها هي من أفشلتها ...
حين نأخذ قضية بالبحث ، التفسير ،والنقد ، يجب أن نضع صوب أعيننا كل الألوان الموجودة ، وكرسام محترف يجب أن نقوم بمزجها كي نحاول الإقتراب من الحقيقة ، يجب أن نتخطى اللون ذاته إلى ما يحدثه وينتجه ، يجب أن نكون جديرين بالتأني في فهم القضية ، فالتسرع الإيديولوجي، والشرح العاطفي ،هو أحد أسباب إعادة أحداث الفشل في كل قضايانا .
في هذا الإطار تنتصب النظرية النقدية لمدرسة فرنكفورت بعقلانيتها ،فهي لم تقتنع ،لحظة موجة الماركسية وشيوعها كموضة فكرية وسياسية ، بأنها صالحة تماما ، ولأنها أرادتها أن تكون كاملة ،قام أقطاب المدرسة بإدراج تعديلات عديدة فيها ،كي تتلاءم مع تركيبة الواقع جد المعقدة .
العقل الغربي يحيي المدرسة التي لم تأخذ حقها بالكامل ، وأكيد أنه سيضيف إليها متغيرات العصر الراهن .
العقل العربي ما زال يجتر بملالة ، مناهج نقدية قديمة ، أو أتبث الواقع زيفها
#سيومي_خليل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أنا أومن لأن ذلك مناقض للعقل GREDO QIA ABSRDM--باللغة اللاتي
...
-
كي لانموت
-
مدننا الهاوية
-
دردشة عن الفراغ
-
الشرعية التاريخية والديمقراطية وآخرى غيرها
-
تعلمك العتمة
-
الوجود أم الفكر أي تجاوز ممكن ؟؟؟
-
من يراهن على القمر ولا يحترق ؟؟؟
-
المحلي والكوني في كتابة العقد
المزيد.....
-
المغرب - رسو سفينة حربية إسرائيلية في ميناء طنجة: بين غضب شع
...
-
سيدة محجبة تحرق علما فرنسيا. ما حقيقة هذه الصورة؟
-
سياسي فرنسي: رد روسيا على حظر RT وغيرها في الاتحاد الأوروبي
...
-
مسؤول سابق في CIA يشير إلى -نوعية الصفقة- التي عقدت مع أسانج
...
-
وقف توسع -بريكس-.. ماذا يعني؟
-
الجيش الأردني: مقتل مهرب وإصابة آخرين خلال محاولتهم تهريب مخ
...
-
ألمانيا تعتزم تشديد الفحوص الأمنية للموظفين بالمواقع الحساسة
...
-
القضاء الأمريكي يعلن أسانج -رجلا حرا-
-
-واللا-: الجيش الإسرائيلي يستحدث وحدة جديدة للمهام الخاصة بع
...
-
-الوطن التركي-: هدف واشنطن إضعاف وتفكيك تركيا وإبعادها عن ال
...
المزيد.....
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
المزيد.....
|