|
المعركة في سوريا
راغب الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 4030 - 2013 / 3 / 13 - 17:18
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الثورة السورية التي كانت تحولت إلى معركة بين الأشقاء بفعل المال العربي السحت ، والحنق الطائقي والظنون والأماني الكاذبة ، في سوريا إنقلب شعار الناس من قولهم - الشعب يريد إسقاط النظام - إلى قول جديد هو تقسيم البلد حسب الطوائف والأثنيات والقوميات ، هذا القول لازمه صراع دموي ودمار وموت وفناء وقتال وكلام في الأحقيات الدينية والعرقية لكي يتم المُراد وينقضي الأجل بين أبناء البلد الواحد .
لقد كان الإبراهيمي واضحاً حينما قال : ستتحول سوريا إلى صومال جديدة ، كلامه هذا ينطلق من وعي ومن رؤية ومن تنافس حاقد رآه ، إذ إن كل طرف في هذه المعركة يريد محو الطرف الأخر ويُنهيه ، وكل طرف يحمل على صاحبه الكثير من التهم والدعاية والدعاوى والكلام الكثير الكثير ، كلام الإبراهيمي يقول لنا : إن الكل في سوريا خاسرين الشعب والدولة ، وإن ذاك البلد الذي كان زاخراً بكل ماهو جميل وحضاري مصيره إلى الزوال و العدم ، وتلك هي الكارثة لأن الكلام فيها ليس مجرد إرهاصات أو مجرد خواطر إنما هي حكاية واقع شعب يتعرض للفناء والدمار بيد أبناءه ، أبناءه الذين صاروا عصابات ومليشيات وجنود لهذا الطرف أو ذاك ، متطوعين تارةً ومدفوعين أخرى يذكرنا ذلك بالمنظر القبيح لما يجري في كل ساحات الوطن العربي والإسلامي من تطوان إلى كابل .
هو إذن الواقع المرير المُر الذي فيه الكل عاضٌ على ناجذيه توعداً في الكيفية التي يمكنه التخلص فيها من صاحبه ، وفي هذا الكل سواء إذ الكل يدعي إنه الحق ودونه الباطل ، وشعب سوريا هذا المسكين الغارق في ظلمات الجهل والأماني وقنابل االموت والهجرات القسرية التي أذلته ووعود العرب وأحلام الغرب ، والذين جميعاً داسوا على كرامته متفرجين وظانين به وحاقدين عليه حتى صرنا نسمع عن بغايا الشام وبغايا حلب لطلاب الشهوات من زنادقة الخليج ومرتزقة القاعدة .
لن أكون محايداً فيما أشعر به من ألم تجاه ما يتعرض إليه الشعب والدولة في سوريا من تمزيق وعنف وإذلال وتباعد وخوف وفقدان هوية ، لن أكون محايداً تجاه هذا العنف الذي يطال الإنسان السوري في إنتماءه وكرامته وتاريخه ، لن أكون محايداً تجاه هذا السحت العربي الحاقد الذي يُغذي الفتنة وينشر الفساد والحرب بين أبناء البلد الواحد ، لن أكون محايداً وأنا أنظر كيف تطفأ نور الحياة في سوريا ، لن أكون محايداً تجاه تلك الدول التي تنظر من بعيد تنظر وتتلهى بدماء الأبرياء وبدموع الشعب الذي يٌقتل فيه المئات كل يوم ، لن أكون محايداً حينما يتعرض الشرف السوري والهوية السورية إلى التمزق والفناء .
لعبة الموت يجيدها هؤلاء النفر من شذاذ الآفاق من فاقدي الضمير قليلي الإحساس ، لعبة الموت حولت دنيا السوريين إلى جحيم فباعدت بين المرء وزوجه وبين الأب وأبنه ، إن ما يتعرض إليه الشعب السوري من تمزق وضياع ، لا يعني الشعوب العربية بشيء لأنها مشغولٌة بهمها وهمومها وما يعانيه الشعب السوري لا يعنيها بشيء تلك هي الحقيقة ، نعم هذه الشعوب تُجيد النفث في العُقد وتزيد الحطب إشتعالاً تندراً وشماتةً .
سوريا منذ القديم تعاني وضعاً إقتصادياً حرجاً ، وتعاني من حكم مستبد فاشل ومن حاكم جاهل أرعن لم يستفد من دروس التاريخ وممن حوله من الأعراب ، غباء الحاكم وظلم المخابرات وسادية الحزب والأمن تعطي الدافع للواقفين على الحياد ان يكونوا عليه لا له ، لقد تخبط بشار كثيراً فلم يصحح ما أفسده أباه بل أوغل في التيه معتمداً على وعود الحاكم الإيراني ، ذلك الحاكم الذي نعرفه جيداً لا يهمه من أمر سوريا وشعبها غير مصالحه ، الحاكم الإيراني الذي يتشبث به بشار لا يعنيه الشأن السوري ولا سوريا وإن تدمرت من أقصاها إلى أقصاها ، وسأذكر الحاكم السوري بإن الرهان على الغير رهان مغلوط وخاسر ، وأجدد النصح لبشار في أن يترك الحكم ويدع الناس وشأنهم فلقد ملوا منه ومن حزبه اللعين ، وأن يترك الحكم اليوم قبل أن يضيع كل شيء فيكون وبالاً عليه وعلى عائلته ، وأنصح أولئك اللاهثين وراء سراب الوعود الخليجية والغربية في تشكيل دولة الأحلام والأماني ، بأن اللهاث والجري خلف أولئك مضيعة للوقت وفقدان كل ماتبقى من وطن ، فالأوضاع البالية في سوريا والتخلف والتنافر مشكلات لايسدها كل مُتكفل وإن أقسم لكم بإعتاب الكعبة .
إن المعركة التي تدور بين أبناء الشعب السوري نذير شؤوم على الديمقراطية الموعودة ، وعلى الدولة المدنية التي يُقال عنها ويكثر الكلام ، معركة الطوائف والأقليات والمليشيات معركة تمزيق الوطن وذبحه ، والكل سواء في هذه الجريمة لأن الذي يٌقتل هو هذا الإنسان السوري البريء ، وأعلموا أن لاغالب ولا مغلوب فالكل سيخسرون أنفسهم وأهليهم ، ولذلك أدعوا كل من له شرف أو بقايا روح وطن أن يكف عن هذا الدمار ويتوجه للحوار فهو الملاذ وهو الفيصل بين المتنازعين ، وكل من يحمل السلاح بوجه أخيه باغ عليه فإنه سيناله العقاب الحتمي وإن طال المدى ...
#راغب_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العلمانية كما أرآها
-
قول في الوطنية
-
مبادئنا
-
كيف ننقذ الوطن ؟
-
الإصلاح الديني ... لماذا وكيف ؟
-
فوضى التظاهرات
-
رأينا في الأزمة الجديدة
-
مصلحة العراق فوق الجميع
-
حوار في قضية الحسين
-
الليبرالية الديمقراطية في مواجهة التحديات
-
الليبرالية الديمقراطية ... مشروع الحضارة
-
لماذا نؤوسس لليبرالية الديمقراطية ؟
-
نمو التيار الليبرالي الديمقراطي في المنطقة العربية
-
معركة بناء الدولة في العراق
-
الليبرالية العربية
-
بيان إستنكار
-
فلسفة الخلاف
-
الحرب القذرة
-
الحوار هو الحل
-
إنتاج عقد إجتماعي جديد
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|